قانون التطور

طيف العلوم
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

قانون التطور، هو دراسة تكميليّة لنظرية التطور و للداروينية الاجتماعية، تحاول تقدّيم رؤية عامة وشاملة وإظهار تسلسل مراحل التطور ضمن قانون واحد ضمن محاولة لجمع العلوم الفيزيائية، الطبيعيّة، الأحيائيّة والاجتماعية، قدّمها الباحث العربي عبدالله صالومة لتكون من المعالجات الحديثة لنظريّة التطوّر بالاستفادة من طيف واسع من العلوم.

ظهرت هذه الدراسة مؤخراً على الأنترنت كوثيقة حديثة النشر (2010)، وهي تعتبر إحدى أحدث المؤلفات العربيّة غير المترجمة والتي تقدّم تطويراً عربيّاً لنظرية التطور و للداروينية الاجتماعية بعيداً عن المواقف التقليديّة المعارضة للفكر التطوّري الذي أسسه "تشارلز داروين" و "هربرت سبنسر"، ويلاحظ قلّة المصادر حول هذه الدراسة نظراً لحداثتها ولكثرة معارضي هذا الفكر الداروينيّ في العالم العربي.

انظر: "قانون التطوّر"


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهميّة هذه الدراسة :

يمكن اعتبار هذه الدراسة واحدة من البحوث العربيّة النادرة بل وشبه المعدومة المؤيّدة بل والمطوّرة للفكر الداروينيّ الذي يواجه معارضة بشكل عام في العالم العربي، لا بل ويمكن اعتبار "قانون التطوّر" أحد البحوث التي أضافت رؤية شموليّة لنظرية التطور بعيداً عن البحوث التفصيليّة التي ساهمت في إثبات نظرية التطور ضمن رؤية تحليليّة.


أهم المواضيع التي تعالجها هذه الدراسة (قانون التطوّر) :

يتطرّق الباحث في هذه الدراسة لعدد من المواضيع الخاصة بالتطوّر والتي يمكن أن تعتبر تطويراً أو إضافة لنظرية التطور و للداروينية الاجتماعية، يمكن إيجازها بالعناوين التالية:


قانون التطوّر وقوانين التطوّر:

إنّه ببساطة "البقاء للأفضل" والسرّ هو في كلمة الأفضل، والتي يمكن أن تحمل أكثر من معنى مما يسمح لقانون التطوّر بتطوير نفسه ليصبح "قوانين التطوّر". ففي البداية قبل تشكّل الذرات وتجمّع الإلكترونات والبروتونات لتشكيل المعقّد الأوّلي وهو الذرّات بأنواعها بدأ قانون التطوّر، حيث أنّ كلمة الأفضل كان لها معنى هو الأعقد أو الأكثر تنظيماً أو الأقل عشوائية وعفويّة في حركته، تنظم كلّ ذلك قوانين فيزيائية وكيميائية لا حاجة لنا لذكرها الآن.

وتابع التطوّر شيئاً فشيئاً إلى أن بدأت مرحلة المركبات العضوية... وكلّ هذا ضمن معنى الأعقد أو الأكثر تنظيماً لكلمة الأفضل (البقاء للأفضل – الأعقد – الأكثر تنظيماً). وبعد هذه المرحلة بدأت المركّبات العضويّة تغيّر في اتجاه تطوّرها ليكون لكلمة الأفضل هذه معنى آخر ألا وهو (القادر على تكرار الذات)، وهكذا كانت واحدات الخليّة هي الأفضل لقدرتها على تكرار ذاتها أو صنع الشبيه مما حولها من ذرّات وجزيئات... مع ملاحظة أنّ جملة البقاء للأفضل لم تكن تعني القضاء على الأقل أفضليّة بقدر ما كانت تعني سيطرة الأفضل على مجريات الأمور والذي لم يكن بادياً بقوّة في بداية التطوّر لعدم قدرة الخلايا البسيطة على السيطرة بالمعنى الذي ندركه للكلمة، بل يقصد به قدرتها على البقاء ومقاومة عوامل التفكك الخارجيّة من خلال إعادة تكرار الذات، وهذا وحده منحها الأفضلية، فحظوظ اثنين أو أكثر أمام عوامل التفكك الخارجيّة الطبيعيّة تبقى أكبر من حظ واحد...

ومن ثمّ كان لكلمة الأفضل معنى آخر بالإضافة إلى معانيها السابقة مجتمعة ألا وهو (القادر على التنقّل للحصول على أوليّات صنع الشبيه بمرونة أكبر)... هذا إضافة إلى المناعة الأكبر في مقاومة العوامل الخارجيّة الطبيعيّة... إنّها متعدّدات الخلايا التي تطوّرت بأشكال مختلفة مبرهنة قدرتها على التكاثر والمقاومة للعوامل الطبيعية المخرّبة، والحركة سعياً للمواد لأولية. ولكن الأهم من كلّ هذا هو توريث الشبيه المركّب صفات الكائن الأصلي والقدرات ذاتها بل وتحسينها عن طريق الطفرات. وهنا كان للطفرات دورها الأساسي في التطوّر... فبما أنّ التكاثر كان على أوجه وبكميات كبيرة فكان لابدّ من حصول أخطاء بتوريث المعلومات التي تضمن للشبيه بأن يكون مثل سابقه، وهكذا كان الاختلاف يولد رغم التشابه بشكل عام بين الجيل الجديد إلاّ أنّ الطفرات كانت توجد الفارق بين بعضهم ليكونوا: إما أضعف فمصيرهم الانقراض عن طريق عدم التكاثر أو الفشل في مقاومة العوامل الخارجيّة الطبيعيّة، وإما أن يكونوا حاملين لصفات تمنحهم الأفضليّة فيكّونوا النوع الجديد المتطوّر...

وهكذا تابع التطوّر طريقه لتأخذ كلمة الأفضل معنى القادر على الافتراس للحصول على المواد العضوية متجمّعة عوضاً عن السعي وراء فتاتها، ثمّ تأخذ معنى الأقوى... فوصول الكائنات الجديدة إلى مرحلة متطوّرة بدأت توجد لديهم طرقاً أفضل للحصول على المكوّنات الأساسية للاستمرار في الحركة (الحياة) والاستمرار في الحصول على المواد الأوليّة لصنع الشبيه (التكاثر). وقد كانت هذه الطرق الجديدة هي الحصول على هذه المكوّنات من الكائنات الحيّة الأخرى لأنّها تملك نفس المركّبات العضويّة في جسمها. وهنا بدأت عمليات أكل الأحياء للأحياء سواء حيوان لنبات أو حيوان لحيوان من أجل البقاء للأفضل (القادر على الافتراس) (فالأقوى). وذلك إضافة إلى المعاني السابقة كلها لكلمة الأفضل... وفي النهاية المرحلية (الإنسان) بدأت كلمة الأفضل تحمل معنى آخر حين بدأ الإنسان بدخول سلسلة التطوّر، وهذا المعنى هو: البقاء للأذكى... إنّه العقل... لقد بدأ يلعب دوره الفعّال المسرّع للتطوّر... ولكن هذه السلسلة لم تقف عند هذا الحدّ كما تظن الأغلبية من الناس... فالإنسان ليس قمّة هذه السلسلة لأنّها أعقد من أن تقف عند كائن ما...

وهكذا نعود لكلمة النهاية المرحليّة... فالإنسان كان نهاية مرحليّة لسلسلة التطوّر ولكنه ليس النهاية الكليّة... فأمامنا الآن كائنات أكثر تطوّراً من الإنسان في سلسلة التطوّر...

بدأت هذه المعقّدات التطوّرية تأخذ شكلها الجديد حين بدأت كلمة الأفضل تحمل معنى إضافياً لها ألا وهو: الأكثر اجتماعيّة (تعاوناً)، وجاءت نتيجة هذا المعنى المعقّدات التطوّرية الجديدة وهي المجتمعات... فتعاون الإنسان مع بني جنسه جعله جزءاً من منظومة حيّة جديدة في سلسلة التطوّر، أصبح يحمل مهمة خاصة فيها ولـه ضمنها حقوق وعليه واجبات... والأهم من ذلك كله أصبحت لـه وظيفة... فكما اختصّت الخلايا في أجسام الكائنات المتطوّرة بوظائف تميّزها عن غيرها كذلك أصبح للإنسان وظيفة يختص بها في مجتمعه... لقد أصبح هذا الكائن الجديد "المجتمع" يمتلك قوّة وتفكيراً وتنظيماً هائلين... فكما تعجز واحدة الخليّة عن مجاراة الحيوانات سواء المعقّدة أو البسيطة في تطوّرها، كذلك لم يعد بمقدور الإنسان المنفرد مجاراة المجتمعات المنظّمة...

ومن ثم تأخذ نظرية التطوّر منحى الأكثر تنظيماً من حيث تنظيم المجتمع البشري لجميع عوامل الحياة من حوله (مصادر طاقة + كائنات أدنى كمصادر غذاء...) ليصبح المجتمع الأكثر قدرة على البقاء هو الأكثر قدرة على تنظيم نفسه وما حوله... للوصول إلى "الهرم الأرضي الكبير"...حسب رأي صالومة كاتب الوثيقة.

الهرم الأرضي:

يمكن تشبيه أنواع الكائنات المستقلة بشرائح يتناسب قطرها (أو مساحة سطحها) مع أعداد أفراد النوع... وبترتيبها من الأسفل إلى الأعلى، من الأقل تطوّراً إلى الأعقد في سلسلة التطوّر، ينتج لدينا هرم لم يتم بلوغ رأسه بعد، ولكن قاعدته الواسعة يمكن اعتبارها واحدات الخليّة الأكثر أعداداً، وتتناقص أعداد هذه الأنواع بالارتفاع... وهذا تناقص منطقي، فلو أنّ أحد الأنواع ازداد في العدد تسبّب في انقراض النوع الذي تحته والذي يعتمد عليه في الغذاء مما يؤدي إلى نقصان النوع المتكاثر لقلّة الغذاء (التوازن الطبيعي). وهكذا يعود قطر (أعداد) النوع إلى الحالة الطبيعية وهي أقل من الذي تحته وأكثر من النوع الذي فوقه ليشكّل هرماً يعلوه نوع بقطر يفترض أن يكون أصغر نسبياً هو الإنسان وفوقه يستمرّ التطوّر إلى أن نبلغ الذروة التي لم تكتمل بعد وإنّما يمكن تخيّلها وهي المجتمع المثالي الذي يجعل من الكرة الأرضية كائناً واحداً البشر هم خلاياه ومنظموه.

بعد الوصول إلى مرحلة "الهرم الأرضي الكبير" سوف يستمرّ التطوّر للوصول به إلى حالة مثالية من حيث مساحات السطوح النوعيّة وتناسبها مع مساحة الكرة الأرضيّة، وعندها سيكون الرأس القائد لهذا الهرم المثالي هو المجتمع المثالي المنظّم... أيّ أنّ بقية المجتمعات الأقل تطوّراً تكون قد انقرضت لمنافستها لهذا المجتمع المثالي على الموارد وعدم قدرتها على الصمود أمام تطوّره وتنظيمه ومثاليته. سيكون هذا المجتمع مؤلفاً إما من خلاصة الهرم الرئيسي الذي تطوّر من أحد المجتمعات أو أنّه سيكون مؤلفاً من اتحاد مجموعة الأهرامات المتطورّة وتكوين خُلاصة من العقول والقوى الممتازة في هذه الأهرامات المتحدة... وهنا سيكون لدينا الهرم الأرضي الكبير المثالي، فتكون فيه جميع الكائنات الحيّة على الأرض برئاسة المجتمع البشري المثالي قد كوّنت هذا الهرم... وبالطبع وكما يتبادر إلى الذهن سيكون هذا الهرم الأرضي الكبير قد أصبح آخر كائنات سلسلة التطوّر... كائناً من نوع جديد... فكما كان المجتمع نوعاً جديداً من الكائنات التي تعيش على غيرها من الكائنات فإنّنا نرى أنّ التطوّر سيجعل من هذا الهرم كائناً آخر، من نوع آخر أكثر تطوّراً لا قدرة لأيّ مجتمع على الصمود أمامه، كما لا يمكن لأيّ إنسان أن يصمد أمام المجتمع... هذا الكائن الجديد الأكثر تطوّراً في سلسلة التطوّر هو كائنٌ مستقلٌ بذاته لا يحتاج إلى كائنات أخرى ليعيش عليها، فهو يعيش على المنتجات الأوليّة التي تعطيه إياها الأرض والطاقة الشمسية، ويوجد داخله كائنات مهمة كلّ منها تحويل هذه الطاقة والتغذّي عليها ومن ثمّ إفادة الكائنات الأخرى بالتغذّي على هذه الكائنات حتى نصل إلى العقل المدبّر في هذا الكائن وهو المجتمع البشري.

ولفهم أسلوب عمل هذا الكائن الجديد في سلسلة التطوّر "الهرم المثالي الأرضي الكبير" يمكن تشبيهه بواحدة الخليّة... فكما أنّ واحدة الخليّة تعيش على استهلاك المواد الرئيسية في الكرة الأرضيّة مع الاستفادة من الطاقة الشمسية، ويوجد بداخل هذه الواحدة الخليّة مجموعة معقّدة من الأنزيمات والـ د.ن.آ DNA والـ ر.ن.آ RNA والحموض العضوية المعقّدة التي تقوم بالاستفادة من هذه المواد الرئيسية والطاقة الشمسية لإيصال الغذاء بشكله المطلوب إلى نواة الخلية وإبقاء هذه الخليّة قادرة على الحياة، فكذلك يعمل هذا الهرم الأرضي الكبير المثالي فهو يأخذ المواد الرئيسية والطاقة الشمسية وتقوم فيه طبقات الكائنات الحيّة بالاستفادة منها وتحويل الطاقة والمواد إلى غذاء بشكله المناسب يتلقاه المجتمع البشري المثالي في هذا الهرم والذي يمكن تشبيهه بالنواة في واحدة الخليّة... وهكذا يمكن الوصول لاستنتاج أنّ هذا الهرم هو آخر وأحدث الكائنات في سلسلة التطوّر والذي يمكن الوصول إليه بعد زمن قد لا يكون بعيداً.

ساعة التطوّر:

ولكن قوانين التطوّر وسلسلة التطوّر لا تتوقّف والتطوّر ما يزال مستمراً فإلى أين يمكن الاتجاه وكيف يمكن انستنتاج طبيعة عمل قوانين التطوّر بعد "الهرم المثالي الأرضي الكبير" ؟‍‍

للإجابة على هذا السؤال يجب العودة إلى بدايات شرح "قانون التطوّر" حيث تم تحديد نظام عمله وفق "البقاء للأفضل" والتغيير في كلمة الأفضل يعطي المنحى الجديد لقانون التطوّر، وقد كان آخر معنى لكلمة الأفضل تم التوصل إليه سابقاً هو (الأكثر تنظيماً)، ويمكن الجزم الآن بأنّ "الهرم الأرضي الكبير المثالي" هو فعلاً الأكثر تنظيماً... إذاً فإنّ المعنى الذي أخذته كلمة أفضل في هذه المرحلة وهو (الأكثر تنظيماً) قد وصل إلى غايته... ليظهر تسلسل المعاني التي وصلت إليها كلمة الأفضل في سلسلة التالية: (الشكل 1)

1 - تسلسل قانون التطوّر

بالتدقيق والمقارنة بين هذه المراحل المتّصلة ببعضها يلاحظ تشابهاً في معنى كلمة الأفضل بين المعنى الأول والمعنى الثامن فهو في كلاهما (الأكثر تنظيماً – تعقيداً). وبالمقارنة بين القفزة التي جرت بين المعنى الأوّل والثاني وهي "واحدات الخلايا" مع القفزة التي أنهت المعنى الثامن وتوجّهت نحو التاسع المجهول، وهي "الهرم الأرضي الكبير المثالي" يمكن ملاحظة تشابههما لحدّ ما من حيث اعتمادهما بغذائهما على المواد الأساسية غير الحيّة والطاقة الشمسية... ومع توقّع لمستقبل الهرم الأرضي يمكن التقدير أنّه سيسعى إلى التكاثر عن طريق إيجاد كواكب أخرى قابلة للعيش، أيّ للاستفادة من مواردها الأساسية والطاقات النجميّة (الشمسية) فهو بالتالي سيسعى إلى التكاثر كما فعلت واحدات الخليّة الأولى وسيكون سعيه هذا أحد دوافع التطوّر. ونتيجة لوجود المنافسة غير الواضحة حالياً بين الهرم الأرضي الكبير والأهرامات الموجودة في الكواكب الأخرى الحيّة (من نسمّيهم سكان الفضاء) فنتيجة للمنافسة والصراع بينهم والبقاء للأفضل حتى ولو لم يكن هذا الأفضل (سكان الفضاء) موجوداً، أو أنّه لم يصل إلى مرحلة الهرم الكبير فإنّ دافع التكاثر سيظلّ موجوداً وسيظلّ المعنى الجديد لكلمة الأفضل في نظريّة التطوّر هو القادر على تكرار الذات (أو إنتاج الشبيه) (التكاثر)... وبهذا التسلسل المنطقي للمقارنة بين بداية سلسلة التطوّر ونهايتها يمكن وصل البداية بالنهاية ضمن حلقة واحدة تسير باتجاه واحد وتؤلّف المعاني الأساسية التي تتخذّها كلمة الأفضل في قانون التطوّر وهي سبع... مع ملاحظة أنّ التطوّر لا يكرّر نفسه عند العودة إلى البداية وإنّما هو يأخذ نفس المعنى التقريبي ولكن في مستوى كائنات معقّدة أرقى من سابقتها. (الشكل 2)

2 - ساعة التطوّر

حيث أنّ اتجاه مسير الزمن هو الاتجاه المبيّن في (الشكل 2) مع ملاحظة أنّ هذا الزمن هو الزمن المتأثّر بقانون التطوّر، وهو الزمن المعروف في الكون والمسمى البعد الرابع، وهو الزمن الموجب دوماً والمتزايد بانتظام... وإنّ مركز هذه الدائرة هو قانون التطوّر أو "البقاء للأفضل"، وبالتالي يمكن تشبيه هذه الدائرة المقسّمة بساعة عقربها هو جملة "البقاء للأفضل" وهو العقرب الوحيد والذي يدور باتجاه دوران الزمن ومركز دورانه هو قانون التطوّر... إنّ هذا العقرب "البقاء للأفضل" قد بدأ عمله – أيّ دورانه – عند بداية "الأكثر تنظيماً" وبدأ هذا العقرب بتسيير التطوّر إلى أن وصل في مرحلتنا الحاليّة إلى قرب نهاية "الأكثر تعاوناً" وبدأ نتيجة تداخل "الأكثر تعاوناً" مع "الأكثر تنظيماً" بالولوج في بدايات الأكثر تنظيماً... ولكنه ليس "الأكثر تنظيماً" الأولّي الذي انطلق منه.

الدورة الثانية لهذا العقرب ستكون شبيهة بالدورة الأولى من حيث طريقة التطوّر ولكن في الدورة الأولى كانت البداية بعد "الأكثر تنظيماً" من واحد الخليّة وستكون البداية في الدورة الثانية بعد "الأكثر تنظيماً" من الهرم الأرضي... فبوصول معنى كلمة الأفضل إلى (القادر على تكرار الذات) يكون هذا الهرم الأرضي قد وجد بنفسه القدرة على إيجاد الشبيه ولكن ليس على الكرة الأرضيّة وإنّما في كوكب آخر قابل للحياة عليه وبالتالي فإنّ هذا الهرم سوف يزيد من حجمه المؤقت عما تتحمله مساحة الأرض ومن ثمّ سوف يقتطع من نفسه شبيهه ولكن أصغر منه، والذي يمكن تشبيهه بسفينة نوح المصغّرة للحياة الأرضية أو الهرم الأرضي ومن ثمّ سينطلق هذا الشبيه في مركبة فضائية تماماً كما في فُلك نوح باتجاه كواكب أخرى قابلة للحياة... ولن يكون هذا الانقسام وحيداً، فالتكاثر عند الهرم الأرضي لن يقف هنا بل إنّه سيرسل العديد من سفن نوح باتجاه كواكب أخرى قابلة للحياة... ولكن وبسبب الزيادات المستمرة لحجم الهرم قبل عمليّة الاقتطاع (الانقسام) فإنّه سيكون قد استهلك المواد الأوليّة الموجودة على الكرة الأرضية بعد أن حوّلها إلى كائنات حيّة أو أهرامات صغيرة أرسلها في الفضاء لتصل إلى كواكب قابلة للحياة لتؤسس عليها أهرامات كبيرة (بعد تزايدها في الحجم). ولكن وبداعي النقص في المواد الأساسية على الأرض فإنّ عقرب "البقاء للأفضل" سيكون قد بدأ يشير إلى "القادر على الحركة" نتيجة الحاجة الملحّة للوصول إلى المواد الأساسية في بناء الأهرامات... ليجد هذا الأهرام الأرضي الكبير الوسيلة ليغادر الأرض بعد أن يستهلك مواردها أو أنّه سيحاول الحصول على الموارد من أقرب الكواكب، أيّ أنّه سيحاول الحركة للانتقال من كوكب الأرض الخاوي... ومن ثمّ فإنّه قد يُنشئ أهرامات صغيرة على كواكب المجموعة الشمسية بعد أن يحوّلها إلى كواكب قابلة للحياة أو أن تعزل أجزاء منها لتكون قابلة للحياة، وذلك للحصول على كلّ المواد الأساسية للبناء والتكاثر... وتكون هذه الأهرامات الصغيرة تابعة للأهرام الأرضي الكبير وهي كذراع لـه لها وظيفتها إحضار المواد الأساسية، ويمكن تشبيه ذلك ببدايات تطوّر واحدة الخليّة إلى كائن متطوّر وهو متعدّد الخلايا التي تملك وحدة المصير ووحدة المكان المعيشي القريب ووحدة الاتصالات فيما بينها والتنظيم في الوظائف... لتصبح المجموعة الشمسية مؤلفة حينها من مجموعة كواكب عليها مجموعة أهرامات تؤلف مع بعضها كائناً واحداً هو (متعدّد الأهرامات) نسبة إلى (متعدد الخلايا) وسيقوم بالتكاثر من جديد بإرسال مصغرات للأهرامات (سفن نوح) تحمل معها الأفكار الجديدة عن الكائن الأكثر تطوّراً وهو (متعدد الأهرامات) حيث يمكن تشبيه هذه الأفكار الجديدة بالمورّثات الموجودة في البيضة (سفينة نوح) حيث ستقوم هذه السفينة بزيادة حجمها حين تصل إلى الكوكب القابل للحياة ومن ثمّ تصل إلى حالة الهرم الكبير ومن ثمّ تقوم بإرسال أذرعها إلى الكواكب القريبة (أهرامات صغيرة) لتشكّل شبيهاً لـ (متعدد الأهرامات) ومنفذة بذلك للأفكار المحمولة فيها أيّ للمورثات... ورغم ذلك فإنّ هذا الكائن (متعدد الأهرامات) حين سيجد أنّ الكواكب التي يعيش عليها أصبحت خالية من الموارد الأساسية نتيجة استهلاكه لها لزيادة حجمه ولتكاثره من جديد فإنّه سيقوم بنقل نفسه ككل في مراكب فضائية تحطّ على كواكب مدّة من الزمن لتأخذ منها الموارد الأساسية وتقوم بالتكاثر ومن ثمّ الانطلاق...

3 - محور التطوّر في الدورة الأولى لساعة التطوّر

وهكذا وكما بدأت أولى متعددات الخلايا بالحركة والتكاثر واستهلاك المواد الأساسية... ستقوم (متعددات الأهرامات) بنفس الوظائف ولكن بما يتناسب مع الزمن الذي تعيش فيه والمساحات الشاسعة التي تتحرّك فيها... ومن ثمّ وبعد أن تكتظّ المجرّة بالكائنات الجديدة ومن ثمّ الكون ستبدأ هذه الكائنات الهرميّة (الخلويّة) بالتعقّد والتعاون والتهام الضعيف منها وتحويله إلى مواد أساسية لسهولة الحصول عليها وتجمّعها في مكان واحد وبهذا يكون رأس العقرب قد أشار إلى "الأكثر قدرة على الافتراس" ومن ثمّ سيبدأ عهد القوة، فالأكثر قوّة بين هذه (المتعددات الأهرامات) سيفترس الأضعف... وسيصبح لهذه المتعددات الأهرامات طرائق في التعامل والتأقلم مع الأماكن الكونية المختلفة وسيصبح لها طرق مختلفة في التنظيم والتعامل والتخصّص في الوظائف بين مختلف الأهرامات في المتعدد الواحد... ومن ثمّ تأتي مرحلة البقاء للأذكى... فالأذكى بين هذه المتعددات الأهرامات سيكون القادر على السيطرة على غيره من المتعددات الهرميّة وسيكون الأكثر قدرة على البقاء وإبادة متعددات الأهرامات لتحويلها إلى مواد أساسية لتغذيته لكي يكون قادراً على التكاثر من جديد وزيادة حجمه وأعداد الأهرامات التابعة لـه... ومن ثمّ التعاون سيكون سائداً بين هؤلاء الأذكياء بين (متعددات الأهرامات)... ومن ثمّ التنظيم الأمثل فيما بينهم لقيادة جميع تلك المتعددات الأهرامات بمختلف أنواعها وجعلها جزءاً من كائن هائل عظيم يكون قائده هو تجمّع متعدّد الأهرامات الذكيّة الشبيه بـ (المجتمع الإنساني) ويكون هذا الكائن الهائل يضم تحت لوائه جميع أنواع تلك المتعددات الأهرامات ويقوم بتنظيم العلاقة فيما بينها لتشكّل كائناً عظيماً يمكن تسميته بالمخروط الكوني الكبير لشبهه بـ (الهرم الأرضي الكبير)... وهكذا دواليك ستستمر ساعة التطوّر بالدوران...


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

محور التطوّر أو الخط البياني للتطوّر:

4 - منحني التطوّر في عدد من دورات ساعة التطوّر

(الشكل 3)وهنا تم تحديد لحظة ولادة الحياة الأولى على الأرض وبداية أولى أشكال الكائنات هي اللحظة 0، لتكون بداية مقياس الزمن وكلّ ما هو بعدها موجب زمنياً وكلّ ما هو قبلها سالب زمنيّاً، كما تم اعتبار انعدام التعقيد نهائياً (وهي حالة الإلكترون الشارد) هو حالة 0 التعقيد، وكلّ ما هو معقّد بعدها يكون موجباً حتماً لأنّه أكثر تعقيداً من حالة انعدام التعقيد في الإلكترون الشارد.

ويمكن الملاحظة أنّ هذا المنحني يمثّل الدورة الأولى من ساعة التطوّر وذلك قبل البدء بمرحلة البقاء للأكثر تنظيماً. ولكن يمكن افتراض أنّ هذه المرحلة ستكون قريبة الحصول، في غضون 50 عاماً بعد تطبيق المجتمع المثالي، مما سيسمح بالتنبؤ بسير الخط البياني للتطوّر أثناء الدورة الثانية لساعة التطوّر. بعد ذلك وباعتبار أنّ الكائنات التي سيصل إليها التطوّر في نهاية الدورة الثانية ستكون قد وصلت إلى قدرات هائلة وإمكانيّات كبيرة تفتح أمامها مجالاً لدورة ثالثة في التطوّر، فيمكن تصور استمرارية هذا الخط البياني في تلك الدورة بمنحنى ثالث شبيه بالمنحنيين الأوليين، وذلك في التصوّر البعيد جداً لقوانين التطوّر في دورتها الثالثة مما يظهر أنّ هذا الخط البياني سيكرّر نفس هذا المنحني عند كلّ دورة، والاحتمال الأكبر هو أن تكون كلّ المنحنيات متساوية القياس ومتشابهة تقريباً من حيث مجالها على محوري الزمن والتعقيد ليستمرّ هذا الخط البياني بانحناءة إضافية تعبيراً عن كلّ دورة جديدة في ساعة التطوّر ليبدو كما في (الشكل 4)

5 - حجم منحني التطوّر


ملحق توضيحي للخط البياني لمسار التطوّر:

بعد رسم هذا الخط البياني يمكن إضافة محور ثالث فراغي ليحوّل مساحات الكائنات الحيّة والمادة المحدودة بين الخطّ البياني ومحور الزمن إلى حجوم تُظهر كمياتها المتواجدة بالإضافة إلى مدى تطوّر هذه الكائنات في زمن ما، وذلك بعد إضافة محور الكميّة العمودي على المحورين السابقين، والذي يتقاطع معهما في نقطة تقاطعهما وهي نقطة الزمن 0 لتتّضح علاقة هذه المحاور الثلاثة مع التطوّر من خلال الشكل الفراغي : (الشكل 5)

6 - الحجم الكلّي لمنحني التطوّر

وبتقدير تقريبي لعدد واحدات الخليّة اللازمة لبناء تلك القاعدة المهولة لذلك العدد المتزايد من الأهرامات والتي ستتنوّع لتنتهي إلى المخروط الكوني الكبير، يمكن تقدير أنّ تلك الكمية ستتزايد بشكل مهول، في حين أنّ تزايد عدد الأهرامات الأرضية سيكون بمقدار تزايد واحدات الخليّة في الدورة الأولى، ولإدراك مدى الكمية اللازمة أيّ المستخدمة في تكوين ذلك الكائن المهول المسمى بالمخروط الكوني الكبير، فيكفي معرفة أنّه سيمتدّ مساحة على كامل الكون مستخدماً من المواد الأوليّة الكونية كلّ ما أمكن لتوسيع ذاته، مما سيعطي قاعدته التحتية كبناء مخروطي اتساعاً يمكن تخيّله برسم تتمة المنحني اللغرتمي المرسوم على مستوي عام وجود ذلك الكائن كما في (الشكل 6)


التطوّر والرجل الآلي والمجتمع المثالي:

