بلطا أرتوا

أيوب البابلي الفيلسوف المتألم بلطا أرتوا Balta-atrua وهو أيوب البابلي (667- 628 ق.م) النبي العراقي المذكور في العهد القديم، والذي يتذكر عامة الناس صبره في مواجهة حياة شاقة عسيرة بدون التخلي عن المبادئ التي يؤمن بها.

المتحدث في نص أيوب البابلي يقارن بين معاناته الحالية ووضعه المتميز سابقاً. فبعد أن كان يشغل وظيفة مرموقة في البلاط الملكي ، تآمر ضده سبعة من رفاقه ، وتفوهوا بكلمات السوء المنكرة ، من أجل إجباره على إخلاء منصبه ، ووضع أيديهم على ضيعته. ونجحوا في تحقيق هذه الأغراض. وهكذا تم تشويه سمعة الرجل ، فلعنه عبده السابق ، وصار رفاقه حين يشاهدونه في الشارع ينتقلون الى الناحية الأخرى من الطريق لتحاشيه ، ثم يصيبه المرض فتبرز عظامه ، ولا يغطيها سوى جلده. يقول: "الزم فراش العبودية ، فالخروج ألم وعذاب" . وكأنه صار لا يريد أان يتعافى بعد كل ما أصابه. ثم يبدأ برثاء الناس والحياة البشرية ، قائلاً: "حين يجوع الإنسان ، يصبح كالجثة ، وحين يشبع يتطاول على آلهته". ويتذكر هنا أنه كان دائماً يصلي. ويتساءل عن سبب البلاء الذي أصابه. والقصة تنتهي حين يشاهد الرجل ملاكاً في الحلم يبشره باإتهاء مرحلة اختباره. فيتحرر من المرض والمعاناة ، ويوهب الحياة والهناء من جديد.

وقصائده تشبه قصيدة لودول بعل نعمقي Ludlul bēl nēmeqi ("الحمد لرب الحكمة") التي تُنسب إلى الكاتب البابلي شوبشي مشرى شكان Šubši-mašrâ-Šakkan، الذي عاش في عهد الملك الكاسي نازي ماروتاش (ح. 1307-1282 ق.م.).

وفي إحدى قصائده المتألمة يقول:

(طمس على مقلتي كأنما أغلقهما) بقفل ؛


(ووقر أذني) كأذني الشخص الأصم.

وكنت ملكاً فصرت عبداً ؛

وأساء رفاقى معاملتي كأن بي جنة.

ابعث إليَّ العون ونجني من الوهدة التي إحتفرت لي

بالنهار حسرات عميقة ، وبالليل بكاء ؛

وطول الشهر صراخ ؛ وطول العام شقاء ...

ثم يواصل قوله فيخبرنا كيف كان طول حياته إنساناً تقياً ، وكيف كان آخر شخص في العالم يصح أن يكون مصيره هذا المصير القاسي:

كأني لم أخصص للإله نصيبه على الدوام ؛

ولم أبتهل إلى الآلهة وقت الطعام ؛

ولم أعنُ بوجهي وآتي بخراجي ؛

وكأني إنسان لم يكن التضرع والدعاء دائمين على لسانه.

لقد علّمت بلدي الإحتفاظ بإسم الإله ؛

وعودت شعبي أن يُعظم إسم الإلهة ...

وكنت أظن أن هذه الأشياء مما يسرّ أي إله.

ولما أصابه المرض على الرغم من كل هذا التقى الشكلي ، أخذ يفكر في إستحالة الوقوف على تدبير الآلهة ، وفي تقلبات شئون البشر.

من ذا الذي يدرك إرادة آلهة السماء !

إن تصاريف الإله كلها غموض- فمن ذا الذي يدركها؟ ...

إن من كان بالأمس حياً أصبح اليوم ميتاً ،

وما هي إلا لحظة حتى تتقسمه الغموم ، ويتحطم قلبه فجأة ،

فهو يغني ويلعب لحظة ؛

وما هي إلا طرفة عين حتى يندب حظه كالمحزون...

لقد لفّني الهم كأنه شبكة ،

تتطلع عيناي ولكنهما لا تبصران ،

وأذناي مفتوحتان ولكنهما لا تسمعان ...

وقد سقط الدنس على عورتي ،

وهاجم الغدد التي في أحشائي...

وأظلم من الموت جسمي كله...

يطاردني المطارد طوال النهار ؛

ولا يترك لي بالليل لحظة أتنفس فيها ...

لقد تفككت أطرافي ، فلم تعد تمشي مؤتلفة ،

وأقضى الليل بين أقذاري كما يقضيه الثور ؛

وأختلط ببرازي كما يختلط الضأن.


ثم يعود فيجهر بإيمانه كما فعل أيوب فيقول:

ولكن أرى اليوم الذي تجف فيه دموعي ،

اليوم الذي يدركني فيه لطف الأرواح الواقية ،

ويومئذ تكون الآلهة رحيمة بي.


ثم تنقلب الأحوال كلها سعادة وهناءة ، فيظهر أحد الأرواح الطيبة ، ويشفيه من جميع أمراضه ؛ وتهب عاصفة هوجاء فتطرد شياطين المرض كلها من جسمه. ويسبح بحمد مردك ، ويقرب له القرابين النفيسة ، ويهيب بالناس جميعاً ألا يقنطوا من رحمة الآلهة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً


الهامش

الكلمات الدالة: