ديرغسانه

تقع قرية دير غسانة على بعد 25 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة رام الله، وتقع على درجه 32.0333 شمالا و درجه 35.1036 شرقا.وترتفع عن سطح البحر بنحو 400 متر. سميت بهذا الاسم لأن طائفة من الغساسنة نزلتها فيها فخلدت اسمها . مرّ بها الرحالة مصطفى البكري عام 1710م، وذكرها في رحلته أكثر من مرة باسم ديرغسان. تحيط بها أراضي قرى كفر الديك، وبروقين، وبيت ريما، وكفر عين، وعابود، واللبن، ودير بلوط.

و تسمى حاليا " جبال بني زيد " ضمن سلسلة الجبال الوسطى لفلسطين ، في مواجهة السهل الساحلي الفلسطيني بموازات مدينة يافا ، وتشرف على وادي بني زيد ، الذي يعتبر الحد الفاصل بين جبال القدس وجبال نابلس ، وتحيط باراضيهاقرى : بيت ريما و كفر الديك و بروقين وعابودو كفرعين واللبن الغربي و دير بلوط .يعود أصل اسمها الحالي إلى العرب الغساسنة الذين اقامو فيها مركز حكمهم في جبال غسان ومركزهم الديني حيث بنو فيها كنيسة عرفت باسم( دير غسان الكبير) وذلك في عهد" الحارث الغساني" وأمه" ماريا" .قال فيها النابغة الذبياني الذي زار حكامها الغساسنة :

حبوت بها غسان إذ كنت لاحقاً

بقومي وإذ أعيت علي مذاهبي 

اما تاريخها القديم فيعود للفترة الكنعانية ، حيث عرفت بأسم " صردة " أو" الصريدة " ، ويعود بأصله لها يربعام بن نباط أحد عمال النبي سليمان والذي انشق عليه فيما بعد واسس له مملكة في شمال فلسطين. و خلال الحكم الايوبي وبعد انتصار صلاح الدين أصبحت ديرغسانة مركز إقطاع يتكون من 19 قرية ، وهي قرى بني زيد وأقيم لهم موسم خاص بالنبي صالح . وكان لأهالي ديرغسانة دور في الحروب الصليبية أيام الظاهر بيبرس حيث ملكهم إقطاع يتكون من 48 قرية في بني زيد وبني مرة وبني سالم وبني حارث ، وعهد إلى زعمائها بحماية برج مجدل يابا المعروف مجدل يابا (مجدل الصادق). و في العهد العثماني لعبت دور كرسي الحكم في بني زيد ، وقد شاركت في المعارك ضد حملة نابليون وذلك في معركة عزون ، كما ثارت ضد الحكم المصري أيام محمد علي باشا وابنه إبراهيم .وفي الحرب العالمية الأولى اضطر اهالي دير غسانة للخروج منها بضغط من العثمانيين وخوفا من القصف التبادل بين الجيش العثماني المتمركز في فرخة وبروقين والجيش البريطاني بالقرب من عابود فالموقع المتوسط للبلدة استدعى الخروج الذي استمر لما يقرب التسع شهور قضوها في خربثا الحارثية وديرقديس وبيتللو ورنتيس إلى ان عادو اليها ثانية وهي تحت الحكم البريطاني . وخلال الانتداب البريطاني احتضنت ديرغسانة المؤتمر العام للثورة ، المؤتمر الذي وحد قيادة الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1938م بعد خلاف كان قد نشب بين قادة الثورة حول منصب القائد العام للثورة ، ومنها صدر أول بيان باسم القيادة العامة للثورة الفلسطينية بأسم عبد الرحيم الحاج محمد ، وشهدت بعد المؤتمر معركة حامية مع البريطانيين استعمل فيها البريطانيون 12 طائرة وعدد كبير من الآليات و الجنود . وفي عام 1948 م استضافت ديرغسانة في مبانيها وأراضيها ما يفوق عشرة آلاف لاجيء فلسطيني تقاسمت وإياهم مرارة النكبة الفلسطينية الكبرى . لعبت ديرغسانة دور مهم في التطور العلمي على مستوى المنطقة ، فقد كانت من أوائل القرى الفلسطينية التي اعتنت بالعلم وبنت له المدارس وتكفلت بتوفيره لأبناء أكثرمن 50 قرية فلسطينية مجاورة ، حيث تأسست فيها أول مدرسة عام 1912 واستمرت إلى أن أصبحت من أوائل المدارس الثانوية القلائل في فلسطين ، كما ضمت مدرسة للبنات في عشرينات القرن السابق " برعايةإحدى الجمعيات التبشيرية " كما افتتحت فيها وكالة الغوث مدرسة للإناث وأخرى للذكور استمرت لما يقرب من عشر سنوات ، الامر الذي وفر العلم لابنائها في فترة مبكرة وامتازو به . وقد امتدحها ابن كفر الديك الاستاذ فوزي خالد الديك في أحد قصائدة المطولة الجميلة عرفانا بجميلها عليه ، نذكر بعض أبياتها:

