انتفاضة مارس 1955

هبـّة أو انتفاضة 1 مارس 1955 في قطاع غزة ضد مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء. فجرها الشيوعيون وحلفائهم عام 1955 بقيادة معين بسيسو أمين عام الحزب الشيوعي الفلسطيني آنذاك والتي حملت شعارات " لا توطين ولا إسكان ... يا عملاء الأمريكان"، " العودة ... العودة حق الشعب ".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دور الحزب الشيوعي الفلسطيني

قام الحزب الشيوعي الفلسطيني بتنظيم أكبر مظاهرات عرفها تاريخ قطاع غزة وسقط فيها أكثر من 30 شهيداً على رأسهم حسني بلال وهو أول شهيد وطني ضد مشاريع التوطين ويوسف أديب طه عضو الشبيبة الحزبية والذي رفع العلم الفلسطيني على مقر الحاكم العسكري فما كان من احد رجالات الشرطة سوى إطلاق النار عليه فسقط شهيداً.

هذه الانتفاضة التي استطاعت إسقاط مشروع توطين اللاجئين في سيناء وإفشال المؤامرة التي كانت تحاك ضد الشعب الفلسطيني وتصفية حقوقهم وإغلاق ملف القضية الفلسطينية.


الخطوات التي اتخذها الحزب لإسقاط المؤامرة

اتخذت اللجنة المركزية قراراها بطبع هذه الوثيقة وتوزيعها في منشور جماهيري واسع كان تحضيراً وتهيئة وتحريضا لانفجار هبة مارس "آذار" كما سميت في حينها مع إيضاح موقف الحزب من هذه المؤامرة المستند إلي اعترافات المهندسين وأطباء وكالة الغوث باستحالة الحياة في تلك المنطقة.

ففي 21 يناير 1955، أصدر الحزب منشوراً جماهيرياً يكشف تفاصيل المؤامرة ويدعو إلي اليقظة والاستعداد لمواجهتها وقد كانت الأوضاع المزرية أللإنسانية التي يعيشها اللاجئون في المخيمات ومحاولات الإذلال المستمر، واستمرار الهجمات الإسرائيلية علي المخيمات حيث يذبح الناس بلا شفقة أو رحمة وتردي الأوضاع الاقتصادية كل ذلك أدى إلي تشكيل قاعدة جماهيرية عريضة للانتفاضة القادمة وكان الحزب يعمل ليل نهار في التحضير لتلك الانتفاضة.

الشرارة الأولى للانتفاضة العارمة

خمسة شهداء من الفدائيين قتلهم حرس الحدود الإسرائيلي في مطاردة بعد هجوم بالقرب من نير گاليم. وقد اتخذت إسرائيل من الحادث ذريعة للقيام عملية السهم الأسود.

وفي مساء 28 فبراير 1955، قامت القوات الإسرائيلية بارتكاب مذبحة قرب محطة السكة الحديدية في غزة حيث قتلت سبعة عشر جندياً فاجأتهم وهم نيام والتي كانت تستهدف الضغط على الجماهير الفلسطينية القبول بمشروع التوطين.

وعند البوليس الحربي جنوب قطاع غزة استطاع كمين إسرائيلي قتل 56 جنديا فلسطينيا من الحرس الوطني. وبدعوة من الحزب انطلقت المظاهرات في الأول من مارس عام 1955 وفي الصباح تحول خبر المذبحة إلى الشرارة الأولي للانتفاضة العارمة حملت شعار " لا توطين ولا إسكان ... يا عملاء الأمريكان"، "العودة ... العودة حق الشعب" وجابت المظاهرات والمسيرات شارع عمر المختار بغزة.

تهتف ضد مشروع التوطين وتطالب بإقامة جيش وطني فلسطيني لحماية الحدود وإطلاق الحريات العامة للجماهير.

الرفيق حسني بلال أول شهيد وطني ضد مشاريع التوطين

وبدأت الشرطة والمباحث وجنود الجيش المصري بالتصدي للمسيرة وقررت السلطة أن تواجه الحناجر. بالرصاص وبدءوا بإطلاق النار علي المتظاهرين وصوبوا بنادقهم علي قائد المسيرة معين بسيسو الذي كان على رأس المظاهرة وسقط الرفيق حسني بلال. فداء للشعب والوطن ومن اجل دفن مؤامرة التوطين وفي هذه اللحظات هب معين ممزقا قميصه وفاتحا صدره للرصاص وهو يهتف:

الدم : دم دم ... سال الدم ... دم دم، عاش الدم
يا فم حسني بلال ... الدم سال وقال
الموت للرجعية ... والموت للاحتلال

وتلاحمت جموع الشعب في أكبر مظاهرة عرفها تاريخ قطاع غزة والتي سقط فيها أكثر من ثلاثين شهيداً، وبدأت اللجنة الوطنية العليا، واللجنة المركزية للحزب بالاستمرار في المظاهرات وإصدار التوجيهات للإعداد للأيام القادمة من قرية بيت حانون شمالا وحتى رفح جنوبا تفجرت المظاهرات الصاخبة المتوعدة وأعلنت رفضها الحازم للمشروع.

في صباح اليوم الثاني أعلنت إذاعة لندن بأن الشيوعيين قد باتوا يسيطرون على كل الشريط الساحلي في قطاع غزة، ومع فجر اليوم الثاني من مارس اجتاحت المظاهرات الصاخبة مدينة غزة بعرضها وطولها، واشتركت في تشييع جثمان الشهيد حسني بلال.

وبدأت القوات المصرية بالتصدي للمظاهرات، وعلى نعش الشهيد حسني بلال، وتحولت جنازة الشهيد حسني بلال إلى عرس وطني، وتحول دمه إلى زنابق حمراء تزين صدور قادة الغضب الجماهيري .

كان يوسف أديب طه يرفع العلم الفلسطيني على مقر الحاكم العسكري فسقط شهيداً وفي المنطقة الوسطى – النصيرات والبريج والمغازي ودير البلح اندلعت المظاهرات كان على رأسها عبد الرحمن عوض الله، واتجهت إلى دير البلح حيث مقر الحاكم العسكري واستطاعوا بالقوة الإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلوا بداية الهبة وقد رفع يوسف أديب طه عضو الشبيبة الحزبية العلم الفلسطيني على مقر الحاكم فما كان من احد رجالات الشرطة سوى إطلاق النار عليه فسقط شهيداً.

في يوم 5 مارس 1955 أصدرت الإدارة المصرية قراراً بفرض منع التجول في القطاع إلا أن المظاهرات والهتافات القادمة من المخيمات الوسطى أفشلت منع التجول. وظلت نيران الانتفاضة تتأرجح رغم كل شيء وبدأت الأوضاع تأخذ في التعقيد، هذه الأوضاع التي سيدفع ثمنها شعبنا غالياً، إن لم يكن هناك مواقف حكيمة ومسئولة، وبدأت المفاوضات لجسر الهوة بين قيادة الجماهير ومواقفها العادلة، وموقف الإدارة المصرية.

وتركزت مطالب الجماهير الشعبية وقيادتها حينذاك فيما يلي:

  1. إلغاء مشروع التوطين في سيناء فوراً.
  2. تدريب وتسليح المخيمات الفلسطينية لتتمكن من الدفاع عن نفسها.
  3. فرض التجنيد الإجباري وتشكيل جيش وطني فلسطيني.
  4. محاكمة المسئولين عن الذي أمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وقتل الشهيد حسني بلال.
  5. إطلاق الحريات العامة , وعلى رأسها حرية الاجتماع والتعبير والإضراب.

وافقت الإدارة المصرية على إلغاء مشروع التوطين، بعد أن رفضه بالإجماع الشعب الفلسطيني، واعتبرت قيادة الانتفاضة أن إفشال المؤامرة "مشروع التوطين" هو انتصار حاسم لحركة الجماهير الشعبية وفي طليعتها الشيوعيين، وتحولت دماء حسني بلال إلى نيران أحرقت مشروع سيناء، واضطر صانعوه أن يدفنوه ويقبروه إلى الأبد، ممتزجة تلك الدماء بدماء الشيوعي الطالب يوسف أديب طه الذي كان طالباً في الرابع الإعدادي في مدرسة النصيرات. وبدماء الشهداء كتبت شهادة ميلاد جديدة لهذا الشعب.[1]

انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ شامخ بدرة (2013-03-02). "التاريخ يُعيد نفسه. مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء: لماذا أغفل المؤرخون "انتفاضة مارس التاريخية" عام 1955؟". دنيا الوطن.