عبد الله بن عمرو بن العاص

عبد الله بن عمرو بن العاص
وُلِدَ7 ق.هـ/587 أو 589م
توفي65 هـ/ح. 684-685 م
عسقلان (مختلف عليها)
المهنةراوي حديث ومفتي
الوالدان
العائلةمحمد بن عمرو (أخ غير شقيق)
محمد بن عبد الله (ابنه)
شعيب بن محمد (حفيده)

عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي (و. 7 ق.هـ/587 أو 589م - ت. 65 هـ/ح. 684-685م)، هو صحابي أسلم قبيل أبيه عمرو بن العاص وهو أكبر أبنائه وكان من العلماء العباد رواة الحديث.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

هو عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشي السَّهْمي، وأمُّه رَيْطة بنت منبه من بني سهم، وُلِدَ في مكة، سنة 7 قبل هجرة النبي محمد ولم يكن بينه وبين أبيه عمرو بن العاص (ت. 43هـ) إلا اثنتا عشرة سنة من العمر[1]، كنيته هي أبي محمد. أسلم عبد الله قبل أبيه، كان يسمى العاصّ تبعاً لاسم جدّه، فسمّاه النبي عبدَ الله، وقد ترعرع في أسرة ميسورة الحال تعنى بالتجارة الخارجية، وأجاد عبد الله السريانية.

كان عبد الله مثالاً رائعاً للفضيلة والانقطاع للعبادة والنسك، جمع بين العلم والعمل، واشْتُهِرَ بكثرة الحديث والاجتهاد، وصحّ عنه كثرة صيام النهار وقيام الليل والزهد والعمل للآخرة، حتى كبر وضعف وكُفَّ بصرُه، فندم على عدم أخذه برخصة النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال له: «بلغني أنك تقول: لأقومَنَّ الليل وأصومَنَّ النهار ما عشت، فقال: لقد قلتُه، فقال له: لاتفعل، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ»، وهكذا أفنى حياته بين جمع العلم ونَشْرِهِ، والجهاد والتعبد في المسجد.[2]

اختلف الرواة في مكان وفاة هذا الصحابي الجليل، وذلك لكثرة سعيه في الجهاد ونشر العلم، فقيل: توفي ـ رضوان الله عليه ـ بمصر التي فتحها أبوه عمرو بن العاص، وقيل: توفي في مكة مسقط رأسه، وقيل: توفي في عسقلان بفلسطين، عن عمر يبلغ اثنتين وسبعين سنة.


وصفه

كان طويلاً أحمر الوجه، عظيم الساقين،[3][4] سمينًا عظيم البطن، وقد أصابه العمى آخر عمره.[3]

شعبة: عن يعلى بن عطاء، عن أمه أنها كانت تصنع الكحل لعبد الله بن عمرو. وكان يكثر من البكاء يغلق عليه بابه، ويبكي حتى رمصت عيناه.[5]

معرفة السريانية والكتب السماوية

أجاد عبد الله بن عمرو اللغة السريانية، وقرأ الإنجيل والتوراة،[6] واستعان بهما لتفسر قصص القرآن فقد روى ابن سعد عن عمرو بن عاصم الكلابي عن همام عن قتادة عن الحسن عن شريك بن خليفة قال: "رأيت عبد الله بن عمرو يقرأ بالسريانية". وهذا إسناد صحيح.[7] بالإضافة إلى إلى إطلاعه على الكتب السماوية الأخرى؛ قَالَ أَحْمَدُ: عَنْ وَاهِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ المَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ فِي أَحَدِ أُصْبُعَيَّ سَمْناً، وَفِي الأُخْرَى عَسَلاً، فَأَنَا أَلْعَقُهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (تَقْرَأُ الكِتَابَيْنِ؛ التَّورَاةَ وَالفُرْقَانَ)

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللّهِ فِي التّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، وَاللّهِ إِنّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ يَا أَيهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلأُميينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَميْتُكَ المتَوَكلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّاب فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسيئَةِ السيئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللّهُ حَتّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا.[8]

إسلامه

أسلم عبد الله بن عمرو بن العاص ما قبيل أبيه سنة 7هـ و مما يُذكر عنه أن اسمه قبل إسلامه كان (العاص)، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله.

