نجد

نجد هي هضبة تقع في وسط شبه الجزيرة العربية وهي أكبر إقليم جغرافي في جزيرة العرب وفي المملكة العربية السعودية اليوم وترتفع ما بين 700 إلى 1500 متر فوق سطح البحر، وتشمل المناطق الواقعة ما بين جبال السروات في الحجاز غرباً إلى صحراء الدهناء شرقاً وتعني نجد في اللغة الأرض المرتفعة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعريف نجد

مقطع عرضي مبسّط يوضح مواضع التهائم والسروات والنجود.

النجد في اللغة هو المكان المرتفع ويقابله لدى الجغرافيين مصطلح "الغور" وهو المنخفض. وقد أطلق الجغرافيون المسلمون على عدة مواقع في الجزيرة العربية مسمى "نجد" مثل نجد اليمن، وهو الهضبة الواقعة شرق سراة اليمن جنوباً عن صحراء الربع الخالي، سمي بذلك لارتفاعه عن تهامة اليمن، وهي السهل الساحلي المحاذي للبحر الأحمر. أما النجد المعني به هذا المقال فهو نجد الحجاز، سمي بذلك لارتفاعه عن تهامة الحجاز. ويفصل بين تهامة المنخفضة ونجد المرتفعة القسم الشمالي من سلسلة جبال السروات، ولذلك سميت تلك الجبال بالحجاز أي الحاجز بين نجد وتهامة.

وتنخفض نجد تدريجياً من الغرب إلى الشرق. وقد سمي الجزء الجنوبي المرتفع والمحاذي لجبال الحجاز تاريخياً باسم "العالية" أو "عالية نجد"، بينما تسمى الأرجاء الشمالية المتاخمة للعراق بـ"نجد السفلى".

لسان العرب - (ج 3 / ص 413)

والنَّجْدُ ما خالف الغَوْر والجمع نجود ونجدٌ من بلاد العرب ما كان فوق العاليةِ والعاليةُ ما كان فوق نَجْدٍ إِلى أَرض تِهامةَ إِلى ما وراء مكة فما كان دون ذلك إِلى أَرض العراق فهو نجد.

لسان العرب - (ج 3 / ص 413)

(نجد) النَّجْدُ من الأَرض قِفافُها وصَلاَبَتُها 
(* قوله « قفافها وصلابتها » كذا في الأصل ومعجم ياقوت أَيضاً والذي لأبي الفداء في تقويم البلدان قفافها وصلابها) وما غَلُظَ منها وأَشرَفَ وارتَفَعَ واستَوى والجمع أَنْجُدٌ وأَنجادٌ ونِجاد ونُجُودٌ ونُجُدٌ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي وأَنشد لَمَّا رَأَيْتُ فِجاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ ولاحَ مِنْ نُجُدٍ عادِيةً حُصُرُ ولا يكون النِّجادُ إِلا قُفّاً أَو صَلابة من الأَرض في ارْتِفاعٍ مثل الجبل معترضاً بين يديك يردُّ طرفك عما وراءه ويقال اعْملُ هاتيك النِّجاد وهذاك النِّجاد يوحد وأَنشد رَمَيْنَ بالطَّرْفِ النِّجادَ الأَبْعَدا قال وليس بالشديد الارتفاع وفي حديث أَبي هريرة في زكاةِ الإِبل وعلى أَكتافها أَمْثالُ النّواجِدِ شَحْماً هي طرائقُ الشحْمِ واحِدتُها ناجِدةٌ سميت بذلك لارتفاعها وقول أَبي ذؤَيب في عانةٍ بِجَنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُها غَوْرٌ ومَصْدَرُها عن مائِها نُجُد قال الأَخفش نُجُدٌ لغة هذيل خاصّة يريدون نَجْداً ويروى النُّجُدُ جَمَع نَجْداً على نُجُدٍ جعل كل جزء منه نَجْداً قال هذا إِذا عنى نَجْداً العَلَمي وإن عنى نَجْداً من الأَنجاد فغَوْرُ نَجْد أَيضاً والغور هو تِهامة وما ارتفع عن تِهامة إِلى أَرض العراق فهو نجد فهي تَرْعى بنجد وتشرب بِتِهامة.

