التنمية المفقودة، دراسات في الأزمة الحضارية واالتنموية العربية

التنمية المفقودة دراسات في الازمة الحضارية و التنمويةPDF

هو كتاب من تأليف جورج قرم ، خبير اقتصادي ومالي لبناني ، اختصاصي في شؤون الشرق الأوسط ودول حوض البحر المتوسط

تاريخ صدور الكتاب دار الطليعة – بيروت- 1981.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة الكتاب (المؤلف)

آن مدى تجربتي الخاصة داخل . النخب . المثقفة في العالم الثالث الذي انتمي اليه تعلي علي مقاربة مزدوجة للمعضلات التي يطرحها استمرار التخلف : تحليل تقني لعوائق التنمية . وتحليل على مستوى الادراك العقائدي والفكري لهذه المعضلات من قبل النخب الفائدة في العالم الثالث . وبالفعل ، كلما كنت أرى الفرص المؤاتية للنهضة الاقتصادية تفلت من قادة العالم الثالث كنت اشعر بانزعاج من طبية إدراكنا لمعضلات التخلف . وهذا الانزعاج الذي احسست به بغموض في بادئ الأمر ، أخذ يتسع في مواجهة صعود التيارات الثقافية والسياسية الداعية الى الاصالة والخصوصية كمقيدة للنهضة ، قادرة على إعادة إحياء البني الاجتماعية والثقافية الضعيفة للعالم الثالث في مواجهة الدينامية المنتصرة لثقافة البلدان المصنعة وتقنينها . كذلك ، فقد كان اكتئابي متزايدا طيلة السنوات الأخيرة أمام صوفية كتابات المثقفين الماركسيين . فلا اللعنة الموجهة ضد الإمبريالية ، ولا الغنائية الثورية قد بدتا لي - مهما جاء الكلام بارعا - قادرتين على تقديم أجوبة عملية للعقبات الألف التي تضعها عملية تحليل الواقع الحالي للتخلف ، ذلك التحليل الذي من حقه الوصول إلى حلول واقعية محسوسة


مقتطفات من الكتاب

***ويظهر المجتمع المستقل مرهقا لدرجة يبدو معها مستعدا لان يلهث وراء كل شهوات قادته : فهو ، بالتناوب ، ماركسي أو قومي ، متزلف للبطل أو خصمه ، محافظ على التقاليد وحام اللايمان او مفرط بعمرينه ، بيروقراطي او مغامر وتاجر ، في الجوامع والمعابد والكنائس ولكن ايضا في الكحول والبغاء والقمار ، رجعي او ثري ، في العمل الجدي أو في البطالة المقنعة وكل ذلك لا يبدو سوی مسرحية سيئة لا نهاية لها حولنها وسائل الاعلام الحديثة ، واستعمال نخب وقادة المجتمعات المستقلة لهذه الوسائل ، إلى سجن كبير .وبعملية ديالكتيكية واضحة ، يكون التخلف ، كما عكسه التقدم ، مجتمعا مسرحيا أيضا ، مجتمع اللااستهلاك ان الاستهلاك المكبوت والفعل الناقص . واذا كان التقدم يعني السيطرة التاريخية على مستقبل المجتمع ، فهل يمكن أن يعني التخلف شيئا آخر غير عدم السيطرة : وذلك حتى يتاح لعواصم التنمية - اثناء عملها العملاتي - البروميثيوسي ( اله عند الاغريق ) ان تصنع ، كما الله ، العالم على صورتها ومثالها : لا احد بكنه الجواب إن اللغة ، على كل حال ، بما يخص الاقتصاد ، في فخ مخيف ، ومقولات اقتصاد التنمية في غالبا تلك التي تسجن المجتمع المستقل بطريقة محكمة السد داخل حلقات مفرغة للتخلف ، واكثر هذه الحلقات مأساوية بمفهومنا هو هذا التبادل المخرب للتكنولوجيا مقابل مواد أولية ، بالدرجة الأولى ، الطاقة . لذلك ، لا بد من التركيز على آليات نهب الطاقة وهو نهب يتم بموافقة الأجهزة الحكومية المحلية والنخب بحجة تحرير الثروات المالية الضرورية ، فيكون لدينا هنا أحد افضلية الأمثلة عن الاستبطان في حالة التخلف ، التبادل الغير متساوي والرسمالية المركزية

*** ان شعوب العالم الثالث لم نخطئ عندما استقبلت بحماس أيديولوجية العروبة المضادة للإمبريالية التي تراسها عبد الناصر ، او أيديولوجية الوحدة الافريقية المضادة للإمبريالية التي تراسها نكروما . ذلك أنهما قدمتا خلاصة لرغبات التحرر الاقتصادي الثقافي ، أما اليوم فقد احتل مكان هذه الأيديولوجيات خطب معتدلة و . واقعية ، تلقي مؤتمرات التضامن الإسلامي او مباحثات اقتصادية متعقلة تجري في مختلف المجالس الدولية . ان العالم الثالث يقدم لنا اليوم نماذج عن هويات جماعية سيئة البنية محشورة بشكل مصطنع في بنبات دول قومية غير طبيعية . وتقع هذه الهويات في اغلب الأحيان ضحية للامتصاص الاقتصادي والسياسي ، بدلا من أن تكون هويات جماعية جددة ومحررة من الضغط الأجنبي والاستغلال الاقتصادي ، والانخفاض المستمر في نسبة التبادل الاقتصادي بين الأقطار النامية ضمن التجارة الدولية بقوم شاهدا هاما على صحة ما نقول .

***الديمقراطية اللبنانية التي اسست عام 1926 لم تخدم سوي الحفاظ علي حكم العائلات الطائفية الكبيرة . ومايزال العرابون أنفسهم علي الساحة السياسية منذ منتصف العشرينات

***ان الفشل الاقتصادي الذي منيت به معظم البلدان العربية التي شرعت في سياسات تحديثية شاملة ساهم بدورة في جعل عملية التغير تبدو نوعا من الفوضي المدمرة الضارة،لم تجد الموسسة المحافظة العربية حلول حول التحدي الاقتصادي والصهيوني-ويجعل امر التغير محفوفا بالمخاطر

*** إن التنكر للفكرة القومية الذي نشهده اليوم في الساحة العربية هو في الحقيقة نتيجة لهذا الاخفاق السياسي الشكل والحضاري المضمون . والانجرار بشكل مثير نحو الانتماء الديني الحصري لا يمثل في الحقيقة إلا ردة فعل تعويضية تستغلها الفئات الحاكمة والفئات المثقفة التي تدور في فلكها من أجل الحفاظ علي مراكز السلطة او كسب مراكز سلطوية

*** المطلوب فتح باب الحرية وحق الفرد في تحمل مسؤولياته الاخلاقية بعيدا عن القهر الاجتماعي و السياسي وهذا الحقيقة بكل بساطة ملف التقدم الحضاري في القرن العشرين

***المهم ليس أن نكون محبذين للغرب ولثقافته وتقدمة أو رافضين له ، انما المهم والحيوي أن نتفهم ونعي مكونات التطور الاوروبي من ناحية الجوهر لا الشكل