أبو يعقوب يوسف الموحدي

(تم التحويل من أبو يعقوب يوسف)

أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (رجب 533هـ - 29 يوليو 1184) سلطان المغرب والأندلس وثاني سلاطين الدولة الموحدية التي حكمت الأندلس والمغرب بعد سقوط دولة المرابطين العظيمة، أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن بن علي، ولد في تينملّل بالمغرب في شهر رجب سنة 533هـ، وتولى السلطنة بعد وفاة أبيه «عبد المؤمن» مؤسس الدولة، في جمادى الآخرة سنة 558هـ, وقد واجه في بداية حكمه بعض الاعتراضات من إخوانه الأكبر سنًا ولكنها زالت سريعًا([1]).

كان هذا الرجل من أعظم سلاطين الأندلس والمغرب لولا ما فيه من اتباع لعقيدة المهدي التي وضعها لهم ابن تومرت المتوفى سنة 524هـ، والتي هي خليط من الاعتزال والتجهم والتعطيل، فلقد كان يوسف بن عبد المؤمن عادلاً حازمًا دينًا خبيرًا بشئون الحكم والملك، معنيًا بشئون وأحوال الرعية، شديدًا على العصاة والمفسدين، بعيد الهمة، شديد الكرم والبذل والمواساة، وكان من العلماء الأدباء حافظًا للقرآن الكريم، من رواة الحديث المتقنين, حتى أنه كان يحفظ صحيح البخاري بسنده الخاص به, ورغم أرومته البربرية كان شديد الفصاحة باللغة العربية، يعلم أخبار العرب في الجاهلية والإسلام، لذلك انتظم في بلاطه أعظم علماء وأدباء العصر.

أما أفضل خصاله، فهي شغفه الكبير بالجهاد في سبيل الله، فلقد كان دائم الغزو والتجهيز له، واعتنى بالجيوش وقواها واستمال العرب بالمغرب وضمهم لجنوده، حتى أنه قد ألف رسالة مشهورة في فضل الجهاد في سبيل الله ومكانته والحض عليه، صارت هذه الرسالة تطبع وتدرس حتى وقت قريب.

ويكفي دليلاً على حبه للجهاد أنه قد قتل في معركة شنترين الشهيرة بالأندلس وهذا في غاية الندرة أن يقتل سلطان الدولة وقائد الجيش في المعركة مما يبرهن على مدى صدق حبه للجهاد، وقد أصابته إصابات بالغة في هذه المعركة توفي على إثرها في 18 ربيع الآخر 580هـ ـ 29 يوليو 1184م، وبالجملة كان رجلاً صالحًا فاضلاً وسلطانًا عظيمًا، لولا اتباعه لعقيدة المهدي.


المنصور الموحدي هو أبو يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن أبى محمد عبدالمؤمن بن علي القيسى الكومى صاحب بلاد المغرب. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة (554هـ). ولى وزارة أبيه فبحث عن الأحوال بحثًا شافيًا، وطالع مقاصد العمال والولاة وغيرهم مطالعة أفادته معرفة جزئيات الأمور. ولما مات أبوه اجتمع رأى أشياخ الموحدين ، وبنى عبدالمؤمن على تقديمه فبايعوه، وعقدوا له الولاية، ودعوه أمير المؤمنين كأبيه وجده، ولقبوه بالمنصور، فقام بالأمر أحسن قيام. ولما مات أبوه بالأندلس على مراحل من مدينة شنترين كان معه في الصحبة، فباشر تدبير المملكة من هناك، وأول ما رتب قواعد بلاد الأندلس ، فأصلح شأنها، وقرر المقاتلين في مراكزها، ومهد مصالحها لمدة شهرين ثم عاد إلى مراكش ، وفى سنة (586هـ) بلغه أن الفرنج ملكة مدينة شلب وهى في غرب جزيرة الأندلس ، فتجهز إليها بنفسه، وحاصرها وأخذها، وأنفذ في الوقت جيشًا من الموحدين ومعه جماعة من العرب، ففتحوا أربع مدن من بلاد الفرنج كانوا قد أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين سنة، وخافه صاحب طليطلة وسأله الصلح، فصالحه خمس سنين وعاد إلى مراكش، فلما انقضت مدة الهدنة خرجت طائفة من الفرنج في جيش كثيف إلى بلاد المسلمين وسَبوا وعاثوا عيثًا فظيعًا، فانتهى الخبر إلى الأمير يعقوب وهو بمراكش، فتجهز لقصدهم في جحفل عرمرم من قبائل الموحدين والعرب، واحتفل وجاز إلى الأندلس، وذلك في سنة (591هـ)، فعلم الفرنج به، فجمعوا خلقًا كثيرًا من أقاصى بلادهم وأدانيها، وأقبلوا نحوه، فهزمهم هزيمة شنيعة، وذلك في سنة (592هـ). ولم يبق للفرنج قدرة على لقائه وضاقت عليم الأرض بما رحُبت، فأرسلوا إليه يلتمسون منه الصلح، فأوقع الصلح بينه وبين ملوك الأندلس جميعًا على ما اختاره لمدة خمس سنين، ثم عاد إلى مراكش في أواخر سنة (593هـ).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آثاره المعمارية

قام ببناء مئذنة، المسماة خيرالدا، في القصر الكبير في أشبيلية، وتكاد تكون أهم معالم أشبيلية إلى يومنا هذا.


صفاته

وكان ملكًا جوادًا عادلاً متمسكًا بالشرع المطهر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما ينبغى من غير مُحَاباة، ويصلى بالناس الصلوات الخمس، ويلبس الصوف ، ويقف للمرأة وللضعيف، ويأخذ لهم بالحق. وكان يشدد في إلزام الرعية بإقامة الصلوات الخمس، وقتل بعض الأحيان على شرب الخمر ، وقتل العمال الذين تشكو الرعاية منهم، وأمر برفض فروع الفقه ، وأن العلماء لايفتون إلا بالكتاب العزيز، والسنة النبوية، ولايقلدون أحدًا من الأئمة المجتهدين المتقدمين، بل تكون أحكامهم بما يؤدى إليه اجتهادهم من استنباطهم القضايا من الكتاب والحديث والإجماع والقياس. ولقد كان جماعة من مشايخ المغرب على ذلك الطريق مثل: أبى الخطاب ابن دحية، وأخيه أبى عمرو محى الدين ابن العربى وغيرهم. وكان يعاقب على ترك الصلاة ويأمر بالنداء في الأسواق بالمبادرة إليها فمن غفل عنها أو اشتغل بمعيشته عزره تعزيرًا بليغًا، وأمر بقراءة البسملة في أول الفاتحة في الصلوات، وأرسل بذلك إلى سائر بلاد الإسلام التى في مملكته، فأجاب قوم، وامتنع آخرون.

وكان قد عظم ملكه، واتسعت دائرة سلطنته حتى إنه لم يبق بجميع أقطار بلاد المغرب من البحرالمحيط إلى برقة إلا من هو في طاعته وداخل في ولايته، إلى غير ذلك من جزيرة الأندلس. وكان محسنًا محبًا للعلماء، مقربًا للأدباء، مصغيًا إلى المدح مثيبًا عليه، وله ألف أبو العباس أحمد بن عبدالسلام الجراوى كتابه الذى سماه "صفوة الأدب وديوان العرب" في مختار الشعر، وهو مجموع مليح أحسن في اختياره كل الإحسان. وإلى الأمير يعقوب تنسب الدنانير اليعقوبية المغربية.


وفاته

توفى سنة خمس وتسعين وخمسمائة (595هـ)، وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق ليترحم عليه مَن يمر به.

المصادر

موسوعة الحضارة الإسلامية


سبقه
عبد المؤمن بن علي الكومي
خليفة الموحدين تبعه
أبو يوسف يعقوب المنصور