التارخ نجد

تعد مملكة كندة التي قامت في قرية الفاو من أقدم الممالك التي قامت في المنطقة ويعود تاريخها للقرن الرابع ق.م[6] كانت دولة مدينة في بدايتها ولها ارتباطات قوية بمملكة سبأ[7] كانت المملكة تعرف باسم قرية ذات كهل وكهل أو كاهل هذا هو أكبر آلهة قبيلة كندة ومذحج[8] توسعت المملكة كثيراً في فترات مابعد الميلاد أيام مملكة حِميَّر[9] الكتابات الآثرية القديمة المكتشفة في المنطقة كُتبت بخط المسند وتحوي خصائص لغوية مميزة ولها أهمية كبيرة للوقوف على مراحل تطور اللغة العربية[10] لا تتوفر تفاصيل كثيرة عن التاريخ النجدي القديم وهُجرت قرية الفاو في فترة غير معروفة وظروف غامضة وتظهر الآثار المكتشفة أن المنطقة كانت محل حروب ونزاع بين المناذرة ومملكة كندة المدعومين من الحِميَّريين، فنقش النمارة الذي أُكتشف بجبل الدروز في سورية، يُظهر أن ملك المناذرة امرؤ القيس بن عمرو (الأول) شن حملة واسعة أخضع خلالها قبائل بني أسد ونزار ومعد [ملاحظة 1] وهزم مذحج وقاتلهم بضراوة ـ وفق النص ـ على حدود نجران [11][12] رداً على ذلك، أرسل شمَّر يهرعش ملك الحِميَّريين قوة من كندة ومذحج لقتال المناذرة وذلك في القرن الرابع بعد الميلاد، وأكتشفت كتابة في الدوادمي للملك الحميري أسعد الكامل تعود للقرن الخامس تشير إلى معركة أخرى ضد المناذرة كذلك بمعاونة مقاتلين من كندة[13][14] تفككت مملكة كندة في القرن السادس الميلادي لعدة مشيخات صغيرة وبحسب مصادر التراث العربية، فإن الشاعر إمرؤ القيس آخر ملوكهم، لا توجد مصادر معتمدة تثبت ذلك ولكن ذكر مؤرخي بيزنطة أن الحارث بن عمرو الكندي قُتل من قبل المناذرة أو سراسين الفرس كما كانوا يسمونهم ويمكن اعتبار الحارث آخر ملوكهم الأقوياء[15][16] أُكتشفت كتابة دونها أبرهة الأشرم يشير فيها إلى سيطرته لمكان اسمه حلبان يبعد ثلاثمائة كم غرب الرياض حالياً[17]

وتذكر كتب التراث العربي أن طسم وجديس هم قوم من العرب البائدة، التي أنقرضت ولاتكاد تذكر جديس إلا مع ذكر طسم. وهم من سكان جزيرة العرب القدماء (اقوام عاد وثمود العماليق)الذين كانت لهم حضارات عظيمة في وسط شبة الجزيرة العربية وبادت . وتتلخص الروايات بأنهما قبيلتان سكنتا اليمامة وماحولها ويذكر أن جديسا ذلت على يد طسم بحكم رجل يقال له عمليق، وجعل أن لا تزف بكر من جديس حتى تساق إليه فيفترعها قبل زوجها، فكان أن انتقمت جديس غدرا بعد أن أصاب العار أخت سيد جديس ويقال له الأسود بن عفار، وكان اسمها شموس وقتل عمليق على يد الأسود بن عفار وأصبح حاكما على طسم وجديس وحكم بينهم بالعدل، ولكن رجلا من طسم يقال له رياح بن مرة استغاث بحسان بن تبع الحميري، فأجاب له طلبه وسار معه إلى اليمامة، فحاولت زرقاء اليمامة تنبيه قومها، فلم يصدقوها، فقتل من جديس على يد طسم والحميريين ودُكت منازلهم.

