معالجة البيانات

الملكـات المنسيـات بين الواقـع والأسطـورة

على الرغم من كثرة الادبيات التي عالجت قضية المرأة بمختلف جوانبها إلا أن المدقق في التاريخ، وفي النظريات الأنثروبولوجية المعاصرة يجد أنها لم تًُعد للمرأة موقعها الذي كانت فيه، ولا الدور الذي كانت ضالعة به منذ فجر التاريخ.

إن البحث في هذا الموضوع يحتاج إلى نظرة موسعة في موروثات الشعوب الثقافية، ومن أهمها بالتأكيد "الأساطير" ؛ فالأساطير هي شكل من أشكال الأدب الشعبي الذي ابتكرته الحضارات على مر العصور، وإن اختلف نسقها، أو طريقة نسجها تبعاً لخصوصية الحضارة الناشئة فيها، إلا أنها جميعها تحمل رسالة طوباوية (مثلى) مستمدة من عوامل الثقافة والزمن والبيئة التي أفرزتها، وكما هي الآداب الأخرى فإن الأساطير تعكس واقع الشعوب ونفسية الإنسان فيها، وآماله وحتى آلامه، وبما أنها كذلك فإنه يمكننا استقراء ذلك الموقع المتميز الذي احتلته المرأة في بداية تاريخ البشرية من خلالها وإن كان ذلك بشكل جزئي على الأقل.

لقد قدمت الدراسات المختصة بالمثيولوجيا والتاريخ تصوراً عن هذه المكانة التي حظيت بها المرأة سواء السياسية أو الاجتماعية، حتى نصبتها الشعوب آلهة في كثير من الأحيان، وقد أمدتنا بشيء من ذلك التصور الذي مفاده أن المراة قد تسيدت وتربعت على عرش الدولة لفترة طويلة، وكانت هي العنصر الأكثر فعالية في المجتمع القديم بل ومحور نشاطاته . إن التماثيل الشرقية والنصوص المكتوبة على جدران المعابد أو على الألواح الطينية هي خير شاهد على واقع المرأة المعاش آنذاك، إلا أن الأمر يتعدى التماثيل والآثار إلى اتخاذ المراة كآلهة، فلا تكاد تخلو حضارة من الآلهة المؤنثة مثل أثينا وعشتار وأفروديت وفينوس.

إن الفرضية التي ترى النظام الأولي للعائلة نظاماً أبوياً قد فندتها الدراسات الأنثربولوجية والتاريخية الحديثة، من خلال استبصار مكانة قيم الأنوثة والأمومة في العالم القديم، بل إن هذه الدراسات تقول بأن النظام الأولي للعائلة كان نظاماً أمومياً، وهذا ما يفسر ظاهرة انتساب الابناء إلى الام أو ما يسمى بـ "حق الأم" وقد ترتبت العلاقات والحقوق الطبيعية ومفاهيم أخرى كثيرة كالإرث مثلاً على هذا النحو الذي تعارف عليه المجتمع آنذاك .

الكلمات الدالة: