مارون عبود

مارون عبود

مارون بن حنا بن الخوري يوحنا عبّود (1886 - 1962) هو أديب لبنان في العصر الحديث، نقّادة عظيم ذو أسلوب ساخر، ومحلّل بارع، ومعلّم ماهر، وصحفي وقاص وكاتب وشاعر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

ولد بقرية عين كفاع، من قرى جبيل بلبنان. درس أولاً تحت السنديانة في قريته، ثم درس في مدرسة مار ساسين، وانتقل بعد ذلك إلى مدرسة مار يوحنا مارون في قرية كفرحي، وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت ليعمل في التدريس والصحافة في عدد من مدارس بيروت وسواها بين سنتي 1906و1914، وشارك في إنشاء جريدة الحكمة سنة 1910، ثم اشتغل فلاّحاً بالزراعة في أملاكه. أصدر نحو 50 كتاباً.

كان مارون عبود مثقّفاً ثقافة عالية، سريع البديهة، شهد له عارفوه بالصفاء والصدق والنزاهة والموضوعية، وهو صاحب طرفة حاضرة، وكان خالص العروبة قولاً وفعلاً، وقد سخّر علمه وأدبه لهذه القضية، ففي مراسلاته لأدباء العربية شيء غير قليل من ذلك، وقد كان في هذا المجال علماً يؤخذ برأيه، بل ذهب في عشقه للعروبة أنه قال: سمّيت ولدي محمداً نكايةً بوالدي الذي سمّاني مارون، وقد سمّى ابنته أيضاً فاطمة، وقد قال شعراً في هذا المجال:

خفّف الدهشة واخشع إن رأيـْ     تَ ابنَ مارون سميّاً للنبي
أمُّهُ ما وضعته مسلماً أو مسيحيّاً ولكن عربي
حبذا اليوم الذي يجمعنا من ضفاف النيل حتى يثربِ


لمارون عبود شعر جيّد، وقد أصدر مجموعة منه بعنوان «زوابع»، ثمّ توقف بعد ذلك عن كتابة الشعر ونشره، وكثيراً ما سُئِل عن ذلك، فكان يُجيب بأنّه نظم الشعر في حياته، والحقيقة أنّ غزارة إنتاج هذا الأديب في النثر هي التي صرفته عن نظم الشعر، فاكتفى- فيما بعد- بالنقد الذي لمع في مجالاته المختلفة.

أما الصحافة فقد اشتغل فيها مارون فترة لا تقلّ عن ثماني سنوات، وقد ردّ على سؤال وجهه إليه جميل جبر في هذا المجال، فقال: «مارستها ـ الصحافة ـ من 1906إلى 1914 في جرائد «الروضة» لخليل باخوس و«النصير» لعبود أبي راشد، و«جريدة لبنان» لإبراهيم الأسود. هذا في بيروت، ثم مارستها في جبيل في «جريدة الحكمة»، وقد أسّستها أنا وسليم وهبة سنة 1910، وهي أسبوعية».

وإذا كان مارون عبود قد تخلّى عن الصحافة ـ كما هي الحال مع الشعر ـ فإن الصحافة لم تتخلَّ عنه، فكان أهل الصحافة يقصدونه لحديث أو مقابلة أو رأي، وقد جمع ذلك كلّه فيما بعد في كتاب مستقلّ عنوانه: «مارون عبود والصحافة».

وكتب مارون عبود عدداً من المسرحيات القصيرة، ولكنّه لم يكن مؤلفاً مسرحيّاً بالمعنى النقدي في هذا المجال، وإنما كان يكتب هذه المسرحيات لحاجة المدرسة إليها، كما هي الحال في البدايات المسرحية عند العرب، فقد كان أستاذ اللغة العربية، يقوم بكتابة المسرحية المدرسية التي يقوم الطلاب بتمثيلها على خشبة مسرح المدرسة، ويراعي المؤلف فيها الهدف التعليمي والأخلاق العامة والقيم الدينية والقومية والاجتماعية، فضلاً عن مراعاة قواعد اللغة العربية وأساليب الفصاحة والبلاغة، ولذلك كان مارون عبود ناقداً ودارساً أولاً، وقصصياً ثانياً.

ترك لنا مارون عبود آثاراً نقدية مهمة استخدم فيها قلمه البارع بأسلوب هزلي (كاريكاتوري)، شعبي (فولكلوري) الموضوع، وتحليل غير مسبوق استخدم فيه ثقافته الواسعة المعبرة عن اطلاع واسع على ثقافات الشرق والغرب في آن معاً، ومن كتبه النقدية: «على المحك»، و«الرؤوس»، و«مجدّدون ومجترون»، و«دمقس وأرجوان»، و«في المختبر»، و«جدد وقدماء»، و«على الطائر»، و«نقدات عابر».

