آمنة جبلاوي

آمنة جبلاوي
آمنة جبلاوي.jpg
وُلِدَ
آمنة بن عبد الحميد الجبلاوي
المهنةكاتبة


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مؤلفاتها

  • الإسلام المبكر، الاستشراق الأنجلوسكسوني الجديد.
  • الصّابئة في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة.

موضوع الكتاب هو البحث في العلاقة بين الصابئة والمسلمين في فترة الإسلام المبكر، فإنّ جوهر التساؤل يدور حول ما هي صورة الآخر في الإسلام؟ كيف يدير الإسلام الاختلاف؟ وما هو موقع الصابئة تحديدا في الحضارة الإسلامية؟ هل تأثّر الإسلام بهذه الديانة أو أثّر فيها وإلى أيّ مدى؟ تدرس الكاتبة الدكتورة آمنة الجبلاوي الموضوع من داخل الحضارة الإسلامية ولكن بمنظار كوني وأدوات معرفية حديثة وفي ما يلي أبرز ما جاء في هذا الكتاب القيّم: أعتمدت الكاتبة على ثلاثة أنواع من المصادر.[1]

أوّلا، النصوص التي تمتدّ بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الثاني بعد الميلاد. وقد قامت الباحثة بعملية رصد المصادر الصّابئية الدينية وكتب الصابئة المقدّسة التي تحصّلت عليها، وهي كتاب الكنزا ربّا أو الكنز العظيم في طبعتين عربيتين: الترجمة المعروفة بترجمة سيدني وهي ترجمة كارلوس جيلبرت والتي نشرت سنة 2000، والترجمة التي أنجزها صبيح مدلول ويوسف مَتَّى قوزي التي أشرف على صياغتها الأدبية الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد، والتي أقرّها مجلس شؤون الطّائفة العامّ في العراق ونشرت ببغداد في طبعة أولى سنة 2001 وبما أنّها وجدت شبها كبيرا بين الأبجديتين النّبطية والمندائية، وطرحت تبعا لم ما ورد في كتاب الدلائل للحسن بن البهلول فرضية الربط بين الكنزا ربّا والزّبور الأوّل.

كما اعتمدت الباحثة على كتاب دراشة اد يهيا أو مواعظ وتعاليم النّبي يحي بن زكريا الذي ترجمه أمين فعيل حطّاب ونشر ببغداد في نفس السنة.

أمّا المصادر الثانية فهي العربية الإسلامية والتي تكوّنت أساسا من كتب التفسير وكتب الملل والنّحل وكتب التاريخ والطّبقات والتّراجم. والمصادر الثالثة هي الدّراسات الاستشراقية العلمية التي تناولت مسألة الصابئين بالبحث التي جاءت أساسا باللّغة الإنجليزية.


المنهج

تجنّبت الكاتبة أسلوب اجترار التفسيرات القرآنية التي تعتمد على "اللغة والآثار" وتفتقر لأبسط المعارف التاريخية، وتكرار ما جاء في أدب الملل والنحل الذي يبحث في الردود على الديانات الأخرى وأصحاب الأهواء. فاعتمدت تاريخ الأديان المقارن وعلم الاجتماع الديني والأنثروبولوجيا الدينية. فتاريخ الأديان المقارن من منظور ماكس فيبر جعلها تترصّد التقاطع بين الديانة الاسلامية والديانة الصابئية وغيرها من الأديان لأنّ الأديان عادة ما تفجّر تاريخيا العلاقات السّحرية لتتحوّل إلى دين خلاص فردي وتتخلّص اجتماعيا من الدائرة الضيّقة لمفهوم القرابة الأسرية للانفتاح على فئات اجتماعية أوسع. وانتفعت الكاتبة من مفاهيم الأنثروبولوجيا الدينية مثلا المقدّس والمدنّس كما ورد في أعمال ميرسيا ألياد. وهنالك جانب منهجي لا يقلّ أهميّة بل هو شرط من شروط الأنثروبولوجيا الدينية العملية قلّما يذكر وهو القيام بدراسة ميدانية للمجموعة البشرية موضع الدراسة. فدون عمل ميداني ودون العيش لمدّة زمنية محدّدة مع المجموعة الإنسانية موضع الدرس لا يمكن أن نتحدّث عن أنثروبولوجيا. ومن حسن حظّ الباحثة أنّ الصابئة لا يزالون موجودين بيننا. وهنا لا بدّ من التنويه بما قامت به من عمل التنقيب فتحمّلت عناء البحث عن المادّة ونصوص الصّابئة المقدّسة، وطول صبر إلى الظّفر بثقة الصّابئة الذين كانوا يتكتّمون على كتبهم المقدّسة ويرفضون تمكين غير الصّابئين من الاطّلاع عليها. ولا بدّ من الوقوف على مشقّة أخرى هي مشقّة مغالبة اللغة المندائية، وهي آرامية شرقية، وصعوبة تحصيل معاجم : مندائي- إنجليزي ومندائي-عربي. ومشقّة السّفر إلى المكتبة الوطنية بإسطنبول، وإلى المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية بدمشق وغيرها من المكتبات مثل المكتبة الوطنية الفرنسية.

