مشروع منخفض القطارة

مشروع منخفض القطارة هو مشروع مصري يدرس إمكانية توليد الكهرباء عن طريق شق مجرى يوصل مياه البحر الأبيض المتوسط في منطقة منخفض القطارة في الصحراء الغربية المصرية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ المشروع

بدأ التفكير في استغلال منخفض القطارة في عام 1916 البروفسور هانز بنك، أستاذ الجغرافيا في جامعة برلين. ثم انتقلت الفكرة إلي البروفسور جون پول وكيل الجمعية الملكية البريطانية الذي نشر دراسة عنه في عام 1931. وفي العام نفسه عرضه حسين سري باشا وكيل وزارة الأشغال على المجمع العلمي المصري.[1]

الفكرة الأولى للمشروع هى تحويل مجرى النيل ليصب في منخفض القطارة بدلا من فقد المياه التى تصب في البحر لتكوين بحيرة عذبة كبرى تكون كخزان مائي ضخم يمكن تحويل المنطقة الصحراوية حولها إلى منطقة غابات ومد مواسير للرى لمناطق زراعية شاسعة. كما أن البحيرة ستكون مصدر هائل للتروة السمكية وتكوين مناطق سياحية وتعمير مدن كبرى حيث سيتغير المناخ للمنطقة بسبب البخر الناتج عن مسطح المياه للبحيرة ويمكن للشركات أن تبيع الأراضى لتدبير قيمة المشروع.


فكرة المشروع

يقع المشروع بالقرب من مدينة العلمين عند مارينا. ويتلخص في شق مجري مائي بطول 75 كيلومترا تندفع فيه مياه البحر المتوسط إلي المنخفض الهائل الذي يصل عمقه إلي 145 متراً تحت سطح البحر.. فتتكون بحيرة صناعية تزيد مساحتها علي 12 ألف كيلومتر. ومن شدة اندفاع المياه يمكن توليد طاقة كهربائية رخيصة تصل إلي 2500 كيلووات/ ساعة سنويا توفر 1500 مليون دولار ثمن توليدها بالمازوت. ويستخدم المطر الناتج عن البخار في زراعة ملايين الأفدنة التي تحتاج شمة ماء كي تبوح بخيراتها. ولن تبخل البحيرة بالطبع في إنتاج كميات هائلة من الملح والسمك. كما أنها ستخلق ميناء يخفف الضغط علي ميناء الإسكندرية. بجانب المشروعات السياحية. وتسكين ملايين المصريين القادمين من وادي النيل الضيق وخلق فرص عمل لهم.

في عهد عبد الناصر

كان المشروع مبهرا بالنسبة لجمال عبد الناصر فاستدعي خبراء من شركة سيمنز الألمانية لعمل الدراسة الميدانية الأولية في عام 1959. وفي العام التالي اتفقت مصر وألمانيا الغربية علي أن يقوم البروفيسور فرديك بازلر وفريق من جامعة دارمشتات التي يعمل بها علي القيام بالدراسات النهائية خلال خمس سنوات. وقدرت تكاليف المشروع علي مدي 15 سنة بنحو 4657 مليون دولار. منها 800 مليون دولار لشق القناة باستخدام التفجيرات النووية السلمية وهي الطريقة الرخيصة والنظيفة والمناسبة والمثالية.

لكن الظروف السياسية كانت تقف بالمرصاد للمشروع فالولايات المتحدة رفضت أن تستخدم مصر الطاقة النووية استخداما سلميا خوفا من أن تنقلب في ظروف التوتر الحادة مع إسرائيل إلي استخدم عسكري وأجبرت ألمانيا الغربية علي التسويف. وهو ما عطل المشروع سنوات طوال.