لتبرير عدم وجود النبات المفكّر في سلسلة التطوّر، يمكن التوضيح أن سرعة الحيوانات في الحصول على الغذاء دون تعب (بتناولها لكائنات أخرى)، وكذلك قدرتها على الحركة وتطويرها لها منحها القدرة على التطوّر السريع لكي تصل إلى مرحلة العقل قبل أن يحاول النبات حتى للوصول إلى إيجاد أولى الخلايا العصبيّة في جسمه كما استطاع إيجادها بتأخير كبير في النباتات المفترسة للحشرات... هذه السرعة التي امتاز بها أسلوب الحيوانات في الحياة والغذاء والحركة منحتها القدرة للوصول إلى مرحلة العقل... ولكن إدراك الإنسان لعيوبه، ومن أهمّها تغذّيه على الكائنات الأخرى، دفعه وبمقدرة عقله لاختراع هذا الكائن "النبات المفكّر" وأسماه "الرجل الآلي" أو "الكمبيوتر أو العقل الآلي". فهذا الرجل الآلي أو العقل الآلي (وهو فعلياً رجل آلي بعقل كومبيوتر) يملك فعلاً عقلاً قريباً جداً من العقل البشري ولكّنه لا يتغذّى على الحيوانات، فهو لا يحتاج سوى للطاقة، ولكي يتمّ تكاثره أو تعويض التالف منه فهو يحتاج إلى جزيئات وذرّات أوليّة يصنعها الإنسان لمصلحته أو يصنعها بنفسه عن طريق برمجة الإنسان لـه ليفعل ذلك... إنّه نبات (غذائياً) بعقل مفكّر... ومحاولات العلماء الآن محصورة في هذه الناحية من حيث الحصول لـه على عقل أقرب ما يكون إلى العقل البشري أو يفوقه لكي نصل فعلياً إلى اختراع الكائن الذي كان يجب على التطوّر إيجاده (وربما كان لابدّ لـه من إيجاده بطريقة الوصول إلى الإنسان أولاً)، إنّه فعلياً وككائن أقلّ رقيّا من المجتمعات لكونه فرديّاً مبدئياً وهو أكثر رقيّاً من الإنسان في حال استطاع الإنسان أن يوصله إلى قدرة تصنيع ذاته بمعامل آليّة... وبتزويده بذكاء بشري مطوّر... ومن هنا يمكن القول أنّ "المجتمع المثالي" والذي سيقوم بتنظيم وقيادة "الهرم الأرضي" يشابه الرجل الآلي المثالي من حيث العقل البشري المثالي الذي يشابه المفكّرين المنظّمين للمجتمع، وبقايا أعضاء الرجل الآلي فهي إما أناس أو رجال آلية تقوم بأعمال تنظيم إدارة بقية أعضاء المجتمع المثالي... هذا "المجتمع المثالي الآلي" هو المجتمع المثالي المنشود نهائياً، والذي يصعب تطبيقه حالياً في المجتمعات المتخلّفة... ولكن تطبيقه ممكن في المجتمعات المتقدّمة، ويمكن أن نلمس هذا في عمليّة تحويل المجتمعات المتقدّمة إلى الاتجاه الآلي الحاسوبي والاستغناء عن البشر (البطالة في المجتمعات المتقدّمة) في الأعمال اليدويّة العضليّة لينتهي بها المطاف وضمن مسيرة التطوّر إلى "المجتمع المثالي الآلي المعلوماتي" الذي لا يحوي من البشر سوى المفكّرين أو العقول فقط... وهذا المجتمع سوف يكون قادراً على الاختصار الكبير في حجم الهرم الأرضي المثالي الكبير لعدم حاجته للحيوانات والنباتات لغذائه سوى القليل منها للعقول مما سيسمح لـه كهرم أرضي بأن ينقل نفسه لصغر حجمه وعظمة تطوّره إلى كواكب أخرى بحثاً عن المواد الأولية التي لم تعد هنا عضويّة وإنّما معدنية للآلات والكومبيوترات وعضوية قليلة للباقي من الكائنات العضوية فيه التي تغذّي العقول... إنّه الآن هرم متنقّل بسهولة كما الخليّة المتحرّكة.

والعلماء هنا هم من يحفظون عقولهم في برامج يصممّونها تشابه أسلوب تفكيرهم ليكونوا قد حموا أفكارهم (د.ن.آ DNA) من التلف أو الموت... وذلك داخل هذا الحاسب أو ذلك الحاسب المركزي. وهذا بالطبع أسلوب للبقاء... وللهروب من الموت... حيث سيقوم هذا الحاسب أو الحاسب المركزي في المجتمع المثالي (المجتمع المعلوماتي الاشتراكي والمنظّم نازياً) بالتكاثر بطرق (انقسام أو تصنيع) وذلك على مساحات الكواكب في المجموعة الشمسية ثمّ الكون للوصول إلى المخروط الكوني الكبير... ولكّنه يحمل في داخله مورّثات العصر الجديد أو الدورة الثانية لساعة التطوّر وهي البرامج المعلوماتية أيّ (د.ن.آ DNA) أفكار العلماء سواء منها الاجتماعية (المؤسسة للمجتمعات المثالية) أو غيرها، والقادرة على إيجاد الهرم الأرضي الكبير واستمرار تطوّره وبقاءه وتكاثره.


المجتمع المعلوماتي الآلي الشيوعي النازي... أو المجتمع المثالي الآلي:

لفهم هذا الكائن الجديد وتلمّس مظاهر بدايات تكوّنه وشبه استحالة منعه، خصص هذا القسم الأخير لمحاولة وصفه، تبرير صفاته و توضيح مظاهر بدايات تكوّنه فيما بيننا دون أن ندركه.

صفاته: هو متعدد أفراد (بين بشر وآلات) وقد يغلب عليه الطابع الآلي لا بل وقد ينعدم البشر فيه حين سيصبح الاستغناء عنهم ممكناً... وتقوم فيه الآلات بعمليّة تصنيع نفسها أو لنقل تصنيع الأجيال الجديدة منها وبرمجتها معلوماتيّاً لمتابعة عمليّة التوسّع والتكاثر (والتكاثر هنا هو تكاثر للمجتمع اللآلي أو للهرم الأرضي اللآلي ككل وليس تكاثر للأفراد)... وهو شيوعيّ (نباتيّ) من حيث اعتماده على موارده الأرضيّة الخاصة وعدم وجود استغلال داخليّ بين أفراده (فالجميع هم عناصر تساهم في بناء المجتمع ولا ينظرون لبعض كأفراد مُستغِلّة ومُستَغلّة) كما وعدم استغلاله أو افتراسه لمجتمعات أخرى أو لأهرامات أخرى... وهو نازيّ من حيث ضبطه الكامل لمتطلبات الكمال والمثاليّة في تصنيع الجيل الجديد وعدم ترك المجال للصدفة والعفويّة في تكاثر أو تصنيع الأجيال الجديدة من الآلات... أو حتّى في تكاثر الكائنات الكربونيّة ومنها البشر إن ظلّوا فاعلين فيه... فالتكاثر هنا مضبوط ومنظّم حسب المتطلبات في الهرم الأرضي الكبير.