وتذكر كتب التراث العربية معركة حامية سميت بداحس والغبراء وهي حرب "أهلية" بين فرعين من قبائل غطفان ودامت المعارك بينهم أربعين سنة بسبب فرس حسب الأساطير قبل لاتقم مرب كانت غطفان مسيطره على نجد اميرهم زهير بن جذيمه العبسي . ونجد هي موطن عدد من الشعراء العرب من الطبقة العالية مثل إمرؤ القيس والأعشى وعنترة بن شداد. تعد قبيلة بني حنيفة من أشهر قبائل المنطقة تاريخيا وشاركوا في معركة الظهر وهي أحد أيام العرب وفق كتابات الإخباريين ضد بني تميم. كان بنو حنيفة يقاتلون بجانب بكر بن وائل ضد تغلب ولكنهم استقروا من فترة مبكرة وكانوا يتعرضون لغزوات متعددة من الأعراب المحيطين بهم. وهي تاريخيا جزء من اتحاد بكر بن وائل. وهناك تميم وبنو أسد ويختلفون عن بني حنيفة في أن معظمهم كان بدوياً خلال تلك الفترة.

في القرن السابع الميلادي، ظهر النبي محمد في الحجاز وبدأ دعوته للدين الجديد ووفدت القبائل النجدية على النبي في عام الوفود منها بنو تميم وهم الذين يتحدث عنهم النص القرآني القائل : Ra bracket.png إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ Aya-4.png La bracket.png ذلك أن الأقرع بن حابس قدم إلى المدينة يطلب فداء سبايا من بني تميم سباهم النبي في غزوة أمر عليها عيينة بن حصن ونادى على النبي : يامحمد، يامحمد" فلم يجبه النبي فقال الأقرع :"يامحمد، إن مدحي زين وذمي شين" [18] عقب وفاة النبي، ارتد معظم نجد عن الإسلام فامتعنت غطفان عن تأدية الزكاة فأسر المسلمون عيينة بن حصن الفرازي وظهر طليحة بن خويلد الأسدي وسجاح ومسيلمة بن حبيب الحنفي المعروف في المصادر الإسلامية بـ"مسيلمة الكذاب" وبحسب هذه المصادر، فإن الثلاث إدعوا النبوة وجمع طليحة بن خويلد الأسدي قبائل بني أسد وطيئ وغطفان لقتال المسلمين.

أرسل الخليفة أبي بكر الصديق خالد بن الوليد الذي قمع أتباع طليحة بن خويلد الأسدي في معركة بزاخة وقتل مالك بن نويرة التميمي. أقام خالد قرابة الشهر في بزاخة يتعقب غطفان وطيئ ويقول الطبري أن خالداً أحرقهم بالنيران ورضخهم بالحجارة وخزقهم بالنبال ونكسهم في الآبار ورمى بهم من الجبال[19] أما مسيلمة بن حبيب فقد كان يبشر بنبوته من أيام النبي بل تذكر المصادر الإسلامية أنه أقترح تقسيم الأرض بينه وبين النبي محمد [20] وكان مسيلمة متأثراً بالمسيحية كغالب سكان المنطقة وتبعه جل قومه إلا نزر يسير منهم ثمامة بن أثال[21] قمع خالد بن الوليد حركة مسيلمة وأنزل خسائر فادحة في صفوف بني حنيفة وقُتل مسيلمة بضربة رمح من وحشي ومن بني حنيفة مالا يقل عن أربعة عشر ألفا وفقا للطبري[22] معظمهم قُتل بعد مقتل مسيلمة وتوقف المعارك، إذ أرسل رجلين من الأنصار بأمر الخليفة بقتل كل من "أنبت" ـ كل من تبدو عليه علامات البلوغ ـ وفق عدد من الإخباريين[23][24] وقتل من جيش الخليفة 500 [25] ومنهم زاد فقال 1200 من المسلمين[26]

لا يُعرف الكثير عن نجد بعد هذه الحوادث، ظهر نجدة بن عامر الحنفي وهو من الخوارج أيام الدولة الأموية وأقام دولة مستقلة في نجد شملت القطيف في إقليم البحرين مستغلا تذمر النجديين من خلفاء بني أمية وذلك عام 692 ولكن دولته لم تستمر طويلاً وأستعاد الأمويين السيطرة على نجد وأصبحت تابعة للبحرين وتدار بوالي بواحد. المصادر شحيحة للغاية عن وضع المنطقة ويبدو أن تجارة العبيد قد ازدهرت بها خلال الدولة العباسية وظهرت عدة حركات تمرد منها ماوقع أيام أبو جعفر هارون الواثق بالله وإرساله موسى بن بغا الكبير التركي الذي قتل ألف ومائتان من سكان نجد وأعاد سيطرة الدولة العباسية على المنطقة من جديد[27] ثم ظهرت الدولة الأخيضرية وهي دولة زيدية المذهب استقلت عن الخلافة العباسية عام 867 وحكمت حتى 1051 على الأقل [28] في عام 925 تعاون ثالث أئمة بنو الأخيضر مع أبو طاهر سليمان الجنابي زعيم القرامطة في الإحساء للإستيلاء على الكوفة ولكنه قٌتل على يد القرامطة عام 928[28] شهدت المنطقة فترة سيئة نتيجة قسوة الأخيضريين ونزح عدد كبير من سكان نجد لمناطق مختلفة لسوء الاوضاع[29] لا تتوفر تفاصيل كثيرة بعد هذه الفترة ولكن من المؤكد أن القبائل البدوية في نجد - بني هلال تحديدا - دعموا القرامطة في الإحساء ثم هاجروا في القرن الحادي عشر الميلادي إلى مصر واستغلهم الفاطميون للقضاء على الدولة الزيرية في المغرب وتونس ودمروا كل شي في طريقهم ويقول ابن خلدون [30]:

