فرحات بن قدارة

فرحات بن قدارة.

فرحات بن قدارة (و. 27 سبتمبر 1965)، هو سياسي ومصرفي ليبي، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط وآخر محافظي مصرف ليبيا المركزي في عهد معمر القذافي قبل قيام ثورة 17 فبراير 2011.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

وُلد فرحات بن قدارة بمدينة بنغازي، في 27 سبتمبر 1965. وهو حاصل على بكالريوس الاقتصاد من كلية الاقتصاد والتجارة جامعة قاريونس، والماجستير من جامعة شيفلد بالمملكة المتحدة في الاقتصاديات المالية والمصرفية.

من عام 1995 حتى 1998 كان عضو هيئة تدريس بقسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والتجارة، في جامعة قاريونس، ومن 1993 حتى 1995 كان باحثاً في وزارة الاقتصاد والتجارة الليبية. من 1998 حتى 2000 كان عضو لجنة إدارة بنك الوحدة. ومن عام 2006 حتى 2006 كان نائباً لمحافظ مصرف ليبيا المركزي، ثم تولى منصب حاكم مصرف ليبيا المركزي من 2006 حتى 12 مارس 2011. قبلها كان رئيس اللجنة التأسيسية للمصرف الاستثمار الأفريقي، رئيس مجلس إدارة صندوق ليبيا للاستثمار الداخلي والتنمية، رئيسا للمؤسسة العربية المصرفية في لندن، عضو مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار، عضو المجلس الاعلى للنفط والغاز، عضو مجلس أمناء صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عضو المجلس الوطني للتخطيط.


الثورة الليبية 2011

وقت قيام الثورة كان بن قدارة حاكماً لمصرف ليبيا المركزي حتى انه لجأ الى الجانب المعادي للقذافي أثناء الحرب الأهلية الليبية. غادر ليبيا لتركيا، التي كانت توجه الرحلات وأية متطلبات التأشيرة، يوم 21 فبراير، ولكن ظل في منصبه رسمياً حتى 6 مارس، عندما أدركت الحكومةأانه لن يعود.

في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز بتاريخ مايو 2011، وقال إنه ينتظر أن يستقيل من البنك حتى العقوبات التابعة للأمم المتحدة رسمياً في المكان، في هذه الأثناء طلبت تأجيل نقل الصناديق السيادية الليبية من الاتحاد الأوروپي والولايات المتحدة لحسابات البلدان التي يرجح لتجاهل العقوبات. وقال أنه نتيجة سددت 96% من الأموال الليبية الخارجية، وبأن العقوبات كانت فعالة للغاية وكان لها تأثير كبير على النظام.

رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط

في 12 يوليو 2022، أعلنت الحكومة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة إن فرحات بن قدارة تولى مهامه باعتباره الرئيس الجديد لمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، التي قالت إن قوة مسلحة داهمت مقرها في طرابلس لفرض قرار تعيينه خلفاً لمصطفى صنع الله. ويمثل ذلك أحد مظاهر الصراع للسيطرة على شركة الطاقة التي تمثل صادراتها مصدراً للتمويل للدولة كلها.[1]


وترتب على الأزمة السياسية في ليبيا هذا العام صراع يتمثل طرفاه في البرلمان الذي يقع مقره في الشرق وسبق ان عين حكومة برئاسة فتحي باشاغا من جهة وحكومة الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس من جهة أخرى. وأصبحت المواجهة بينهما تهدد بتقويض الاستقلال السياسي للمؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة، وهي جهة تصدير النفط الوحيدة المقبولة من المجتمع الدولي.