مهد الفصاحة لا رععت من بلد

حماك ربك من غل ومن حسد

ورد الصفاء تظل الدهر مؤتمما

يا كعبة العلم والاخلاق والرشد

يا دير غسانة لا زلت ام على

في حبة القلب كم ربيت من ولد 

ولقرية ديرغسانة أهمية معمارية حيث أنها تعكس فترة تاريخية وظاهرة مميزة من تاريخ فلسطين الا وهي ظاهرة قرى الكراسي في منطقة الجبال الوسطى ، والتي تشكلت خلال القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر وذلك من خلال ( قصور شيوخ النواحي ) فهي تشكل طرازاً معمارياً فريداً. ، كما يوجد في ديرغسانة العديد من المقامات الدينية تفوق العشرين مقاما منها مثل مقام المجدوب والرفاعي والخواص و خالد و عبد الله و عصفور ، إضافة إلى مجموعة من الخرب الأثرية المحيطة بالقرية مثل خربة القلع وخربة الدوير وخربة زنعر وخربة البلاطة إضافة إلى التراث الطبيعي المتمثل بالنبات والينابيع ومظاهر السطح .تسكن في دير غسانة حاليا العائلات التالية : آل البرغوثي و آل الشعيبي وآل مسحل وآل الرمحي وآل الرابي وآل غيث وآل ناصر( وآل عادي وأبناء عمهم آل سهيل) وآل حماد وآل الخطيب وآل الصقري وآل العالم وآل النوباني وآل شقير وآل المهتدي (وآل العايدي، اسرة واحدة) هاجرت من عرب الجرامنة ، وقد انشىء لبلدتي بيت ريما ودير غسانه في عام 1964 مجلس بلدي واحد بعد توحيد المجلسين القرويين فيهما ،وتعرف البلدتين حاليا بإسم مدينة " بني زيد الغربية " وتضم البلدتان اربع مدارس أساسية وثانوية للاناث والذكور و عيادة طبية حكومية في بيت ريما وأخرى تابعة للاغاثة الطبية في دير غسانه ونادي رياضي ثقافي وملعب كرة قدم ضمن مواصفات جيدة وملحق به مدرج ومبنى للنادي الرياضي . وفيها منتزهات عامة ومساجد وعدد من المؤسسات مثل الجمعيات الزراعية والنسوية والثقافية ومغفر للشرطة واخر للامن الوطني وتشتهر بزراعة التين والعنب و الزيتون الذي استدعى اقامة المعاصر الخاصة به حيث يمتلك اهالي بني زيد اربع معاصر تعمل في موسم قطاف الزيتون

التقسيم الاداري : تقسم دير غسانة إلى عدة حارات : حارة دار حسين ، وحارة الشيخ غيث ( دار داود )، ، وحارة دار خطّاب ، وحارة دار السيد ،وحارة دار رعد ، وحارة دار صالح ، وهذه كلها حارات تسكنها فروع وافخاذ من آل البر غوثي، وتأتي بعد ذلك حارات دار شعيب وهي العائلة الكبرى الثانية وتتكون من حارة صبيح (البلدالقديمة) وحارة الرويس وحارة الملعب وحارة مقر الجرس ، ثم يوجد حارة آل مسحل ثم حارة الفلاحين أو الحارة التحتا التي يقيم فيها حاليا عدة عائلات كانت استقدمت للعمل في اقطاعيات عميد آل البرغوثي أو شيخ العشيرة - صالح العبد الجابر الذي كان يفكر في اقامة امارة آل البرغوثي في منطقة بني زيد التي تمتد من حدود نابلس حتى حدود القدس . وقد سكن في دير غسانة عدد من العائلات الكبيرة الا انها هاجرت منها فيما بعد اما بسبب النزاعات التي كانت تنتهي بسفك الدماء والثارات أو طلبا للرزق، ومنها: آل خصاونة( الذين كانوا يعرفون بآل غساونة) ثم حرفت إلى آل خصاونة بعد هجرتهم إلى الأردن واستقرارهم في قرية كثرية من اعمال الكرك وقرية ايدون من اعمال اربد، وآل أبو حواس الذين كانوا يسكنون حارة دار السيد ثم هاجروا إلى قرية شقبة إلى الغرب من رام الله ،وآل عابد الذين سكنوا مجدل يابا (مجدل الصادق) { وآل الحاج وآل حنفي وآل العالم} وهم أبناء عمومة ينتمون إلى جد واحد وقد هاجروا إلى قرية بيت ريما المجاورة ملتحقين بأقاربهم من آل الفقيه عدا رجل واحدمن آل العالم اثر البقاء في دير غسانة مع أبناءه إلى يومنا هذا ، وكذلك سكنها آل تميمي ( حيث كانت بيوتهم مبنية مكان حارة دار شعيب )وهم ينتسبون إلى جدهم الصحابي تميم الداري وكانوا قداجبروا على مغادرة القرية من قبل البراغثة الذين انتزعوا المشيخة منهم وسلخوا راس شيخهم عند بئر المنجرة ليلطلق الناس عليهم فيما بعد لقب ( السلوخ ) وقد سكنوا قريتي النبي صالح ودير نظام، كما وانه سكنها عدد من العائلات قي القرن الخامس عشر ثم هاجرت منها ولم يعرف اين استقرت بعد ذلك مثل آل عواد وآل عامر. كان يوجد في دير غسانة ثلاثة مخاتير اثنان من آل البرغوثي ومختار واحديمثل آل شعيب والحارة التحتا، لم يبقى منهم احد هذا اليوم .

الاقتصاد : كانت جباية ضرائب المنطقة الممتدة من محافظة نابلس حتى القدس في زمن العهد العثماني وحتى سنة 1918 تعهد إلى آل البرغوثي ، وهي عائلة اقطاعية تملك أكثر من 9 آلاف دونم مزروعة كلها بالزيتون وكروم العنب والتين ، ولكن توجه العائلة للعلوم منذ اوائل القرن التاسع عشر وبعد رحيل الدولة العثمانية ، ومجيء الانتداب الإنجليزي ، الذي كرس سياسة فرق تسد وتقريب الاقليات اليه على حساب الاكثرية ، جعل كثيرا من أبناء العائلة يطلبون الهجرة إلى الخارج حتى تم تفريغ دير غسانة من خيرة شبابها وباتت تعتمد على قليل من إنتاج الأرض وعلى المعونات الخارجية المرسلة من الأبناء الديانة واللعة : اللغة العربية هي لغة البلدة وكل سكان البدة مسلمون

