نهر أبو علي

محمد السويسي
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
نهر قاديشا في شمال لبنان

نهر أبو علي أو نهر قاديشا ينبع من مغارة قاديشا في سفوح القرنة السوداء وظهر القضيب في جبل المكمل ويجري في وادي قاديشا أو وادي قنوبين. ويصب في البحر الأبيض المتوسط مخترقا مدينة طرابلس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصفه

ينبع هذا النهر من مغارة قاديشا الواقعة في وادي قاديشا شمال لبنان ويمر بعدة مناطق لبنانية سياحية قبل أن يصل إلى طرابلس، و فيها يتحول اسمه من نهر قاديشا إلى نهر أبو علي، يبلغ طوله من منبعه و حتى المصب 42 كم ومساحة حوضه 485 كم². يفصل نهر أبو علي أهم منطقتين للتجمع السكاني في طرابلس هما قبة النصر في الشمال الشرقي و أبي سمراء في الجنوب الغربي منه، و على ضفته الغربية فتتمركز قلعة الصنجيل أو قلعة طرابلس، أما ضفته الشرقية فيمتد سوق الخضار الشعبي الذي حول هذا النهر الجميل إلى مكب نفايات السوق، بالإضافة إلى بقايا مزارع الخنازير والدجاج التي جعلت رائحة النهر لا تطاق.


فيضان 1955

أو سنة الطوفة أدى هذا الفيضان إلى شبه غرق المدينة بالمياه، و خسائر أخرى فادحة في مئات الارواح و اقتصادياً، بعد القرار بهدم النهر و إعادة بناءه و توسيع المجرى على حساب المباني القديمة المحيطة به و كل هذا زاد من تدهور الاقتصاد آنذاك.

تاريخه

قبل أن يعاد بناء النهر كان تحفة خضراء لا تخلو من الزوار و قامت بفضله جنائن غناء و اشتهرت زراعة التوت و قامت عليها صناعة الحرير و بعد ذلك أصبحت طرابلس مزرعة لليمون و البرتقال تفوح منها رائحة عطرة أضيفة على إثرها صفة الفيحاء لطرابلس. كان مجرى النهر يفتح صيفا و يغلق شتاءً، و لكن أحوال النهر سائت منذ الفيضان، و شحوحه و تحويل مياهه إلى مياه صرف صحي.

مشروع السقف

من باحة جامع البرطاسي نزولاً باتجاه البحر يكون المشروع قد غطى النهر لنحو 300 متر، وهو ممول من البنك الدولي ووافقت عليه الحكومة اللبنانية. أما الغرض منه فهو انتشال البسطات من جوانب الطريق و بالتالي الملكية العامة وإنشاء محال بديلة فوق النهر.

الأثر الاجتماعي

نهر أبو على يشطر مدينة طرابلس، لبنان إلى قسمين جديد وحديث . وهذا النهر قبل العام 1955 كانت تقوم على ضفافه الرملية الحوانيت والمقاهي والبيوت حيث كان سكانها في فصل الشتاء وبعضاً من الربيع يستطيعون مد أيديهم إلى مياهه من خلال النوافذ بسهولة ويسر . وكنت ترى مجراه في الصيف ينساب رقراقاً عذباً تتلاعب فيه الأسماك كاللجين وتقفز للأعلى فوق الحصى والرمال الذهبية التي تزداد جمالاً وتلألأ مع أشعة الشمس عندما تتخللها، والأطفال يلهون ويلعبون فيه لقربه من مساكنهم التى لاتبعد سوى أمتار عن شاطئه بحيث لايغيبون عن أنظار أمهاتهم .

وكثيراً ماكان الأولاد يرقبون الصيادين من على جسر اللحامين أو جسر السويقة وقد شمروا عن سواعدهم وأرجلهم ووقفوا في مواقع معينة من المياه لاتتعدى الركبة علواً لضحالتها ليصطادوا السمك بلمعانه الفضي الجميل ، بعضهم يحمل عبّاً من الشبك يغطسه في المياه حالما يرى سرباً من الأسماك ليصطاد منه ماأمكنه ويضعه في سلة معه التي ما إن يمتلىء بعضها حتى يعرضها للبيع في السوق المحاذي ليعود للصيد إن بقى فسحة من النهار تعينه قبل الزوال. وكان البعض الآخر من الصيادين وهو أكثر حرفة يحمل شبكة مرصرصة عند أطرافها وقد جمعها وأمسك من طرفها وتدلى الطرف الأخر عند قدميه وسط النهر منتظراً مرور سرب وافر من السمك ليلقيها عليه بشكل مروحة واسعة بمهارة تثير الأعجاب ثم ليطرح جسمه بسرعة فوقها وقد حمل معه " أرطلاً" وهو سلة من القصب ليمد يده من تحت الشبكة ويلتقط سمكة وراء أخرى ويضعها في السلة التي ماإن تمتلىء بتكرار المحاولة حتى يغادر كزميله لبيعها في السوق .

وكان الأولاد لايكتفون بالسباحة وسط النهر بل كانوا يصعدون نحو أعلاه عند مطحنة بجانب المولوية ليقفزوا عن سطحها حيث سمك الحنكليس متوافر هناك كما ثعبان الماء الذين كان الأولاد والفتية يتنافسون على التقاطه رغم خطورته لاعتقادهم أنه غير سام ، ومع ذلك على صغر سنهم كانوا يتخذون جانب الحذر فيمسكونه من رأسه ثم ليرمونه في الماء بعد حين ، ولم يصدف أن أحداً ما من السباحين قد أصابه ضرر من هذه الأفاعي رغم كثرتها ، التي أكثر ماكانت تتواجد عند برك وادي هاب العميقة أخر السكة البيضاء في أبي سمراء بالقرب من الكورة.

لقد فقد هذا النهر جماله وجمال ضفتيه نهاية الخمسينات وحرم المنطقة من روعة تهاديه مع تعديل مساره وتعميقة إسمنتياً، وكأنه قد عوقب على ماتسبب فيه من خراب . فلقد تسبب بهدم معظم البيوت على ضفتيه التي أغرق عائلاتها عند طوفانه العام 1955. ولم يكتف بما فعله عند مجراه بل اقتحم المدينة القديمة بأكملها مجتاحاً بعضاً من شارع النجمة حتى أطراف ساحة التل بعد اجتياح التبانة وسوق الخضار ، كما مخازن البيع والشراء من أقمشة وأحذية وخلافها ، من التبانة حتى العطارين مروراً بسوق البازركان وبركة الملاحة بعد أن أطاح بابوابها الخشبية ، فعلت الوحول فيها حتى بلغت أسقفها بفعل السيل العرم ، فشمر الكثير من المواطنين الغيارى عن سواعدهم مندفعين لإزالة الأضرار بمساعدة البلدية والجيش وقوى الأمن الداخلي حيث كانت الشاحنات تتوالى لتُحمّل بالمخلفات الهائلة والركام التي كانت ترفع من داخل المحلات وعن الأرصفة.

الهامش