قول الصحابى
قول الصحابي هو مذهبه في المسألة الفقهية الاجتهادية(2)، سواء أكان ما نقل عن الصحابى قولا أم فعلا.
والصحابة رضى الله عنهم كانوا مرجع الافتاء ومنبع الاجتهاد حينما طرأت حوادث جديدة، ووقعت وقائع لا عهد للمسلمين بها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا في الافتاء متفاوتين بتفاوت نضجهم الفقهى، فأثر عن جملة منهم كثير من الفتاوى بحيث يكون جزءا كبيرا منثورا في بطون الكتب الفقهية.
وقد اتفقت الأئمة من أصحاب المذاهب الفقهية على أنه لا خلاف في الأخذ بقول الصحابى فيما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، لأنه من قبيل الخبر التوقيفى عن صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ، ولا خلاف أيضا فيما أجمع عليه الصحابة صراحة أو كان مما لايعرف له مخالف ، كما في توريث الجدات السدس. ولا خلاف أيضا في أن قول الصحابي المقول باجتهاد ليس بحجة على صحابى آخر، لأن الصحابة اختلفوا في كثير من المسائل ، ولو كان قول أحدهما حجة على غيره لما وقع منهم هذا الخلاف.
وإنما الخلاف في فتوى الصحابى بالاجتهاد المحض بالنسبة إلى التابعى ومن بعده ، هل يعتبر حجة شرعية أم لا؟ فذهب جمهور العلماء من الحنفيه والمالكية وبعض الشافعية والحنابلة على أنه حجة شرعية مقدمة على القياس، والراجح من الشافعية على أنه ليس بحجة، وهناك أقوال أخري لكنها ترجع إلى هذين القولين. والراجح أن مذهب الصحابى ليس حجة، ولا يكون دليلا شرعيا مستقلا فيما يكون بالاجتهاد المحض، لأن المجتهد يجوز عليه الخطأ، ولم يثبت أن الصحابة ألزموا غيرهم بأقوالهم، فمرتبة الصحبة وإن كانت شرفا عظيما لا تجعل صاحبها معصوما عن الخطأ (4).
الهامش:
1- لسان العرب مادة (صحب) ط دار المعارف ، وكذا المصباح المنير للفيومى المطبعة الأميرية بالقاهرة ، ط7 ، 1928م. 2- فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت 2 /20 مع المستصفى للغزالى دارالفكر ، وشرح المحلى على جمع الجوامع مع حاشية اللبنانى 2 /146 ، مصطفى الحلبى. 3- مذهب الصحابى وأثره في الفقة الإسلامى د/سعيد مصيلحى، ص26. 4- أصول الفقة الإسلامى د/وهبة الزحيلى 2 /850 ومابعدها ط1 ، دار الفكر 1986 م ، تيسير أصول الفقة ، محمد أنور البدخشانى ، 162 ، ومابعدها. ط كراتشى باكستان 1990م.