سر تقدم الانكليز السكسونيين

سر تقدم الإنجليز الساكسونيين، 123 ص ، 1.25 م ب

سر تقدم الإنگليز الساكسونيين ، كتبه التربوي الفرنسي إدمون ديمولان، عام 1897. وترجمه، في سنة 1925، الحقوقي والمترجم المصري، أحمد فتحي زغلول، شقيق الزعيم سعد زغلول.

المقصود بالإنگليز السكسونيين، هو العنصر السكاني الذي تتشكل منه الأغلبية في بريطانيا، الولايات المتحدة، كندا، أستراليا ونيوزيلندا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

ألف الكتاب إدمون ديمولان عام 1897، في محاولة لرصد نقاط تفوق الإنگليز على الفرنسيين، ويحذر الكاتب الفرنسيين إن لم يغيروا نظمهم التروبية والتعليمية من التخلف، وأنهم سيصبحون مثل عرب شمال أفريقيا، في ذيل الأمم.[1]

ولا يقصد الكاتب الإنگليز بمعنى أهل إنگلترة، وإنما يقصد العنصر السكسوني الذي يشمل الأمريكان أيضاً. وقد تنبأ الكاتب بالكثير من أحداث القرن التال لتأليف الكتاب، القرن 20)، وأتت معظم تنبؤاته في محلها تماماً. وهي تنبؤات بنيت كلها على عوامل موضوعية حيث يرى المؤلف ديمولان أن التربية الاستقلالية هي سر تقدم المجتمعات والدول. وأخذ المؤلف ينظر بهذا المنظار للأمم المختلفة حتى استخرج تنبؤاته التي لم تعتمد على تصنيف الأمم وفق ثرواتها أو تسليحها أو غناها أو فقرها، كما أسند تخلف العرب إلى تواكلهم كما حذر من انهيار فرنسا إن هي استمرت في أنظمتها التعليمية والتربوية التي تدعم التواكل.

وقد أثار الكتاب ردود فعل قوية هزت المجتمع الفرنسي حيث انتشر الكتاب وطبع عدة طبعات واستقبله الجمهور استقبال حسن وأسست عدة مدارس على وفق مبادئ مؤلف الكتاب خوفاً من أن تواجه فرنسا مصيراً مؤلماً وكان مما أخاف الفرنسيون أن يصيروا مثل العرب.


استعراض الكتاب

يتكون الكتاب من ثلاثة أبواب رئيسية:

  • الفرنسيون والإنگليز السكسونيون في المدرسة
  • الفرنسيون والإنگليز السكسونيون في الحياة الخاصة
  • الفرنسيون والإنگليز السكسونيون في الحياه العامة

الباب الأول: الفرنسيون والإنگليز السكسونيون في المدرسة

هل التعليم الفرنسي يربي رجالا؟

الفرنسيون من وجهة نظر ديمولان يتعلمون من أجل الحصول على الوظيفة، والوظائف محدودة والمتعلمون كثر. كما أن التوسع في التعليم وهو أمر مرغوب وواجب لترقية الأمة إلا أنه يتحول إلى كارثة عندما يكون هدف التعليم هو الإعداد للوظيفة أو المهنة. إذ أن الأعداد المطلوبة للوظائف قليلة بالنسبة لأعداد المتعلمين مما يؤدي إلى صعوبة الامتحانات المؤدية للتوظيف لتصفية الأعداد المتقدمة.

كما يصبح هدف المدرسة الإعداد لإمتحانات الوظيفة فتزيد المناهج كما مع زيادة أعداد المتعلمين مما يؤدي إلى سطحية التعليم وإعتماده على الحفظ بغرض التذكر في الإمتحان ثم النسيان. وحتى في مجالات الدراسة النظرية نجد المتعلمين بنظام التعلم من أجل الإمتحان نجدهم فقراء في مواهب البحث والتحليل أي أنهم حتى في الناحية النظرية غير صالحين.

