لوي راسين

لوي راسين
لوي راسين، بريشة كارمونتل
لوي راسين، بريشة كارمونتل
وُلِد(1692-11-06)نوفمبر 6, 1692
پاريس، فرنسا
توفييناير 29, 1763(1763-01-29) (aged 70)
پاريس، فرنسا
الوظيفةشاعر، مفتش ضرائب
اللغةالفرنسية
العرقفرنسي
الفترةعصر التنوير
الصنف الأدبيالشعر، المقالات
الموضوعالدين، الفلسفة، الأدب
أبرز الأعمالLa Grâce (1722)، La Religion (1742)
الأقاربجان راسين (أبوه)

لوي راسين Louis Racine (ولد 6 نوفمبر 1692، پاريس؛ توفي 29 يناير 1763، پاريس) كان شاعراً فرنسياً في عصر التنوير.[1]

بصفته الابن الثاني والطفل السابع والأخير للكاتب الدرامي المأسوي ذائع الصيت جان راسين، فقد كان مهتماً بالشعر منذ طفولته، ولكنه أُقنع بعدم اتخاذ قرض الشعر مهنة وكان ذلك على يد الشاعر بوالو على أساس أن الموهبة يستحيل أن تتواجد في جيلين متعاقبين في أي عائلة. إلا أن راسين في 1719 أصبح عضواً في أكاديمية الآداب الفرنسية ونشر أول قصيدة رئيسية، La Grâce، في 1722. ولكن بسبب الإلهام الجانسني في القصيدة، فقد منع الكاردينال دى فلوري، كبير وزراء لويس الخامس عشر، الشاعر من الانضمام إلى الأكاديمية الفرنسية، وبدلاً من ذلك فقد حثوا راسين على قبول منصب المفتش العام للضرائب في مارسيليا في پروڤانس.[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مذكراته

هل يورث المبدع حين يموت تاريخَه وموهبتَه والحقَّ في استخدامهما، إلى ورثته الشرعيين، لا سيما إلى أبنائه؟ وفي معنى آخر، إذا كان من حق الأبناء - أو غيرهم من الأقارب - وراثة المبدع الراحل من الناحية المادية - حقوق إبداعه، مكتبته وأدوات عمله وصولاً الى منزله وكل ما يمت الى الأمور الدنيوية بصلة -، هل يحق لهم أن يزعموا الحق في وراثة البقية: روح الأعمال الإبداعية نفسها، المواضيع، التاريخ والذكريات، ناهيك بالحق الحصري في الكتابة عن الراحل، أو تحقيق أعمال فنية عنه، وصولاً الى منع الآخرين من ذلك؟ اعتاد هذا النوع من الأسئلة أن يفتح سجالات كثيرة، تصل في بعض الأحيان الى المحاكم وتوجد عداوات ومواقف... بل تهديدات بالتدمير والقتل في بعض الأحيان، ما يؤدي الى بروز مشكلات دائمة مع الأهل والورثة الذين يتنطحون وقد سال لعابهم غالباً، معلنين انهم أصحاب الحق وسلطة السماح والمنع، مع أننا نعرف أن معظم المبدعين الذين تطرح أسماؤهم في هذا المجال، غالباً ما كانوا ضحايا عائلاتهم قبل أن يكونوا ضحايا أي فن أو أي مجتمع. طبعاً الحديث عن هذا الموضوع يطول. ونحن ما أشرنا اليه هنا إلا كي نعود نحو قرنين ونصف القرن الى الوراء حيث تطالعنا قضية من هذا النوع، لم تصل الى المحاكم يومها، لكنها أثارت اشمئزاز الرأي العام، الأدبي، من دون أن تكون قضية حقوقية. فهي لم تَعْدُ، في ذلك الحين، كونَها مسألة فكرية. ولكن مسألة فكرية ذات وزن. والمسألة تتعلق بالكاتب المسرحي الكبير جان راسين، لكن صاحبها هو ابن هذا الكاتب، لوي راسين، الذي أصدر عام 1747، وبعد موت أبيه الكبير بنحو نصف قرن، كتاباً سماه «مذكرات لويس راسين»... لكنه كان في الحقيقة كتاب مذكرات عن جان راسين، الأب الذي بالكاد كان الأبن عرفه أو عايشه. إذ كان طفلاً حين رحل. ومع هذا أصر الابن يومها على أنه إنما يؤلف كتابه عن جان راسين وأن الكتاب «مملوء بالحقائق التي لا يملكها أحد غيري»، هو الذي قال عن نفسه حين اشتد الجدال: «فليقل الآخرون ما يشاؤون، أما أنا فإنني مؤرخ صادق... وهذا الكتاب سيجعل الناس الشرفاء يقدرونني حق تقدير». ولم يكن هذا صحيحاً... لأن الحياة الأدبية الفرنسية كلها وقفت في ذلك الحين ضد الكتاب معتبرة اياه «موتاً ثانياً» للكاتب المسرحي الذي يفخر به الفرنسيون فخر الإنكليز بشكسبير.[3]