تبرير صفاته: قد يبدو للقارئ أنّ هذا الكائن الجديد آتياً من قصص وأفلام الخيال العلمي... لكن مؤلفي هذه القصص والأفلام لم يبتدعوها جزافاً ولكنّها جاءت نتيجة لتحليلهم للأمور العلميّة ودراسة آخر ما توصّل له العلم من حقائق بنيت عليها رؤيتهم وتوقّعاتهم... وما تحقق بعض قصص ومؤلفات "جول فيرن" مثل "رحلة إلى سطح القمر" و "عشرين ألف فرسخ تحت سطح الماء" إلا دليل على تبصّر العلم وقدرته على توقّع ما سيأتي.

وأما توقع هذا الكائن الجديد "المجتمع المثالي الآلي" فهو يظل ضمن حدود الضبابيّة وعدم الدقة الكاملة لما لعوامل تشكلّه من إمكانيّة للتغيير... لكن تظل المعطيات العلميّة والوقائع المرئيّة والمعاشة في نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين (كالتطوّر الهائل للمعلوماتيّة والتصنيع الآليّ والانترنت من جهة والبطالة والأزمات الاقتصادية وانهيار الأنظمة البيئية والتغيرات المناخية والانقراض من جهة أخرى) بالإضافة إلى المنطق العلمي الاستنباطي في دراسة قوانين التطوّر... يظل كل ما سلف مبرراً لحتميّة ظهور هذا الكائن "المجتمع المثالي الآلي" بصفاته: المعلوماتية، الآليّة، الشيوعية (أو الاشتراكية) كما النازية... أو لنقل يظل كل ما سلف مبرراً لحتميّة تطوّر المجتمعات البشريّة المتقدّمة للوصول إليه.

مظاهر بدايات تكوّنه: قد يجادل الكثيرين حول استحالة سيطرة الآلات أو قدرتها على تجاوز البشر كونهم صانعيها... أو حتّى استحالة تطوّر الآلات دون بشر يقومون بتطويرها... لكنّ كل هذه الأفكار تظل صحيحة عندما التفكير كأفراد والنظر للآلات كآلات منفردة وليس كمجتمع آليّ يتطوّر تدريجيّاً من داخل المجتمع البشري المتقدّم... إن حال من يجادل من هذا المنظور كحال خليّة في جسم قرد ترفض الاقتناع أنّ خليّة انقسمت منها قد تضعها في حديقة الحيوانات... لكنّ الحقيقة أنّ تطوّر كامل الخلايا المشكّلة للقرد، وعلى مرّ الأجيال، أوصل إلى مجموعة خلايا تشكّل الإنسان... وفي النهاية تم وضع القرد في حديقة الحيوانات من قبل الإنسان.

وأما عن مظاهر هذا التطور (القردالإنسان) أو تحديداً "المجتمع البشري المتقدّم" ← "المجتمع المثالي الآلي" فهي تتمثّل بعدد من النقاط مثل: - تطوّر التصنيع في المجتمعات المتقدّمة إلى المكننة (دخول الآلة) والبرمجيّة (دخول المعلوماتيّة) والاستغناء عن اليد العاملة وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة رغم انخفاض عدد السكان لقلّة الإنجاب في هذه المجتمعات... - تدهور المناخ والأنظمة البيئيّة نتيجة للتلوث الناتج عن الصناعات المتطوّرة مما يهدد الموارد الغذائيّة للبشر والكائنات الكربونيّة لكنّه لا يؤثر على الآلة والمجتمع الآلي (وكأنّ هذا الكائن الجديد يغيّر بظهوره مواصفات الأرض لمصلحته ودون الاكتراث للكائنات السابقة التي تؤول إلى الانقراض)... - بداية تشكّل الجهاز العصبي لهذا الكائن "المجتمع المثالي الآلي" والمتمثّل بشبكة الانترنت والتي تمتدّ وتسيطر على كامل الكرة الأرضيّة أو لنقل على المراكز الفاعلة فيها...

7 - شجرة التطوّر

كل ما سلف يؤكد أن هذا الكائن "المجتمع المثالي الآلي" هو في طور التشكّل أو التطوّر وهو في طريقه لبناء "الهرم الأرضي الكبير" ضمن احتياجاته ليبدأ هذا الهرم رحلته في الدورة الثانية لساعة التطوّر نحو الكون... وما بعده... حسب رأي الكاتب صالومة.

شجرة التطوّر:

وتقدّم نظرة عامة للكائنات وتسلسلها في الدورة الأولى لساعة التطوّر (الشكل 7)


مواضيع أخرى تطرّقت لها هذه الدراسة (قانون التطوّر) :

تطرّقت هذه الدراسة لمجموعة مواضيع فلسفيّة، اجتماعيّة، فيزيائيّة و أحيائيّة بهدف دعم وتوضيح الأفكار الأساسيّة في الدراسة مثل :

  • اللامتناهيات.
  • خفض عدد السكان.
  • الحريّة وقانون التطوّر.
  • الزمن وقانون التطوّر.
  • التكاثر وقوانين التطوّر.
  • الغذاء والتطوّر.
  • المتعة والتطوّر.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر :

صالومة، عبدالله، "قانون التطوّرمستندات غوغل، 2010.


انظر أيضاً :