حسنين محمد حسنين مخلوف

فضيلة المفتي حسنين محمد حسنين مخلوف.

الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف (1890 - 1990) مفتي الديار المصرية.

الشيخ الأب: محمد حسنين مخلوف وكيل الأزهر الشريف ، والشيخ الإبن حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية. ومن الطبيعي جدا أن يكون مدخل حديثنا عن "الشيخ حسنين مخلوف" هو الحديث عن الشيخ" محمد حسنين مخلوف". يقول الشيخ "حسنين مخلوف" في مذكراته: "كان والدي يصحبني معه إلى المسجد أتابع دروسه ، أرقب طريقته في الإلقاء ، أرى سماحة صدره وهو يناقش ويصل بالمفاهيم الدينية إلى قريتنا". وبهذه المناسبة فإن القرية هي (بني عديات) وشهرتها (بني عدي) مركز منفلوطمحافظة أسيوط.

وسيرة الشيخ الأب "محمد حسنين مخلوف عدي" وكيل الجامع الأزهر كما وردت في مجلد (الأزهر الشريف في عيده الألفي) هي بإيجاز: ولد ببني عدي ، مركز منفلوط – محافظة أسيوط عام 1860م. وعضوا بمجلس إدارة الأزهر مع الشيخ محمد عبده. ثم شيخا للجامع الأحمدي بطنطا ومديرا عاما للأزهر والمعاهد الدينية ، ثم عضوا بهيئة كبار العلماء. عين وكيلا للأزهر في عهد المرحوم الشيخ الإمام سليم البشري حتى عام 1915. في تلك السنة إختلف مع السلطان حسين كامل ، فتنحي من وظائفه الإدارية. وإنتقل إلى رحمة الله عام 1936م ، ومن آثاره العلمية (القول المبين في حكم المعالمة بني الأجانب والمسلمين). وأذكر بهذه المناسبة حديثا جرى بيني وبين الدكتور "عبد الهادي مخلوف" السفير ومساعد وزير الخارجية (سابقا) ، وهو الإبن السادس في الترتيب للشيخ "حسنين مخلوف" مفتي الديار المصرية وحفيد الشيخ "محمد حسنين مخلوف" وكيل الجامع الأزهر ، وكنا بصدد السفر إلى أسيوط للإحتفاء بذكرى الشيح مخلوف المفتي. طلبت السفير وكان في الإسكندرية وأفضى إلي بمعلومة طيبة أسعدتني وأسعدت الذي شرفت بمشاركتهم في الإحتفاء بذكرىة الشيخ مخلوف المفتي وفي مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي وفضيلة الدكتور "محمد نايل" والدكتور محمد رجائي الطحلاوي محافظ أسيوط والأسٍتاذ "حسين مهران" رئيس هيئة الثقافة الجماهيرية وقت ذاك.. هذه المعلومة التي أفضى بها إلينا الدكتور"عبد الهادي" هي أن جده "وكيل الأزهر" كان على علاقة حميمة مع الوطني المعروف "فخري عبد النور" ، وكان ينزل في قصر آل عبد النور بجرجا وهو القصر الذي نزل فيه من قبل "الخديوي عباس حلمي" والزعيم"سعد زغلول" ، ونزل فيه من بعدهما رئيس الوفد "فؤاد سراج الدين باشا" ، الخلاصة أن الشيخ مخلوف وكيل الازهر كانت له حجرة خاصة به في قصر آل عبد النور ، ويطلقون عليها "أودة الشيخ".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ المفتي

تأثر الشيخ "حسنين مخلوف" بأفكار "الشيخ محمد عبده" نزرا للصداقة الوطيدة بين والده "الشيخ محمد حسنين مخلوف" والشيخ محمد عبده. على أية حال تولى شيخنا منصب مفتي الديار المصرية مرتين: أولاهما: من 5 يناير 19467 مايو 1950م. وثانيتهما: بدأت في مارس 1952م وإنتهت في 10 ديسمبر 1954. وبعد هذا عمل رئيسا للجنة (الفتوي بالأزهر الشريف). وضد ظل حوالي خمسة وأربعين عاما (1946-1990م) هو المقصود بالفتوى. وطوال هذه السنوات كما يقول: "عشت حياتي كلها مرفوع الرأس ، لأنني لم أحن هامتي إلا لله سبحانه وتعالي". كان شيخنا نموذجا للإستقامة والجرأة في الحق ، لا ترهبه سطوة الحكم ولا غوغائية الجهلاء ، ولا إرهاب المتطرفين. وقد أصدر "الشيخ حسنين" خلال توليه منصب الإفتاء (8639 فتوى). ولم يقتصر جهده في إصدار الفتاوي على مدى توليه منصب الإفتاء (1946-1950) و(1952-195) وإنما إمتد إلى مدة رئاسته للجنة الفتوى بالأزهر الشريف وفي باب الإفتاء بجريدة "منبر الشرق" لصديقه المجاهد الوطني السيد علي الغاياتي.