وخلّف لنا عدداً من الدراسات الأدبية المهمة، ومنها: «المحفوظات العربية»، و«زوبعة الدهر أو أبو العلاء المعري»، و«الشيخ بشارة الخوري» (رئيس الجمهورية اللبنانية)، و«صقر لبنان» (أحمد فارس الشدياق)، و«روّاد النهضة الحديثة»، و«أمين الريحاني»، و«أدب العرب»، و«بديع الزمان الهمذاني»، وله في النقد الاجتماعي كتابان: «سبل ومناهج» و«كتاب الشعب»، وله في النقد السياسي عدد من الكتب، وهي «أشباح ورموز»، و«من الجراب»، و«حبر على ورق»، و«قبل انفجار البركان».

أما الآثار الأدبية التي خلّفها لنا مارون عبود فهي متنوعة وكثيرة، وأهمها القصة تأليفاً وترجمة، فقد ترجم عن الفرنسية عدداً من القصص، وأهمّها: «رينه» و«أتالا» وهما للفيكونت دو شاتوبريان، وقد ترجمهما عن الفرنسية ونشرهما سنة 1910، وترجم عن الفرنسية أيضاً قصة «الحمل» ونشرها سنة 1914، ومن القصص التي ألفها «الأمير الأحمر» 1953، و«فارس آغا» 1964، و«وجوه وحكايات» 1945وهي مجموعة قصص قصيرة، و«أقزام جبابرة» 1948، و«أحاديث القرية»، هذا فضلاً عن الشعر والمسرحيات ومجموعة من المقالات نشرت بعنوان «مناوشات».

مارون عبود معلم صحفي ناقد قاص كاتب شاعر، لكنّه ناقد أولاً، فقد تربّع على عرش النقد مدة طويلة لما كان يملكه من مؤهلات وفطنة وخبرة وبراعة في التحليل، هو ناقد يجرح، ولكنّه لايدمي، وهو ناقد لايخشى في الحقّ لومة لائم، ولايسعى إلا لإرضاء الحقيقة، ولذلك كان يرتعد هلعاً أمام قلمه أنصافُ المبدعين، أما المبدعون الحقيقيون فقد وقفوا أمام قلمه باحترام كبير لشيخ من شيوخ النقد في العصر الحديث، فقال نزار قباني في هذا الرجل: «كتبنا شعراً في عصر مارون عبود، وعلى محكّ هذه السنديانة الماردة، برينا أقلامنا وتركنا أسماءنا».


وفاته

توفي مارون عبود عام 1962 عن عمر يناهز السابعة والسبعين.

أعماله

أثرى مارون عبود المكتبة العربية بستين مفؤلفا منها ما طبع ومنها ما هو مخطوط:

مؤلفاته المطبوعة

  • 1909: العواطف اللبنانية إلى الجالس على السدّة الرسولية.
  • 1910: كريستوف كولومب.، أتالا ورينه.
  • 1912: الإكليروس في لبنان.، مجنون ليلى.
  • 1914: ربّة العود.، تذكار الصّبا.، رواية الحمل.، أصدق الثناء على قدوة الرؤساء.
  • 1924: أشباح القرن الثامن عشر، المحفوظات العربية
  • 1925: الأخرس المتكلّم، توادوسيوس قيصر
  • 1927: مغاور الجنّ
  • 1928: كتاب الشعب
  • 1945: وجوه وحكايات، زوبعة الدّهور
  • 1946: على المحكّ، الرّؤوس، زوابع
  • 1948: مجدّدون ومجترّون، أقزام جبابرة، أشباح ورموز
  • 1949: بيروت ولبنان منذ قرن ونصف قرن (الجزء الأول)
  • 1950: بيروت ولبنان منذ قرن ونصف قرن (الجزء الثاني)، الشيخ بشارة الخوري صقر لبنان
  • 1952: روّاد النهضة الحديثة، دمقس وأرجوان، في المختبر
  • 1953: الأمير الأحمر، أمين الريحاني، من الجراب، جواهر الأميرة
  • 1954: بديع الزمان الهمداني، جدد وقدماء
  • 1955: سبل ومناهج
  • 1957: أحاديث القرية، حبر على ورق، على الطائر
  • 1958: قبل انفجار البركان
  • 1959: نقدات عابر
  • 1960: أدب العرب
  • 1964: فارس آغا
  • 1968: الشعر العامي
  • 1974: آخر حجر
  • 1975: مناوشات
  • 1977: رسائل مارون عبود
  • 1978: مارون عبود والصحافة
  • 1980: من كل واد عصا

ترجمت قصصه وأقاصيصه إلى الروسية وبعضها إلى الفرنسية

مؤلفاته المخطوطة

العجول المسمّنة، الشبح الأبيض، الانتقام الرهيب، الأسيران، علوم اللغة العربية، التاريخ الطبيعي، علم الكيمياء، علم الجيولوجيا، علم الزراعة الحديثة، التقشّف والبذخ، كتاب المخدّة.

