محمد بن عمر التونسي

محمد بن عمر التونسي

محمد بن عمر بن سليمان التونسي (1789 - 1857) عالم لغوي وكاتب ورحالة مصري من أصل تونسي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

ولد في تونس (العاصمة)، وتوفي في القاهرة. عاش في مصر وتونس والسودان. تعلم في جامع الزيتونة، ثم قصد القاهرة، والتحق بالأزهر.

الرحالة ”محمد بن عمر التونسى“ المولود في عام 1789م من أب تونسى وأم مصرية، وقد نشأ في القاهرة وتلقى دروسه في األزهر الشريف حتى بلغ سن الرابعة عشرة، ثم سافر إلى دارفور عام 1803. ومكث فيها حوالى سبع سنين ثم سافر إلى تونس وبعدها استقر في القاهرة. عمل مصححاً لغويًا في مجلة «الوقائع المصرية». ثم التحق بالجيش المصري. وعمل في وظيفة واعظ باحدى فرق المشاة، كما اشتغل بتنقيح الترجمة العربية لكتب الطب التي كانت تدرس لكلية الطب بأبي زعبل، عام 1839، وكتب عن رحلته الى السودان. ثم قام بإلقاء الدروس الدينية في مسجد السيدة زينب بالقاهرة حتى وفاته. وتوفي في عام 1857م.


أعماله

- له كتاب بعنوان: «الشذور الذهبية في المصطلحات الطبية» مخطوطة بالمكتبة الأهلية بباريس رقم 4641 - طبع منه الجزء الأول، وله كتابان بالفرنسية - طبعا في باريس عام 1845 و1851. نظم على الموزون المقفى، والتزم أغراضه: من مدح وابتهال وشكوى الزمان ونسيب، كما نظم الألغاز اللغوية، له نظم طريف يصف فيه حبه لامرأة سوداء، أكثر قصائده مقطوعات، تتسم بوحدة الموضوع وإحكام المعنى، وتحتفي برسم الصور الكلية، وتتخلص من المقدمات التقليدية. لغته سلسة، وتراكيبة حسنة، ومعانيه واضحة، وفي خياله طرافة تجعله مقبولاً حسنًا.

الإنتاج الشعري

له قصائد وردت ضمن كتابه: «تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان» - تحقيق محمود خليل العسكري ومصطفى محمد مسعد - سلسلة تراثنا - الدار المصرية للتأليف والترجمة - القاهرة 1965.


تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان

يقع إقليم دارفور في أقصى غرب السودان ويحده من الشمال ليبيا ومن الغرب تشاد من الجنوب الغربي جمهورية إفريقيا الوسطى، ومن الجنوب بحر العرب، ومن الشمال الغربي بحر الغزال، ومن الشرق كثبان كردفان ومن الشمال الشرقي اإلقليم الشمالي، ويمتد الإقليم من الصحراءالكبري في شماله الي السافانا الفقيرة في وسطه الي السافانا الغنية في جنوبه، وبه بعض المرتفعات الجبلية أهمها جبل ”مرة“ الذي يبلغ ارتفاعه حوالى 3088م حيث توجد أكثر الأراضي الدارفورية خصوبة، ويرجع سبب تسمية دارفور بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة ”الفور“ ودارفور تعني موطن ”الفور“ وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، ويبلغ عدد سكانه ما يقارب 5,7 مليون نسمة حسب إحصاء السكان في 2008.

ذُكر في مقدمة الكتاب أن رحلة »التونسي« إلى دارفور لم تكن بهدف االستطالع والدراسة ولكنها للحاق بوالده وجده اللذان رحال من قبل وتزوجا من أهلها واصبح له أخوة وأعمام في السودان، حيث ً بالعلم والتجارة، وكان لهم مصالح عملوا جميعا تجارية واسعة ومراكز سياسية مرتفعة ومكانة دينية مرموقة فشملت »التونسى« عناية ملوك ووجهاء دارفور، ممااتاح لهاإلملام بتاريخهاوأحوالها الاجتماعية والاقتصادية ونظمها السياسية، والتعرف على العادات والتقاليد ومختلف نواحى الحياة في دارفور، ليقدم لنا دراسة تعد من أهم الدراسات التى تناولت دارفور، خاصة وأن الرحالة الذين ذهبوا الى هناك كانوا، باستثناء »التونسي«، موضع إرتياب وقلق السلطات الحاكمة فلم يتمكنوا من التنقل بحرية في أنحائها ومن ثم الدراسة بشكل كافي.

