ميلان الأول من صربيا

ميلان الأول
MilanIDeSerbia--dasknigreichse03kaniuoft.jpg
ملك صربيا
العهد6 مارس 1882 – 6 مارس 1889
سبقههو نفسه كأمير
تبعهألكسندر الأول
أمير صربيا
العهد10 يونيو 1868 – 6 مارس 1882
سبقهميهايلو اوبرنوڤتش الثالث
تبعههو نفسه كملك
وُلِد(1854-08-22)22 أغسطس 1854
ماراششتي، مولداڤيا
توفي11 فبراير 1901(1901-02-11) (aged 46)
ڤيينا، النمسا-المجر
الدفن
الزوجنتاليه كشتسو
الأنجالألكسندر الأول,
سرگي اوبرنوڤتش,
جورج اوبرنوڤتش (غير شرعي)
البيتبيت اوبرنوڤتش
الأبميلوش اوبرنوڤتش
الأمماريا اوبرنوڤتش
الديانةالأرثوذكسية الصربية
Monarchical styles of
Milan I of Serbia
Grb kneza Milana Obrenovica IV.png
Reference style His Majesty
Spoken style Your Majesty
Alternative style Sir


ميلان اوبرنوڤتش (Cyrillic: Милан Обреновић؛ إنگليزية: Milan Obrenović؛ 22 أغسطس 1854 - 11 قبراير 1901)، كان حاكم صربيا من 1868 إلى 1889، في البداية كأمير (1868-1882) ثم كملك (1882-1889).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

وُلِد ميلان اوبرنوڤتش في 1854 في ماراششتي، مولداڤيا حيث كانت تعيش أسرته بالمنفى منذ 1842 حين عاد بيت قرةدوردڤتش المنافس إلى العرش الصربي وأطاحوا بابن عم ميلان، الأمير ميهايلو اوبرنوڤتش الثالث.


أمير صربيا (1868-1882)

لما لم يكن لميهايلو اوبرنوڤتش أبناء يخلفونه في الحكم تولى العرش ابن عمه ميلان اوبرنوفيتش الذي كان في الرابعة عشر من عمره يعيش طفولة مضطربة وبائسة بسبب سمعة أمه التي كانت عشيقة ألكسندر كوزا Cuza حاكم رومانيا. وسرعان ما تم تجهيزه للحكم في وقت قصير جداً تحت مجلس وصاية.

وفي العام التالي لتولي ميلان الحكم صدر دستور جديد في 1869 أعدته جمعية منتخبة من خمسمائة عضو, وتمت صياغته وهو أمر له مغزاه, دون تدخل خارجي على عكس دستور 1838 مع أن الصرب كانت لا تزال جزء من الإمبراطورية العثمانية. وفي أثناء مناقشات وضع الدستور سعى الليبراليون لكي تضمن مواده أفكاتر ليبرالية, بينما سعى مجلس الوصاية لوضع مواد لتقوية السلطة التنفيذية. وفي النهاية وضع دستور أعطى للجمعية الوطنية دوراً تشريعياً قوياً بحيث تقرر ألا يصدر أي قانون أو يعطل أو يعدل أو يفسر دون موافقتها, وتقرر أن يكون 75% من أعضائها بالانتخاب و 25% يعينهم الحاكم، وتقلص دور مجلس الوصاية ولم يعد أكثر من كونه لجنة إدارية. كما تقرر أن يكون الحكم في الصرب وراثياً في أسرة اوبرنوفيتش.

وبرغم هذا الدستور فقد احتفظ الحاكم بوضع قوي في نظام الحكم إن لم يكن قد احتفظ بكامل السيطرة والسيادة والهيمنة, فقد كان من حقه تعيين 25% من أعضاء الجمعية الوطنية، وإقالتها إذا ما رفضت الموافقة على الميزانية المقترحة وأن يتولى بنفسه تصريف ألأمور وفقاً للقواعد المعمول بها في العام السابق.