ولم يتضح ما إذا كان الصراع للسيطرة على مؤسسة النفط سيكون له تأثير فيما يتعلق بالحصار المستمر الذي تفرضه الفصائل الشرقية على إنتاج النفط الليبي أو ما إذا كان سيؤثر على جوانب أخرى من أعمال الشركة. وأصدر الدبيبة يوم الثلاثاء قرارا بعزل صنع الله ومجلس إدارته وتعيين محافظ البنك المركزي السابق بن قدارة مكانه. ورفض صنع الله الخطوة قائلا إن الدبيبة لا يتمتع بأي سلطة لأن تفويض حكومة الوحدة الوطنية انتهى. ويرفض الدبيبة تسليم السلطة.

وكتب السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند على تويتر "نتابع بقلق بالغ التطورات المتعلقة بالمؤسسة الوطنية للنفط"، مضيفا أن المؤسسة حافظت على استقلالها السياسي وكفاءتها الفنية في عهد صنع الله. وقالت لجنة الطاقة بالبرلمان في بيان إنها تعترف بمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة صنع الله كمجلس شرعي واتهمت الدبيبة بإبرام ما وصفته بأنه صفقات سياسية مشبوهة.

ويقول محللون إن تعيين بن قدارة قد يكون محاولة من الدبيبة لاستمالة قائد الجيش الوطني في الشرق خليفة حفتر، وهو حليف قديم للبرلمان، وتفادي محاولة أخرى لتنصيب باشاغا وإدارته المنافسة في طرابلس بطريق القوة. ونشب خلاف بين صنع الله ووزير النفط في حكومة الوحدة الوطنية محمد عون منذ شهور وقالت الوزارة الخميس إنها أكدت قرار تعيين مجلس إدارة جديد تشرف عليه. وأدت المواجهة السياسية لفرض السيطرة على الحكومة إلى حصار هذا العام فرضته الفصائل المتحالفة مع حفتر الذي يطالب الدبيبة بالتنحي عن السلطة لصالح باشاغا. وأدى الحصار إلى خروج 850 ألف برميل يوميا من السوق لكن المؤسسة الوطنية للنفط قالت هذا الأسبوع إنها ستستأنف الصادرات من ميناءين وتأمل في استئناف الإنتاج قريبا في بعض المنشآت الأخرى.

في 12 يوليو 2022، تحدى رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، مصطفى صنع الله، قرار حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة بإقالته من منصبه، وواصل، ممارسة عمله بإعلان رفع حالة القوة القاهرة من ميناءي البريقة والزويتينة، وقال، إن ناقلة نفطية تحمل اسم ايبلا في طريقها لشحن شحنة من المكثفات بعد قبولها فنياً من شركة سرت.[2]

وقال صنع الله في بيان وزعته المؤسسة، إنه بعد مفاوضات طويلة ومستمرة إبان فترة عطلة عيد الأضحى «تم الاتفاق على دخول الناقلة فور وصولها ومباشرة شحن المكثفات من ميناءي البريقة والزويتينة في خطوه تتبعها خطوات»، مشيراً إلى تولي فريق من المختصين بالمؤسسة والشركات التابعة المفاوضات للموافقة على قبول النواقل لمناداة ميناءي السدرة والزويتينة والمباشرة بمعاودة الإنتاج لحقول شركتي الواحة ومليته بأمل انفراج الأزمة.

وأوضح أنه توصل عقب مفاوضات طوال الأيام الماضية مع حرس المنشآت النفطية ورئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب إلى اقتناع بأهمية شحن المكثفات لحل أزمة نقص الغاز في المنطقة الشرقية وضمان تغذية محطتي الزويتينة وشمال بنغازي، فضلاً عن محطة السرير فور مباشرة إنتاج حقول شركة الواحة.

وطمأن السوق النفطية من أن دولة ليبيا والمؤسسة مستمرون في النهوض بمسؤولياتهم والمحافظة على تدفق النفط بانتظام للأسواق العالمية، مشيراً إلى أنه أعطي «التعليمات للشركات بزيادة القدرة الإنتاجية تدريجيا من النفط والغاز الطبيعي».

