قانون التمكين 1933

أيمن زغلول
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
خطبة هتلر في الرايخس‌تاگ التي روجت لمشروع القانون

قانون التمكين (بالألمانية: Ermächtigungsgesetz؛ إنگليزية: Enabling Act) كان قانوناً صدر في 1933 جعل هتلر ديكتاتور ألمانيا النازية، بالمعنى الحرفي لكلمة ديكتاتور هو من يُملي القوانين وينفذها. وقد مرره الرايخس‌تاگ الألماني ووقعه الرئيس پاول فون هندنبورگ في 23 مارس 1933. وكان ثاني خطوة رئيسية، بعد قرار حريق الرايخس‌تاگ، حصل من خلالها المستشار أدولف هتلر قانونياً السلطات العامة وأسس ديكتاتوريته. وقد حصل القانون على اسمه من وضعه القانوني كقانون تمكين يمنح الحكومة سلطة اصدار القوانين بدون مشاركة الرايخس‌تاگ. وقد نص القانون على أن مدة سريانه أربع سنوات ما لم يجدده الرايخس‌تاگ، وهو ما حدث مرتين.

الاسم الرسمي لقانون التمكين كان Gesetz zur Behebung der Not von Volk und Reich (بالعربية: "قانون لمعالجة محنة الشعب والرايخ (الحكم)").

قام فيها البرلمان الألماني عام 1933 عقب حريق مبناه بإضافة سلطة التشريع إلى سلطة الحكومة أى بمعنى أن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وقعتا في نفس اليد، وكانت هي يد أدولف هتلر في مارس عام 1933.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحادث

في 23 مارس 1933 عقدت الجلسة الافتتاحية للبرلمان الألماني (الرايخستاج) في دار أوبرا كرول الواقعة بوسط برلين بعد أن دمر حريق مبنى البرلمان الأصلي قبل أسابيع، وكما يروي كيفن باسمور في كتابه عن (الفاشية): دخل النواب إلى القاعة وسط احتشاد من جموع من شباب يرتدون شارة الصليب المعقوف وينادون النواب بأوصاف مثل خنازير الوسط أو خنزيرات الماركسية، برغم أنه كان قد سبق اعتقال النواب الشيوعيين لاتهامهم بإحراق مبنى الرايخستاج، وتم احتجاز عدد غير قليل من الاشتراكيين، وألقي القبض على أحدهم لدى دخوله المبنى، واصطف أفراد كتيبة العاصفة النازية وراء الاشتراكيين وسدوا مداخل المبنى ومخارجه. كان البرلمان يومها منعقدًا لهدف واحد هو تمرير قانون تمكين يمنح الزعيم الألماني أدولف هتلر سلطة إصدار قوانين دون موافقة البرلمان، حتى إذا كانت قوانين تخالف الدستور، لكن إصدار ذلك القانون نفسه كان يتطلب تعديل الدستور، وهو ما لم يكن يمكن أن يتم بدون موافقة أغلبية الثلثين، ولذلك كان النازيون يحتاجون إلى دعم المحافظين، وهو ما جعل هتلر في خطابه أمام البرلمان يتعهد للمحافظين بأن تمرير هذا القانون لن يهدد وجود البرلمان ولا منصب زعيمهم الرئيس هيندنبورج، لكي يصوتوا لقانون التمكين، في البدء نجح هتلر في السيطرة على نفسه خلال إلقاء الخطاب بشكل استثنائي، لكنه انفعل فجأة داعيًا لإعدام مدبر حريق الرايخستاج متوعدًا الاشتراكيين بأشد العقوبات، ليهتف النواب النازيون في نهاية كلمته “ألمانيا فوق الجميع”. يومها، امتلك رجل وحيد الجرأة ليشق الصف الواحد الذي بدا أنه يقود ألمانيا إلى سماوات المجد، كان ذلك النائب الاشتراكي أوتو فيلز الذي وقف ليرد على هتلر بشجاعة مستندًا إلى “مبادئ الإنسانية والعدالة والحرية والاشتراكية”، وبرغم أنه كما يروي السفير الفرنسي الذي حضر الجلسة كان يتحدث بنبرة أشبه بصياح طفل مضروب، إلا أن الجميع كان مذهولًا من كلمته، خصوصًا أنه ختمها بالإعراب عن أطيب أمنياته لأولئك الذين تحفل بهم السجون ومعسكرات الاعتقال، كعادة الطغاة لم يكن هتلر سعيدًا بما قاله فيلز، لم يكن كافيًا له أن تصفق له كل ألمانيا وأن يجتمع الكل على محبته وتأييده، ولذلك فقد قام ليرد على فيلز بعصبية محمومة، متّهمًا الاشتراكيين بأنهم قد عذبوا النازيين طوال 14 عامًا، مع أن النازيين لم يكونوا يعاقبون على أنشطتهم غير المشروعة إلا بأخف العقوبات، وعندما أطلق النواب الاشتراكيون صيحات استهجان، تعالت صرخات النازيين من داخل القاعة وخارجها “سوف تعدمون شنقًا اليوم”. يومها وافق البرلمان على قانون التمكين لهتلر، بأغلبية 444 صوتًا مؤيدًا مقابل 94 صوتًا معارضًا من الاشتراكيين الذين جرؤوا يومها على شق صف الأمة الألمانية، وهو ما أطاح بسيادة القانون وأرسى الأساس لسلطة قائمة على إرادة الفوهرر، ليمنحه ذلك القانون الحق في اتخاذ ما يراه مناسبًا لتحقيق المصالح العليا للشعب الألماني ضد أي شخص يعتبره عدوًا للأمة الموحدة، وكان الاشتراكيون الذين جرؤوا على الرفض أول ضحاياه، لكن قائمة الضحايا اتسعت فيما بعد لتشمل كل مؤيدي هتلر ومنافقيه وموالسيه والمبررين له والصامتين عليه، لتتخلص ألمانيا من كل أعدائها وتصبح بلدًا موحّد الصف، دون أن يدري أهلها أن ذلك الصف الموحد لم يقدها إلا إلى الدمار الشامل.[1]