لم يكن عبد الله متثاقلاً حين يأتي أمر الله بالجهاد، إذ يُرى في مقدمة صفوف المجاهدين متمنّياً الشهادة في الغزوات التي اشترك فيها، وكذلك الفتوحات التي تشرّف بالاشتراك فيها، واشْتْهِرَ بأنه كان يقاتل بسيفين، وشهد فتوح الشام مع أبيه، ولما كانت معركة صِفِّين بين علي بن أبي طالب (ت40هـ) ومعاوية بن أبي سفيان (ت. 60هـ)، وقف إلى جانب معاوية خوفاً من أنْ يكون عاقاً لأبيه، ولم يُشْهِر سيفه ثم اعتزل القتال، وفرغ للعبادة والعلم.

حفظ عبد الله القرآن أولاً بأول وتدبرَّ معانيه، وكانت له عناية كبيرة بالحديث النَّبوي، ولما كان يجيد القراءة والكتابة أباح له النبي Mohamed peace be upon him.svg كتابة الحديث، قال أبو هريرة (ت58هـ): «ما كان أحد أكثر مني حديثاً إلا عبد الله فإنه كان يكتب ولم أكن أكتب».

جمع ما كتب في صحيفة سمّاها «الصحيفة الصادقة»، وقيل: إنها اشتملت على ألف حديث، وُجِدَ بعضٌ منها في مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت. 243هـ)، وكانت صحيفته من الدلائل على كتابة الحديث النبوي منذ البعثة الشريفة، وكان فوق هذا يجيد السريانية فاطلع على التوراة لتفسير قصص القرآن، وقد رُزِق عبد الله تلاميذ كثيرين، أشهرهم التابعي الجليل سعيد بن المُسيَّب (ت.96هـ) أحد الفقهاء السبعة، وغيرهم.

فحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُحَمَّدٌ - عَلَى نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ، وَرِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ فِي (أَبِي دَاوُدَ) ، وَ (التِّرْمِذِيِّ) وَ (النَّسَائِيِّ) - وَمَوْلاَهُ أَبُو قَابُوْسٍ، وَحَفِيْدُهُ شُعَيْبُ بنُ مُحَمَّدٍ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَخَدَمَهُ، وَلَزِمَهُ، وَتَرَبَّى فِي حَجْرِهِ، لأَنَّ أَبَاهُ مُحَمَّداً مَاتَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ عَبْدِ اللهِ. وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: مَوْلاَهُ إِسْمَاعِيْلُ، وَمَوْلاَهُ سَالِمٌ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَطَاوُوْسٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالقَاسِمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَأَبُو المَلِيْحِ بنُ أُسَامَةَ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَيْرُوْزٍ الدَّيْلَمِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ.

وقد وصل من مروياته سبعمئة حديث، ورد في الصحيحين منهما خمسة وأربعون حديثاً، وكان لمسند ابن حنبل النصيب الأكبر منها. ذكر شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الإصابة : ((قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث ، حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحارث بن جزء أنهم حضروا مع رسول الله جنازة فقال له ما اسمك ، قال: العاص ، و قال لابن عمرو ما اسمك ؟ قال: العاص، و قال لابن عمر مااسمك ؟ قال : العاص ، فقال صلى الله عليه و سلم : أنتم عبيد الله ، فخرجنا و قد غُيرت أسماؤنا).