ثالوث الصابئة

يدرس الكتاب ثالوثا يذكّرنا بثالوث البنيوية من دي سوسير عالم الألسنية إلى المؤرّخ فوكو وغيرهم. وهو التصوّر الكوني والطقوس والعرفان. وفي كلّ عنصر من الثالوث هنالك حلقه مفقودة أو فارق بين الديانة الصابئية والإسلام. إنّ التصوّر الكوني لعقائد الصابئة يتجلّى في الكواكب والنجوم بما هي وسائط وهياكل لها نسق من الحركة التّي ينتظم بها جزء من بنى المقدّس لدى الصابئة. المهمّ هو أنّ النّسق الصّابئي يقترح نظاما مخصوصا تنتفي فيه وظيفة النّبي ويعوّضها الكاهن القديم. وهذا أوّل فارق بين الصابئية والمسلمين في مستوى العقائد والتصوّر الكوني.

تعتمد طقوس الصّابئة على الماء الحيّ وعلى طقس التّعميد والارتماس في الماء، وهو طقس يطرح سبل المقارنة مع أهميّة الماء في عمليّة الوضوء أو الاغتسال عند المسلمين، ويمثّل انبعاثا جديدا وحياة متجدّدة. ويعتمد أيضا على تحريم الختان ممّا ميّز إبراهيم الذي حنف عن الصّابئية عند اختتانه فاعْتُبر خارجا عن مِلّتهم. وهذا فارق ثان مع الشعائر والطقوس الإسلامية.

وقد جاء الفارق الثالث في تعارض العرفانية الصابئية مع مقالات الحنيفية. فالصابئة تعظّم دور الملاك. ويكون بذلك الوحي من مشمولات الكاهن لا النبيّ، والكاهن الصّابئيّ يحتلّ منزلة بين البشر والكائنات الروحانية، ويسمّى حسب رتبته «روحاني»أو «رباني» أو«ناصورائي». أمّا حامل الوحي لدى الحنيفية فهو رسول الإله لجعل حملة الوحي صنفا جديدا من البشر هم صنف الأنبياء.

فالنسق التوحيدي يقوم عند الصابئة على ثالوث كواكب ثم ملائكة ثم بشر. أمّا عند الأحناف فيقوم على ملائكة ثم أنبياء ثم بشر.

المثاقفة المزدوجة

إنّ السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان أحيانا هو: هل أنّ الإسلام تأثّر بالصابئة؟ أم أنّ الصابئة المتأخرين تأثّروا بالإسلام؟ هل هنالك علاقات تثاقف بين المسلمين والصّابئة؟. لقد نهلت التوحيديات من روافد ثقافية وثنية وعرفانية، ثمّ أغلقت خطابها الرّسمي على الإفصاح عن هذا الإرث المحرج. في المقابل أثر الإسلام في الصابئة فلقد كانت الكهانة لديهم تسند للنساء كما تسند للرجال على حدّ السواء، لكنّ واقع الحال الديني والاجتماعي سيّج الكهنوت فجعله حكرا على الجنس الذّكوري. كما التجأ الصّابئة في العقود الأخيرة بعد تقلّص عدد من يجيد اللّغة المندائية، إلى ترجمة نصوصهم المقدّسة، حتّى يسهّل لعموم الصّابئة العودة إلى كتبهم المقدّسة، فأصبحنا نجد ترجمات عربية للكنزا ربّا ووصايا النبي يحي. كان أيضا تعدّد الزوجات في الفقه الصّابئي القديم لا يجوز إلا للكاهن، لكنّ بعض المجموعات الصّابئية أصبحت تقرّ مبدأ الزواج بأربع زوجات.

من هم صابئة القرآن

"من هم صابئة القرآن؟" من هم الصّابئة الذين عاصروا محمّدا؟ وما هي علاقة محمّد بهم، وقد نعته بعضهم بـ "محمد الصابئ". أجاب الكتاب عن السؤال اعتمادا على أعمال Tardieu Michel وamara Green: صابئة القرآن هم الصابئة المندائية، لا صابئة حران. أمّا علاقتهم بالحنيفية فهي أنّ كلاهما ينتسبان للحلقة المفقودة بين تعدّد الآلهة Polythéisme ومرحلة التوحيديّة Monothéisme وتسمّى هذه الحلقة من تاريخ الأديان الحنوثيّة Hénothéisme مفادها أنّ الله قد قسّم حكومة العالم بين الأرواح السماويّة، كلّ روح رُصدت لعنصر من عناصر الطبيعة.

فضلا عن هذه الإضافة المعرفية تصل الكاتبة الدكتورة الجبلاوي الى نتائج أساسية منها أنّ الصابئة لم يعبدوا الكواكب والنجوم، بل توسّلوا بها بما هي وسائط في نسق كوني مخصوص وأنّ الملائكة كائنات روحانية معظّمة، تلعب دور الوسيط مع البشر وهي كائنات تملك المعرفة وتتعالى على البشر. وأنّ الصابئة تنتسب إلى مجموعة من الأديان التي عاصرت الإسلام المبكّر واستوجبت دراسات تمزج بين العمل الاستقصائي الذي يحقّق في المصرّح به، وحفريات تكشف عن المسكوت عنه. وهذا هو مدار اهتمام هذا البحث الأكاديمي القيّم.


المصادر

  1. ^ "آمنة الجبلاوي: منزلة الصابئـة في الإسـلام المبكّـــر".