أخبار:العلماء يقتربون من اكمال اكتشاف الجينوم

HUP siecncist.jpg

في 29 يونيو 2021، أعلن مشروع الجينوم البشري، وشركة التكنولوجيا الحيوية سليرا جينومِكس Celera Genomics عن التوصل إلى وضع تسلسُل الجينوم البشري، قبل حوالي عقدين، لم يكن في واقع الأمر تسلسلًا جينوميًّا تامًّا؛ إذ كان نحو 15% من تركيب الجينوم لا يزال في طي المجهول. فبالنظر إلى القيود التي تفرضها التكنولوجيا، وجد العلماء أنفسهم عاجزين عن فهْم الكيفية التي ترتبط بها بعض امتدادات الحمض النووي بعضها ببعض، لا سيما تلك الامتدادات التي تضم عددًا كبيرًا من الأحرف المكرَّرة (أي الأزواج القاعدية). وبمضي الوقت، استطاع العلماء حل شفرة هذا اللغز؛ إلا أن الجينوم البشري الأحدث، الذي اعتمده علماء الوراثة مرجعًا لهم منذ عام 2013، لا تزال تعوزه نسبة 8% ليبلغ تسلسلُه درجة الاكتمال".

نشر موقع نيتشر يوم 28 يونيو 2021 ورقة علمية ذكر من خلالها أن الباحثين المشاركين في اتحاد تلومير-تو-تلومير Telomere-to-Telomere، ويُشار إليه اختصارًا باتحاد "تي تو تي" T2T، ويضم في عضويته 30 مؤسسة، تمكنوا من سد فجوات الجينوم البشري. مضيفا أن مسودة بحثية صدرت في السابع والعشرين من شهر مايو 2021 بعنوان: "التسلسل الكامل لجينوم بشري"، أفادَتْ كارين ميجا، باحثة علم الجينات بجامعة كاليفورنيا في مدينة سانتا كروز، وزملاؤها بأنهم قد تمكنوا من استيفاء تسلسل الجزء المتبقي من الجينوم، عبر اكتشافهم نحو 115 جينًا جديدًا، وأن هذه الجينات هي المسؤولة عن ترميز بروتينات يبلغ عددها الإجمالي 19.969 بروتينًا .

وتقول كيم برويت، أخصائية تكنولوجيا المعلومات الحيوية في "المركز الوطني الأمريكي لمعلومات التكنولوجيا الحيوية"، ومقره مدينة بيثيسدا بولاية ميريلاند: "إنه لمِن المثير أن نعثر على حلول لبعض جوانب المشكلة"، وأضافت أن النتيجة التي توصلوا إليها تُعَد "إنجازًا كبيرًا".[1]

وهذا الجينوم الذي وُضع تسلسله حديثًا، ويُطلَق عليه اسم "T2T-CHM13"، يضيف ما يقارب 200 مليون زوجٍ قاعدي إلى تسلسل الجينوم البشري الذي حُدِّد في عام 2013. وبدلًا من أخذ الحمض النووي من شخص حي، اعتمد العلماء هذه المرة على خط خلويٍّ مأخوذ من "رحى عدارية" كاملة، وهو نوع من الأنسجة يتكون في الجسم البشري عند تلقيح الحيوان المنوي بويضة لا نواة لها، فتنتُج عن ذلك خلية تحتوي على كروموسومات من الأب وحده، وهو ما يوفر على العلماء مشقة التفرقة بين مجموعتين من الكروموسومات من شخصين مختلفين.

تقول ميجا إن هذا الإنجاز لم يكن ليرى النور لولا تقنية تحديد تسلسل الحمض النووي الحديثة، التي ابتكرتها شركة العلوم الحيوية "باسيفيك بيوساينسز" Pacific Biosciences، الكائنة في مدينة مينلو بارت بولاية كاليفورنيا؛ وهي تقنية تقوم على الاستعانة بأشعة الليزر في مسح الامتدادات الطويلة للحمض النووي المستخلص من الخلايا، بمعدل يصل إلى نحو عشرين ألفًا من الأزواج القاعدية في المرة الواحدة. أما الطُرُق التقليدية لتحديد التسلسل الجينومي، فتقوم على قراءة تسلسل الحمض النووي في أجزاءٍ يضمُّ الواحد منها بضع مئات فقط من الأزواج القاعدية في المرة الواحدة. ويشَبِّه الباحثون تلك الامتدادات بقِطَع الأحجية؛ فالقِطَع الأكبر حجمًا يسهُل تجميعها، نظرًا لاحتوائها في أغلب الأحيان على تسلسُلات متداخلة فيما بينها.

المصدر نقل عن الباحثين قولهم أنَّ جينوم T2T-CHM13 لا يُعَد نهاية المطاف في مضمار دراسات الجينوم البشري. فقد واجه العلماء صعوباتٍ في التعامل مع بعض المناطق، وأشار الفريق إلى احتمال وجود أخطاء في حوالي 0.3% من الجينوم. صحيحٌ أنه أصبح لدينا جينوم خالٍ من الفجوات، إلا أن ميجا تقول إن عمليات مراقبة الجودة في تلك المناطق الجينومية كانت على درجة عالية من الصعوبة. كما أن الخلية المنوية التي كونت نسيج "الرحي العدارية" احتوَتْ على الكروموسوم X، ما يعني أنَّ العلماء لم يحددوا بعدُ التسلسل الجينومي للكروموسوم Y، المسؤول عن تكوُّن الذكور.

وتتوقع ميجا أن يتوصل باحثو علم الجينات سريعًا إلى الكشف عما إذا كان للمناطق الجينومية التي أمكن تحديد تسلسلها حديثًا، وما تضمُّ من جينات محتملة، صلةٌ بالأمراض البشرية، فتقول: "عندما أزيح الستار عن الجينوم البشري، لم تكن لدينا الأدوات المناسبة التي يمكننا الاعتماد عليها". أما الآن، فيُفترض أن نحصل على المعلومات المتعلقة بوظائف الجينات المكتشَفة حديثًا على نحوٍ أسرع بكثير مما كان في الماضي؛ أخذًا في الاعتبار "الكمَّ الهائل من الموارد التي أصبحت في حوزتنا"، على حد قول ميجا.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "الجينوم البشري على وشك الاكتمال عبر اكتشاف نحو 115 جينًا جديدًا". مونت كارلو الدولية. 2021-06-29. Retrieved 2021-06-29.