يحيى البرمكي

يحيى بن خالد البرمكي (737 - 806) كان كاتب هارون الرشيد قبل أن يلي الخلافة، ثم أصبح وزيره بعد أن تولاها، وأصبح هو وأولاده الفضل وجعفر من علية القوم في الخلافة الرشيدية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

صفاته

كان أشهر رجال عصره علماً وأدباً وفضلاً وجوداً ونبلاً.[1] من رجال الدهر حزما ورأيا وسياسة وعقلاً، حذقا بالتصرف،[2] كان الرشيد يعتبره أباه بعد المهدي لشدة تعلقه به.


نشأته

كان في الثانية عشرة من عمره حين قامت الدولة العباسية، فتربى في ظلها، وشمله الخليفة المنصور بعطفه فولاه أذربيجان عام 158هـ واختاره المهدي كاتباً ونائباً لابنه هارون، فخرج معه في الصائفة لغزو البيزنطيين.[3]

الكتابة

لما تولى الرشيد بلاد المغرب، ساعده يحيى على النهوض بأعبائها، وأخلص له الإخلاص كله. ولما أراد الهادي أن يخلع أخاه الرشيد من ولاية العهد، نصحه بالعدول عن ذلك، ولذلك عينه الرشيد وزيراً بعد توليه خلافة الدولة واستعان بأولاده الفضل وجعفر وموسى ومحمد.[1]

الوزارة

نهض يحيى بأعباء الدولة أتم نهوض وسد الثغور، وتدارك الخلل، وجبي الأموال، وعمَّر الأطراف، وأظهر رونق الخلافة، وتصدى لمهمات المملكة. وكان كاتباً بليغاً[4]

مما ورد عنه

قال الأصمعي:

«سمعت يحيى يقول : الدنيا دول ، والمال عارية ، ولنا بمن قبلنا أسوة ، وفينا لمن بعدنا عبرة[2].»

رسالة كتبها إلى الرشيد يستجدي فيها عطفه ورحمته به وابناءه بينما كانوا في السجن:[5]

قل للخليفة ذي الصنيعــة والعطايا الفاشية
وابن الخلائف من قريــش والملوك العالية
إن البرامكة الذيــن رموا لديك بداهية
صفر الوجوه عليهمخلع المذلّة بادية
عمتهم لك سخطةلم تبق منهم باقية
فكأنهم مما بهمأعجاز نخل خاوية
بعد الإمارة والوزارة والأمور السامية
ومنازل كانت لهمفوق المنازل عالية
أضحوا وجلّ مناهممنك الرضا والعافية
يا من يريد لي الردىيكفيك مني ما بيه
يكفيك ما أبصرت منذلي و ذل مكانيه
وبكاء فاطمة الكئيــبة والمدامع جارية
ومقالها بتَوجُّعيا سوأتي وشقائيه
من لي وقد غضب الزمانعلى جميع رجاليه
يا لهف نفسي لهفهاما للزمان وما ليه
ياعطفة الملك الرضاعودي علينا ثانيه


وقد حاول يحيى استعطاف الرشيد مجدداً، فأرسل رسالة عن طريق ابنه الأمين، الذي أعطاها أمه زبيدة، وقد جاء فيها:

يا ملاذي وعصمتي وعماديومجيري من الخطوب الشداد
بك قام الرجاء في كل قلبزاد فيه البلاء كل مزاد
إنما أنت نعمة أعقبتهاأنعم نفعها لكل العباد
وعد مولاك أتممتة فأبهى الدر ما زين حسنه بانعقاد
ما أظلت سحائب اليأس إلاخلت في كشفها عليك اعتمادي
إن تراخت بداك عنى فواقاأكلتنى الايام أكل الجراد

وقد أعطتها الرشيد وهو في موضع لذته، فقرأها الرشيد ووقّع في أسفلها:

«عِظَمُ ذنبك أمات خواطر العفو عنك»

ورمى بالرسالة إلى زبيدة، فلما رأت توقيعه علمت أنه لا يرجع عنه.[6]

مما قيل فيه

قال الأصمعي عن شرك البرامكة:[7]

إذا ذُكِر الشرك في مجلسأنارت وجوه بني برمكِ
وإن تليت عندهم آيةأتوا بالأحاديث على مزدكِ


وفاته

توفي في سجن الرقة سنة 190هـ وله من العمر 70 سنة.[2]

المصادر

  1. ^ أ ب الخلافة العباسية ص259، عبد المنعم الهاشمي، دار ابن حزم - بيروت
  2. ^ أ ب ت سير أعلام النبلاء ج9 ص87، الذهبي، مؤسسة الرسالة - بيروت
  3. ^ تاريخ الإسلام ج2، د. حسن إبراهيم حسن، دار النهضة - مصر
  4. ^ الفخري في الآداب السلطانية ص 179-180، ابن طبابا
  5. ^ الخلافة العباسية ص283-284، عبد المنعم الهاشمي، دار ابن حزم - بيروت
  6. ^ الخلافة العباسية ص281-282، عبد المنعم الهاشمي، دار ابن حزم - بيروت
  7. ^ عيون الأخبار ج1 ص50، ابن قتيبة