كما أن الأعداد الغفيرة التي تفشل في الحصول على وظيفة عندما ترجع إلى الحرف فإنها تشعر بأن الحرفة عنوان على فشلهم في الحصول على الهدف من التعليم، مما يجعلهم مقبلين على الحرف بروح مشمئزة. كما أن تكوينهم النظري وكبر سنهم بسبب ضياع سنين الصبا في التعليم النظري تحول بينهم وبين التميز الحرفي مما يجعلهم يعانون من الفشل الحرفي بالاضافة إلى الشعور بمرارة ضياع فرصة التوظيف.

ويرى ديمولان أن التربية والتعليم بغرض إعداد موظف إنما هو نوع من التربية الاتكالية التي تعد عقل الفرد على انتظار المراكز المجهزة من قبل (وظيفة). كما أن أهم واجبات الموظف أن يكون صبوراً إذ أن الترقية والتقدم في الوظيفة تكون بالأقدمية. وأن التربية من أجل الوظيفة تؤدي إلى ضعف الارادة وفتور الهمة ونقص المهارات وضعف الجسد.

ومن الملفت للنظر أن إدمون ديمولان قد لاحظ أن أبناء الطبقات الأكثر رقياً وثراءاً في فرنسا هم الأكثر ترفاً وضعفاً وفتوراً في الهمة، وأن الطبقات الفقيرة هم الأكثر اقداماً وجرأة على الاستقلال والاعتماد على الذات وأشد صلابة وذلك بسبب أن الطبقات الغنية تاخذ حظها من التعليم النظري من ناحية وتبعد أبنائها عن ملامسة مشكلات الحياة والاعتماد على النفس في سن مبكرة.

وبالتالي يحدث انقسام في المجتمع الفرنسي حيث يكون الأكثر ثقافة وقدماً في العلم النظري والأكثر اشتغالاً بالوظائف القيادية هم من أبناء ضعف الارادة وفتور الهمة وأن هذا يهدد بزوال الحضارة وانهيار الأمة.

وهذا تماما ما نراه في مصر والمجتمعات العربية حالياً، حيث نرى أبناء الريف البدو والأماكن النائية البعيدة عن الخدمات التعليمية والتثقيفية نجد أنهم أشد باساً وأقوى ارادة واقوى أجساداً (رغم تفشي الأمراض)، بينما أبناء الطبقات الثرية والمتوسطة نجدهم أصحاب همم، وأقل قوة.

ويرصد إدمون ديمولان وضع مختلف في التربية الانگليزية السكسونية حيث كلما ازداد الغنى والثراء مالت الأسر إلى تعليم الأبناء الفروسية وكثرة الأسفار الخلوية وترسيخ الاعتماد على النفس، وبالتالي تتناسب قوة الارادة مع قوة المكانة الاجتماعية فيقود قاطرة البلاد أكثر الأفراد والطبقات قوة وأعلاهم همة وأشدهم بأساً

وانتهى ديمولان ان نظام التعليم السائد في فرنسا في وقته لا يربي رجالاً. كما وضع سؤال آخر عن التعليم في ألمانيا ذلك النموذج الذي كان الفرنسيون يسعون جاهدين لتقليده نتيجة خوفهم من التفوق الألماني وينتهي ديمولان إلى التهوين من شان التربية والتعليم الألماني أيضاً وأنها لا تمثل النموذج الذي يجب أن يحتذى.

هل التعليم الانگليزي يربي رجالاً؟

الرجولة من وجهة نظر إدمون ديمولان هي قدرة الشاب على أن ينزل إلى إحدى المستعمرات أو البلدان النائية وأن يستطيع هذا الشاب بدون مساندة من الأهل أو العشيرة أو الحكومة، أن يستطيع أن يكسب ويعتمد على نفسه ويحقق لنفسه حياه كريمة تزدهر مع الأيام.

حيث يرى إدمون ديمولان أن غاية التربية (تعويد الانسان على الاعتماد على نفسه في حياته فلا يحتاج الى طلب الرزق من غيره كما يجب ان تجعل التربية الإنسان قادراً على يدور مع الزمن حيث دار بمعنى أن يستطيع مواكبة تقلبات العصر فلا يموت من الجوع أن اخترعت آلة ألغت وظيفته أو تخلت عنه عشيرته أو عائلته أو حكومته). وهو يرى أن التربية والتعليم الانگليزي السكسوني (في انگلترة وبلدان أمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلاندا) تهيئ تلك التربية.

