سكيپيو (لقب أسرة)

(تم التحويل من سكيبيو (لقب أسرة))
خاتم ختم ذهبي من كاپوا (أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الثاني ق.م.) يحمل توقيع Herakleides، ويحمل پورتريه سكيپيو الأفريقي، الأكبر، وهو ممثل بارز للأسرة.

سكيپيو Scipio (وجمعها Scipiones) لقب لأسرة رومانية عريقة تنتمي إلى عشيرة كورنيلياي، قدمت عدداً كبيراً من الساسة والقادة في العصر الجمهوري.

لقد ظل التاريخ الروماني إلى عهد صولا، سجلاً لأعمال الأُسر لا الأفراد، ولا نرى فيه أسماء ساسة عظام، ولكن يلاحظ جيلاً إثر جيل أسماء بعينها تشغل أعلى مناصب الدولة. فمن بين مئتي قنصل شغلوا هذا المنصب الخطير بين عامي 233-133 ق.م.، مئة، ينتمون إلى عشر أسر، وكانت أقوى أسرة في ذلك العهد أسرة آل كورنليوس Cornelius. وليس تاريخ روما الحربي والسياسي طوال عشرات السنين سوى تاريخ هذه الأسرة من أيام پوبليوس كورنليوس سكيپيو Publius Cornelius Scipio نحو عام 218 ق.م.، وأيام ولده سكيپيو الإفريقي قاهر هانيبال، وحتى سكيپيو إميليانيوس الذي دمر قرطاجة 146 ق.م.

ويعدّ پوبليوس كورنليوس سكيپيو الأفريقي الأكبر من أبرز أعضاء هذه الأسرة، وهو الذي كتب تاريخها بالمجد والعزة، فبعد هزيمة روما أمام هانيبال في عدة معارك، أسلمت قيادة قواتها في إسبانيا إليه، وكان من خيرة قوادها الشبان. وتمكن بعد فترة من هزيمة القرطاجيين وطردهم من إسبانيا طرداً تاماً، فقطع عنهم بذلك موردهم الرئيسي من المال والرجال. وفي عام 205 ق.م، اختير قنصلاً ولما يمض على انتصاراته في إسبانيا سوى وقت قصير، فجند جيشاً جديداً وأبحر به نحو إفريقية ليغزو أملاك قرطاجة فيها، كما غزا هانيبال روما في إيطاليا.

ولما جاءت سنة 203 ق.م.، كان سكيبيو قد قهر قرطاجة في موقعتين على أرضها، فاضطرت الأخيرة إلى استدعاء هانيبال إليها، وما إن وطئت قدماه أرض بلاده حتى بادر إلى حشد جيش جديد وسار على رأسه لملاقاة سكيپيو عند «زاما» على بعد 80 كم جنوبي قرطاجة عام 202 ق.م.، فانهزم القرطاجيون، وكان معظمهم من الجند المرتزقة أمام مشاة الرومان وحلفائهم المنظمين، وبذلك هزم هانيبال للمرة الأولى في حياته.

أما پوبليوس كورنليوس سكيپيو إميليانوس، أو سكيپيو الأصغر، فقد تمكن من القضاء على قرطاجة وتدميرها عام 146 ق.م.، بعد حصار دام ثلاث سنوات، صمدت فيه قرطاجة صموداً قوياً لم يحسب له مجلس الشيوخ حساباً. وبعد أن تم تدمير المدينة تدميراً كاملاً، وقف سكيپيو يبكي أطلال قرطاج ألماً وحزناً للسرعة التي ترافق زوال العظمة البشرية، خوفاً من أن وطنه سيعرف يوماً من الأيام المصير نفسه.

وسكيپيو هذا هو ابن پاولوس إميلوس الذي انتصر على المملكة المقدونية، ولم يحتفظ لنفسه من المغانم سوى بمكتبة الملك پرسيوس، بغية إهدائها لأبنائه حرصاً منه على أن يتعلموا الآداب والعلوم اليونانية، حرصه على تعليمهم فنون الصيد والحرب الرومانية.

ولما مات پاولوس تبنى أصغر أبنائه صديقه پوليبيوس كورنليوس سكيپيو ابن سكيپيو الإفريقي فأصبح اسمه كورنليوس سكيپيو إميليانوس، وكان شاباً وسيم الطلعة قوي البنية، متزناً في حديثه. التقى في شبابه المؤرخ پوليبيوس اليوناني المنفي من بلاده، فمنحه سكيبيو سهولة الانتقال وسهولة الاستطلاع.

وتتحدث المصادر القديمة، لاسيما پوليبيوس وشيشرون، عن وجود ما اتفق على تسميته "ندوة سكيپيو إميليانوس" التي ضمت أبناء العائلات الكبيرة ممن يتدرجون في سلم الأمجاد، من أمثال كايوس ليليوس وهو رجل حكيم في رأيه لا يفوقه في فصاحة اللسان وجمال الأسلوب إلا إميليانوس نفسه. كان لهذه الندوة أبلغ الأثر في الأدب الروماني. ولقد كسب ترنس Terence بفضل اشتراكه فيها ما امتازت بها لغته من دقة التعبير وجمال الأسلوب. أما پانيتيوس Panaetius الذي جاء من رودس، فكان، مثل پوليبيوس، من الأشراف اليونان، وعاش سنين عديدة مع سكيپيو، ينعم بصداقته ويشاركه نفوذه وسلطانه. وقد غرس پانيتيوس هذا في نفس سكيپيو فضائل الرواقية ونبلها، وأكبر الظن أن سكيبيو هو الذي حمله على أن يلطف من المطالب الخلقية المتطرفة لهذه الفلسفة.

وهكذا أصبحت الرواقية هي الملهمة لسكيپيو والمطمح الذي يصبو إليه شيشرون، كما كانت هي المرشد الهادي لتراجان Trajan والمواسية لماركوس أورليوس M.Aurelius.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  • تغريد شعبان. "السكيبيون". الموسوعة العربية.


انظر أيضاً

للاستزادة

  • جايمس برستد، العصور القديمة، ترجمة داود قربان (مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت 1983).
  • موريس كروزيه، تاريخ الحضارات العام، المجلد الثاني (منشورات عويدات، بيروت 1964).
  • ول ديورانت، قصة الحضارة، الجزء التاسع، ترجمة محمد بدران (دار الجبل، لبنان).