الشيخ الوفدي

من المعروف أن "الشيخ حسنين مخلوف" ، شارك في ثورة الأزهر التي قادها عام 1935 "الشيخ أحمد حسن الباقوري" ، وإنتهت بعودة الشيخ "محمد مصطفى المراغي" إلى الأزهر. كان والد الشيخ حسنين يعد "الشيخ المراغي" كواحد من أبنائه. وقد كان منزلا الشيخ المراغي والشيخ حسنين متقاربين في حلوان. يقول الشيخ حسنين: "كان الشيخ المراغي صديقا لأحمد حسنين رئيس الديوان الملكي ، وكان على صلة بالأحرار الدستوريين. وكنت أنا أميل إلى الوفد وترددت على منزل سعد زغلول مع فتح الله باشا بركات. وجلست معه وتناقشنا. وأقول بصراحة إن ميولي كانت مع الوفد وعواطفي كانت معه.. كما كانت عواطف غالبية الشعب المصري في ذلك الوقت مع الوفد. ولعل من أكثر السياسين الذين إرتبطت بهم بعد ذلك كان علي ماهر باشا. تعرفت عليه وأنا أعمل في وزارة الحقانية (العدل). كان هو وزيرا للحقانية وإستعان بي في وضع لائحة أكثر تطورا لمحاكم الأحوال الشخصية. وإمتدت بيننا صداقة عمر إلى أن توفاه الله. كان يجلس معي في حديقة المنزل جلسة علم وأدب ثم يخرج معي إلى سيارتي في الشارع. ولم يدر بيننا حيدث في السياسة. أنا أحترم إستقلاله السياسي وهو يحترم ميولي الوفدية".

قصته مع عبد الناصر

إذا كان الوالد فضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف – وكيل الأزهر ومدير المعاهد الدينية وقت ذاك – قد إختلف مع السلطان "حسين كامل" عام 1915م في بعض الشئون الأزهرية وأصر الشيخ الوالد على رأيه ، فأوغر صدر السطان وأقصى الشيخ عن وظائفه ، فترك العمل مرفوع الرأس موفور الكرامة. إذا كان الشيخ الوالد قد حدث معه هذا فإن فضيلة الشيخ حسنين الإبن قد حدث معه شبيه ذلك مع "جمال عبد الناصر" أثناء التوجهات نحو تطبيق مبادئ الإشتراكية وقوانين تحديد الملكية بفضل الشيخ هذا كله ، وأصر على مبدئه من حرية الملكية في الإسلام مع إشتراط حل المصدر وإخراج الزكاة. وكان هذا الإختلاف سببا في عدم ترشيح الشيخ لمنصب شيخ الأزهر بعد إنتهاء الفترة الثانية لشغله لمنصب الإفتاء سنة 1954م. وعندما سئل الشيخ عن هذا الموقف أجاب: ما حدث أن خفت من شخص ولا يمكنني في يوم من الأيام أن أوافق أحدا في رأي مخالف للدين مجاملة له ، وإلا كان ذلك كفرا وضلالا. المهم أن الشيخ سمع أن "عبد الناصر" يكن له كراهية شديدة فلم يحاول التقرب منه ولا من أي حاكم وكان المسئولون يسعون إليه في منزله و يسجل الشيخ في مذكراته: " حدث أن دخلت سرادقا للعزاء في بداية سنوات الثورة لأعزي في وفاة (أحمد خشبة) وزير العدل ولمحت في مكان ما في السرادق جمال عبد الناصر وعرفته وظل في مكانه لم يتحرك دون أن أعيره أي إهتمام ، ونحن نسير خلف نعش الفقد كان يسير على مقربة شديدة مني ، ولم أحاول أن أسلم عليه أو أبادله بكلمة. وظلت الخصومة بيننا حتى توفاه الله". وكتب "أكرم زعيتر" في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 26 مايو عام 1990م يقول: "إختلف شيخنا مع قادة الثورة المصرية في بعض الأمور ، فما وهن وما ترجع وإتجه إلى المملكة العربية السعودية ، وظل يترددد بين مصر والحجاز ، ويشترك في المؤتمرات الفقهية مرجع ثقة ينشر البحوث ويرد على أسئلة المستفتين في أجوبة تتسم بالعلم والصراحة والنصيحة".

