كافور الإخشيدي

(تم التحويل من كافور الأخشيدي)

كافور الإخشيدي (946-968 م) أو أبو المسك كافور ، هو أحد حكام الدولة الأخشيدية ، وقد أصبح كافور سنة 966 م واليا من قبل العباسيين على مصر حيث حكمها ثم توسع إلى بلاد الشام دام حكمه لمدة 23 عاما هو صاحب الفضل في بقاء الدولة الإخشيدية في مصر. يذكر أنه كان عبدا وخصيا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

جاء كافور لمصر مع من جلبوا إليها من عبيد يباعون في أسواقها من السودان أو النوبة وهو بين العاشرة والرابعة عشرة. ولم يكن كافور علي سواده وسيماً بل كان دميماً قبيح الشكل مثقوب الشفة السفلي مشوه القدمين بطيئاً ثقيل القدم ، لم يعرف حياة القصور ، فوقع في يد أحد تجار الزيوت فسخره في شئون شتي .

وقاسي كافور الأمرين وهو يعاني من أحمال ناء بها كاهله ، فبين نير معصرة الزيت التي يديرها ، يدوس برجليه الكُسب ثم يقوم بحمل الأواني علي منكبيه ليجر بعدها العجلات بيديه في عمل يومي شاق ، يفترش الأرض بعدها لينام في النهاية كأنما قد كتب عليه أن يظل متمرغاً في الزيت بلا نهاية ، بل ولقي الكثير من العنت من سيده. كل هذا العناء جعل من كافور رجلاً قوياً وقادراً علي مواجهة الصعاب بل وشد من أزره حتي إذا خرج من تحت قبضة الزيات وقع في يد محمود بن وهب بن عباس الكاتب ، وهنا بدأ الحظ يبتسم له.

كانت تلك النقلة هي أول الطريق نحو المجد الذي أفضي به إلي الخير فعرف كافور السبيل نحو القراءة والكتابة فنفض يديه متاعب المعصرة وأدران الزيت فالسيد الجديد ابن عباس الكاتب هذا كان موصولاً بمحمد بن طغج ويعرفه منذ كان قائداً من قادة تكين أمير مصر وقتها وقبل أن يصبح ابن طغج علي حكم مصر .

شاءت المقادير أن يحمل كافور هدية من مولاه إلي ابن طغج ، وحين رأه الإخشيد انفتح له قلبه من أول وهلة ، فسعي لشراء هذا الصبي الأسود مقابل ثمانية عشرة ديناراً دفعها ثمناً له.

وهنا بدأت المسيرة التي كان الجد والإجتهاد شعار صاحبها والسبيل لبلوغ مرادها ، فمنذ أن حل كافور بمصر وهو يملك نفساً كبيرة ويحمل بين جوانحه قلباً كبيراً وآمالاً عريضة ، لم لا وهو الذي راوده الحلم وهو عبد صغير يباع ويشتري ، ولم يكن حلم مثل هذا الدميم القبيح أكثر من أن يجد في كنف أي سيد يملكه سوي سكن يأويه ولقمة يسد بها جوعه ، وشربة ماء يروي بها ظمأه.

ويروون عن كافور وقت أن جلب إلي سوق النخاسة أنه مر ذات يوم بسوق من الأسواق بصحبة عبد مثله ، وسارا معاً يتطلعان فقال له صاحبه :

ـ أتمني لو اشتراني طباخ فأعيش عمري شبعان بما أصيب من مطبخه.

ولكن أبا المسك قال : ـ أتمني أن أملك هذه المدينة.


حكمه

ارتبط بزوغ أبي المسك كافور في الدولة الإخشيدية بالظروف السياسية لهذه الدولة، فقد استطاع أن يدير دفة الدولة عقب وفاة محمد بن طغج الإخشيد، حيث إن أنوجور (محمود) بن محمد بن طغج كان لا يزال صبيًا في الخامسة عشرة من عمره، ويروي أن أبا المسك كافور لم يكن ليتيح لأونوجور هذا الفرصة كي يمرن نفسه علي الحكم فيفيد منه ولم يكن ليدعه يظهر للناس حتي لا يعرفونه ، أفل نجم أونوجور سريعاً ليسطع نجم كافور الذي دعا له الخطباء علي المنابر دون أونوجور ، في الوقت الذي كان ينال فيه أونوجور ما خصصه له كافور من مال بلغ أربعمائة ألف دينار في العام.

وآلت الأمور لأبي المسك كافور الذي ملك السلطة والمال في يده ، وضاق الأمر بأونوجور وقتها فترك العاصمة وادعي بأنه سيخرج للهو والصيد ، فاتجه إلي ناحية الرملة بأرض [فلسطين] ليمكن نفسه ويجمع شتات من حوله ومن هم برمون بأبي المسك ، وفي قرارة نفسه ونيته انتزاع ما سُلب من ملكه ، ولكن أماً لأونوجور كانت أبصر من ابنها رأت بأن الضجر بأبي المسك لم ينته إلي قلوب كثيرة من ذوي النفوذ ، والجند علي الدوام رهن بأرزاقهم يعطون قلوبهم حيث يضمنونها ، ورأت أن مافي خزائن ابنها لا يكفي فهو شئ قليل لا يكاد أن يكفي ماهم طامعون فيه ، فحذرت ابنها من مغبة الهزيمة ، ورأت في الوقوف إلي جانب أبي المسك مزية ومكسباً لأسرتها ، وهنا نجد أن كافور قد تنازل عن جانب من كبريائه وبطيب خاطر كتب لأونوجور يسترضيه ويمنيه ، ولكن الملك الصغير كان قد نسي مسألة الملك هذه وقنع بما يصله من دريهمات ، وهنا أصبحت الأمور جادة وبقي كل شئ في يدي أبي المسك من جديد ، وظل الأمر هكذا حيث مات أونوجور عن عمر يناهز الثلاثين عاماً وذلك في سنة تسع وأربعين ومائتين من الهجرة عاش منها أبي المسك كافور في ظل أونوجور سلطاناً حقيقياً ممسكاً بكل مقاليد الحكم مدة أربعة عشرة عاماً ، وقيل أن كافور دس له السم ليستريح منه وليزيحه من طريقه ، فتولي من بعده أخوه علي بن الإخشيد الذي كانت نفسه تمتلئ رعباً من سطوة كافور وشدة بأسه ، وكافور يعطي لعلي بن الأخشيد مثلما كان يعطيه شقيقه أونوجور في السابق ، ولكن السلطة التي قبض عليها كافور بشدة جعلته يُضيق الخناق عليه فلم يتركه يظهر للشعب مما جعل الصبي ينحدر إلي حياة اللهو والدعة ثم اتجه للإنقطاع للعبادة يجد فيها سلواه ، حتي إذا أرهقته العبادة شمر عن ساعديه ليبحث عن حقه المسلوب يطلبه ، فما كان من كافور إلا أن عجل بموته بعد أن دس له السم أيضاً. [1]

ولم يحصل كافور على تفويض من قبل الخلافة العباسية. بيد أنه لم يواجه اعتراضًا من قبلها، وكان يلقب بالأستاذ، ويكنى بأبي المسك، وكانت السياسة الخارجية لكافور استمرارًا لسياسة محمد بن طغج الإخشيد في الحفاظ على علاقة متوازنة مع كل من العباسيين والفاطميين.

وبصفة عامة، فقد كان قريبًا من قلوب المصريين لكونه سخيًا كريمًا؛ وينظر بنفسه في قضاء حوائج الناس والفصل في مظالمهم، وفي عهده اتسع نشاط دعاة الفاطميين في مصر. [2]

كافور والمتنبي

شغل أبا المسك كافور دولة بني الإخشيد قرابة واحداً وعشرين سنة أوتزيد قليلاً كانت هذه الدولة قد دام حكمها لمصر مدة أربعاً وثلاثين عاماً ، عاش كافور يدبر أمور الحكم فيها مع مولاه ، حتي لقد قيل ان هذه الدولة ماحكمت بقدر ماكان الحكم فيها لكافور ذاته ، بل ويمكن القول أن دولة بني الإخشيد هي التي سوت الطريق وجعلته ممهداَ ليفتح سبيل حكم مصر أمام هذا الرجل ، الذي ملأ مكانه كما لم يملأه أحد من قبله ، حتي أنه شغل شعرائها فنجد شاعراً بقامة أبي الطيب المتنبي مدح كافور فأنصفه ، وحين انقلب عليه وهجاه لم ينصفه ، فحين مات كافور ودُفن بالقدس بعد أن حُمل جثمانه إلي هناك وجد مكتوباً علي شاهده شعراً للمتنبي قال فيه :

مابال قبرك ياكافور منفرداً

بالصّحصح المرت بعد العسكر اللجب

يدوس قبرك أحاد الرجال وقد

كانت أسود الشري تخشاك في الكتب .

كما وجد مكتوباً علي قبره :

انظر إلي غير الأيام ما صنعت

أفنت أناساً بها كانوا وما فنيت

دُنياهم ضحكت أيام دولتهم

حتي إذا فنيت ناحت لهم وبكت

وهكذا استطاع رجل مثل أبي المسك أن يترك ذكراً طيباً في نفوس المصريين رغم حقد الحاقدين حيث كتب عنه المتنبي هجاءاً مقذعاً في قصيدة له حين غادر مصر حانقاً علي كافور وهو الذي كتب في كافور مادحاً:

وفي الناس من يرضي بميسور عيشه

ومركوبه رجلاه والثوب جلدهُ

ولكن قلباً بين جنبي ماله

مدي ينتهي بي في مرادٍ أحدهُ [3]

وكان من أشهر أبيات الشعر التي هجا بها المتنبي كافورا:

  • -لا تشتري العبد إلا و العصا معه :::::::::::::: إن العبيد لأنجاس مناكيد.

