سعد شوشان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سعد شوشان ولي السودان


- ملاحظة : سعد شوشان ولي الزنوج بمرناق، ليس هو نفسه الولي الصالح سعد جرفال المدفون بالقيروان.

-سعد شوشان هو مملوك أسود من نيجيريا جاء من اسطنبول بعد أن اشتراه أحد حاشية الباي التونسي. قيل شوشان هو اسم كان قديما يطلق على الخادم الزنجي قبل الغاء العبودية و يطلق عليه ايضا اسم سعد أو مسعود و خير مثال على ذلك أغنية "يا سعد يا شوشان" من التراث التونسي التى أعادتها المطربة نبيهة كراولي. و قالوا أيضا كلمة شوشان هي رتبة عسكرية.

- "سيدي سعد الشوشان ولي السودان : ( العبيد السود في فترة سابقة من التاريخ ) و من اسمه يفهم سبب انساب الولي سيدي سعد شوشان للسود و "العبيد الوصفان" ، لأن "شوشان" كلمة مفادها الخادم او العبد كما تفيد ايضا ذمامة الهيئة ، علاوة على انه اصله هو ايضا ، حيث انه مملوك اسود من بورنو بنيجيريا جاء من اسطنبول بعد ان اشتراه احد حاشية الباي التونسي .


- وقد اشتهرت طريقته في فترة القرن التاسع عشر و شهدت رواجا واسع. وكذلك فإن موسيقى السطنبالي الشهيرة بتونس ارتبطت به . تلك الموسيقى التي كانت تمثل نوع من انواع الاحتجاج الناعم من قبل الزنوج ، المجلوبين قصرا من قلب افريقيا السوداء الى اسواق النخاسين .


- كان الأفارقة يجلبون في قوافل تجارية للرق من ساحل العاج و نيجيريا و غيرها مكبلين بالسلاسل في ايديهم و سيقانهم.


- جاءت الموسيقى التي عرفت بالسطنبالي فيما بعد في تونس ، كنوع من انواع التعبير الثقافي على رفض الشوشان استرقاقهم و اقتلاعهم من اوطانهم و اذلالهم في وطن الغير. ( العبيد السود او الزنوج بالأحرى ، لأن اغلب التونسيين السمر في اصولهم يعودون الى الساحل الشرقي لقارة أفريقيا و سكان تلك الناحية يلقبون ،من قبل الرحالة العرب، بالزنوج ).


- يؤكد الشواشنية ( انصار سيدي سعد الشوشان ) ان هذا الرجل و بالرغم من كونه كان رجل مملوكا ، الا انه كان وليا من اهل الصلاح و " على بركة عظيمة " فالرواية المتداولة بينهم تقول انه :وقع اختبار من قوة خفية لقوة إيمان كل واحد من الثلاثة اولياء الذين تأتي على ذكرهم الرواية الا و هم ، سيدي سعد شوشان و سيدي فرج و سيدي بوسعيد ، و سيدي سعد هو الذي اختار التضحية بنفسه و الموت في سبيل البرهنة على قوة ايمانه و اخلاصه. ومن ذاك الوقت و سيدي سعد شوشان بات يمثل رمزا للسود في تونس و اداة تعبيرهم الثقافية وحتى الاجتماعية والروحية بما أن سيدي سعد شوشان ولي صالح ذو مكانة محترمة بين جميع فئات التونسيين .


مكان زاويته

- تقع زاوية سيدي سعد شوشان في منطقة مرناق من ولاية بن عروس، في مدخل تونس الكبرى من الجهة الجنوببة
( كانت مفاتيح الزاوية في يد باش آغة ناظم الحرملك الملوكي و اوقاف الزاوية تذهب عوائدها لجمعية الاوقاف وقت اذ )