كما يلاحظ أن الدستور الجديد على عكس دستور 1838 احتوى على مبادئ عامة عن الحقوق المدنية, والمساواة بين جميع المواطنين,وحقوق الملكية, وحرية القول والمعتقد والصحافة, وكذا حق الشكوى. ولكن لم يرد نص بشأن حرية تكوين الجمعيات والروابط الأهلية, بل إن الحقوق المدنية التي تم منحها خضعت لقانون الأراضي.

ويتعين القول أنه في السنوات السابقة على اعتلاء ميلان العرش شهدت البلاد منجزات اجتماعية وإقتصادية رغم أن اهتمام الحكومة كان مركزاً على مشكلات السياسة الخارجية وليس على المسائل الخاصة بالتنمية الداخلية. وابتداء من حكم ميشيل التهمت النفقات العسكرية نسبة متزايدة من الدخل العام, ولكن استمرت عملية إنشاء المدن وتنميتها وإن ظلت الصناعة دون تطور حقيقي. فالصناعات الديوية هي الغالبة بينما الصناعة الثقيلة الوحيدة القائمة هي صناعة الحديد بغرض تموين الجيش باحتياجاته. وحدث بعض التحسن في المواصلات الداخلية حيث زاد عدد الطرق والكباري, وامتدت خطوط البرق عام 1855 داخل جهات كثيرة, وفي عام 1868 اتصلت بلجراد بكل من فيينا واستانبول برقياً. واستمرت العلقات التجارية مع النمسا الشريك الرئيسي ثم مع رومانيا ثم الدولة العثمانية وتمثلت الصادرات الرئيسية في الماشية والمنتجات الحيوانية وتمثلت الورادات الرئيسية في المصنوعات وأدوات الرفاهية.

واتجهت إقتصاديات الريف نحو زيادة إنتاج الحوب وخاصة القمح والذرة, ولكن أهملت تربية حيونات الفلاحة نظراً لإختفاء غابات شجرة البلوط التي كان الفلاح يعتمد على ثمارها في تغذية الماشية ولم يعد باستطاعته إلا تربية عدد قليل من الخنازير. وظل صغار الفلاحين يعانون مشكلة رهن الأرض مقابل القروض حتى صدر قانون زراعي في 1873 يمنع مصادرة الأرض وفاء للدين إذا كانت مساحتها تقل عن ثمانية أفدنة ونصف.

وخلال تلك الفترة بذلت جهود كبيرة لإصلاح التعليم فزاد عدد المدرسين وبلغت نسبة المتعلمين 4.2% من السكان عام 1866. ولما كان ميشيل معني بشكل خاص بأن تكون بلاده الصرب وليس النمسا مركزاً للثقافة الصربية رأيناه يقوم بتشييد مكتبة عامة وكتحف (خمسينات القرن التاسع عشر), ويؤسس الأكاديمية الصربية الملكية للعلوم (ستينيات القرن التاسع عشر) مع الاهتمام بالدراما الغربية والموسيقى.

لقد كانت الصرب خلال فترة الحكم الذاتي من 1830 حتى سبعينيات القرن التاسع عشر منشغلة بإقرار أوضاعها السياسية في المقام الأول, وكان السؤال الرئيسي بدور حول من له حق السطرة على البلاد. الأمير، أم الأوليجاركية، أم جمعية تاسيسية ديموقراطية. وكالعادة كان الأمير يحتفظ بوضعه القوي, ولكن عندما كان يعجز عن القيام بمهامه في الحكم تتولى الأوليجاركية (العسكرية) إدارة شؤون البلاد. وخلال تلك الفترة أيضاً ضمت الصرب بعض الأراضي إلى حدودها, ووسعت من حقوق الحكم الذاتي حتى شؤون الصربيين الداخلية. وحدث أيضأً تحول راديكالي في إطار الاهتمامات السياسية حيث أخذت مسائل التوسع الإقليمي-القومي تسيطر على اهتمام حكام الصرب.

