بلدسارى كاستليونى

(تم التحويل من بالداساري كاستيليوني)
بلدسارى كاستيليونى
Baldassare Castiglione
پورتريه بلدساره كاستيليونه، رسم رفائيل
وُلِد6 ديسمبر 1476
بالقرب من كاستيشو، التي تقع بالقرب من مانتوڤا
توفي2 فبراير 1529
طليطلة، إسپانيا
الوظيفةرجل بلاط، دبلوماسي، جندي، مؤلف
العرقإيطالي

بلدسارى كاستيليونى Baldassare Castiglione، كونت (النطق بالإيطالية: [baldasˈsaːre kastiʎˈʎoːne]؛ عاش 6 ديسمبر 14782 فبراير 1529)[1] كان رجل بلاط ودبلوماسي وجندي إيطالي ومؤلف بارز في عصر النهضة.[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

جماعة المثقفين والأدباء المهذبة التي شكلت بلاط گويدوبالدو الأول مونتفلترو هي التي وصفها كاستيليونى ورفعها إلى مرتبة المثل العليا في كتاب من أشهر كتب النهضة وهو كتاب رجل البلاط Cortigiano ويعنى به الرجل المهذب. وكان كاستيليونه نفسه من هذا الصنف: فكان ابناً وزوجاً صالحاً، وكان ذا شرف ورقة حتى في مجتمع روما الفاسد، وكان دبلوماسياً يجله الصديق والعدو، وصديقا وفيا لا تنفرج شفتاه عن كلمة نابية لإنسان ما، وقصارى القول انه كان رجلا كاملا بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من معان، وإنساناً يراعى إحساس الناس جميعاً. وقد مثل رفائيل سجاياه أعجب تمثيل وأصدقه في الصورة الفخمة الرائعة المعلقة في متحف اللوڤر: وهي ذات وجه قلق مفكر، وشعر أسود، وعينين هادئتين رقيقتين لم يؤت من الدهاء ما يستطيع أن يكون به دبلوماسياً ناجحاً لولا سحر استقامته وهو بلا جدال رجل فطر على حب الجمال، في المرأة والفن، وفي الأخلاق والأسلوب، مع إحساس الشاعر المرهف، وإدراك الفيلسوف. [3]

وهو ابن الكونت كريستوفورو كاستيليونى الذي كانت له ضيعة في إقليم مانتوڤا والذي تزوج فتاة من أسرة گوندساگا تمت بصلة القرابة إلى المركيز فرانتشيسكو. وأرسل وهو في من عمره (1496) إلى بلاط لدوفيكو في ميلان، وسر كل من فيه بطيبة قلبه، وحسن أدبه، وبراعته المتعددة النواحي في الألعاب الرياضية، والآداب، والموسيقى، والفن. ولما توفي والده ألحت عليه أمه أن يتزوج وأن يحرص على ألا تبيد سلالته؛ ولكن بلدساري Baldassare وإن كان في وسعه أن يكتب أحسن الكتابة في الحب، كان أفلاطونياً من حيث الزواج، واضطر أمه أن تنتظر سبعة عشر عاماً قبل أن ينصاع لنصيحتها. وقد انضم إلى جيش جيدوبلدو، ولم يجن من انضمامه إليه إلا كسر عقبه، وقضى فترة النقاهة في قصر الدوق بأربينو، وبقي فيه أحد عشر عاماً، مغرماً بهواء الجبال، والرفقة المهذبة، والحديث الحلو الممتع، وإلزبتا. ولم تكن إلزبتا جميلة، وكانت تكبره بست سنين، وتكاد تماثله في ضخامة الجسم، ولكن روحها اللطيفة أسرت قلبه، فكان يحتفظ بصورة لها خلف مرآة في حجرته، ويؤلف في السر أغاني في مديحها(23)، وفض جيدوبلدو هذا المشكل بأن بعثه في مهمة إلى إنجلترا (1506)؛ ولكن بلدساري انتحل أول عذر للعودة مسرعاً. وأدرك الدوق أن لا ضرر من بقائه، ورضي في سماحة وكرم أن يؤلف منهما ومن إلزبتا أسرة من ثلاثة، وبقي كاستليونى معهما حتى توفي الدوق (1508)، وظل مخلصاً إخلاصاً عفيفاً لأرملته، وبقي في أربينو حتى خلع ليو العاشر ابن أخي الدوق عن عرش الدوقية وأجلس مكانه ابن أخ له هو (1517).