رجالات البلدة : عمر الصالح البرغوثي ، مناضل وسياسي بارز شغل منصب وزير التربية في حكومة حلف بغداد واستقال بعد يومين من تشكيل الحكومة وهو محام قارع العثثمانيين وقارع الإنجليز وتوفي عام 1965 محمد أحمد البرغوثي : نائب في البرلمان الأردني حتى العام 1967 ، فوزي يوسف البرغوثي مدير امن في العهدين البريطاني والاردني .محمد عبد السلام البرغوثي ، عبد الكريم البرغوثي ( أبو جهاد ) عميد في الامن العام الأردني ترأس محكمة عسكرية وبرأ فيها المتهمين بمحاولة الانقلاب على النظام الملكي. مصطفى البرغوثي : وزير الاعلام الفلسطيني، ومروان البرغوثي - امين سر حركة فتح وهو من عائلة هاجرت من دير غسانة وبقيت جذورها هناك وهي عائلة خطاب . ومن دير غسانة تفرعت عائلة آل البرغوثي وانتقلت لتشكل فروع للعائلة في كفرعين المجاوزرة ومن عائلاتها العيس ، والدغرة ، وبيت ريما ومنهم آل عبد الرازق وآل كنعان ، وكوبر - دار خطاب ، وعابود ودير بو مشعل ولكل فرع من هذه الفروع جذر في دير غسانة ، ومنهم من رحل عن البلدة في زمن بعيد ومنهم الدكتور اسعد عبد الرحمن الذي ما زال لاجداده املاك في دير غسانة وآل البرغوثي ينتسبون ال جدهم الأكبر برغوث من البر والغوث وهو ابن عم عمر الذي تنتسب اليه عائلة العمري في شرق الأردن وجنين ، وبرغوث تصاهر مع بني تميم في الخليل ، واختلف مع والد زوجته وقتله ، ورحل مع اهلة إلى بنى زيد وشكل مشيخته في البداية في النبي صالح فلحق به بعض من بني تميم فرحل إلى دير غسانة ومن هناك اقام عشيرته التي تعد الآن أكثر من 70 الفا منتشرين في كل انحاء العالم ومنهم من اقام في شمال فلسطين ثم هاجر إلى سوريا ومنهم من اقام في ليبيا وتونس والمغرب واليمن ويعرف آل البرغوثي بانهم شعراء وكتاب وادباء ومن شعراءهم حليوة - شاعر شعبي ، محمود البرغوثي ( الزبده ) أبو جمال ( ازهري وخطيب وامام مسجد دير غسانه ) و [مريد البرغوثي] [1] [ومجيد البرغوثي] [2] ، و [تميم البرغوثي ] [3] وعبد الكريم أحمد يعقوب البرغوثي ، وحسين البرغوثي ، وهناك صحفيون وكتاب منهم سمير حسين البرغوثي شغل منصب مدير تحرير لعدة صحف ومجلات في الأردن والخليج ، وحافظ عمرالبرغوثي رئيس تحرير الحياة الجديدة في رام الله وعمل في الصحافة الخليجية ردحا من الزمن .

ومن رجالاتها المرموقين محمودالشعيبي( أبو رياض)رحمه الله الذي كان يشغل وظيفة مدير الدفاع المدني في مدينة القدس في عهد الملك عبد الله بن الحسين في الخمسينات من القرن العشرين وكذلك الدكتور عزمي الشعيبي الذي عمل وزيرا للشباب والرياضة في أول وزارة للسلطة الوطنية الفلسطينية والسيد راضي الشعيبي رئيس الجالية الفلسطينية في مقاطعة كتالونيا بأسبانيا، وقد تفرعت من دير غسانة عائلة ال شعيبي إلى عدة افخاذ لتشكل فروعا للعائلة في كل من : ال سلامة في بروقين وال تفاحة في دير بلوط وال صبح (إعمر) في كفرعين وال ابوشعيب في قلقيلية وال شعيب في يالو وقد هجر هؤلاءمن قبل الاحتلال بعد نكبة عام 1967 مع باقي سكانها إلى مدينة رام الله ومن ثم إلى الأردن ومنهم الدكتورالصحفي عيسى الشعيبي الذي كان يعمل في مركز الدراسات الفلسطينية ببيروت قبل خروج الثورة الفلسطينية عام 1982.

|| الاثار في القرية ||

الخضر:مقامه جنوبي القرية وهذا الولي له مقامات في أكثر القرى سواء المسيحية أو الإسلامية. العطيري:بين البلدة والمدرسة ليس عليه عمارة ،وقبره متواضع. الهبيل:مثله مثل العطيري . الشيخ رحال:جوار الهبيل وهو لايختلف في مظهره عنه. الشيخ عصفور: له مقام كبير و"ليوان"وبئر وبيت للوضوء وغرفة يصلى فيها وله اوقاف. الرفاعي:غربي البلدة وله مقام محترم وعنده شجرة كبيرة يؤي إلى ضلها السارح التعب. رجال سوفه(المجدوب):عدد من المشايخ عليهم عمارات وبئر ولهم اوقاف. الخواص:رجل صوفي من مصر له عمارة يصلى فيها وبئران ووقف ومقام محترم ويقع في غربي البلدة . الشيخ عبد الله:بين البلد والخواص شبه زاوية ومقام وابار وبستان. الشيخ غيث:هو في المقبرة العامة ولكنه يحترم وينظر اليه ويضاء احيانا لية الجمعه الشيخ مطر:داخل البلدة ازيل قبره ولم يوجد فيه شيء وله غرفتان للصلاة. الدسوقي:شمالي البلدة لا قبر ولا عمارة ولكن ينظر اليه ويحترم. الشيخ خالد:له قبر بني عليه غرفة و"ليوان"وبئر ومكان للوضوء يصلى فيه ويحترم وله شجرة بلوط كبيرة في وادي صريده ومكان للنوم . الشيخ ذيب:قريب من الشيخ خالد وليس له الا قبر وشجرة زيتون. الشيخ بري:قريب من الشيخ ذيب وليس له سوى شجرة بلوط كبيرة . الاحجام:غربي البلدة لا قبور لهم ويتخوف الناس من المرور عنها ليلا.


" قصة حصلت "

على بعد سبعة وعشرين كيلو مترالى الشمال من رام الله بدأت تتوافد فصائل الثورة الفلسطينية على قرية ديرغسانة جنودا ثوارا وقاده ومن أمثال عبد الرحيم الحاج محمد وعارف عبد الرازق وحمد زواتا وغيرهم من القادة الكبار أو القادة المحللين لإصلاح ذات البين بعيدا عن أعين قوات الاحتلال البريطاني في يوم من أيام عام 1936م.

توزع الثوار على الأبنية العالية في القرية وحول مفارق الطرق المؤدية إلى القرية وعلى سفوحها وداخل بيوت القرية وطرقاتها وأزقتها. واستقبلهم الاهالي فيما يشبه عرسا جماعيا فذبحوا الذبائح واعدو الطعام المعروف باسم (اليخنة) وهو طعام من فتيت خبز الطابون أو بز الصاج المشبع بمرق اللحم المغطى بالرز واللحم المطبوخ والموضوع في إناء من الخشب أو التوتياء يسمى (الكرمية) دلالة على الكرم.

بينما كانت القرية تشهد نشاطا غير عادي مثل خلية النحل حضر إلى القرية شحاد يجوب القرية متسولا ومرباحد البيوت حيث كانت هناك امرأة منهمكة في إعداد الطعام فسألها مستفسرا لمن قل هاذا الطبيخ في البلدة؟

أجابته المرآة ببساطتها وبلهجتها القروية المميزة:"طبيخ للثور يا حزين"

فأعاد السؤال:"أين يتجمع الثوار"؟

أجابت المرآة الغسانية: في بيت شيخ القرية هناك أكوام من الطبيخ.

ناولته المرآة كسرة خبز فقنع بها وانطلق بعيدا وتوارى في الأزقة متوجهة نحو أطراف القرية.

انقضى وقت قصير بعد مغادرة الشحاد للقرية وجاءت الأخبار للقرية بكلمات متعارف عليها “غينت غينت" وبشكل مكرر.لقد كانت تلك الكلمة تعني الكثير عند أهل القرية وعند أهل القرى المجاورة.

على عادة أهل القرية أن أهل قرية النبي صالح كانوا يصحون في حالت قدوم قوات الاحتلال البريطاني بهذه الكلمة فيلتقطها أهل قرية بيت ريما حتى تصل ديرغسانة والقرى المجاورة.

ما إن وصلت كلمة السر إلى الثوار في القرية وبدأت جموعهم بالانتشار في السفوح والجبال حتى قدمت طائرة تستكشف الأمر تبعتها عشرة طائرات أخذت تقصف القرية وتدكها دكا- في اثر الثوار المنسحبين – بالقنابل الكبيرة التي يسميها الاهالي "قيازين"

بمعنى البراميل المملوءة بالمتفجرات وأسفر القصف عن استشهاد شخص من النور في طرف القرية وقائل من بلدة الطيبة حضرت أمه بعد عدة أشهر واستخرجت جثمانه جسدا سليما لم يتعفن(حسب الرواية) فنقلته على دابة إلى بلدته شمال فلسطين حيث دفن مرة أخرى. ويفسر الاهالي ذالك بأنه شهيد محتسب عند الله.استشهد قائد آخر اسمه الشيخ عبد الفتاح الملقب"أبو خالد" في موقع (وادي بروقين) شمال شرق ديرغسانة. كما استشهد ثائر آخر في (وادي القتيل ) الفاصل بين قرية ديرغسانة وقرية كفرعين المجاورة شرقا.وأصيب قائد محلي معروف من قرية (كفرعين)اسمه فخري حمد بإطلاق الرصاص عليه من القوات الراجلة في موقع جبلي معروف باسم "جبل الرأس" من اراضي قرية كفرعين و كان بصحبة الثائر يوسف الحاج اعمر الشعيبي حيث اصيب اصابة مباشرة و تمكن الثائر الشعيبي من الانسحاب من المكان وحملته قوات الاحتلال على نقالة إسعاف حيث تمت مداواته في القدس ومن ثم محاكمته وإعدامه.ويروى عنه انه طلب قبل إعدامه احضر بدلته العسكرية وبندقيته كي ينفذ فيه الحكم وهو يرتدي زيه العسكري.

أما القائد المحلي لمنطقة رام الله محمد عمر النوباني من(مزارع النوباني) إحدى قرى رام الله على مرمى النظر شرق قرية ديرغسانة فقد نجى بعملية تمويهية على الجنود الإنجليز إذ قام بتمثيل دور حراث من حراثي القرى المجاورة وقد خلع ملابسه العسكرية واخذ يحرث الأرض فتركه الإنجليز ظنا منهم انه مجرد حراث فلاح يعمل بأرضه.

بعد خروج الثوار وقدوم الدبابات والمجنزرات الإنكليزية كان الاهالي قد اخفوا كل معالم الطبيخ بدفنه في خنادق تحت التراب في (الحوا كير) المحيطة بالقرية وبيوتها وكان شيئا لم يكن لكن ذلك اليوم المشهود ظل محفور في ذاكرة أهل القرية وأصبحت سنة الطوق تقويما محليا يؤرخ بها لميلاد الأطفال ومعرفة أعمارهم استنادا لتلك السنة.

وقصيدة كتبت

وكتب الشاعر مريدالبرغوثي في بلدته واصفا عودته اليها

عندما يقفُ الباصُ في ديرِ غسّـانةٍ

كنتُ اقفِزُ منهُ ويَقفزُ مُستقبلونا إليهِ

كأن اشتباكاً يدور بدون شرر ..

ثم أركض من بينهم نحو ساحتِها ..

فالمَمرِّ ..فبوابة الدّارِ .. ثم الرّواق العتيق

وبعدَ السلامِ .. يطولُ الكلامُ إلى أن يذوب القمر!

الدخولُ إلى دارنا .. صارَ معجزةً!

مجلسُ الأمنِ .. بل أممُ الأرض تنظرُ في أمرِها

وتعيدُ النظر