صحوة 1875-1878

كانت الصحوة التي أفاقت عليها بلاد البلقان من حوادث الفترة بين عامي 1875-1878 واضحة أشد الوضوح في الصرب التي أفاقت لتجد البوسنة وبلاد أخرى أصبحت في يد النمسا, ولتكتشف أن روسيا التي كانت مقربة منها في السابق قد ألقت بكل ثقلها الدبلوماسي ونفوذها السياسي وراء إدعاءات بلغاريا في أراضي الصرب. وعند نهاية الحرب كان يوفان ريستتش Jovan Ristic لا يزال على رأس حكومة ليبرالية وكان عليه أن يواجخ مشكلات عاجلة تتمثل في سوء الوقف المالي الناتج من سنوات الأزمة, وكذا رسم ملامح العلاقات الخارجية في المستقبل وخاصة مع النمسا بعد أن رفضت روسيا طلب الصرب بمساعدتها في إستئناف العلاقات.

كان أمير الصرب (ميلان) شأن حال أمير رومانيا يتمتع بوضع قوي فهو الذي يختار الوزراء الذين يصبح بإمكانهم التأثير على نتائج إنتخابات البرلمان. لكنه لم يكن في قوة أمير رومانيا (شارل) في ضبط الموقف السياسي, أو في قوة الكسندر الباتنبرجي الذي تمكن من توحيد البلاد خلفه ضد التدخل الأجنبي, بل كان رجلاً ضعيفاً وكسولاً وفاسداً وتافهاً صغير الشأن قادر على صنع أعدائه بسهولة, ولم يكن بإمكانه وضع أساس لبناء قوة قومية, كما لم يكن مؤهلاً لقيادة بلد ضعيف ومتخلف لتحقيق آماله القومية.

ولقد شهدت فترة حكمه صعود مجموعتان سياسيتان: التقدميون, والراديكاليون وكل منهما تحدي هيمنة الحزب الليبرالي فيما بعد. ولقد إنبثق التقدميون من الجناح اليساري لحزب المحافظين مثلما ظهرت مجموعة الشباب Junimists في رومانيا. ولما كانوا يرون في غرب أوروبا مثالاً متقدماً فقد أرادوا أن يتبعوه, وكانوا يعتبرون روسيا دولة متخلفة وبدائية بالقياس إلى ذلك الغرب. وقد إمتازت هذه المجموعة بأنها تعلمت جيداً وإكتسبت خبرات من كثرة الترحال, لكن برنامجها السياسي كان يأخذ بالنموذج الليبرالي الكلاسيكي للقرن التاسع عشر, ويدعو لإصدار تشريع قوي للحقوق المدنية ينص فيه على حرية الصحافة, وحرية الإجتماعات, وإستقلال القضاء, وتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي للمحليات. والخلاصة أن التقدميين كانوا يريدون إستنساخ حضارة الطبقة الوسطى لأوروبا الغربية في الصرب.

أما الراديكاليون فكانوا على العكس لهم جذور في التيارات الشعبوية والماركسية الفوضوية التي كانت سائدة خلال سبعينيات القرن التاسع عشر. وكانت أفكارهم في أقصى اليسار من التقدميين, فهم يقفون إلى جانب ما تقاسيه البشرية من الآم ومعاناة, وإلى جانب ضرورة هيمنة الهيئة التشريعية على الحكومة, وفرض الضرائب المباشرة بشكل تصاعدي, ووضع برنامج قوي للحقوق المدنية, وإقامة حكم ذاتي للمحليات. كما كانوا يهتمون بشكل خاص بكبح نفوذ البوليس في الإنتخابات حتى يمكنهم الفوز فيها. ولعل أفضل إسهاماتهم محاولة إدخال الفلاحين لأول مرة في الحياة السياسية في البلاد, ولوأنهم لم يركزوا جهدهم في هذا الإتجاه في البداية, لكن الحزب تحت قيادة نيقولا باشيك Pasic, وبيرا تودورفيتش Pera Todorovic نجح في صياغة برنامج لجذب تلك القاعدة الجماهيرية.