ترجمته في تاريخ دمشق

كافور " 5776 - كافور أبو المسك الإخشيدي صاحب مصر ولي إمرة دمشق بعد سيده الإخشيد محمد بن طغج بن جف وكانت وفاة الإخشيد في سنة أربع ويقال خمس وثلاثين وثلاثمائة بدمشق فلما مات أقعد ابناه أبو القاسم أونوجور وأبو الحسن علي ابنا الإخشيد مكان أبيهما وكان المدبر لأمرهما كافور ثم سار كافور إلى مصر فقتل غلبون المغربي المتغلب عليها وملكها وقصد سيف الدولة دمشق فملكها ثم إن أهل دمشق خافوا من حيف سيف الدولة فكاتبوا كافورا فجاء إلى دمشق فملكها سنة خمس وقيل سنة ست وثلاثين وثلاثمائة فأقام بها يسيرا ثم ولي بدر الإخشيدي ويعرف ببدير ورجع كافور إلى مصر أنبأنا أبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر بن الجواليقي اللغوي حدثنا أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي الخطيب قال حكى لنا الرئيس أبو الحسن بن علي بن باري الواسطي حدثنا أبو الحسن بن أدين النضر النحوي قال حضرت مع والدي مجلس كافور الإخشيدي وهو غاص بالناس فدخل إليه رجل وقال في دعائه أدم الله أيام سيدنا بكسر الميم من الأيام وفطن بذلك جماعة من الحاضرين أحدهم صاحب المجلس حتى شاع ذلك فقام من أوساط الناس رجل فأنشأ يقول :

لا غرو إن لحن الداعي لسيدنا * أو غص من دهش بالريق أو حصر فمثل هيبته حالت جلالتها * بين الأديب وبين القول بالحصر وإن يكن خفض الأيام عن غلط * في موضع النصب لا عن قلة البصر فقد تفاءلت من هذا لسيدنا * والفأل مأثورة عن سيد البشر فإن ايامه خفض بلا نصب * وإن أوقاته صفو بلا كدر

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني حدثنا أبو محمد الكتاني قال وفيها يعني سنة ست وخمسين وثلاثمائة توفي كافور الإخشيدي وذكر غيره أنه توفي بمصر وحمل إلى بيت المقدس وقيل إنه دفن بداره بمصر كتب إلي أبو الحسن محمد بن محمد بن مرزوق الزعفراني وحدثنا أبو طاهر إبراهيم ابن الحسن بن طاهر عنه قال قرأت على أبي الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي المكي بالبصرة قال لك الشيخ أبو نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي السجستاني الحافظ وجدت على قبر الأمير أبي المسك كافور الإخشيدي رحمه الله بيتين وهما:

ما بال قبرك يا كافور منفردا * بالصحصح المرت بعد العسكر اللحف يدوس قبرك أفناء الرجال وقد * كانت أسود الثرى تخشاك في الكثب

قال لنا أبو الفضل قال لنا الشيخ أبو نصر وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى من سنة سبع وخمسين وثلاثمائة بمصر رضي الله عنه وذكر بعضهم أن وفاته كانت يوم الثلاثاء بعد الزوال لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وقيل لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى أنبأنا أبو محمد بن صابر أنبأنا أبو الحسين بن الحنائي أنبأنا أبو بكر الحداد أخبرني أبو نصر بن الجبان حدثني بعض إخواني من أصحاب الحديث قال قرأت على قبر كافور الإخشيدي بمصر مكتوب على القبر في الجص منقور :

ما بال قبرك يا كافور منفردا * بالصحصح المرت بعد العسكر اللجف يدوس قبرك أفناء الرجال وقد * كانت أسود الثرى تخشاك من كثب

كتب إلي أبو نصر بن القشيري أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا الحاكم أبو عبد الله حدثني الوليد بن بكر العمري أنه قرأ على قبر كافور بمصر.

أنظر إلى غير الأيام ما صنعت * أفنت أناسا بها كانوا وما فنيت
دنياهم ضحكت أيام دولتهم * حتى إذا فنيت ناحت لهم وبكت

انظر أيضا

المصادر


سبقه
أبو الحسن علي بن الإخشيد
أمير الدولة الإخشيدية
968 - 969
تبعه
أبو الفوارس أحمد بن على بن الإخشيد