نقاش:جمال الدين الأفغاني

إن الأمم الشرقية جمعاء مدينة بنهضتها السياسية والفكرية غلي الزعيم الكبير ، والفيلسوف الشهير ، السيد جمال الدين الأفغاني.

ظل الشرق قروناً عديدة رازحاً تحت نير الجمود الفكري ، والتأخر العلمي ، والاستعباد السياسي ، وبقي في سبات عميق ، إلي أن قيض الله له الحكيم الأفغاني " جمال الدين " ، فنفخ فيه روح اليقظة والحياة ، وأهاب بالنفوس أن تنهض وتتحرك ن وبالعقول ان تستيقظ ، وبالأمم والجماعات أن تتطلع إلي الحرية ، فكانت رسالته إلي الشرق مبعث نهضته الحديثة وإذا أردنا أن نتبين في كلمة عامة فضل جمال الدين ، ومدى الرسالة التي أداها ، فلنذكر أنه كان في حياته مصلحاً دينياً ، وفيلسوفاً حكيماً ، وزعيماً سياسياً ، فجمع بين الزعامات الروحية والفكرية ، والسياسية ، واضطلع بها معاً ، فأدى من الناحية الدينية مهمة الإصلاح والتجديد التي أدى مثلها مارتن لوثر للمسيحية ، وأهاب بالأمم الإسلامية أن تفهم الإسلام على حقيقته وترجع به إلي مبادئه الصحيحة ، وفطرته الأولى ، وتطهره من الأوهام والخرافات التي افضت إلي تأخر المسلمين. ومن الناحية الفكرية ، أدى المهمة التي قام بها في أوربا فلاسفة الفكر ، أمثال جان جاك روسو ومونتسكيو وغيرهما ، فعمل على إنارة البصائر ، وتوجيه الأفكار إلي البحث عن الحقائق ، وتحرير العقول من قيود الجمود والتقليد.

ومن الوجهة السياسية استنهض الهمم، واستثار في النفوس روح العزة والكرامة والتطلع إلي الحرية ، وغرس بذور الحركات الوطنية في مختلف البلاد الشرقية وقام بمثل العمل الذي اضطلع به زعماء النهضات السياسية في الغرب، كواشنطون ، وجاريبالدي ، ومازيني ، وكوشوت وغيرهم. فالذي يجمع بين هذه المهام الجليلة ، ويضطلع بها معاً ، في عهد اشتد فيه ظلام الجهالة ، وتفرقت الكلمة ، وعز النصير ، وتشعبت الأهواء ، يجب أن يتسامى في قوة النفس والفكر والوجدان إلي مراتب العبقرية ، ويقيناً أن الأمم الشرقية لم تقدر حتى الآن حكيم الشرق حق قدره ، ولا أدت له حقه من الوفاء والتكريم ، وسيظهر فضله على مر السنين. وإذا كانت النهضة الفكرية والسياسية على عهد إسماعيل يرجع جانب كبير من ظهورها إلي السيد جمال الدين ، رأينا واجباً علينا أن نترجم له في سياق الحديث ، وقد جعلنا معظم اعتمادنا في " وقائع " الترجمة على ما كتبه تلميذة الأكبر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده.

نقل من المقالة. --Marquez 17:06, 14 ابريل 2006 (UTC)