- الزردة : هي عبارة عن زيارة سنوية تدوم اربعة أشهر في اوئل فصل الخريف ، ثلاث ايام من كل اسبوع : الاربعاء و الخميس و الجمعة ، و تسمى عند اهل بلد تونس الميعاد او ميعاد سيدي سعد ، يجتمع في تلك الايام الزوار و المريدين من خدم سودان و ورڨلية و زيار من داخل البلد ، خاصة من البدو ، وحتى الأعيان و تتقدمهم إمراة مسنة من بني جلدتهم ، هي بمثابة كبيرتهم ينادونها العريفة ، يعظمون شأنها و يهابونها و يقولون بأن لها تواصل مع الجن . من اركان الزيارة ايضا قربان يتمثل في تيس مزين بالذهب و الفضة و انواع و اصناف من الجوهر و اغطية الرأس الملونة ، فيجوبون به الأسواق قبل الزيارة ، و على ضوء تلك الجولة تتصدق عليهم الناس و يحصل لهم من المال الشيء الوفير يصرف معظمه في الزيارة .

- "الخرجة" تكون يوم الاربعاء اول ايام الزيارة حيث تخرج الشيخة العريفة في الصباح و خلق كثير من العبيد و ممن ذكرنا يتبعونها و في ايديهم ألوية مختلفة الألوان و طبول و شقاشق اضافة الى ألة القوقي اهم الادوات لعزف موسيقى السطنبالي فيما بعد ( القوقي الة طرب لاهل السودان ).

- و ينطلقون الى مقام سيدي سعد شوشان ، و ما إن يصلوا الى شيخ الطريقة حتى يضرب العازفين موسيقى السطنبالي و ينطلقون في الرقص و شق اخر يتجندون لخوض جولات للمصراعة ، بينما تنطلق النسوة في حل ضفائرهن و التلويح بشعورهن كنوع من انواع الرقص الصوفي . أما العريفة فترقص هي الأخرى بدورها حتى الاغماء و تنطلق في الهذيان بكلام غير مفهوم الا عن طريق الكاشكا و هي بمثابة وصيفتها و القائمة على خدمتها .

- يقول المذيع و الباحث في التراث التونسي فؤاد الزرلي في هذا الجزء : عندما يبدأ العازفين بعزف موسيقى السطنبالي تنصب امامهم "الصفرة " ، والصفرة هي مائدة من الخشب الفاخر مزخرفة بنقائش بديعة مختلفة يتميز بامتلاكها اهل الطبقة العلية و الوسطى من المجتمع التونسي في تلك الازمان ، و عليها توضع "البسيسة" و "التكوة " و هي عبارة على كريات من الجلجلان مخضب بماء الزهر او ماء الورد و معجونا بالسكر المرحي . و لها مذاق شهي ، على حد تعبيره. و اهمية وجودها فوق الصفرة كبيرة جدا ، و من الاكل المالح الذي يكون موجودا على الصفرة نذكر مثلا "الملوخية" و "الكسكسي" ، وتطهى هاته الاطباق بلحوم تلك القرابين التي يجيىء بها الزيار .
- و من الغد صباحا ، يذهبون لمنطقة " واد الفكرون " ، لاداء زيارة كما التي وصفنا ، وفي يوم الجمعة ينتقلون الى الدويميس ، اما يوم السبت فيعودون للحاضرة ، و يوجد في وسط المقام سراية مبنية من عهد الوالي العثماني حسين باي الاول ، مخصصة لزيار الولي من الأعيان ، تعد قرابة الاربعين غرفة ، يتكفل بها و يشرف على تمويلها واحد من موظفي جمعية الأوقاف كل عام بميزانية معلومه على قدر مطلبية السراية . ومن بين المبنيات في المقام ايضا هناك مقهى و محل بيع اغذية و جامع للصلاة و مخزن و حضيرة للمواشي و فيه ايضا الاكواخ المكونة من لوح القصب و الخيام التي ينصبها البدو و "البراينية" الذين تضيق بهم الزاوية على اتساعها مدة الزيارة .
- فيما يخص القرابين فكل حسب طاقته ، فمن الذي قرب دجاجة و قرب شمعة ، الى الذي قرب تيسا و ما نحى نحوه وصولا لأعلى سلسلة المقرِّبين الهرمية التي يتربع على عرشها اولائك الذين يقربون الثيران و الجمال. و تذبح القرابين الخاصة في الزاوية و يتركون دمها يسيل في وسط قصعة كبيرة مملوءة بماء البحر ، ولهم في ذلك اعتقاد بأن انسياب الدماء في المياه يذهب بأحزانهم و يريحهم نفسانيا .. وهذا نادرا صراحة لانه و في غالب الوقت تذبح الأضاحي في مكان مخصص في زاوية سيدي علي الاسمر تحديدا .

