عبد الرزاق البيطار

عبد الرزاق البيطار

عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم البيطار (1253-1335هـ/1837-1916م)، أحد أعلام مؤرخي دمشق، عالم بالدين متمكن من الأدب عارف بالموسيقى، ولد في دمشق في حي الميدان من أسرة البيطار التي اشتهرت بالعلم والفضل. حفظ القرآن في صباه وحضر دروس والده الشيخ حسن البيطار وأخذ عنه المتون في مبادئ العلوم، ثم قرأ على شقيقه الأكبر الشيخ محمد فقه أبي حنيفة وعلى أخيه الثاني الشيخ عبد الغني علم القراءات، ثم لازم دروس الشيخ محمد الطنطاوي، فأتم معه دراسته للعلوم العربية والشرعية كما أخذ عنه علمي الفلك والحساب، ثم لازم الأمير عبد القادر الجزائري، وقرأ عليه جملة من الكتب أبرزها «الفتوحات المكية»، وكان متبحراً في علوم السنة والحديث وسند اتصاله.

كان سلفي العقيدة ومع ذلك كان يدعو إلى تجديد مذهب السلف فلا يقبل رأي أحد من دون حجة، وكان يأخذ الأحكام بالدلائل ويقبل قول الحق من أي قائل إذا كان علمه صحيحاً، مما جعله يختلف مع بعض الجامدين بسبب نشر دعوة الاجتهاد ويلقى منهم عنتاً ومعارضة. اشتغل بالأدب مدة، ولكنه اقتصر في آخر أمره على علمي الكتاب والسنة، وكان يلقي الدروس الدينية والوعظ في جامع الدقاق بالميدان وفي داره، وكانت له أساليب موفقة في الإقناع. وكان محبوباً من الناس لما كان يتحلّى به من لين العريكة ودماثة الخلق ورقة الجانب والبراعة في إيراد النكت والنوادر واستحضار اللطائف والأمثال والشوارد، مع لطف وسعة صدر وكرم ضيافة، وكان إلى هذا حسن الصوت، شجيه مع طلاوة ومقدرة على حفظ الإيقاع ومعرفة أصوله وفروعه، وكان يحبّ الطبيعة ويترنم بجمالها، وله نظم وآثار في الأدب جمع فيها بين النثر والشعر.

قام برحلات في مناطق بلاد الشام، وزار مصر وحضر مجلس الشيخ محمد عبده الذي كرّمه وعرف فضله، وله كتاب «الرحلة» وقد اشتمل على عدة رحلات منها الرحلة القدسية والرحلة البعلية، وله جملة مراسلات في الأدب والتاريخ لم يطبع منها شيء. أما أشهر آثاره فكتاب «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر»، ويقع في ثلاثة مجلدات ترجم فيه لمشاهير القرن الثالث عشر الهجري، وقد كتبه الشيخ عبد الرزاق في أدوار من عهود شبابه وكهولته وشيخوخته، ولم يترك الكتابة والتصحيح فيه إلا قبل وفاته بزهاء عشر سنين لما أصاب يده اليمنى من الشلل، وقد ترجم فيه أيضاً لطائفة من رجال القرن الرابع عشر من معاصريه الأحياء، وكانت ترجماته تقدم صورة وافية عن حياة المترجم لهم من المشاهير، غير أنه أرّخ أيضاً لكثير ممن ليس لهم آثار تذكر، كترجمته لبعض أهل الطرق المعروفة ونقله بعض حكاياتهم الغريبة أو ما كانوا يبتدعونه من أمور بعيدة عن الدين.

من أشهر مريدي عبد الرزاق البيطار وأصدقائه الشيخ جمال الدين القاسمي الذي قرأ عليه رسالة في الفلك، وكان شديد الإعجاب به دائم الذكر لفضله وعلمه.

لم يقبل الشيخ التربع في أي منصب عرض عليه ورفض كل وظيفة، ووقف حياته على إلقاء دروس الدين التي كان يحضرها كثير من الطلاب.

مات في دمشق ودفن فيها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  • نهلة الحمصي. "البيطار (عبد الرزاق ـ)". الموسوعة العربية.

مراجع للاستزادة

ـ بهجة البيطار، مقدمة كتاب «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر» (مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق 1380هـ /1961م). ـ محمد عبد الجواد القاياتي، نفحة البشام في رحلة الشام ( دار الرائد العربي، بيروت 1981).