ابن زاكور

محمد بن قاسم بن محمد بن عبد الواحد ، ابن زاكور الفاسي ، أبو عبد الله (1075-1120 هـ = 1664-1708م)، أديب فاس في عصره ، مولده ووفاته فيها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

كان أديب «فاس» في عصره، وشاعراً ولغوياً، ومؤلفاً معروفاً، بل من أشهر مؤلفي الآداب العربية من المغاربة، وصفه صاحب «شجرة النور الزكية» بقوله: «الإمام الفقيه، والعالم المشهور، شيخ الشيوخ، وعمدة أهل التحقيق والرسوخ، ووحيد البلاغة وفريد الصياغة، المتفنّن في العلوم، الحامل لواء المنثور والمنظوم».

ولد ابن زاكور في مدينة فاس بالمغرب العربي، وأخذ علومه في مدينته عن عددٍ من الأعلام، مثل: عبد القادر الفاسي، والمهدي الفاسي ـ الذي أجازه إجازة عامة ـ وعبد السلام القادري، وأحمد بن الحاج، وأبي علي اليوسي، وغيرهم.

وأضاف إلى ذلك رحلات قام بها غير مرة إلى مدن أخرى، كتطوان والجزائر ومرّاكش آخذاً عن علمائها كأبي العباس العطار، والعالم الفذّ الشيخ علي بركة، والفقيه الشيخ محمد بن سعيد قدورة، والشيخ محمد بن عبد المؤمن الشريف، وآخرين.

ولم تتوقف رحلاته هذه ـ التي كانت لبواعث مختلفة عائلية حيناً ودينية حيناً آخر ـ بل سَهُل عليه الانتقال فصار جوّابة آفاق وحِلْف أسفار، لزيارة أضرحة الصالحين ومشاهد العارفين: كالشيخ عبد السلام بن مشيش، ومولاي إدريس. وكان لهذه الرحلات أثر كبير في تكوين شخصيته، وتوسيع دائرة مداركه ومشاهداته في البلاد، وتنويع العلوم التي تلقاها على كثير من الأئمة.

وقد ظهرت عليه علائم النجابة منذ أيام الطلب، إذ كان ينظم الشعر الجيد في مدح أشياخه، ويتحين فرص الختمات المتوالية للمتون العلمية فينشد ـ على عادة نجباء التلاميذ ـ قصائد بليغة يعلن بها عن نفسه قبل أن يمدح شيوخه ويشيد بهم. فعرفت منذ ذلك الحين مكانته في الأدب، واشتهر بنبوغه المبكر في نظم الشعر، وصار ممن يشار إليهم بالبنان، منذ أن صار يقول القصائد المحبّرة والمدائح الجميلة في الإشادة بالصالحين، وتكريم العارفين الذين كان يزور أضرحتهم ومشاهدهم.

وكان ابن زاكور ذا ملكة قوية، وحافظة نادرة، حتى إنه كان يحفظ عدة متون تعليمية نثرية، فضلاً عن الشعرية، مثل: «تلخيص» المفتاح، و«تسهيل» ابن مالك، وكافيته، وكافية ابن الحاجب، و«مختصر خليل» وغيرها.

وشغل في حياته العلمية بأمرين اثنين صرفاه عن قضاء كثير من المآرب، وتحقيق كثير من الأغراض، أولهما: اشتغاله بالتدريس. وثانيهما: النسك والنزوع إلى حياة الزهد.

لم يعش ابن زاكور طويلاً، بل توفي محتضراً في العشرين من المحرم وهو في عنفوان العمر وابتداره، وفي نحو الخامسة والأربعين من عمره، ورثاه ابن الطيب العَلَمي بقوله مشيراً إلى أحد كتبـه على سـبيل التورية:

قَضَى أخو النظم والنثر ابنُ زاكور

                 فجـاد دمعي بمنظومٍ ومنثـورِ

وامتدّ شوقي بمقصـور الحياة لـه

                 ما حيلتي بين ممدودٍ ومقصورِ ؟


مؤلفاته

ترك ابن زاكور آثاراً بديعة تنمّ على رقة طبعه وسلامة ذوقه، وإتقانه علوم النحو واللغة والأدب. وقد بلغ عدد مؤلفاته كافة نحو ستة عشر كتاباً، طبع منها ثلاثة:

1ـ تفريج الكُرَب عن قلوب أهل الأدب في معرفة لامية العرب (في شرح لامية الشنفرى).