يحمل كتاب لويس راسين عنواناً ثانوياً هو: «تحتوي هذه المذكرات على بعض الخصوصيات المتعلقة بحياة جان راسين وأعماله». غير أن هذا التعريف لا يجب أن يخدع أحداً. فالكتاب لم يكن في نهاية الأمر سوى كتابات عائلية وجدانية بالكاد تبدو علمية أو ذات علاقة حقيقية بأدب راسين وكتاباته المسرحية. ومن هنا وقف النقاد والمؤرخون بقوة ضد هذا الكتاب، غير أن بعض الأكثر انصافاً من بينهم لم يعجزوا عن أن يجدوا في النص روحاً رأوا انها تكاد تكون منتمية حقاً الى روح راسين الأب، وعبّر عنها الابن بلغة شفافة تجعل الكتاب يُقرأ بشغف من دون أن يتوخى منه قارئه أية إطلالة حقيقية على أدب راسين. بل وصل بعضهم إلى القول إنه إذا كان معظم الذين درسوا راسين وتعمقوا في مسرحياته، انتهى بهم الأمر الى تصويره أنه كاتب موضوعي عقلاني يفتقر الى الروح والعاطفة، فإن كتاب ابنه هذا يأتي ليكشف عنه انساناً ذا روح وعاطفة ودفء إنساني حقيقي، حتى من دون أن يربط هذا كله بكتابة من الواضح ان الابن لم يفقه منها شيئاً. من هنا قال كثر يومها أن قراءة هذا الكتاب تصبح ضرورية لمن اختتم قراءته لراسين فأدرك من خلالها تجديداته المسرحية وعلاقة المسرح بالتاريخ، لكنه ظل يبحث عن الكاتب في ثناياها فلم يجده... وها هو واجده الآن في النص الذي نتحدث عنه هنا.

هو اذاً، كتاب عائلي صيغ بنبرة ألفة عائلية، وبحب كبير لرجل صوّره الكتاب طيّباً مع عائلته يعطيها من الوقت ما تحتاج، ولا يحاول أن يشغل بالها بهمومه العملية أو الإدارية أو الإبداعية. ولعل ما يلفت النظر، حقاً، في هذا الكتاب، هو أَمْثلة الكاتب لأبيه الى درجة أنه غض الطرف عن أية خبريات أو حكايات قد تطاول سمعته، كما أنه أعطاه الحق كل الحق في كل المنازعات التي بقيت في التاريخ ذكرياتها، وكان من الطبيعي للمؤرخين الموضوعيين، سواء كانوا من مناصري راسين أو من مناوئيه، أن يوزعوا الحق والمسؤوليات حين يتحدثون عنها. هنا، في هذا المجال، رأى لويس راسين ان من حقه أن يؤكد أن اباه «دائماً على حق». وكان هذا الأمر طبيعياً فالابن لا يمكنه أبداً أن يرى أن أباه كان يمكن أن يكون مخطئاً، حتى بعد عشرات السنين من القضية المثارة. وهذا ينطبق أيضاً على مقاطع كثيرة من مراسلات جان راسين التي نشرها الابن في ثنايا كتابه، حيث نراه يختصر تلك المراسلات ويشطب منها ما يريد شطبه. وفي هذا السياق أيضاً، لن نجد في «المذكرات» هذه أي ذكر لبعض علاقات راسين، التي كانت معلومة للجميع في زمنه، ومنها بخاصة علاقته مع السيدة دوبارك والسيدة شامسليه. وكأن الابن رأى أنه حين يغض النظر عن هذه الأمور فإنه «يبيّض» صفحة أبيه، غير مدرك ان السكوت عن أمور ومسائل معروفة الى هذا الحد، يفقد الكتاب كله صدقيته. وبالفعل فإن كتاب لويس راسين هذا، اعتبر دائماً رسالة حب ومودة من ابن الى أبيه، ولم يعتمده أحد على الإطلاق، مرجعاً لدراسة حياة جان راسين وأدبه، وربما أيضاً ثنايا علاقة حياة بمسرحه.