حتى أنه يقارن بين تلك القوة الناشئة والصاعدة في أمريكا الشمالية وبين المستعمرات اللاتينية في أمريكا الجنوبية ومدى تصاعد قوة الأولى وانحلال قوة الأخيرة مع أن بلدان أمريكا الجنوبية هي الأكثر ثروة وارتباطاً بحكومات فرنسا وإسپانيا.

وكما عبر له احد مديري المدارس الانگليزية عن فلسفته (أن الطالب ليس عقلاً مجرداً عن الجسم وبالتالي فإن التربية يجب أن تمتد إلى همة الطالب وإرادته ومهارته اليدوية وخفة حركته). وكانت تلك المدرسة وهي مدرسة داخلية مقامة في منطقة ريفية بعيدة عن المدن بمصاريف عالية وهي لتربية أبناء الطبقات العليا والغنية ومع ذلك تهيئ الأولاد لممارسة الحياة والإعتماد على النفس وقد أوضح ديمولان ملاحظة عن هذه المدرسة الانگليزية وهي كالتالي:

ينقسم الزمن على الأعمال كالتالي:

5 ساعات أعمال عقلية (تعليم واستذكار وواجبات)
4.30 تمرينات جسمية وأشغال يدوية
2.30 أشغال صناعية ورياضات
9 ساعات نوم (النوم في التاسعة والاستيقاظ في السادسة صباحاً)
3 ساعات أكل وفسح وخلو من العمل
المجموع 24 ساعة كاملة هي عدد ساعات اليوم

وفي الجملة أن اليوم ينقسم إلى ثلاث اقسام: في الصباح عمل عقلي، وبعد الظهر عمل يدوي في الحقول أو المصانع (الأعمال اليدوية مرتبطة غالباً بما تمت دراسته نظرياً)، وفي المساء فنون وموسيقى ورياضات عادية.

وعن التربية في الأمم التي تربي الفرد على الاستقلالية والاعتماد على الذات في تحصيل المعاش يرى أن التربية تتسم بتسع سمات رئيسة:

1- لا يعتبر الأب أبناءه ملك له فحب الأبناء ليس نوع من حب الذات وبالتالي لا يكون فيهم محاولة الالتصاق بالأبناء. فالحب لديهم هو لمنفعة الأبناء لا لمنفعة الآباء.

2- معاملة الأطفال على أنهم رجال مسئولين عن أنفسهم بينما المجتمع الفرنسي يربي أبنائه على أنهم أطفال سواءاً كانوا صغاراً أم كباراً لمجرد أنهم أبنائنا.

3- تربية الأبناء على ما يلائم زمانهم وليس على تقاليد الزمن الذي كبر فيه الآباء (فلا يصح أن أربي ابني على المنافسة حتى الموت من أجل الوظائف بينما أرى أهمية الوظائف تتراجع).

4- تنمية قوة الأبناء البدنية والجسمانية والاهتمام بذلك لتتوازن كفاءتهم الجسمانية العقلية مع قدراتهم العقلية بينما نحن (المجتمع الفرنسي في عصر ديمولان) نهتم بالتحصيل الدراسي الذي يسجن الطفل في دروسه ويقضي على نشاطه الحركي.

5- تشغيل الأبناء في الأعمال المادية وشغلهم بالمهارات اليدوية وإرسالهم في مشاوير وماموريات دون خوف زائد عليهم من الضياع أو الفشل.

6- تعليم الأبناء حرف وصنائع في سن صغيرة وعدم اعتبار أن هناك عمل شريف وآخر حقير، فلا يخجل اللورد الإنگليزي من أن يعمل ابنه في الحقل ولا أن يشغل مساعداً أو صبياً عند نجار.

7- متابعة الآباء أنفسهم لكل جديد في شئون مهنهم وعدم اكتفائهم بما هم عليه من مستويات معرفية، حتى إن الصحافة الإنگليزية كانت في ذلك الوقت على خلاف الصحافة الفرنسية حيث تهتم الصحافة الانگليزية بشرح تطورات الآلات وتحكي الوقائع دون اكثار في النظريات وبناء التحزبات وأخبار التسالي وشئون الموضة والملابس التي كانت تسود الصحافة الفرنسية في ذلك الوقت.

