مستخدم:Akhiyate

ظاهرة التسول كيف نعالجها بعد فراغ الإمام من أداء صلاة الجمعة الأخيرة حدث ( هرج ومرج ) في النصف الأمامي من المسجد حتى ظن بعض المسبحين أن مظاهرةً قد حدثت ، ولكن الذي حدث ان مجموعة من أصحاب الحاجات قاموا يناشدون المصلين ويشكون سوء حالهم وما آلت إليه ، وحوجتهم العاجلة للطعام والشراب والعلاج ، وكان أكثرهم حظاً صاحب ( الصوت الأعلى ) .... وقف أمام المصلين مباشرة ، رجل في منتصف العقد الرابع من عمره ، تحدث عن سوء حاله وكفالته لأيتام وملازمته سرير المستشفى لفترة طويلة ، خرج بعدها من المستشفي وقد تعطلت كليته ورجع السبب في ذلك إلى التدريب في معسكرات الخدمة الوطنية ، ويبدو أن موضوع الخدمة الوطنية قد وجد هوى في نفوس بعض المنتظرين فتعاطفوا معه ودسوا في يده بعض المبالغ .وتتكرر الظاهرة في كثير إن لم يكن كل مساجد العاصمة القومية وبعد أن كان ولفترة طويلة التسول داخل المسجد مقصور على شخص واحد يخاطب الناس بعد الصلاة ، ارتفع العدد الآن ، وخارج المسجد أصحاب الحاجة من المسنين والنساء والأطفال .لقد أخذت ظاهرة التسول في العاصمة أشكالاً وأنماطاً مختلفة ، وبدأ التسول بشكل منهجي في الشوارع الرئيسية والمساجد والأسواق والمتاجر والمطاعم والمستشفيات وهلم جرا .وتظل الحاجة الماسة للأكل والشراب والعلاج هي هدف البعض ، بينما أصبح التسول مهنة لها تقاليدها وفنونها بالنسبة للكثيرين ... فمن هو المسؤول عن انتشار هذه الظاهرة التي ازدادت واتسعت في الفترة الأخيرة بسبب تراكمات كثيرة ، العطالة وضعف المرتبات والأجور ، وضعف آليات ديوان الزكاة في الوصول لقطاعات مقدرة من المجتمع ، وضعف التعاطف الأسري وفشل المنظمات الطوعية في توصيف المشكلة وعدم قدرتها على استجلاب الإمكانيات الكفيلة بمعالجة هذه المشكلة ، وفشلها في تقديم خدمات جيدة ومستقرة . أو أن ذلك يحدث بسبب النزوح والهجرة من الريف للمدن وللعاصمة بشكل خاص وعدم قدرة القرى والأرياف على استيعاب الطموحات وتوفير حد معقول من الاحتياجات الشخصية وقلة الموارد ووسائل الإنتاج وتمركزها في العاصمة والمدن الكبرى ، أو أن هذه الظاهرة عالمية حدثت بعد التقارب الكوني والعولمة واقتصاديات السوق الحر والانفتاح الثقافي والإعلامي الذي جعل كل المسائل على طاولة الهواء الطلق وجعل الناس أكثر جراءةً وتملصاً من قيم كثيرة تشد الناس رغم الجوع والحاجة من سؤال الناس والإلحاح عليهم ، كل ذلك يحدث بسبب الفقر ، لعن الله الفقر ويقول الإمام علي رضوان الله عليه ( لو كان الفقر رجلاً لقتلته ) .فالظاهرة خطيرة وإهمالها وعدم التعاطي الجدي معها سيفجر الكثير من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية، وتحتاج إلى دراسة وبحث وتحليل وحلول ونقترح في ذلك:- الدراسة والبحث والتحليل لتطور ظاهرة التسول وانتشارها في المجتمع.- تشكيل جسم رئاسي ( وأظن ان ذلك قد حدث ) يعنى بموضوع الفقر والظواهر الناتجة عنه وتقديم المبادرات والموجهات والحلول.- تطوير آليات ديوان الزكاة والوصول لهذه الشرائح ووجود التزام مادي حقيقي، مقدر ومستمر.- قيام المنظمات الطوعية والإنسانية بعمل حقيقي ملموس .- التبشير والترويج لمبادئ التكافل الاجتماعي وكفالة الأيتام ويقول الرسول الكريم ( ص ) : ( أنا وكافل كهاتين في الجنة ) وأشار إلى أصبعيه السبابة والوسطى .- التبشير والترويج للمدن النموذجية في الريف والتي نشأت وتنشأ في مناطق إنتاج البترول والمعادن ( هجليج ، عدارييل ، أرياب ، وغيرها ) .- إنشاء معسكرات الإصلاح الاجتماعي للمتشردين والمتسولين والعجزة وتصنيفها ووضع النظم والخطط الكفيلة باستمرارها ومدها بالإمكانيات اللازمة .إن انتشار مثل هذه الظاهرة وتداعياتها ستهدم الكثير من جهود الإصلاح التي قامت بها الدولة في نواحي متعددة وأولها ديوان الزكاة الذي يمثل تجربة فريدة ومتميزة انفرد بها السودان عن غيره من الدول الإسلامية والذي قدم الكثير وينتظر منه الكثير أيضاً .التأمين الصحي والذي استفادت منه قطاعات كبيرة من مجتمعات المدن .وغير ذلك من صناديق التكافل والأنشطة الاجتماعية .فالظاهرة ملحة وتحتاج إلى نفرة .