الأوسمة التي حاز عليها

جوائزه

لغاته

تعلم مارون عبود اللغات الثلاث : السريانية، العربية والفرنسية

قصائد

رزقت ولداً فسمّيته محمداً، فقامت قيامة الناس، فريق يستهجن ويقبّح ويكفّر، وفريق يوالي وينتصر. وكان أوّل من قدر هذا العمل وأعجب به أشدّ الإعجاب، صديقي المرحوم أمين الريحاني، فبعث إلي بكتاب بيني وبين الريحاني. أما الآن فإليك القصيدة وفيها التفصيل التام.

عشت ياابني، عشت يا خير صبي ولدته أمه في «رجبِ»

فهتفنا واسمُهُ محمدٌ أيها التاريخ لا تستغربِ

خَفّفِ الدهشةَ واخشعْ إن رأيتَ ابنَ مارونٍ سميّاً للنبي

اُمّه ما ولَدتْهُ مسلماً أو مسيحياً ولكن عربي

والنبيُّ القرشيُّ المصطفى آية الشرق وفخر العربِ

يا ربوع الشرق اصغي واسمعي وافهمي درساً عزيز المطلبِ

زرع الجهل خلافاً بيننا فافترقنا باسمنا واللقبِ

«فالأفندي» مسلمُ في عرفنا والمسيحيُّ «خواجه » فاعجبي

شغلوا المشرق في أديانةِ فغدا عبداً لأهل المغربِ

يا بني اعتزَّ باسمٍ خالدٍ وتذكّرْ إن تعشْ، أوفى أبِ

جاء ما لم يأِتهِ من قبلهِ عيسويٌّ في خوالي الحقبِ

فأنا خصم ُالتقاليد التي ألقتِ الشرقَ بشرّ الحَرَبِ

بخرافاتِهِِمِ استهزئ وقلْ: هكذا قد كان من قبلي أبي.

وغداً يا ولدي، حين ترى اثري متبَّعاً تفخر بي

بكَ قد خالفتُ يا ابني ملّتي راجياً مطلعَ عصر ذهبي

عصر حرية شعبٍ ناهضٍ واتحادٍ لبقايا يَعرُبِ

حبّذا اليوم الذي يجمعنا من ضفافِ النّيل حتى يثربِ

ونحيّي علمَاً يخفقُ فوقَ منارات الورى والقبَبِ

ليته يدرك ما صادفته عندما سمّيته، من نصبِ

لو درى في المهدِ أعمال الألى حركتهم كهرباء الغضبِ

لأبى العيش وشاءَ الموت في أمّةٍ عن جِدّها في لعبِ

كم وكم قد قيلَ ما أكفرَه سوف يصلى النارَ ذات اللهبِ

إن يشنّع بابنهِ لا عَجَبٌ فهو غرٌّ كافرٌ لا مذهبي

لا تصدّق قولَهم يا ولدي إن فيما قِيل كلَّ الكذبِ

إنّ حبّ الناس ديني وحياةَ بلادي باتحاد أربي

فكتابي العدلُ ما بين الورى في بلادٍ هيَ أمُّ الكتب

فاتّبع يا ابني أباً ابغّضَهُ وجفاهُ كلُّ ذي دينٍ غبي

فهمُ آفةُ هذا الشرقِ مذ حكموهُ بضروبِ الرعبِ

جعلوا الأديانَ معراجَ العلى ومشَوا في زهوهم في موكبِ

شرّدوا«أحمد» عن مضجعه فسرى ليلتَهُ في كربِ

ودّهوا عيسى لما علَّمهُ وهو لولا كيدهم لم يُصلبِ

فإذا ما متُّ يا ابني في غدٍ فاتبع خطوي تفزْ بالأربِ

وعلى لحديَ لا تندب وقُلْ آيةً تزري بأغلى الخطبِ

عاش حراً عربياً صادقاً وطواه اللحدُ حراً عربي

المصادر

  • خليل موسى. "عبود (مارون ـ)". الموسوعة العربية.

المراجع

ـ مارون عبود، مارون عبود والصحافة ( دار مارون عبود، بيروت 1978).