8- عدم استخدام السلطة الأبوية إلا في الأمور الكبرى وترك الأبناء في أمورهم البسيطة لمجرد النصح والارشاد حتى يتعودوا تحمل مسئولية أنفسهم دون قهر أو قسر.

9- وهو العنصر الأهم من وجهة نظر إدمون ديمولان وهو علم الأبناء بأن الآباء غير مسئولين عن الانفاق عليهم بعد تربيتهم.

ويحذر المؤلف قومه من أن عليهم عدم الخشية من الألمان وعدم الدخول معهم في سباق تسلح ومسابقتهم في التوسع في سياسات التجنيد، حيث من وجهة نظره أن الألمان ستهلكهم أفكارهم الاشتراكية والفوضوية التي بدأت تتكون وتتقدم في المجتمع الألماني. بينما يجب على الفرنسيين الخشية من المنافس القادم من خلف بحر المانش أنه المنافس الإنگليزي والساكسوني بكافة أشكاله، الإنگليزي أو الأمريكي، ذلك المنافس الذي لا يدخل المعركة بجيشه وأسلحته وإنما بقوته الشخصية ومحراثه على كتفه.

الباب الثاني: الفرنسي والإنگليزي السكسوني في حياتهما الخاصة

1- طريقة التربية الفرنسية تقلل المواليد (خشية الانفاق على الأبناء لأن الآباء ملزمين بالانفاق على الأبناء حتى يكبروا ومسئولين عن تأمين مستقبلهم بعد كبرهم وتزويجهم أيضاً)، وللمؤلف صولات وجولات واحصائيات في هذا الشأن.

2- التربية الفرنسية التواكلية مضرة بثروات الأمة ومصالحها المالية، حيث يرى المؤلف أن اهتمام الفرنسيين بالوظائف والمهن والأعمال الأدبية جعلهم بعيدين عن مصادر ومنابع توليد الثروة (الزراعة والصناعة والتجارة) وأن ثروات الفرنسيين تميل إلى ان تكون أموال سائلة ومنقولة وأوراق مالية في أسواق المال والبورصات.

ويرى الكاتب أن المال الفرنسي السائل والمنقول هو من مول أكبر مشروعين في القرن الـ19 وهو قناة السويس وخليج پنما، وقد آلت ملكية وادارة قناة السويس إلى الإنگليز السكسونيين، وتنبأ بأن مشروع خليج پنما أيضاً سيؤول قريباً إلى الأمريكان وهم من العنصر السكسوني أيضاً وبالتالي أصبحت ثروات فرنسا المنقولة في خدمة العنصر السكسوني ففرنسا تمول والإنگليز يجنون الأرباح.

كما أن الجيش الفرنسي يحتل الدول والمستثمرين الإنگليز هم من يجنون حصيلة الاستعمار الفرنسي أكثر من الفرنسيين أنفسهم.

بينما الأغنياء في إنگلترا وأمريكا لا يزالون يشتغلون بالزراعة وينفقون الأموال في تحسينها ويفضلون سكنى الأرياف في وسط أملاكهم الزراعية وحقولهم ومشروعاتهم الصناعية والتجارية بينما يسكن أغنياء فرنسا في المدن بعيدين عن الزراعة وتحسينها، حيث يستثمر أغلب الأغنياء الفرنسيين أموالهم في البورصة، لذا تنمو فيهم بذور المرابين اليهود وتزيد وطأتهم وسيطرتهم مقابل ضعف تاثيرهم في ذلك الوقت في إنگلترة وأمريكا وأستراليا ونيوزيلاندا حيث يستثمر الأغنياء أموالهم بأنفسهم ولا يجلسون في القصور ينتظرون الفوائد.

كما تكثر الهجرة بين أبناء الإنگليز لاستكشاف الأراضي الجديدة وزراعتها، بينما الفرنسي لا يهاجر إلا من أجل وظيفة مرموقة توفرها له حكومته.