من هنا، بالتالي، طوى النسيان هذا الكتاب، فإن طُبع وقُرئ، فإنه لا يطبع ويقرأ إلا كنص طريف ممتع ربما يصح القول انه عن شخص خيالي اخترعته مخيلة الابن، لا أكثر ولا أقل... ذلك أن جان راسين في كتاب «المذكرات» هذا هو شخص مختلف كل الاختلاف عن جان راسين الكاتب الذي نعرف. ومع هذا كله يبقى أن بعض أجمل صفحات هذا الكتاب، انما هي تلك التي ينقل فيها لويس عن أبيه، وربما بقدر كبير من الأمانة - هذه المرة - رأي هذا الأخير في أعماله نفسها، وما جرى على لسانه من حديث عنها، أو من ردود الفعل التي جابهت عرضها حين عُرضت. وهذه الصفحات تأتي هنا لتكمل ما يعرفه الباحثون عن آراء راسين الأب من خلال رسائله المعروفة والمنشورة، والتي كان يحرص في معظمها على تسجيل مثل تلك الآراء. ونذكر هنا أن لويس ينقل الآراء غالباً عن أفراد آخرين من الأسرة. ومن ذلك ما يقوله مثلاً في احدى الصفحات من أن أباه كان يقول لأخيه الأكبر: «أنا لا أخفيك ان المرء حين يكون خائضاً حمى الكتابة، لا يكون دائماً راضياً عن نفسه... ولكن بعد ذلك حين يصل عمله الى الآخرين، لا يطلب منهم سوى التصفيق. انه ليحدث لي كثيراً، يا بني، أنني أحزن لأقل نقد يوجه إليّ، ومهما كان سوء مستوى كاتبه، أكثر بكثير مما أفرح لكل ضروب التقريظ التي أنالها».

إذاً، جان راسين (1639 - 1699)، يبرز أمامنا في هذا الكتاب، شخصاً أكثر حميمية، من ذاك البارد الذي تظهره الدراسات التاريخية. ولعل هنا يكمن العنصر الأساس والأجمل في هذا الكتاب الذي وضعه لويس راسين (1692 - 1763)، ابنه الذي لم يكن تجاوز السابعة من عمره حين مات الأب. ونعرف أن راسين يعتبر الى جانب كورناي وموليير، أحد الثلاثة الذين جعلوا للمسرح الفرنسي كيانه في زمن لويس الرابع عشر، راسين وكورناي في الدراما، وموليير في الكوميديا طبعاً.

ومن أهم أعمال جان راسين: «أندروماك» و «فيدرا» و «أستير» و «بريتانيكوس» و «ميتريدات»، بين أعمال أخرى لا تزال تعتبر حتى يومنا هذا من شوامخ الكتابات المسرحية في تاريخ فن الخشبة.


الهامش

  1. ^ Biographie universelle classique: ou, Dictionnaire historique portatif, deuxième partie (H–R) (Paris, Charles Gosselin, 1829), p. 2497.[1]
  2. ^ Dictionnaire des lettres françaises. Le XVIIIe siècle (Paris, Editions Fayard, 1995), pp. 1082–1085.
  3. ^ إبراهيم العريس (2015-10-27). "«مذكرات» لويس راسين: بابا دائماً على حق!". صحيفة الحياة اللبنانية.

وصلات خارجية