ولم تعلق المؤسسة رسمياً على قرار إقالة صنع الله، لكنها قالت، إن «حساباتها لا تتخطى مصلحة الوطن»، مضيفة أنها «لن تفقد البوصلة، وستصل إلى أهدافها النبيلة بالطرق المشروعة وأنها لا تحتكم سيادتها بالولاء إلى دول لها حسابات أخرى».

كما وزعت المؤسسة بياناً منسوباً إلى أحد أعضاء مجلس إدارتها يعتذر عن تكليفه وكيلاً عاماً لوزارة النفط والغاز، ودعا إلى الحفاظ على وحدة قطاع النفط في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، والتمسك بما وصفه بالدور الفني المهني المحايد الذي تقوم به مؤسسة النفط.

لكن جهاز حرس المنشآت النفطية التابع للحكومة اعتبر أن إعلان المؤسسة فتح ميناءي زويتينة والبريقة غير صحيح وقال في بيان أنها لاتزال مغلقة بضغط قبلي واجتماعي ولن تفتح قبل معالجة المشاكل التي يطلبها المحتجون، وأكد أن حالة القوة القاهرة لا تزال مستمرة كما اتهم صنع الله بمحاولة خلط الأوراق بعد إقالته.

بدوره، رحب وزير النفط بحكومة الدبيبة محمد عون بقرار إقالة صنع الله، وقال في تصريحات، إن «هذه الخطوة مهمة للحفاظ على الثروة النفطية ورفع مستوى الاقتصاد الليبي»، كما هنأ الشعب الليبي والعاملين بالقطاع بما وصفه بهذا الحدث المهم.

فى المقابل، نفى نائب الدبيبة، حسين القطراني، لوسائل إعلام محلية تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة النفط. وقال، إن «الحكومة لم تتخذ بعد أي قرار بشأن مقترح وزير النفط إعادة تشكيل مجلس إدارة جديد خلال اجتماعها الأخير». وكانت حكومة الدبيبة سربت لوسائل إعلام محلية، أول من أمس، قراراً يقضي بتنحية صنع الله الذي يواجه حملة عداء شرسة من وزير النفط بما في ذلك اتهامه بتجاوز صلاحياته وحجب المعلومات عن وزارته من رئاسة مؤسسة النفط وتعيين فرحات بن قدارة رئيساً جديداً، إلى جانب تسمية مجلس إدارة جديد للمؤسسة من أربعة أعضاء. وتأكيداً للقرار شكل الدبيبة لجنة تسليم وتسلم بين صنع الله وبن قدارة برئاسة وكيل وزارة الصناعة مصطفى السمو، علماً بأنه كلف وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج مهام وزير النفط اعتباراً من السابع من الشهر الحالي بعد طلب الأخير إجازة تنتهى يوم 21 من نفس الشهر.

إلى ذلك، عقدت لجنة مكونة من 7 شخصيات حكومية وبرلمانية أول اجتماع لها في مدينة بنغازي بشرق البلاد بناءً على تعليمات رئيس مجلس النواب بشأن التحقيق في أسباب أزمتي الكهرباء ونقص الوقود وإحالة المسؤولين عنها للقضاء.

وقال بيان للمجلس، إن الاجتماع تناول الأزمة التي تمر بها البلاد هذه الأيام من نقص للوقود وانقطاعات متكررة وكبيرة للكهرباء ونقص لمادة الغاز والأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة والحلول التي من شأنها معالجة هذه الأزمة. وتواجه ليبيا أزمة حادة بسبب تراجع إنتاج النفط، حيث تجاوز حجم الخسائر المالية الناجمة عن إغلاق المنشآت النفطية في شرق البلاد 3.5 مليار دولار أمريكي.

