العلاقات العثمانية بالمغرب الأقصى

العلاقات العثمانية بالمغرب الأقصى :

العلاقات العثمانية بالمغرب الأقصى (بالتركية: Fas-Osmanlı ihtilafları)‏ عبارة عن سلسلة من المواجهات التي وقعت بين القرن السادس عشر ونهاية القرن الثامن عشر، بين ممالك المغرب الأقصى والدولة العثمانية. نتيجة التدخلات العثمانية في الشؤون الداخلية للوطاسيين ومن ثم السعديين خلال القرن السادس عشر، رغبة من العثمانيين في فرض سيطرتهم على المغرب، وإنهاء النزاعات الحدودية القائمة.

خلال القرن السادس عشر، تدخل العثمانيون عسكريًا في عدة مناسبات عن طريق دعم مختلف المطالبين بعرش المغرب، ثم قامو بتنظيم وتنفيذ لاغتيال السلطان السعدي محمد الشيخ، وكذلك شن العديد من الحملات والغارات العسكرية داخل الأراضي المغربية، بينما المغاربة الذين نجحوا في الحفاظ على استقلالهم حاولوا ضم إقليم وهران للإيالة الشريفة.

الصراع -الذي نحسر في نهاية القرن السادس عشر- سيظهر مرة أخرى بين القرنين السابع عشر والثامن عشر عندما أكد العلويون، الذين خلفوا السعديين، مطالباتهم بشأن إقليم وهران، دون أن ينجحوا في ضمها.


...


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مراحل الصراع[عدل]

التحالف العثماني-الوطاسي[عدل]

خلال النصف الأول من القرن السادس عشر، حافظ الوطاسيون والعثمانيون عمومًا على علاقات جيدة، حيث دعم الأول الأخير عسكريًا خلال غزوهم لمملكة تلمسان الدولة الزيانية، بينما في فاس كان عدد كبير من الإنكشاريين في خدمة السلاطين الوطاسيين. لكن العلاقة سرعان ما تدهورت بسبب الخلاف حول تلمسان واللجوء الذي منحه الوطاسيون لمنظمي الثورات المعادية للعثمانيين.

الدعم العثماني للوطاسيين ضد السعديين[عدل]

عاد الدعم العثماني للوطاسيين في عام 1545 عندما طلب الأخير، الذي خسر أرضًا في حربه ضد منافسيه الجدد السعديين، من الباب العالي الحصول على مساعدة عسكرية تسمح لهم بالبقاء في السلطة. وهكذا، فإن الأمير الوطاسي أبو حسون، الوصي على السلطان الشاب محمد القصري، اعترف الخليفة العثماني كأمير للمؤمنين مقابل الحصول على المساعدة العسكرية المطلوبة

ومع ذلك، لم يتدخل العثمانيون عسكريًا في أربعينيات القرن 15 بسبب الاضطرابات التي ميزت نهاية العصر الزياني في تلمسان. لكن، منحوا اللجوء لأبو حسون عام 1549، بعد أن غزا السعديون مدينة فاس.

فشل الاتفاق التركي السعدي[عدل]

في عام 1549، أدى صعود الأشراف السعديين للسلطة في المغرب إلى تخوف العثمانيين من فقدان دعم المتدينين في غرب وهران. حيث تم إبرام اتفاق بين الطرفين ينص على تقسيم الأراضي مملكة تلمسان السابقة: يستعيد بموجبها المغاربة تلمسان ماعدا مدينة وهران فستبقى تحت الحكم العثماني. ومع ذلك، ظل الاتفاقية حبرًا على ورق، خاصة بسبب مؤامرات الأتراك مع أمراء إمارة دبدو، حلفاء الوطاسيين.

خوفاً من التهديد التركي، شن سلطان السعديين محمد الشيخ فوراً، في عام 1550، هجوماً على الوجود التركي في غرب الجزائر. استولى فيه المغاربة على تلمسان في 9 يونيو 1550، لكنهم فشلوا في دخول مستغانم ثم تراجعوا بعد غارات أمير بنو رشيد، حلفاء الإسبان في وهران عليهم. خسر السعديون تلمسان في يناير 1551 للعثمانيين، وضم الأخير مملكة الزيانيين السابقة إلى ممتلكاتهم، تحت مسمى إيالة الجزائر، بينما استمر النزاع المسلح في وادي الشلف.