التربية الإنگليزية السكسونية تشجع على التزاحم في الحياة

التربية الإنگليزية وبسبب تشجيعها على ممارسة الحرف والمهن واستقلال المعيشة، فتجد الطبقات الراقية تسكن الأرياف ولا تانف منها مما إدى إلى أن الأرياف لا تقل في مستواها الحضاري عن المدن، إن لم تكن أفضل. وأخذ الكاتب يقارن في صفحات طوال بين الريف الإنگليزي النظيف والمتحضر بين الريف الفرنسي البعيد عن الحضارة والمعادي للنظافة والتعليم، بسبب نزيف المتعلمين تجاه المدن، مما يؤدي إلى خسارة الريف الفرنسي لأبنائه المتعلمين وكذلك خسارتهم أيضا لأنفسهم حيث يقيمون في أحياء الفقراء بالمدن فيصيرون عبئا على المدينة ونزيفا للريف.

ويرى المؤلف أن رجل الاستقلال لا يميل إلى الاهتمام بالسياسة كما يميل رجل الاتكال لها، حيث أن رجل الاستقلال كل ما يهمه أن يخلص من كل قيد يحول بينه وبين تجاراته أو زراعته أو صناعته وبالتالي يسعى للتخلص من قيود الاستبداد ومن ضرائب الحكومة على أن يقتصر دور الحكومة على توفير الحد المناسب من الأمن والأدوار الأساسية التي لا يستطيع الأفراد القيام بها. وفي المقابل لا يطالب الحكومة بأي مطالب من شأنها أن تدفعها للتدخل في نشاطه.

ثم يعرض المؤلف في فصل طويل وطريف عن الفرق في نظرة الاستقلالي الإنگليزي للمسكن ونظرة الاتكالي في أرياف ومدن فرنسا للمسكن والفرق في الأثاثات وفي الانتقال بين المساكن وفي الارتباط بالريف والحضر ومدى نظافة البيوت الإنگليزية وقذارة البيوت الأيرلندية وقذارة البيوت في الريف الفرنسي.

الباب الثالث: الفرنسي والإنگليزي السكسوني في المعيشة العمومية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهل السياسة في فرنسا وإنگلترا

كل بلدان أوروپا في ذلك الوقت عندها مجالس نيابية منتخبة يفترض أنها تمثل الأمة، لكن للمؤلف نظرة دقيقة للطبقات الاجتماعية التي ينتمي لها أعضاء المجالس النيابية في كل من فرنسا وإنگلترا، والمهن التي يشتغلون بها وبالتالي مدى تاثير ذلك على القرار السياسي. حيث يرى المؤلف بعد أفرد احصائيات وجداول لاثبات وجهة نظره يرى أن معظم أعضاء البرلمان الفرنسي هم من ذوي المناصب الأدبية والادارية وحتى اصحاب الأراضي الزراعية فيهم لا يفقهون من الزراعة الا قبض الايراد النهائي، وبالتالي فهم من طبقات ومهن ليست عملية وبالتالي بعيدة عن أحوال الشعب اليومية كما أنهم يميلون للسفسطة والجدل البيزنطي بحكم بطالتهم وفراغهم وطبيعة مهنهم التي أتوا منها التي تغلب النظري على العملي من جهة و تغلب توسع أعمال الحكومة على اقتصارها، لأن في ذلك زيادة في التوظيف وزيادة في نفوذ الموظفين وأصحاب المكانة الأدبية، كما أن المجلس يغيب عنه أصحاب المصالح الحقيقية (تجار وصناع وزراع).

على عكس البرلمان الإنگليزي الذي يمثل نواب الأمة الطبيعيين، وبالتالي يكون المجلس أحرص على مصالح الناس وأكثر بعدا عن السفسطة وأقرب للعملية.

السبب في أن الإنگليز السكسونيين أبعد الناس عن المذاهب الاشتراكية المنتشرة في فرنسا وألمانيا وروسيا من خلال فصل كامل استعرض المؤلف نشأة وانتشار الأحزاب والافكار الاشتراكية في أوربا كلها وفي أمريكا أيضا، ويستخلص المؤلف نتيجة مهمة أن الجنس السكسوني محصن ضد الأفكار الاشتراكية وأورد أدلة عدة على ذلك والسبب في هذا التحصن من الأفكار الاشتراكية في التربية الاستقلالية التي يتمتع الجنس السكسوني حيث لا يرغب في تدخل الحكومة في شئونه كما أنه لا يريد منها أن تكفل له الاعاشة بينما أن مبعث الافكار الاشتراكية كان من ألمانيا لانها مهد لفكر الاتكالية وتدخل الحكومة.