قبل حرب أكتوبر

عاد المشروع يبرق في عين أنور السادات فوضعته وزارة الكهرباء علي رأس سياستها وفي 25 يوليو 1973 قرر مجلس الوزراء اعتبار المشروع مشروعا قوميا يستحق الأولوية ، وجري توقيع اتفاقية مالية وفنية مع حكومة المانيا الغربية لدراسة المشروع. وقدم بنك التعمير في بون 11.3 مليون مارك منحة لتمويل الدراسات النهائية. وفي عام 1975 شكلت لجنة عليا للمشروع من 12 عضوا نصفهم من المصريين. والنصف الآخر من الألمان وبعد مناقصة عالمية رست الدراسات علي بيت خبرة الماني هو «لا ماير». لكن قبل أن تنتهي الدراسات رفع «لا ماير» تقديراته المالية للدراسات إلي 28 مليون مارك توقف المشروع مرة أخرى.

كانت الدراسات المطلوبة عن التفجيرات النووية وتأثيرها علي الزلازل ، وعن المياه الجوفية والمناخ والبيئة وضمان استمرار توليد الطاقة بجانب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية المتوقعة.

في ذلك الوقت وصل وفد من هيئة الطاقة الذرية في فيينا وشاهد موقع المشروع علي الطبيعة وشعر بجدية مصر في تنفيذه لكن كان من بين اعضائه من قدم تقريرا للمخابرات الأمريكية عن خطورة امتلاك مصر لتكنولوجيا نووية تفجر بها المجري المائي الذي سيوصل البحر المتوسط بالمنخفض.

وقررت مصر أن تقاضي بيت الخبرة الألماني «لا ماير» أمام لجنة التحكيم الدولية في باريس لتراجعه عن تنفيذ الدراسات المتفق عليها ومطالبته بنحو 17 مليون مارك أكثر مما اتفق عليه. وسافر وفد من الدبلوماسيين والقانويين لكن قبل أن يدخل في مفاوضات التحكيم صدرت تعليمات رئاسية بأن يعود إلي القاهرة.

إحياء المشروع

ومنذ شهور قليلة تقدم المستشار فتحي رجب وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشوري بطلب مناقشة حول مشروع منخفض القطارة. وكانت مبرراته : إن مصر تعاني من فقر في الطاقة البترولية سيتحول إلي مجاعة خلال سنوات ليست بعيدة وأن المشروع سيفتح لنا منجما من الطاقة الكهربائية الرخيصة والنظيفة.. كما أنه سيستوعب أعددا كبيرا من العاطلين الذين ضاقت بهم سبل الرزق التقليدية. لكن طلب المناقشة جري تأجيله.. فقد دخل في دائرة المحرمات والممنوعات.

وفي الوقت نفسه بدأ الصراع بين أكثر من وزارة حول المشروع. فوزارة السياحة تريد الأرض لبناء كتل من الأسمنت والخرسانة المسلحة تسميها مشروعات سياحية.. ووزارة البترول تريد تعطيل المشروع بحجة أن الأرض هناك تبشر بوجود بترول مع أن المشروع لا يمنع البحث عن البترول بل علي العكس يضاعف من فرص اكتشافه كما جاء في الدراسات الأولية.. ووزارة الكهرباء تخشي الانتقال من محطات المازوت والغاز الطبيعي إلي المحطات غير التقليدية التي لا تتمتع بالخبرات الكافية في تشغيلها وصيانتها وإدارتها.

لقد أخرجنا البرنامج النووي المصري من قبره بعد أن دفناه وقرأنا الفاتحة عليه. وسيكون لهذا البرنامج استخداماته السلمية في إنشاء محطات الكهرباء النووية. لكن، الأهم والأفضل والأرخص هو إحياء مشروع منخفض القطارة والبدء بشق المجري المائي الموصل بين البحر المتوسط والمنخفض بالتفجيرات السلمية.

وكانت هذه التفجيرات مطلوبة فيما مضي لرخصها عن الوسائل الأخري أما بعد أن اعترضت ليبيا علي سند في القول بأن الرياح قد تعبث بالغبار الذري الناتج عن التفجيرات فيصل إليها، وبعد أن تطورت تكنولوجيا شق القنوات بالطرق التقليدية (بل إن شركة «سويكو» السويدية كانت قد تقدمت بمشروع لوزارة الكهرباء بأجهزة ميكانيكية كانت حديثة منذ 30 سنة).

انظر أيضا

المصادر