  نجد	وأفريقية والمغرب لما جاز إليها بنو هلال وبنو سليم منذ أول المائة الخامسة وتمرسوا بها لثلاثمائة وخمسين من السنين قد لحق بها وعادت بسائطه خرابا كلها بعد أن كان ما بين السودان والبحر الرومي كله عمرانا تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم وتماثيل البناء وشواهد القرى والمدر	   نجد

التاريخ الحديث

تعتبر نجد منطقة معزولة نسبياً، فالكثبان الرملية تحيط بها من ثلاث جوانب ويفصل بينها وبين الحجاز سلسلة من الجبال. في السابق، كان القادم من العراق أو البحرين يضطر للمرور عبر نجد ولكن من القرن الثالث عشر الميلادي، أصبح بإمكان الحجيج والقوافل الإلتفاف حول نجد بسهولة ومحاذاة البحر الأحمر نحو مكة أو جدة وهو ماساهم في زيادة عزلة المنطقة أكثر[31] لذلك فإن سرد تاريخ نجد المظلم ليس بالأمر السهل حتى القرن الثامن عشر الميلادي. في القرن السادس عشر بسطت الدولة العثمانية سلطتها على الحجاز وكان وجودها في تلك البلاد امتدادا لسلطتها على مصر، وامتد نفوذها ليشمل الأجزاء الشرقية من شبه الجزيرة العربية وأسسوا لهم إيالة في الإحساء. نجد لم تخضع لسلطة العثمانيين وظهرت إمارات حضرية صغيرة متعددة مكتفية ذاتياً تعتمد على الزراعة وأبقت القبائل النجدية على إستقلالها التام[32]

وفي القرن السابع عشر الميلادي كانت القبائل المنتشرة في نجد قبائل بني لام وسبيع والسهول وعنزة وعائذ وبني تميم و بني عبس. وقد برز صيت وقوة قبيلة سبيع في بداية القرن الثامن الهجري حتى تمكنت قبيلة سبيع من السيطرة على نجد بأكملها وقد دارت بينهم وبين الدوله الجبريه عدة صدامات حربيه أظهرت فيها بسالة قبيلة سبيع في مناخ الخرج ومناخ رماح ومناخ الحاير وقد تمكنت سبيع من ازاحة بني لام وفروعها عن نجد متجهين الى جنوب العراق والأحواز، وفي فترة ما من القرن السابع عشر الميلادي ولأسباب غير معروفة ارتحلت قبائل الدواسر من بادية اليمن في مأرب لعقيق بني عقيل وسمي الوادي باسمهم بعد ذلك وادي الدواسر[33] سرعان مالفتوا أنظار الإمارات المحلية الصغيرة لإن الدواسر وحلفائهم قبيلة سبيع النجديه كانوا يكثرون غزو القبائل البدوية قرب الإحساء ويعتدون على القوافل وتحالفوا مع قبيلة قحطان لاحقاً و ثم ارتحلت أعداد كبيرة من قبائل عتيبة من بادية الحجاز التي طلبت أنجده من قبيلة سبيع ضد قبيلة قحطان والدواسر ومطير و بني رشيد معارك قبلية كثيرة لا تُعرف تفاصيلها جيداً فلم يدون أحد هذا التاريخ لإنها معارك صغيرة وبين قبائل بدوية تتقاتل على المرعى لا يتجاوز عدد ضحاياها ستة أو ثمانية قتلى مع كل غارة، وأصبح لكل قبيلة روايتها الخاصة للأحداث لا تقل عن الأخريات تفخيماً وتعظيماً ومبالغة، حتى التحالفات بين القبائل لم تكن مستقرة ودائمة. هكذا كان وضع نجد حتى القرن الثامن عشر، إمارات حضرية صغيرة وقبائل بدوية متحاربة لم يكن الدين أول إهتماماتها [35] بل كانوا يحالفون أي إمارة مهما كان مذهبها لإبقاء إستقلاليتهم كما يتضح مع ظهور الدعوة الوهابية بقيادة محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب.

