مارس (أسطورة)

(تم التحويل من مارس (إله))
مارس، القرن الأول، وجدت في منتدى نرڤا (متاحف الكاپيتولين، روما)

مارس Mars، إله الحرب عند الرومان وثاني أعظم آلهتهم بعد الإله جوپيتر، وقد اقترن في وقت مبكر بإله الحرب عند الإغريق آريس واتحد معه في الأدب والفن والميثولوجيا، ولكنه كان يفوقه في الأهمية والمكانة لدى شعب أقام امبراطوريته على الحرب والقتال.

كان يُنظر إليه على أنه الجد الأسطوري لشعب روما، وقد ارتبطت به أسطورة تأسيسها، وتروي أنه اتصل بالكاهنة العذراء ريا سلفيا Rhea Silvia، ابنة نوميتور Numitor ملك ألبا لونگا Alba Longa، التي وضعها عمها في دير للراهبات بعد أن اغتصب العرش من أبيها، وأنجب منها التوءمين رومولوس Romulus وريموس Remus. فما كان من العم المغتصب إلا أن أمر بإلقائهما في نهر التيبر Tiberis؛ فتقاذفتهما مياهه لتلقي بهما على سفح تل البلاتين Mons Palatinus؛ ولكن الإله مارس تدخل لحمايتهما فأرسل حيوانه المقدس، الذئبة التي أرضعتهما، فشَبَّا وتزعما رعاة المنطقة، وقام رومولوس بتأسيس مدينة روما على ضفاف التيبر استجابة لإرادة الآلهة، وصار جد الرومان المؤلّه، مثلما صارت الذئبة شعار مدينة روما في الماضي والحاضر.


ملف:نصب يمثل الشكل التقليدي للإله مارس.jpg
نصب يمثل الشكل التقليدي للإله مارس.

كان مارس يُعبد مع جوبيتر وكويرينوس Quirinus في الثالوث الإلهي القديم بوصفه إله الرومان القومي وحامي حمى الدولة الرومانية، الذي يهب الشعب الروماني النصر في المعارك والظفر بالأعداء. كان يتم اجتماع المواطنين الرومان المجهزين بأسلحتهم كلها في ميدان الإله مارس Campus Martius خارج أسوار روما حيث تنعقد الجمعيات الشعبية (المئوية) ذات الطابع العسكري حول مذبح للإله أقامه نوما Numa ثاني ملوك روما السبعة، وهناك كانت تقدم الأضاحي وتجري طقوس تطهير المدينة من الآثام لنيل بركات الآلهة. وفي مقر الكاهن الأعظم المسمى Regia الكائن في وسط مدينة روما، كانت تُحفظ الحراب المقدسة وترس الإله الذي يقال إنه قد سقط من السماء. وعند اندلاع الحرب كان على قائد الجيش قبل انطلاق حملته العسكرية أن ينادي وهو يهز الحراب المقدسة: «انهض يا مارس» Mars vigila.

كان مارس عند أقدم الرومان يُعد كذلك إله الزراعة، الذي يحمي القطعان ويبارك المحصول ويبعد القحط والخراب عن الحقول، ثم غلبت عليه الصفة الحربية وصار إله الحرب بلا منازع.

كانت أعياده في روما تجري في شهري آذار/مارس وتشرين الأول/أكتوبر، ويبدو أنها كانت تشكل بداية الحملات الحربية الرومانية ونهايتها، مثلما أيضاً بداية فصل الزراعة ونهايته، وعلى رأسها عيد الأول من آذار وهو الشهر الذي حمل اسمه، وكان أول شهور السنة الرومانية القديمة، قبل أن يُتخذ كانون الثاني/يناير بداية السنة الجديدة.

كان الكهنة «الساليون» المختصون بالثالوث المقدس، يؤدون رقصاتهم الحربية بألبستهم وأسلحتهم التقليدية وينشدون الأناشيد التي تتغنى بأمجاد الإله مارس وبطولاته، كما كانت تجري في شهر تشرين الأول/أكتوبر طقوس تطهير الأسلحة وحفظها لموسم الحرب القادم، وتؤكد الصفات التي أطلقت عليه صفته الحربية فهو «المقاتل» Gradivus والذي لا يقهر invictus ثم صار يدعى مارس المنتقم Mars Ultor، منذ أن أقام له الامبراطور أغسطس [ر] عام 20 ق.م معبداً فخماً في الميدان الذي حمل اسمه، وذلك اعترافاً بفضله في الثأر من قتلة أبيه بالتبني يوليوس قيصر [ر] Julius Caesar، أما قبل ذلك فكانت معابده خارج أسوار روما، وأقدمها ينتصب على الطريق المقدس Via Sacra. وهكذا اكتسبت عبادته في روما أهمية ودفعاً جديداً ليس فقط بوصفه الحارس التقليدي لشؤون الدولة الرومانية العسكرية، وإنما أيضاً لأنه صار حامي الامبراطور والسلالة اليولية التي حكمت الامبراطورية الرومانية.

تبدَّت أهمية مارس في كثير من الأعمال الفنية والأدبية المستوحاة من الأساطير الإغريقية ومن علاقته بالآلهة ڤينوس، آلهة الحب والجمال عند الرومان، التي أنجب منها إله الحب آمور (أو كيوپيد). وهكذا صارت مغامراته مع الآلهة ڤينوس (أفروديت) من الموضوعات المحببة لدى الفنانين القدماء، وقد اكتشف كثير من الرسوم في مدينة بومپي الإيطالية التي تصوّر الإلهين بأشكال مختلفة، كما شوهدت على رسوم الفسيفساء التي ظهرت في أماكن كثيرة في سورية، ومن أشهرها لوحته في متحف شهبا التي تصوره مع الآلهة ڤينوس.

وفي العصر الحديث خلّد كبار الرسامين من مثل روبنس ورمبرانت وغيرهما العلاقة بين الإلهين، كما ألَّف كبار الموسيقيين ألحاناً وأوبرات عن مغامرات مارس وڤينوس.

ولايزال الشهر الثالث في السنة الميلادية يحمل اسم هذا الإله في جميع اللغات الأوربية، كما أطلق اسمه على الكوكب الأحمر في المجموعة الشمسية المعروف في العربية باسم كوكب المريخ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً


المصادر