ازدادت التوترات بين السعديين والعثمانيين عام 1552، عندما حاول السلطان سليمان القانوني التقرب دبلوماسيا من السعديين، حيث ألقى اللائمة على حسن باشا في حدوث النزاع، وقام بإزالته من حكم إيالة الجزائر، واستبداله بصالح ريس وأرسل وفدا للسعديين يطلب مبايعته أميرا للمؤمنين، جاء رد محمد الشيخ بما يلي:

    سلم على أمير القوارب سلطانك وقل له أن سلطان الغرب لابد أن ينازعك على محمل مصر ويكون قتاله معك عليه إن شاء الله ويأتيك إلى مصر والسلام    

أدى هذا بالعثمانيين لشن هجوم على عاصمة السعديين فاس في أكتوبر  1553، بقيادة باشا الجزائر صالح ريس، مما أدى إلى الاستيلاء على المدينة واعادة أبو حسون الوطاسي لسدة الحكم بعد 4 أشهر، اعترف الأخير بالسلطة الاسمية للعثمانيين من خلال إصدار الخطبة باسم السلطان العثماني ومبايعته أميرا للمؤمنين.

في سبتمبر 1554، نجح محمد الشيخ السعدي في استعادة فاس وطرد أبو حسون والعثمانيين، قبل إبرام تحالف ضد الأخير مع الإسبان في وهران.

اغتيال محمد الشيخ[عدل]

بعد رفضه مرة أخرى مبايعة للسلطان العثماني أميرا للمؤمنين في يونيو 1557، دبر العثمانيون مؤامرة اغتيال محمد الشيخ في أكتوبر 1557 على يد أفراد أتراك من حراسه، الذين دخلوا خدمته مدعين أنهم من الفارين من الجيش العثماني حيث انتهزوا فرصة خروجه في رحلة صيد رفقة عدد قليل من حراسه فاستفردوا به وقطعوا رأسه غدرا ونقلوا رأسه إلى القسطنطينية حيث احتفل سليمان القانوني بما اعتبره انتصار.

بعد وفاة محمد الشيخ، استعاد العثمانيون مدينة تلمسان التي كانت في أيدي المغاربة منذ عام 1556 - انسحاب الأخير دون قتال ، قبل مواصلة هجومهم على الأراضي المغربية حيث سيواجهون الجيش السعدي بقيادة عبد الله الغالب شمال فاس في معركة وادي اللبن عام 1558 انتهت بانتصار السعديين.

خلافة عبد الله الغالب[عدل]

أعطت وفاة السلطان عبد الله غالب، الذي توفي عام 1574، فرصة للأتراك للتدخل مرة أخرى في المغرب من خلال دعم اثنين من المطالبين بالعرش، عبد الملك وأحمد المنصور، ضد السلطان محمد المتوكل.

الإطاحة بمحمد المتوكل[عدل]

في عام 1576، دعم العثمانيون عبد الملك سعدي - الذي عرضوا عليه اللجوء ورحبوا به منذ عام 1574 - لاستعادة فاس وإسقاط ابن أخيه السلطان المتوكل. حيث وضعوا تحت تصرفه فيلق استكشافي من 10000 رجل، معظمهم من الإنكشاريين، هزم بهم جيش المتوكل في معركة الركن وأخذ مدينة فاس ثم مدن المملكة الأخرى بعد ذلك.

بعد وصول عبد الملك إلى السلطة، احتفظ بالحامية العسكرية العثمانية داخل جيشه - بينما أعاد تنظيم جيشه وفقًا للنموذج العثماني - وبعد أن استتب له الأمر كانت الحامية التركية قد ذهبت.

حافظ عبد الملك على علاقات جيدة مع الباب العالي في البداية، ومع ذلك احتفظ باستقلال المغرب عن الإمبراطورية العثمانية وحافظ على العلاقات الدبلوماسية مع الإسبان لضمان ذلك.

شكل التقارب العثماني المغربي تهديدًا للبرتغال، وخاصة ممتلكاتها على السواحل المغربية (مازاغان، طنجة وسبتة)، فقرر الملك البرتغالي سبستيان الأول دعم السلطان المخلوع المتوكل بعد توجه هذا الأخير بطلب المساعدة العسكرية، بهدف استعادة عرشه.

معركة وادي المخازن[عدل]

صيف عام 1578، بدأت الحملة برتغالية بقيادة سبستيان يرافقها المتوكل بغزو شمال المغرب وتعهدت بالتقدم نحو العاصمة فاس. في 4 أغسطس، واجهت قوات عبد الملك المعززة بمدفعية حلفائه العثمانيين، البرتغاليين رفقة المتوكل، انتهت بهزيمة الكاملة للقوات البرتغالية وكذلك وفاة ثلاثة ملوك: المتوكل وعبد الملك وسبستيان.



....