ومن المثير للسخرية أن كتلة الأحزاب الوسطية التى كان معظمها كاثوليكي التوجه وافقت جميعا على إصدار هذا القانون ولم يعترض عليه سوى الحزبان الاشتراكي والشيوعي، وهذان قد تم حظرهما مباشرة عقب إتمام التمكين أو نفاذ قانونه.

هذا ولم ينعقد البرلمان الألماني لمدة 15 عاما بعد هذه الحادثة حيث أنه قد حل نفسه بنفسه لأن وظيفة البرلمان الرئيسية هي التشريع، وهذا قد ذهب إلى يد المستشار هتلر، فعلام الإبقاء عليه؟

وقد كان هتلر متعجلاً بشدة على إصدار هذا القانون لدرجة أن إصداره لم تجاوز مدته حتى شهرين بعد توليه منصب المستشار في نهاية يناير 1933 حيث أنه قد صدر قبل نهاية مارس من نفس العام.

وكان القانون ينص على إمكانية إصدار القوانين من جانب الحكومة وليس فقط اللوائح التنظيمية، وكذلك عقد الإتفاقيات مع الدول الخارجية دون رقابة من البرلمان ولا مراجعة بل وأن نصوص القوانين التى تستطيع الدولة إصدارها لا يشترط فيها التقيد حتى بنصوص الدستور !!! ومن عجائب القدر أن هذا التمكين كان مفتوحا لمدة 4 سنوات ولم يكن مقيدا بمجال محدد أو أعمال محددة فكان يمكن للحكومة مثلا تغيير قوانين العقوبات (وقد حدث ذلك بالفعل) والقوانين الخاصة (حدثت بعض تعديلات القانون المدنى لتسهل الإستيلاء على ثروات اليهود) بل وكل القوانين الإجرائية كالمرافعات والإجراءات الجنائية إلخ..


حالات مناظرة في دول أخرى

مصر

عرفت مصر أيضا التفويضات الممنوحة لرئيس الدولة مثلما وقع قبيل حرب 1967 عندما صدر تفويض مفتوح للرئيس جمال عبد الناصر لإصدار قرارات لها سلطة القانون ثم تم حل البرلمان بعد ذلك مع بقاء التفويض ساريا (مع أنه لا تفويض ممن لا وجود له). وفي ضوء هذا التفويض أنشأ عبد الناصر عام 1968 بموجب هذا التفويض المنتهى لعدم وجود من قام بإعطائه، أنشأ المحكمة العليا التى كانت سلف المحكمة الدستورية العليا. ولم يتعدل هذا الوضع الشاذ إلا عندما أنشئت المحكمة الدستورية العليا عام 1979.

الهامش

  1. ^ بلال فضل (2014-10-18). ""أربع حكايات عن حتمية شق الصف"". المصريون.