وفي تلك الأثناء حاول ميلان ووزراؤه الليبراليون التوصل إلى تفاهم مع النمسا حول إقامة السكك الحديدية, وإقامة علاقات تجارية, وعقد معاهدة سياسية في النهاية. وفيما يتعلق بمشروع السكك الحديدية كانت النمسا تريد أن تتأكد من أنه سيكون لفائدتها, وعلى هذا تم النظر في مد شبكة الخطوط الصربية تجاه الجنوب, وفي أبريل 1880 وافقت الصرب على مد الخط من بلجراد إلى فرانيه Vranje مخترقاً نيش Nis. ولكن سرعان ما واجه ميلان لسوء حظه فضيحة كبرى كانت لها نتائجها الوخيمة تشبه فضيحة ستراوزبيرج Strousberg. والحاصل على أن ميلان كان قد وقع عقداً في مارس 1881 مع شركة بونتو الباريسية E.Bontoux بموافقة النمسا. وما لبثت هذه الشركة أن إنهارت في الصرب التي خسرت في هذه الصفقة أكثر من دخلها الكلي في عام واحد. وأكثر من هذا أنه خلال تلك الأزمة سرت شائعات خصة بالرشوة والفساد بين المسئولين الصربيون طالت ميلان الذي أصاب سمعة ميلان نفسه. والخلاصة أنه بفضل مساعدة النمسا خسرت الصرب 12 مليون دينار لكن التدمير الذي أصاب سمعة ميلان وحكومته كان هائلاً.

أما المفاوضات بين الصرب والنمسا بشأن عقد إتفاقية تجارية بينهم فلقد كانت أكثر صعوبة من موضوع خط السكك الحديدية, فقد كانت الصرب تريد إتفاقية جديدة لأن مؤتمر برلين 1878 قرر أن دول البلقان المستقلة ينبغي أن تستمر في إلتزامها بالإتفاقيات التي تم التفاوض بشأنها مع الدولة العثمانية, وكانت التعريفة الجمركية المسموح بها طبقاً لتلك الإتفاقيات تمنح الصرب 3% من قيمة الواردات, على حين أنها كانت تريد زيادة نصيبها. وفي الوقت نفسه كانت النمسا متحمسة للتوصل إلى ترتيبات جديدة ولكن خلال التفاوض معالصرب لجأت النمسا لإستخدام الحظر على إستيراد المواشي من الصرب بدعوى الخشية من الأوبئة وأمراض الحيوانات مثلما فعلت مع رومانيا. والحق أ، النمسا كانت تسعى للتوصل إلى شروط مجحفة بالصرب وغير متكافئة وخاصة فيما يتعلق بالمنتجات الصناعية النمساوية. وكانت شروط في غير صالح الفلاح الصربي رغم حاجته إلى سوق النمسا في الوقت الذي لم يكن لدى الصرب صناعات تحتاج الحماية. ولأن الصرب أصرت على شروط متكافئة فقد رفض رئيس الحكومة دوفان ريستتش مقترحات النمسا وإستقال في أكتوبر 1880. وهكذا تخلى الحزب الليبرالي عن الحكم للتقدميين بعد إثنا عشر عاماً في الحكم, ونجح التقدميون في أن يسيطروا على الحياة السياسية طوال سبع سنوات. وقد بادر رئيس حكومة التقدميين الجديدة ميلان بيروشاناك Pirocanac, ووزير الخارجية والمالية كادوميل ميياتوفتش Cadomil Mijatovic وبالتوقيع على الإتفاقية التجارية مع النمسا في أبريل 1881. وكانت شروطها في صالح الإنتاج الزراعي للصرب ولو أنها سمحت للصناعات النمساوية بدخول الصرب وفق مميزات وارداتها من النمسا ويرتبط 82% من صادراتها بهذاالسوق النمسوي أيضاً.