ولد محمد بن عبد الوهاب مطلع القرن الثامن عشر عام 1703 م 1115هـ في قرية صغيرة اسمها العيينة لعائلة من الحضر تتعقب أصولها لبني تميم[36] كان محمد بن عبد الوهاب شخصا عاديا يملك بستانا للتمور وعشرة أو عشرين بقرة تقريباً[37] سافر إلى المدينة والبصرة والإحساء ليتلقى تعليما دينياً وربما للعمل بالتجارة كذلك ثم عاد إلى مدينته العيينة حيث كان والده قاضياً لنشر رسالته الجديدة عام 1727.

كانت القرى النجدية تحوي رجال دين يسافرون إلى سورية والعراق لطلب المعارف الفقهية قبل محمد بن عبد الوهاب، ماميز ابن عبد الوهاب هو دعوته إلى التوحيد [38] اعتبر محمد بن عبد الوهاب ثقافة أولياء الله الصالحين وتخليد ذكراهم ببناء القباب من البدع وحرم تدخين التبغ وأظهر حرصاً غير عادي على جبي الزكاة وكلها أمور رحب بها أمير العيينة ولكن اضطر لطرده لاحقاً لتشدد ابن عبد الوهاب والعقوبات القاسية التي فرضها على من لا يؤدون صلاة الجماعة، وتدخله الشخصي لفرض رؤيته وتفسيراته للشريعة ورجمه لإمرأة متهمة بالزنا أغضب سكان العيينة وأميرها بالإضافة لضغوطات من أمراء بني خالد في الإحساء الذين كانوا يخشون إمتداد دعوته لدرجة أن طالبوا عثمان بن معمر بقتل محمد بن عبد الوهاب ولكن ابن معمر رأى في طرده درءا لفتنة أكبر[39]

كانت الإحساء بقيادة بني خالد قد تخلصت من الحكم العثماني عام 1670[40] وتمكنوا من ضم نجد لنفوذهم ولكنهم أبقوا على الإمارات المحلية. كانت القرى النجدية تحوي رجال دين يسافرون إلى سورية والعراق لطلب المعارف الفقهية قبل محمد بن عبد الوهاب وكان رجال الدين يعالجون مشاكل الناس العملية مثل الزواج والميراث ماميز ابن عبد الوهاب هو دعوته إلى التوحيد وإصراره على قتال مخالفيه ، فأهل حاضرة نجد لم يكونوا جهلة بل كانوا يملكون وعيا دينيا ساعد كثيرا في تقبلهم لدعوة محمد بن عبد الوهاب. ارتحل محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية وعليها الأمير محمد بن سعود جد سلالة آل سعود الذي استقبل بن عبد الوهاب ووفر له الحماية.

كان داع الإسماعيلية في نجران يراقب مايجري في نجد، ألحق ابن سعود هزيمة قاسية بقبائل العجمان مما دفعهم لطلب الدعم من أقاربهم البعيدين قبيلة يام في نجران فكان الرد قاسيا من المكرم الإسماعيلي الحسن بن هبة الله وألحقوا هزيمة بابن سعود عام 1764[41] وتوفي محمد بن سعود بعد عام واحد. بحلول عام 1792 تمكن عبد العزيز بن محمد بن سعود من فرض سيطرته على الرياض والخرج والقصيم وأبقى على الأمراء المحليين شريطة دفعهم الزكاة له، كدلالة رمزية على سلطته[42] أربعة عوامل ساعدت في نجاح الدعوة الوهابية


جغرافية نجد

التضاريس

جبل طويق كما يبدو من جهة الغرب.