ثم عاد إلى أرضه القليلة التي ورثها بالقرب من مانتوا وتزوج إپوليتا توريلي Ippolita Torelli دون حب سابق بينهما، وكانت أصغر منه بثلاثة وعشرين عاماً. ثم بدأ يشغف بها حباً، وأحبها أولا كما تحب الأطفال، ثم الأمهات، وأحس أنه لم يعرف المرأة، ولا عرف نفسه حق المعرفة من قبل، ونفحته هذه التجربة الجديدة بسعادة قوية لم ير لها نظيراً من قبل. لكن إزبلا أقنعته بأن يكون سفيراً لمانتوا في روما، فذهب إليها على كره، وخلف وراءه زوجته في عناية أمه. ولم يكد يعبر جبال الأبنين التي تفصل بين البلدين حتى تلقى الرسالة التالية:

لقد ولدت بنتاً صغيرة، ولست أظن أن ذلك سيسوؤك؛ ولكنني أسوأ حالاً من ذي قبل، فقد توالت علي ثلاث من نوبات الحمى؛ وأنا الآن أحسن مما كنت، وأرجو ألا تعاودني. ولن أكتب إليك أكثر من هذا، لأني لم أستعد صحتي تماماً، وأرسل إليك تحياتي الخالصة من كل قلبي- من زوجتك التي أنهكها الألم قليلاً - من أبولينا المخلصة لك(24)

وماتت أبولينا بعد فترة قصيرة من كتابة هذه الرسالة، ومات بموتها حب كستجليوني للحياة. نعم إنه ظل يخدم إزابلا والمركيز فدريگو في روما، ولكنه لم يجد في بلاط ليو العاشر المهذب السلام الذي كان يستمتع به في بيته في مانتوا، ولم يجد فوق ذلك الاستقامة، والحنان، والظرف التي كادت تجعل من دائرة أوربينو مثله العليا مجسمة.


كتاب رجل البلاط

وقد بدأ في أوربينو (1508) كتابه الذي خلد اسمه على مر الزمان وأتمّه في روما. وكان الغرض منه تحليل الظروف التي تنتج الرجل المهذب الكامل السلوك الذي يمتاز به. وقد تمثل كاستيليونه تلك الرفقة المهذبة في أربينو تبحث هذا الموضوع؛ ولعله نقل بعض الأحاديث التي سمعها فيها بعد أن هذبها وصقلها؛ وقد ذكر أسماء الرجال والنساء الذين كانوا يتحدثون هناك، وخلع عليهم من العواطف ما يتفق مع أخلاقهم. فنراه مثلاً ينطق بمبو بنشيد في الحب العذري ثم يبعث بالمخطوط إلى بمبو ليسأله هل يعترض بعد أن أصبح الأمين المعظم للبابا على استخدام اسمه على ذلك النحو؛ وأجاب بمبو السمح بأنه لا اعتراض له على هذا العمل. على أن المؤلف الحي رأى مع هذا أن يحتفظ بالمخطوط فلا ينشره حتى عام 1528، ولم يعطه إلى العالم قبل موته بعام واحد إلا لأن بعض أصدقاؤه اضطروه إلى هذا بنشرهم نسخاً منه في روما. ولم تمض على نشره عشر سنين حتى ترجم إلى اللغة الفرنسية، وفي عام 1561 ترجمه سير تومس هوبى Sir Thomas Hoby إلى اللغة الإنكليزية ترجمة قوية منمقة العبارة جعلته من أشهر كتب ذلك العصر يقرؤه كل متعلم في عصر الملكة إلزابث.

وكان كاستيليونه يميل إلى الاعتقاد، وإن لم يكن واثقاً كل الثقة من اعتقاده هذا، أن أول ما يشترط في الرجل المهذب الكامل أن يكون كريم المحتد، ذلك بأن من أصعب الأمور أن يكسب الإنسان كرم الأخلاق ورشاقة الجسم وحسن العقل إلا إذا نشأ بين أشخاص يتصفون بتلك الصفات؛ وقد خيل إليه أن الأرستقراطية مهد الأخلاق الطيبة، ومستقرها، والقدرة على تذوقها، وهي مرباها وأداة انتقالها. كذلك يجب أن يجيد السميذع - الرجل الكامل المهذب - من أوائل حياته ركوب الخيل، وأن يتعلم فنون الحرب، ويجب أن لا يبالغ في التحمس لفنون السلم والآداب إلى حد يضعف في المواطنين الصفات الحربية التي إذا إنعدمت في أمة كان مصيرها الاستعباد. على أن كثرة الحروب تحيل الإنسان وحشاً ضارياً؛ ذلك أنه يحتاج، فضلاً عن الصلابة الناشئة مما في حياة الجندي من الصعاب، إلى تأثير النساء المهذب المرقق للإحساس، ((وليس ثمة بلاط، مهما بلغ من العظمة يمكن أن يكون فيه روعة أو بهجة أو مرح إذا خلا من النساء؛ وليس في وسع رجل الحاشية أن يكون رشيقاً، كيساً لطيفاً، شجاعاً، أو أن يقوم في وقت من الأوقات بأي عمل من أعمال الشهامة والفروسية إلا إذا استثاره حديث النساء... وحبهن))(25). فإذا شاءت المرأة أن يكون لها هذا النفوذ المهذب والمرقق وجب أن تحتفظ بكامل أنوثتها، فتبتعد عن تقليد الرجال في هيئتها، أو آدابها، أو حديثها، أو ملبسها. ويجب أن تعنى بجمال جسمها، وحنان حديثها، ورقة روحها؛ ولهذا فأن من واجبها أن تتعلم الموسيقى، والرقص، والآداب، وفن التسلية؛ فتستطيع بذلك أن تحصل على جمال الروح الداخلي وهو الغرض المنبه للحب وباعثه. (وليس الجسم الذي يتلألأ فيه الجمال المعين الذي ينبع منه... لأن الجمال غير مادي) (وليس الحي إلا رغبة في الاستمتاع بالجمال) أما ((من يظن أنه يستمتع بالجمال بامتلاك الجسم فهو مخدوع أشد الانخداع). ويختتم الكتاب بتحويل الفروسية العارمة السائدة في العصور الوسطى إلى ذلك الحب العذري الشاحب وهو آخر إخفاق تغفره المرأة للرجل.