في مقدمة الكتاب ذكر »التونسى« سبب تأريخ رحلته إلى دافور حيث قال: )) ومكثت على ذلك حتى ً، وأذكى أهل ً وفهما أجتمعت بأبرع أهل زمانه حذاقة ً، معلم الكيميا الحكيم »بيرون« عصره صناعة وعلما الفرنساوى، وقرأ على كتاب »كليلة ودمنة« باللغة العربية، فذكرت له بعض ما عاينته في أسفارى من العجائب البهية، فحملنى على أن أزين وجه الدفتر بإيضاح ما شاهدته من العجائب، وأخبره بما حصل لى في تلك الأسفار من الغرائب، فامتثلت أمره لما له على من اليد البيضا، ورأيت أن ذلك أجمل بي أيضا لقول صاحب »المقصورة« من الرجز: »إنما المرء حديث لمن وعي« فشرعت في إبراز ًحسنا بعده ... فكن حديثا فرائدها من صدف األذهان، وكشف حجاب خرائدها الحسان إلى العيان، وضممت لذلك من النوادر ما سمعته من الثقات، أو نقلته من الكتب على سبيل الاستطراد للمناسبات، لتكون هذه الرحلة روضة يانعة الأزهار، لمن تأمل فيها، وحديقة دانية الثمار لمن ً في إيضاح معانيها تصفح معانيها، ولم آل جهدا للمتأملني، ولم أتعمق في غريب اللغة ليسهل فهمها للسامعين((.

وقال عن اعجابه بالسودان: ))وكنت قبل ذلك سافرت إلى بلاد السودان، ورأيت فيها من العجائب ما إذا سطر يكون كزهر البستان((.

جبل مرة

قال في وصف جبل ”مرة“ أحد اشهر معالم دارفور: )) وأما أراضي جبل ”مرة“ فهى طني أسود، وهو جبل يشق دارفور من أولها إلى أخرها حتى قيل أنه متصل بالمقطم المطل على القاهرة، لكنه ليس قطعة واحدة بل متقطع من عدة أماكن وله طرق عديدة، وفى هذا اجلبل أمم وعالم ال يحصى كثرة، وفى هذا اجلبل كهوف عديدة حتبس فيه أوالد امللوك واخرى حلبس الوزراء، وفيه من اخليرات شىء كثير وذلك أن فيه من البقر والغنم ما ال يوجد في غيره من األماكن، ومن العجيب أن جميع مواشيهم ترعى وحدها بدون راع وال يخشون عليها ً((. ً وال ذئبا ً وال سبعا سرقا

وقال عن الزراعة في دارفور: )) إعلم أن الغنى عن المتى والأين والكيف، والمنزه من الجور والظلم والحيف، قسم الأشياء وعدلها، وأنزل لكل منها منزلها، فجعل في البلاد الشمالية البرد الشديد، وفي الجنوبية الحر الذى ما عليه من مزيد، لكن رحمته بعباده، منّ على أهل الشمال بالدفء بالملابس وبالأكنان التى لا يبرد فيها مجالس، ونظر لأهل الجلنوب بعين الإسعاف والتلطيف فجعل المطر ينزل عليهم وقت اشتداد المصيف، ولما كانت أرض الفور من هذا القبيل وفي وقت الصيف يشتد فيها الغليل، كان مدرار الوبل ً من العزيز الغفور، ً لوهج ذلك الحرور، لطفا مطفئا فيزرعون في على المطر في الصيف، ويسمون ذلك ً وال الفصل بالخريف فلذلك ـ على ظنى ـ لا يزرعون برا ً... ألخ ونحو ذلك بل يزرعون الدخن ً ولا عدسا شعيرا وهو حب صغير أصفر منه يقتاتون هم ودوابهم ومواشيهم، فهو الغذاء الرئيس عندهم((، واضاف: )) وإعلم أن النبات في بالد السودان كثير ال يحصى أفراده العد وال يوقف له على نهاية وال حد((.