- تقسيم القرابين : يكون التقسيم عادة كالتالي : حيث يأخذ منها الوكيل جزء الكتف على كل شاة ، وأما الصوف و الجلود و الرأس و الثلاث اطراف المتبقية من الشاة فمن نصيب صاحبها وبالمناسبة فانه يحصل للوكيل خيرات كثيرة من هاته الزيارة .

- الزاوية الشوشانية قبل و بعد الرق : كانت الزاوية منبوذة من فئة كبيرة من الزوايا الاخرى و اصحاب المشارب الصوفية و" الفقرة "وغيرهم و يصفون وجودها و ذاك الاحتفال بالبدعة ، ذلك ان فيها الكثير من المظاهر الشركية و الغريبة ، على حد تقديراتهم ، هذا مع مراعات عامل اخر مهم للرفض الا وهو الطبقية و العنصرية ، التي كانت من ثوابت اعراف المجتمع في ذاك الوقت ، ذلك انها طريقة صوفية منسوبة للخدم و رقيق الامة . و هذا التصنيف ، بالمناسبة ، يعكس لنا طبيعة المجتمع و نفسيته في هذا الموضوع بالذات في ذاك الوقت .

- أما بعد منع الرق في تونس عام 1846 بأمر من الامير أحمد باشا باي الاول الذي على إثره صارت تونس ثاني دولة في العالم تقوم بهذه الحركة على غرار المملكة المتحدة.

- على اثر ذلك اصبح السطنبالي و زاوية سيدي سعد شوشان مفتوحة للجميع دون تحرج ، وان كانت مفتوح قبل ذلك الا ان منع الرق و السعي في تحقيق القرار و تثبيته اعطى اكثر حرية لزيارة الزاوية دون الخوف من اللوم او النعت .
- الزاوية الشوشانية بين الامس و اليوم : الكثير من مظاهر الزيارة اندثرت الآن او في طريقها ، مثل وظيفة العريفة ، و الشخص عازف القمبري الذي يلقب بـ"الينا" _ مع التشديد على النون و مدها _ و موسيقى السطنبالي الاصلية الى آخره ." بقلم محمد أشرف بالنوري، قناة حكايات تونسية منسية[1].

أغنية يا سعد يا شوشان، التي تغنيها نبيهة كراولي

سوق وربص ياساعد ياشوشان

سوق وربص يا ساعد يا شوشان

سوق وربص و ساعد جمال للاك حتى تلبس يا ساعد ياشوشان

سوق وهني ياساعد يا شوشان

سوق و هني يا ساعد يا شوشان

سوق وهني وسايس جمال للاك وحتى تحني يا ساعد يا شوشان

سوق الجحفه يا ساعد يا شوشان

سوق الجحفه يا ساعد يا شوشان

سوق الجحفه وسايس جمال للاك عروسه تحفه ياساعد يا شوشان

سطمبالي سيدي سعد شوشان

وهو ما يعرف بــ سطمبالي سيدي سعد، "البنقة" (صرخة الزنوج).


يقول الباحث القيروان نجيب زروق : "يتخلل المشهد الإحتفالي حصة للرقص وهي من

الحصص التي لاغنى عنها في الفقرة بالنسبة للنساءالكبيرات في السن أو للفتيات ويمكن أن تكون في صميم الإحتفال أو أن تقام خارج إطاره أي بدون أن تكون

هناك مناسبة وجلسات هذه من شأنها أن تعطي شحنة روحيّة خاصة كما أنّ ّ ها تفجر تلك الطاقات

السلبيّة المتواجدة داخل بعض النساء ممن يشتكين من

المس .


تنتظر النسوة بفارغ الصبر لتمارس كل واحدة علىّ حدة نوبتها المعتادة على وقع إيقاعات (الحزابي أوالحزب) وعلى نغمات الأغنية الشهيرة في طبع الرصدالعبيدي الخماسي (للاّ ّ عيشة بر ُوطة حل الع ْقدةالمربوطة) وهي من الموروث الصوفي القيرواني أو ياولي الله سيدي سعد في التراث السطمبالي القيرواني كذلك أو (بابا بحري خلص وحلي) تستأنف المجموعة بالنقر

على الآلات الإيقاعيّة ويتم النقر بشكل تصاعدي وكلّ مر ّة يزداد قوة أكثر فأكثر وما إن تصل الإيقاعات ذروتها حينها تدخل النسوة (وهم في الغالب خليط بين أعمار

مختلفة عجائز وصبايا وحتى أطفال) وسط الحلقة ويبدأن في الرقص حيث تنتابهم حالة من الهستيرياّ والهيجان تصل إلى حد الإغماء بسبب كثرة الإهتزاز

والرقص العنيف وهن يتصببن عرقا وكل واحدة تدعو وتتضرع بجاه الأولياء الصالحين بالقيروان مثل (سيدي سعد جرفال) أو (سيدي عمر عبادة) لكي يخلصها من الكرب الذي تعانيه إنها التخميرة التي تشبه إلى حد كبير تخميرة العيساويين في زاوية سيدي عيسى بالقيروان .


ومن الطرائف التي تروى في هذا الخصوص أن أحدهم

(وهو طبيب إيطالي يدعى جوزابي برانزو J. praNzo من أصول يهوديّة إستقر في مدينة القيروان منذ سنة : 1945في نهج المر زنقة السبع لفتات حيث كانت عيادته وكان قد ذاع صيته بعد أن داوى بمهارة فائقة أغلب العائلات القيروانيّة لخبرته الطويلة ومعرفته الكبيرة بالطب وفنونه ومحبته للفقراء والمساكين) كانت تأتيه العجائز بالمدينة يشتكين من وجع يسيطر على كامل أنحاء أجسامهن المنهكة وبعد التشخيص كانت وصفة الطبيب برانزو التي يقدمها دائما للمريضة هي قوله :ّ برا أعمل ف ْقرة أي [حضرة] ثم يقوم بإعطاء العجوز

ُ بعض حبُ ّ وب الآسبرين ويرد ْ لها معلُوم (الفوزيتة) أو العيادة ومن حينها تعود المريضة (بالوهم) مسرعة إلىُ منزلها وتعمل حصة فقرة ثم تقوم بالرقص على نوبات

ّ المالوف وتظل ترقص وترقص وتعيد الكرة إن تطلبّ الأمر ذلك عديد المرات فتنشط لديها الدورة الدمويّة ومع الأيّام تشعر بتحسن ملحوظ في جسمها ويذهب عنها ما كانت تجد لتكتشف في الأخير أن السر في تلكّ الأوجاع هي قلة الحركة فتبرأ بإذن الله .


وهكذا فإن الفقرة تعتبر ظاهرة فنيّة وإجتماعيّة بإمتياز فريدة من نوعها ظاهرة لها طقوسها الإحتفاليّة الخاصة تجمع بين الموسيقى والغناء والرقص وهي

بذلك مدعاة للنشاط والرياضة كعلاج من حيث هي طقس لحل المشاكل المتعلقة بالصحة أو لحل العقدة المربوطة (طلاسم السحر) بالنسبة للفتيات اللائي لم تتزوجن بعد ، علاجهـا الوحيد في ذلك الرقص ولا شيء غيره."[2].

مراجع

  1. ^ المصدر : العادات و التقاليد للكاتب محمد بن عثمان الحشايشي / مقال جريدة الشروق / مقال الصحفية مريم بن رجب عن موسيقى السطنبالي
  2. ^ عنوان المقال و المصدر : فن الفقرة بمدينة القيروان تراث موسيقي وغنائي مهدد بالإندثار، وهو مقال في الصحيفة الالكترونية "الشارع المغاربي".