نجد عبارة عن هضبة يترواح ارتفاعها ما بين 762 و 1524 م فوق سطح البحر، مع انخفاض تدريجي من الغرب نحو الشرق. وهضبة نجد من رمال صحراء الحجارة وصحراء النفود الكبير شمالاً، والدهناء شرقاً، وحدود الربع الخالي جنوباً، بينما يحدها من الغرب جبال الحجاز ومن الجنوب الغربي مرتفعات عسير. وفي كتاب مختار الصحاح وكتب اللغة معنى نجد المكان المستوي المرتفع عن سطح البحر وهي مكان معين عند العرب، وهي أرض تبدأ من جبال الحجاز إلى سور كسرى عند نهر الفرات الذي بناه للحماية من هجمات القبائل العربية على المدائن.

جزء من جبل حضن

ولقد كان للعرب قديما مقولة (من رأى حضنا فقد أنجد) وذلك يعني أنه من كان قادم من الحجاز ومتجه للشرق ورأى جبل حضن الواقع في عالية نجد شمالي مدينة تربة البقوم فقد دخل في نجد, ويعتبر جبل حضن أعلى نقطة في نجد كلها إذ يصل ارتفاعه إلى 1647 متر فوق سطح البحر.

وتتسم معظم أرجاء نجد بالجفاف والوعورة إلا أنها صالحة بشكل كبير للرعي فسكنتها قبائل البدو الرحّل على مر التاريخ.

ويقع في شرق نجد إقليم اليمامة القديم، وهو جبل طويق وضواحيه. وقد كان العرب يعدون اليمامة إقليماً مستقلاً عن نجد، ويشكل إقليما اليمامة والبحرين عندهم إقليماً يسمى "العروض." غير أن بلاد نجد كانت تحكم في عصور بني أمية وبني العباس من اليمامة، فصارت اليمامة مع مر العصور تعد من نجد، وانحسر عنها اسم اليمامة وصارت تعرف باسم "العارض"، وهو من أسماء جبل طويق، سمي بذلك لأنه يعترض طريق القادم من اليمن إلى البحرين. وجبل طويق أو العارض عبارة عن هضبة جيرية ضيقة في شرق نجد ويمتد من الشمال إلى الجنوب لمسافة تقارب 800 كم وينحدر جانبه الشرقي بشكل تدريجي إلى أن يغوص في رمال الدهناء، بينما ينقطع جانبه الغربي بشكل مفاجئ. ويختلف جبل طويق عن نجد العالية والسفلى في أنه صالح للزراعة، فقد وجدت الحواضر في جوفه وعند أطرافه منذ أقدم العصور، ممتدة على ضفاف وديانة، ولذلك فإن معظم الحواضر في نجد الحديثة تقع ضمن إقليم اليمامة القديم.

وتشق نجد العديد من الأودية التي تحتفظ بالماء بعد نزول الأمطار في فصل الربيع مما يسمح بالزراعة. وتقع معظم بلدان نجد على جوانب هذه الأودية التي أشهرها وادي حنيفة الذي يخترق مدينة الرياض من الشمال إلى الجنوب، ووادي الرمة في القصيم الذي يغوص في رمال صحراء الدهناء ليظهر على الجانب الآخر باسم وادي الباطن حيث توجد بعض أكبر المراعي في الجزيرة العربية في فصل الربيع، ووادي سدير (الفقيء قديماً) في شرق نجد، ووادي الخرج جنوب شرق الرياض، ووادي برك الذي تقع عليه حوطة بني تميم (ذوالمجازة قديماً) وهي أسفل الباطن في حوطة بني تميم ووادي نعام الذي تقع عليه بلدة الحريق، ووادي الدواسر في أقصى جنوب نجد، وأودية كثيرة أخرى مثل وادي نساح ووادي لحا ووادي ماوان ينحدر أغلبها على جوانب جبل طويق.

وتنتشر في غرب وشمال هضبة نجد الكثير من الجبال الجرانيتية والبازلتية السوداء الصلبة مثل جبل العرض الذي تقع عنده بلدة القويعية. إلا أن أشهر هذه الجبال هما الجبلان أجا وسلمى عند مدينة حائل التي تقع في شمال غربي نجد تقريبا، إذ يصل ارتفاع جبل أجا نحو1620 م وارتفاع جبل سلمى إلى أكثر من 1200 م.