ولقد انهار المثل الأعلى الذي تصوره كاستيليونه للعالم ذي الثقافة المهذبة الرقيقة، والاحترام المتبادل، انهار هذا المثل عندما اجتيحت روما وهبت نهباً وحشياً في عام 1527. وفي ذلك تقول فقرة في أواخر هذا الكتاب: (كثيراً ما كان ازدياد الثروة سبباً في الدمار المروع، كما حدث في إيطاليا المسكينة التي كانت ولا تزال غنيمة للأمم الأجنبية بسبب ما فيها من حكم فاسد وثراء عظيم). وكان في وسعه أن يلوم نفسه إلى حد ما على هذا الدمار. ذلك أن البابا كلمنت السابع اختاره في عام 1524 مندوباً بابوياً إلى مدريد ليصلح ما بين شارل الخامس والبابوية. وكان سلوك كلمنت نفسه مما أثار العقبات في طريق هذه البعثة فأخفقت؛ ولما ترامت الأنباء إلى أسبانيا بأن جنود الإمبراطور غزت روما، وألقت البابا في السجن، ودمرت كل ما ادخره يوليوس، وليو، ومئات الفنانين من ثراء ونعيم تقطعت أسباب الحياة ببلدسا رى كاستيليونه وفاضت روح أظرف سميذع في عصر النهضة في كدينة طليطلة عام 1529 غير متجاوز الواحدة والخمسين من العمر.

ونقلت جثته إلى إيطاليا وأقامت له أمه (التي عاشت بعد ولدها على الرغم منها) قبراً تخليداً لذكراه في كنيسة سانتا ماريا دلى جرادسى خارج مانتوا. ووضع جوليو رومانو تصميم القبر وألف له بمبو نقشاً ظريفاً، ولكن أجمل ما حفر على الحجارة من ألفاظ هو الأشعار التي ألفها كاستيليونه نفسه لتحفر على قبر زوجته التي جىء برفاتها عند مماته لتدفن إلى جانبه تنفيذاً لوصيته.

«أنا لا أعيش الآن أيتها الزوجة العزيزة لأن الأقدار قد انتزعت حياتي من جسمك؛ ولكني سأعيش حين أوضع معك في قبر واحد، وتختلط عظامي بعظامك.»

المصادر

  • Burke, Peter. The Fortunes of the Courtier: The European Reception of Castiglione's Cortegiano. Penn State University Press, 1995.
  • Osborne, June. Urbino: the Story of a Renaissance City. London: Frances Lincoln, 2003.
  • Raffini, Christine. Marsilio Ficino, Pietro Bembo, Baldassare Castiglione: Philosophical, Aesthetic, and Political Approaches in Renaissance Platonism, (Renaissance and Baroque Studies and Texts, v.21,) Peter Lang Publishing, 1998. ISBN 0-8204-3023-4
  • Roeder, Ralph. The man of the renaissance: four lawgivers: Savonarola, Machiavelli, Castiglione, Aretino. New York: Meridian Books. 1933.

الهامش

  1. ^ Dates of birth and death, and cause of the latter, from ‘Baldassarre Castiglione’, Italica, Rai International online.
  2. ^ MacClintock, Carol (1979). Readings in the History of Music in Performance. Indiana University Press. ISBN 0-253-14495-7.
  3. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

مصادر اونلاين

Wikiquote-logo.svg اقرأ اقتباسات ذات علاقة ببلدسارى كاستليونى، في معرفة الاقتباس.


]