2ـ المُعرِب المُبين عما تضمّنه الأنيس المطرب وروضة النسرين: جمع بـه بين كتـابي «القرطاس» و«روضة النسرين» في اختصار كبير.

3ـ كتاب رحلته وعنوانه: «نشر أزاهر البستان فيمن أجازني بالجزائر وتطوان».

أما كتبه التي ما تزال مخطوطة فهي ثلاثة:

1ـ «عنوان النفاسة في شرح ديوان الحماسة»، لأبي تمام. بخط ابن زاكور نفسه.

2ـ «مقياس الفوائد في شرح ما خفي من القلائد»: وهو شرح كتاب «قلائد العقيان» لابن خاقان.

3ـ «النفحات الأرجيّة والنسمات البنفسجية بنشر ما راق من مقاصد الخزرجية».

ومن عنوانات كتبه المفقودة:

1ـ «أنفع الوسائل في أبلغ الخطب وأبدع الرسائل».

2ـ «الجود بالموجود في شرح المقصور والممدود»، وهو شرح على قصيـدة ابن مـالك في المقصـور و الممدود.

3ـ شرح على بديعية صفي الدين الحلي، سمّاه: «الصنيع البديع في شرح الحِلّيّة ذات البديع».

ولابن زاكور ديوان شعر مخطوط عنوانه: «الروض الأريض في بديع التوشيح ومنتقى القريض»، اختار منه عبد الله كنون الحسني مجموعة سماها «المنتخب من شعر ابن زاكور» نشرت في مصر سنة 1966 م. وقصائد هذا الديوان، في أصله المخطوط، متفاوتة جداً من الناحية الفنية، فمنها ما هو في الدرجة العالية من الفصاحة والبيان والجمال، ومنها ما تظهر عليه آثار الصنعة والتكلف والتزام القوافي الصعبة، ومنها ما يسوده الضعف والهلهلة والتهافت. وسبب ذلك عناية الشاعر بإثبات جميع ما نظمه في مختلف تقلباته، ضناً بأشعاره على الضياع.

ويغلب على هذا الديوان شعر المديح، الذي أسبغه على الأولياء والصالحين من رجال المغرب، من ذوي الأضرحة المعروفة أو المقامات المشهودة، والتوسل بهم، وله أيضاً مدائح في السلطان وفي النبيr وفي شيوخه الكُثُر، مثل علي بركة، وأبي علي اليوسي.

وبعد المديح، في المرتبة، تأتي القصائد التي قيلت في الربيعيات والزهريات والغزل. وإلى جانبها أغراض قليلة كالرثاء، والنصائح والإخوانيات.

ويُكثر ابن زاكور في ديوانه من نظم الموشحات التي تدور موضوعاتها حول وصف الطبيعة في مظاهرها المختلفة، أو الغزل والنسيب.

المصادر

المصادر

  • (هامش 3) * (1) الجبرتي 1: 66 والتيمورية 3: 34 و 429: 2. Brock 454: 2.) 723 (, S والأزهرية 1: 96 وهو فيها 6: 294 (محمد بن عمر بن قاسم) ومثله في الدار 1: 555 وفي سركيس 574 وأنظر أخبار التراث: العدد 74.
  • محمد بن محمد مخلوف، شجرة النور الزكية (مصر 1349 هـ ).
  • عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين ( دمشق 1380 هـ/ 1960 م ).
  • عبد الله كنون الحسني، المنتخب من شعر ابن زاكور (مصر 1966 م).