ومن المعالم المهمة الأخرى في نجد النفود الرملية مثل نفود الثويرات بين الزلفي والقصيم، ونفود السر في وسط نجد إلى الغرب من جبل طويق وكذلك عيون وبرك الماء كما في منطقتي الأفلاج والخرج وإن كانت غالبية هذه البرك قد جفت خلال القرن الماضي.

المناخ

مناخ نجد قاري ويتسم بالحرارة في الصيف مع طقس يميل إلى البرودة لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر في الشتاء، ويلاحظ فارق كبير في درجة الحرارة بين الليل والنهار معظم السنة. أما موسم الأمطار فيكون عادة بين ديسمبر ومارس من كل عام، مع تفاوت ملحوظ بين العام والآخر، وكثيراً ما تسيل أودية المنطقة في هذه الفترة، لذلك يوجد على أكثرها سدود لاستغلال السيول. وقد ينزل البرد أو الثلوج في النصف الشمالي من الهضبة في فصل الشتاء، أما الثلج فينزل قليل منه بين العام والآخر في منطقة حائل والمناطق الشمالية من نجد.

أقاليم نجد

خريطة تبين بعض أهم المدن والقرى والهجر الواقعة على هضبة نجد بالإضافة إلى بعض الحواضر والمدن المجاورة.

تتميز الجهات الغربية والشمالية بأراضيها الواسعة الصالحة للرعي، ولذلك كانت مدار صراع وتنافس بين القبائل البدوية على مر التاريخ. ومن أهم المراعي في نجد عالية نجد الواقعة بين الحجاز وجبل طويق، ومناطق الصمان والدبدبة المتاخمة للعراق والتي يخترقها وادي الباطن أحد أطول أودية الجزيرة العربية، إلا أن تلك الأماكن لاتمتلك المياه الجوفية ولا الأودية العميقة الصالحة للزراعة والاستقرار، ولذلك تركز التحضر في نجد على جبل طويق (عارض اليمامة أو العارض قديماً). وفي القرون المتأخرة اعتاد أهل نجد على تقسيم حواضرها إلى عدة أقاليم أهمها:[1]

  • إقليم السر: سكانها من العونه من بني رشيد و عتيبه وهي نفود رملية تقع غرب الوشم وأهم بلدانها مدينة ساجر و البرود والفيضة ومشرف وعين القنور وعين الصوينع وعسيلة وارطاوي الرقاص وخف وأوثيلان والخفيفية.
  • الخرج: وهو وادٍ كبير تصب فيه عدة أودية أخرى، مأهول منذ أقدم العصور، أهم بلدانه الدلم والسيح واليمامة التي تسمّت بها المنطقة لقرون طويلة. وقد اندمجت معظم هذه القرى (باستثناء الدلم) في مدينة الخرج الحديثة.
  • الأفلاج: وتقع إلى الجنوب من الحريق وهي عبارة عن واحة كبيرة تحتوي على عدد كبير من القرى الصغيرة والمزارع، وكانت إلى وقت قريب تحتوي على عيون ماء كبيرة وقديمة. أهم بلدانها ليلى التي يقال إنها سميت بذلك نسبة إلى ليلى العامرية، بالإضافة إلى الهدار.

السكان

التركيبة السكانية التقليدية في نجد

كان سكان نجد ينقسمون بشكل أساسي حضر يسكنون المدن والقرى، ويتركز معظمهم في شرق نجد على جبل العارض وما حوله (إقليم اليمامة القديم)، وبدو رحل منتشرين. أما عدد سكان نجد في فترة ماقبل 1932، فالأرجح أنه كان -في ذلك الحين- لا يزيد عن المليون نسمة على أكثر تقدير، ربما مناصفة بين البدو والحضر.[3] وقد تحضّر الغالبية العظمى من بادية نجد في المدن والقرى السعودية، في الهجر التي أنشئت لتوطينهم والمنتشرة في كافة أنحاء البلاد.

انظر أيضاً


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية

مصادر

  1. ^ انظر عويضة الجهني، نجد قبل حركة الإصلاح السلفية، إثيكا برس بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، سنة 2002 (لغة إنجليزية) ص 27-31
  2. ^ ياقوت الحموي، معجم البلدان، "العقيق"،نسخة موقع الوراق، ص 1240. [1]
  3. ^ "نجد"، دائرة المعارف البريطانية، الإصدار الحادي عشر، عام 1911. [2]