على أن إعتماد الصرب على النمسا كما عكسته الإتفاقية التجارية بينهما برز بوضوح في الإتفاقيات السياسية التي عقد بين البلدين آنذاك. وكانت الصرب بحاجة إلى أن تحصى مصالحها في المنطقة التي تريد أن تتوسع فيها ألا وهي مقدونيا وخاصة في ضوء سيطرة النمسا على البوسنة والهرسك ووجود بلغاريا التي تدعهمها روسيا, فضلاً عن أن ميلان (أمير الصرب) مثل شارل (أمير بلغاريا) كان يرغب في أن يتمتع بلقب "ملك". وعلى هذا فإن المعاهدة التي عقدت في 28 يونية 1881 بين البلدين تضمنت تأكيداً من النمسا بمساندة الصرب في التوسع تجاه الجنوب حسب مقتضى الحال. كما تضمنت الموافقة على رفع مكانة دولة الصرب إلى مملكة, وأيضاً تضمنت مواد تنص على أنه في حالة وقوع أي من الدولتين في حالة حرب تقف الأخرى على الحياد. وأخذت الصرب على نفسها الإلتزام بأمرين: الأول أنها لن تسامح إزاء المؤمرات السياسية والدينية وغيرها التي تحاك ضد النمسا على أرضها, أو في البوسنة والهرسك, أو في نوفي بازار. أما الأمر الثاني والأكثر مغزى وأهمية ما نصت عليه المادة الرابعة من "أن الصرب لن تتفاوض مع أية حكومة أو تعقد إتفاقية سياسية دون التفاهم المسبق مع النمسا, ولن تقبل بوجود قوات عسكرية على أرضها سواء نظامية أو غير نظامية أو حتى متطوعة".

وفور تسريب أخبار نصوص المعاهدة إلى الصرب نشأت أزمة فإضطر بيرشاناك رئيس الحكومة إلى تقديم إستقالته إحتجاجاً على أن تصبح بلاده في حالة تبعية سياسية للنمسا بمقتضى تلك المعاهدة ثم ذهب إلى النمسا وحصل على تصريح من حكومتها بأن المادة الرابعة "لن تضر بحق الصرب في التفاوض من أجل عقد معاهدات مع أي حكومة حتى ولوكانت ذات طابع سياسي". وبهذه الضمانة بقي بيروشاناك في الحكم ولم يكن يعلم أن الأمير ميلان وعد النمسا في خطابات متبادلة بأنه "لن يدخل في مفاوضات قد تكون لها علاقة بأية معاهدة سياسية بين الصرب ودولة ثالثة دون الرجوع إلى النمسا أولاً والحصول على رضاها. وبهذه الحركة ضمن ميلان لنفسه دعم النمسا. والحق أنه رغم عدم تكافؤ في العلاقات بين البلدين على ذلك النحو, إلا أن الصرب لم يكن أمامها بديل آخر إذ كانت شأن رومانيا بحاجة إلى مساندة قوة كبرى في العلاقات الدولية ولم تكن هذه القوة إلا النمسا في مواجهة مساندة روسيا لبلغاريا.

ملك صربيا (1882–1889)

Milan I in the uniform of the Serbian Army during the Wars for Independence 1876-1878.

وفي تلك الأثناء بدأت الحكومة التقدمية برئاسة بيروشاناك في تنفيذ برنامجها السياسي حيث إجتهدت في تمرير سلسلة قوانين تتشابه مع تلك التي أصدرتها أحزاب مشابهة في البلاد المجاورة. وسرعان ما تم تنفيذ إجراءات تتعلق بحرية الصحافة, وإستقلال القضاء, وفرض التعليم الإبتدائي الإلزامي. وفي 1883 أصبح الخدمة العسكرية إجبارية وتم تأسيس بنك قومي. وقد كان هذا البرنامج التقدمي يعكس مصالح الطبقة الوسطى وليس الأغلبية من الفلاحين. ومثلما فعلت حكومة الليبراليين السابقة قام الحزب التقدمي بإحلال رجاله في وظائف الدولة مثلما حدث في كل بلاد البلقان المجاورة.

ويلاحظ أن فترة حكم الحزب التقدمي في الصرب شابتها فضائح داخلية وكوراث خارجية. فبالإضافة إلى إنهيار شركة بونتو كما سبقت الإشارة، قام ميلان بطرد ميخائيل Michael بطل الصرب الشعبي خارج البلاد مما أدى إلى إندلاع إحتجاجات شعبية. وقد كانم ميخائيل المؤيد للحزب الليبرالي ولروسيا يعترض على الدعوة لفرض ضرائب على املاك الكنيسة, وعلى طرد أنصار الحزب الليبرالي من وظائف الدولة. وقد قام ميلان بتعيين ثيودويسيوس Theodosius مكان ميخائيل وعندما لم يؤيد سنودس الصرب هذا التعيين إضطر ميلان للرجوع لبطريرك الصرب في سرمسكي كارلوفيتش Sermski Karlovic في مملكة النمسا. وفي النهاية وافق بطريرك استانبول وكذا الكنيسة اليونانية والرومانية على تعيين ثيودوسيوس لكن روسيا لم توافق على هذا الإحلال.

والحقيقة أن تدهور مكانة ميلان وكذا الحزب التقدمي إنعكس في إنتخابات عام 1883, إذ حصل الحزب على أغلبية ضئيلة بنسبة 2 : 1 أي الضعف فقط ولما كان ميلان يرفض هذه النتيجة فقد قام بتكليف هريستيتش Hristic بتشكيل الوزارة وبهذا عاد المحافظون إلى الحكم. لكن لم يلبث أن عاد الحزب التقدمي للحكم في 1884 في أعقاب إنتفاضة وقعت في منطقة تيموك Timok في نوفمبر 1883 بسبب طلب الحكومة فيما يبدو أن تقوم ميليشيات الفلاحين بتخزين أسلحتها في ترسانة عادية وليس في البيوت. ويبدو أن العناصر التقدمية كانت متورطة في هذا التمرد تروطاً تاماً إذ إضطروا لمغادرة البلاد نفياً بعد قمع التمرد عسكريا. وتمت محكامتهم غيابياً حيث صدر الحكم بغعدام نيقولا باشيك الذي قد غادر البلاد قبل وقوع التمرد بأسبوع. ونفذ حكم الإعدام في عشرين واحد فقط, وكان الحكم قد صدر ضد 94 واحداً وتدفق عدد كبير من الهاربين عبر نهر تيموك.

الحرب البلغارية الصربية

البلغار يعبرون الحدود، في الحرب البلغارية الصربية، بريشة أنتوني پيوتروڤسكي.

ولقد أدى وجود هؤلاء الهاربين في بلغاريا إلى تدهور العلاقات بين البلدين رغم أن ميلان وأمير بلغاريا (الكسندر) كانا صديقين على المستوى الشخصي. ثم أصبح الموقفق اكث رسوءً نتيجة حادث طريف لم يخطر على البال, ذلك أن نهر تيموك الذي يمثل الحدود بينالبلدين تغير مجراه فجأة، وأدى هذا إلى تجريف حافة النهر نتج عنها تحريك مساحة منها دخلت حدود الصرب. وأرادت الصرب الإحتفاظ بتلك المساحة الجديدة بإرسال فرقة عسكرية لحراستها وإثبات حقها. وعلى هذا وقع الصدام بين البلدين وقامت بلغاريا بطرد الفرقة العسكرية وظل النزاع قائماً بين البلدين حتى 1888.

وكان العداء قد وصل ذروته في 1885 وعندما أصبح واضحاً أن روميليا الشرقية قد تنضم فعلياً إلى بلغاريا طلبت الصرب تعويضاً وكانت تعتقد أن يكون التعويض إعتراف بلغاريا بوضع الصرب يدها على الأرض الجديدة. وفي نوفمبر 1885 وبناء على تقدير خاطئ بضعف الجيش البلغاري لخلوه من ضباط روس, قامت الصرب بالهجوم على بلغاريا فكانت الحرب كارثة على الصرب التي هزمت في معركة سيلڤانيتسا Silvanitsa ولم ينقذها من خسارة أفدح إلا تدخل النمسا حليفتها, وعاد السلام بين البلدين على أساس الأمر الواقع.