ً كتب عن تأثر األنسان بالبيئة واحوالها أيضا فقال: ))يجب على العبد أن يعلم أن اهلل خص كل إقليم مبا ال يوجد في غيره، وجعل في كل قبيلة خاصية ال توجد في غيرها، ولذا إذا تغرب إنسان من ً لهواء بلده حتصل بلده ألخرى، يكون هواؤها مخالفا له مشقات، فيمرض حني يتغير عليه الهواء، فرمبا مات، وإن لم ميت يطول مرضه وال يصح جسمه، حت يعتاد بهواء البلد التى سكن فيها بعد طول املدة، وملا كان األمر كذلك كان األوالد الذين يتناسلون من أب ً، ولذلك ترى ً وأقوى بنية ً، أطول أعمارا وأم فوراويني مثال للرجل له عشرة من الولد وأكثر، أقوياء أصحاء، وكذا أعراب البادية هناك ال ميوت الرجل منهم حتى يرمى ً، فلو أنعكس الأمر بأن تزوج فوراوي ًكثيرا من ولده عددا عربية، أو عربى فوراوية ترى ساللته ضعيفة نحيفة لا يعيش منها إلا ما قل وندر، وهذا مما يدل على أن في البلد والجنس خاصية لا توجد في غيرهما، لأن كل ولد يوجد من أبوين من نوع واحد وبلد واحد، يكون أقوى بنية وأعدل صحة، وترى من انعكس فيه الأمر ً((. ً فاسد اللون نحيفاً".

وفي نساء دارفور كتبعن مكانة المرأة ومشاركتها في مختلف نواحى احلياة ودورهن حيث ذكر: "وأعلم أن أهل دارفور لا يستقلون بشيء في أمورهم بدون النساء، بل أنهن تشاركهم في جميع أحوالهم، إلا في الحروب العظيمة. ولذلك فإن ُعرسا لا يتم إلا بهن. أو حزناً كذلك. ولولاهن ما استقام لأهل دارفور شيء، فترى النساء يحضرن في الأمور المهمة".

ويعد كتاب “تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان“ من أفضل ُكتب أدب الرحلات المكتوبة باللغة العربية فقد تناول ”التونسي“ تفاصيل عديدة ومناحى مختلفة ونوادر وطرائف وسير الملوك والأمراء والعادات والتقاليد، كما كتب عن التجارة وأحوالها والزارعة والحرف واألسواق، والطعام وصيد الحيوانات والطيور واالمراض وطرق عالجها والسحر والخرافات المنتشرة، كذلك يضم الكتاب ملحق حول سيرة الأمير ”أبو مدين“ ابن سلطان درافور ومعجم يشمل بعض الكلمات الفوراوية وما يقابلها باللغة العربية.

المصادر

  • إبراهيم بن مراد: المعجم العربي المختص - دار الغرب الإسلامي - بيروت 1996.
  • أبوالقاسم محمد كرّو: حصاد العمر - دار المغرب الأقصى - تونس 1998.
  • خير الدين الزركلي: الأعلام - دار العلم للملايين - بيروت 1992.
  • رضوان الكوني : محمد عمر التونسي - سلسلة ذاكرة وإبداع - وزارة الثقافة - تونس 2003.
  • عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين - مؤسسة الرسالة - بيروت 1993.

الدوريات

  • جمال الدين الشيال: الدكتور بيرون والشيخان محمد عياد الطنطاوي ومحمد بن عمر التونسي - مجلة كلية الآداب عدد(2) - جامعة الإسكندرية - 1944.
  • محمد رجب البيومي: محمد عمر التونسي رائد اليقظة التعليمية في النشر والتحرير - مجلة رحاب المعرفة عدد (2) - السنة الأولى - مارس 1998.
  • كتاب «تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان».
  • "رحلة محمد بن عمر التونسي إلى دارفور" (PDF). مجلة أفريقيا قارتنا. 2014-04-01.