عبد الله في مصر

خرج عبد الله مع أبيه عمرو بن العاص ما في فتح مصر، ولشجاعته ومهارته كان يضرب بسيفين، وكان أحد شهود الصلح مع المقوقس، وابتنى داراً بجوار المسجد. ويُعد عبد الله بن عمرو هو مؤسس المدرسة العلمية المصرية، إذ كان يحدث عن رسول الله Mohamed peace be upon him.svg ويفتي في جامع الفسطاط مسجد عمرو بن العاص، وأخذ عنه خلق كثير من المصريين والشاميين والحجازيين.

وردت رواية عن أن أحد أقباط مصر اشتكى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قد تعرض للجلد من عبد الله ابن والي مصر آنذاك عمرو بن العاص. والقصة تروى عن أنس بن مالك أنه أتى رجل من أهل مصر يحمل مظلمة إلى عمر بن الخطا، فقال له يا أمير المؤمنين إنى عائذ بك من الظلم.. فأجابه عمر: «عذت بمعاذ»، فقال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين. ويقال أن عبد الله قد فعل ذلك غاضباً لهزيمته في سباق بينه وبين القبطي.[9]

كتب عمر إلى عمرو بن العاص يأمره بالقدوم عليه، ويَقْدُم بابنه معه، فما إن وصل وكان بحضرته أمر الخليفة عمر أن يأتوا بالمصري الذي قدم الشكوى.. وقال له: خذ السوط فاضرب. يقول أنس ابن مالك: «فجعل يضربه بالسوط»، وعمر يقول: «اضرب ابن الألْيَمَيْن، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه». يقول أنس: فما أقلع عنه حتى تمنينا أن يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: ضع على ضِلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني، وقد اشتفيت منه! لقد اكتفى المصري بما فعل.. وأجاب الخليفة أنه قد اقتص من الذى ضربه، فلا داعي للثأر من والده أيضاً. فما كان من عمر إلا أن وجه حديثه لعمرو بن العاص بكلمته الشهيرة: «مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».

روايته الحديث

كان عبد الله الصحابي الوحيد الذي يكتب الحديث خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. روي عنه أنه استأذن النبي صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله أكتب ما أسمع في الرضا والغضب ؟؟ قال: نعم فإني لا أقول إلا حقا.

وقال أبو هريرة: ((ما كان أحد أكثر حديثاً مني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب)). وتُعرف صحيفة ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم بالصادقة.

وابن عمرو أحد أكثر الصحابة حديثاً، إذ رُوي عنه في كتب الحديث المشهورة ما يزيد على 700 حديث.[10]

وفاته

توفي في مصر أيام فتنة مروان بن الحكم مع الأكدر 65 للهجرة المشرفة على أرجح الآراء، و من كثرة الهرج لم يستطع أهله الخروج به للقرافة، فدُفن في داره، و بذلك يكون موقع قبره شمال المسجد بحري جدار القبلة، و قيل مات بالشام، و قيل بمكة.

أنظر أيضًا

المصادر

  1. ^ "من هو عمرو بن العاص؟.. صفاته ونسبه وزوجاته وأبناءه ووفاته". الوطن. 2021-06-22. Retrieved 2022-09-27.
  2. ^ "عبدالله بن عمرو بن العاص".
  3. ^ أ ب الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - عبد اللَّه بن عمرو بن العاص (2)
  4. ^ أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري - عبد الله بن عمر بن العاص
  5. ^ "عبد الله بن عمرو بن العاص ( ع )".
  6. ^ "على جمعة: عبد الله بن عمرو بن العاص تعلم السريانية وقرأ بها القرآن". اليوم السابع. 2021-04-27. Retrieved 2022-09-29.
  7. ^ "أول مسند عبد الله بن عمرو بن العاص (1) رضي الله تعالى عنهما".
  8. ^ "سيرة الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص". أفاق التيسير. 2015-05-28. Retrieved 2022-09-29.
  9. ^ "«اضرب ابن الأكرمين»!". الوطن نيوز. 2017-05-28. Retrieved 2022-09-27.
  10. ^ "معلومات عن عبدالله بن عمرو". موسوعة نت. 2022-04-11. Retrieved 2022-09-27.