على كل حال، لقد تدهورت مكانة أسرة ابرونوفيتش الحاكمة في الصرب إبتداء من ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى ثورة 1903 نتيجة تورط أفرادها في عدة فضائح لم تؤد فقط إلى إضطراب الحياة السياسية في البلاد بل لقد تسببت في تحطيم مكانة الصرب بين الدول. وأكثر من هذا أن ميلان وزوجته نتاليا دخلا في معارك سياسية علنا ذلك أن نتاليا وهي إبنة ضابط روسي من أصل روماني كانت تفضل أن تقوم بدور موال لروسيا في السياسة الخارجية، وتعارض رغبة زوجها ميلان في أن يتعلم إبنهما الكسندر في النمسا. وقد بلغ الخلاف بين الإثنين درجة لا يمكن معها إصلاح ذات البين حتى ولقد سعى ميلان لتطليق زوجته، وهي قضية أدت إلى إنشقاق داخل الحكومة. وفي 1887 غادرت نتاليا البلاد ومعها إبنها الكسندر. وكانت تلك الفضائح بمثابة خطر محدق ومتواصل بالأسرة الحاكمة نظراً لوجود مرشح محتمل لتولي عرش البلاد يتمثل في بيتر كارديوريفيتش الذي كان يعيش في المنفى ولكنه يتابع ما يحدث في الصرب عن كثب. وفي 1883 تزوج من زوركا Zorka إبنة نيقولا، أمير الجبل الأسود فتعزز مركزه ووضعه أكثر وأكثر بهذه المصاهرة.

وعلى هذا وفي 1888 كان ميلان قد سئم وضعه خاصة وأن أنصاره لم يتمكنوا من تحقيق نصر واضح في الإنتخابات رغم سيطرته على البوليس الذي ينظم العملية. أما وقد قرر التنازل عن العرش فقد رأى أن تكون آخر أعماله دعوة جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد إجتمعت في ديسمبر 1888، وكان خمسة أسداس أعضائها من الحزب الراديكالي, والسدس الباقي من الليبراليين، وفشل التقدميون في الفوز بمقعد واحد. وقد حددت هذه الوثيقة التي كانت أكثر ديموقراطية من الدستور السابق بشكل واضح ودقيق مسألة الحريات المدنية, وجعلت للبرلمان سلطة نسبية, فضلاً عن تقوية سلطة المحليات وإدارتها. كما نصت على سرية الإنتخابات، ومنح حقوق الإنتخاب لجميع دافعي الضرائب. وفور إتمام صياغة الدستور ميلان عن العرش في مارس 1889 لإبنه الكسندر الذي كان في الثالثة عشر من عمره.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دوره بعد تنازله عن الملك

قبر ميلان الأول، في دير كروشدول.

حكم الكسندر ابرونوفيتش في كثير من ملامحه كان فاصلاً حزيناً في تاريخ الصرب, فلم يكن الرجل يمتمع بأية قدرات ملفتة للنظر، وإنصرف إلى حياته الخاصة وحياة أمه ووالده وأخيراً عشيقته، وجميعها كانت مصدراً خصباً للضحك والسخرية في كل بلاد أوروبا. يضاف إلى هذا أنه عاش طفولته وحيدأً مع تربية عسكرية صارمة, ولم يتورع أبواه عن إستخدامه في شجارهما. والحاصل أنه قبل أن يغادر ميلان البلاد بعد تنازله عن العرش قام بتعيين مجلس وصاية على العرش من ثلاثة أوصياء برئاسة يوڤان ريستيتش. ولما كان تنازله عن العرش يعد إنتصاراً للحزب الراديكالي فقد تسلم الحزب زمام الأمور، وأصبح الجنرال ساڤا گرويتش Sava Grujic رئيساً للوزراء، وعاد باشيك من المنفى. وهكذا أتيحت الفرصة للراديكاليين ليضعوا برنامجمهم السياسي موضع التنفيذ.

الهامش

الوصلات الخارجية

ميلان الأول من صربيا
وُلِد: 22 أغسطس 1854 توفي: 11 فبراير 1901
ألقاب ملكية
سبقه
هو نفسه
كأمير صربيا
ملك صربيا
(بإسم ميلان الأول)

6 مارس 1882 – 6 مارس 1889
تبعه
ألكسندر الأول
سبقه
ميهايلو اوبرنوڤتش الثالث
10 يونيو 1868 – 6 مارس 1882 تبعه
نفسه
كملك صربيا