وفند المؤلف تفسيرات غيره من ان سبب عدم خضوع الانجليز للفكر الاشتراكي كونهم اقرب للدين حيث اثبت تدين البلدان لتي انتشرت فيها الاشتراكية كما فند فكرة انتشار المظالم كسببا للاشتراكية حيث اثبت ان للعمال الانجليز مظالم استطاعوا أن يتغلبوا عليه بدون تبني الفكر الاشتراكي.

وحمل المؤلف حملة شديدة على الاشتراكية وفندها وتنبا بزيادة قوتها حتى تسيطر على الكثير من البلدان وهو ما حدث بالعل بعد صدور الكتاب بنحو 20 سنة غير انه تنبا بأن الإنگليز و السكسونيين لن ينحازوا أبدا ومطلقا للاشتراكية وأن الاشتراكية لو حكمت العالم كله فانها ستتكسر على صخرة الجنس السكسوني و تنبا ايضا بان البلاد التي ستسود فيها الاشتراكية فانها ستحقق مدا ونموا وبعض مظاهر الازدهار الى حين ثم سرعان ما تنهار وتنقضي، يث تجمع السلطة المركزية مقدرات و مفاتيح ثروات جمعت في عصور سابقة فتظهر بها مظهرا قويا ثم سرعان ما ينكشف عجزها عن تحقيق تقدم حقيقي بسبب سيادة روح الاتكال و ضعف الانتاج و ازدياد التواكل.

اختلاف الفرنسيين عن الإنگليز في ادراك حقيقة التضامن والتكافل

وخلاصة رأي الكاتب في هذا الشان ان الانسان عندما يطالب بالتكافل فانما هو يطلب بشكل متخفي يطلب من الاخرين اعالته لانه لو كان الطرف القوي لما طالب بالتكافل وانما سعى لتقديمه دون ضجيج يرى المؤلف ان افضل طريقة للتكافل والتضامن الاجتماعي هي تربية الفرد على تحصيل معاشه بنفسه وأن يعلم انه لن ينفع المرء الا سعيه، لأن هذا ما يجعل الافراد يسعون لتقوية مهاراتهم و بالتالي يدفعهم لتحصيل سبل الرزق و الترقي في الحياة.

ويرى ان الايرلنديين والايطاليين والپولنديين هم من وجهة نظره اكثر اهل اوربا اتكالية وفقرا غير انهم لما هاجروا الى الولايات المتحدة ذات الاغالبية السكسونية ذات الفكر و الحضارة الاستقلالية فانهم تاثروا بهم و دخلوا سباق الحياه و اصبحوا قوة مؤثرة في المجتمع الامريكي و قل فيهم الفقر والعجز.

ويرى المؤلف انهم لو وجدوا مناخ التكافل لغلبتهم طبيعتهم الاصلية التي تتسم بالفتور و الكسل و التواكل و لبقوا في الفقر الى الابد. كما ان بلاد التكافل يكثر فيها الضعفاء المحتاجين للدعم بينما يقل فيها الاغنياء المقدمين للدعم. ويرى ان انجلترا و امريكا تقدم للفقراء دعم اكبر بكثير من الامم التي يسود فيها افكار التضامن و التكافل.

و ربما هذا يقرب الى اذهاننا افكار اسلامية عن مؤسسة الزكاه و دعم المشروعات الانتاجية و دعم طلاب العلم الذين اثبتوا جدارتهم العلمية و القرض الحسن للمنتجين و توفير ادوات المهنة لاصحاب الصنائع و جعل هذا في منزلة لا تقل عن دعم العجزة.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ عرض وتلخيص لكتاب "سر تقدم الانجليز السكسونيين"، محمد سعد حميده mhmd.hemeda@gmail.com، موقع صناع الحضارة www.sona3.org