بطاقة عائلية

وحديثنا عن الشيخ الأب جعلنا نؤجل البطاقة العائلية للشيخ الإبن الذي ولد بالقاهرة عام 1890م وإلتحق بمدرسة القضاء الشرعي التي أسسها "سعد زغلول" وأشرف عليها "عاطف بركات" ، وقام بالتدريس في الأزهر من عام 1914م – 1916م. وتدرج إلي أن أصبح رئيسا للتفتيش الشرعي عام 1943م. وعمل نائبا لرئيس المحكمة الشرعية العليا عام 1945م. تولى منصب الإفتاء مرتين عام 1945-1950م ، ثم من 1952-1954م. وتزوج وهو طالب وكانت هذه هي رغبة الوالد الشيخ "محمد حسنين مخلوف" والزوجة الفاضلة هي إبنة الشيخ "محمود سالم" من أعيان بندر ملوي التابع لمحافظة أسيوط وهي من بيت علم ودين. وسافر والده إلى ملوي وعقد الزواج بالوكالة عنه. وتزوج في منزل بجهة أم الغلام في منطقة المشهد الحسيني. وتكفل الوالد بكل النفقات وبمصروفات المنزل لأن شيخنا كان لم يزل طالبا وليس عنده دخل مستقل. كان أولا أولاده "محمد" الذي توفي عام 1968. ثم إبنة توفيت وثالثهم "محمود" الذي توفي أيضا. والرابع "مهدي أبو الوفا" رئيس مجلس إدارة شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح سابقا. ثم الدكتور "علـي مرعي" وقد صاحبناه في الإحتفاء بوالده بأسيوط ، والدكتور عبد الرحمن خبير الأمم المتحدة في تخطيط المدن ، وصديقنا الدكتور "عبد الهادي" السفير ومساعد وزير الخارجية سابقا. والمرحوم عبد الحميد الذي توفي وهو طالب بالجامعة وكريمتان. وتوفيت الزوجة الفاضلة بعد حياة زوجية إستمرت 40 عاما ولم يتزوج الشيخ بعد رحيل زوجته إلى أن توفي في إبريل 1990.

"الشيخ حسنين مخلوف" هو خال الكاتب والمفكر الإسلامي والوزير الأسبق "الدكتور أحمد كامل أبو المجد".


قرية الوحدة الوطنية

وقرية بني عديات التي عرفت بإسم (بني عدي) نسبة التعليم فيها مرتفعة ، ونسبة تعليم البنات مرتفعة أيضا. وتسود في القرية روح الإخوة بين المواطنين. وفي الإحتفال الذي أقيم في القرية بعد الإحتفاء الذي أقيم في أسيوط شارك كاهن الكنسية الأرثوذوكية وأشاد بدور أسرة "الشيخ حسني مخلوف" في إشاعة هذا الروح. وأقامت الأسرة في القرية مكتبة عامرة بالكتب الدينية وكتب التراث والكتب الثقافية لخدمة أبناء وبنات القرية وأهل المنطقة. وإفتتح الدكتور "محمد رجائي الطحلاوي" محافظ أسيوط هذ المكتبة وبها مجموعة من (لسان العرب) وهي غير موجودة في مكتبات كبرى بمدن أخرى. ومكتبة الشيخ حسنين مخلوف في بني عدي فكرة ذكية ومفيدة.

التراث الطيب

لقد ترك "الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف" تراثا طيبا في التدريس والفتاوى والتفسير والشروح. أكثر من ثلاثين عملا نذكر منها: (كلمات القرآن تفسير وبيان – صفوة البيان لمعاني القرآن – آداب تلاوة القرآن وسماعه – الرفق بالحيوان في الشريعة الإسلامية – مجموعة الفتاوى – الأخلاق الإسلامية – شرح أسماء الله الحسنى).

الأسانيد

  1. الأزهر الشريف في عيده الألفي: إشراف الشيخ الدكتور السعدي فرهود.
  2. الشيخ حسنين مخلوف: مذكرات داعية.
  3. رجب البنا: جريدة الأهرام 22/4/1990م.
  4. سعد فخري عبد النور: حديث معه.
  5. د. عبد الهادي مخلوف: أحاديث معه.


سبقه:
'
مفتو الديار المصرية
5 يناير 19467 مايو 1950م
لحقه:
'
سبقه:
'
مفتو الديار المصرية
مارس 1952 - 10 ديسمبر 1954م
لحقه:
'