تعد إقالة مصطفى صنع الله من رئاسة مؤسسة النفط الوطنية وتعيين فرحات بن قدارة خلفاً له، تطور هام يحمل في طياته أكثر من مغزى استراتيجي من شأنه إعادة ترتيب التحالفات السياسية والأمنية القائمة بين الشرق والغرب. إحدى مؤشرات بداية تغير هذه التحالفات، إنهاء الجهات التابعة لخليفة حفتر، قائد قوات الشرق الليبي، إغلاق الحقول والموانئ النفطية، بمجرد تعيين بن قدارة، رئيساً لمؤسسة النفط، رغم أن مطلبها الرئيسي كان تسليم رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، السلطة لفتحي باشاغا، رئيس الحكومة المعينة من مجلس النواب في طبرق (شرق).[3]

تعيين رئيس حكومة الوحدة لبن قدارة، المحسوب على معسكر الشرق، لا يمكن أن يتم إلا باتفاق بين الدبيبة وحفتر، باعتبارهما من يملكان سلطة الأمر الواقع. ولم يعلن أي طرف وجود اتفاق بين الدبيبة وحفتر، برعاية إماراتية، إلا أن ناشطين ليبيين يتداولون على نطاق واسع، صفقة توصل إليها صدام حفتر، مع ممثل عن الدبيبة، لإسقاط مصطفى صنع الله، من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة النفط، وفتح الحقول والموانئ النفطية المغلقة منذ نحو 3 أشهر، رغم نفي الدبيبة إبرام أي صفقة. لكن وكالة نوڤا الإيطالية، لمحت إلى هذا الاتفاق عندما لفتت إلى أن "الاتفاق الوحيد الممكن تقنيًا، في الوقت الحالي، هو بين الدبيبة وحفتر، حيث يبحث الأخير بشكل مزمن عن أموال لتمويل آلته الحربية".

وليست الأموال فقط ما يبحث عنه حفتر، بل إن المظاهرات التي اندلعت في مختلف المدن الليبية في الأول من يوليو 2022، طالبت برحيل جميع الوجوه السياسية الحالية، لأسباب عديدة بينها انقطاعات الكهرباء لساعات طويلة، والتي من بين أحد أسبابها غلق المنشآت النفطية. فحفتر، يدرك أنه لا يمكنه إغلاق النفط لفترات طويلة، لأن من شأن ذلك أن ينفجر في وجهه في شكل غضب شعبي، وضغوط دولية، لذلك سارع للاتفاق مع حكومة الدبيبة، على فتح المنشآت النفطية، مقابل تعيين أحد الموالين له على رأس مؤسسة النفط.

ولم ترشح بعد تفاصيل هذه التفاهمات، باستثناء تعيين بن قدارة، محافظ البنك المركزي في عهد نظام معمر القذافي، والمحسوب حاليا على معسكر حفتر، لكنها لن تختلف كثيرا على التفاهمات التي جرت في صائفة 2020، بين صدام حفتر، ونائب رئيس المجلس الرئاسي حينها أحمد معيتيق.

حفتر يريد ضمان حصة من عائدات النفط، ولا يمكنه الصمود أكثر أمام الضغط الشعبي والدولي بقيادة الولايات المتحدة، التي تريد تدفق النفط والغاز الليبيين نحو أوروبا، لتخفيف تداعيات العقوبات الغربية على المحروقات الروسية والتهاب أسعار الطاقة عالمياً. بالمقابل، فإن الدبيبة، يدرك أن عدم حل أزمة الكهرباء سريعا، أو على الأقل التقليل من ساعات انقطاعه، من شأنه الإطاحة بحكومته شعبيا. والاتفاق مع حفتر، لفتح النفط، من شأنه إعادة تدفق الغاز نحو محطات إنتاج الكهرباء، ما سيساعد على تخفيف أزمة الانقطاعات الطويلة.

بعد إقالة الدبيبة، لمجلس إدارة شركة الكهرباء نهاية يونيو 2022، جاء الدور على مصطفى صنع الله، في مؤسسة النفط، لكن باشاغا، قد يكون القربان الثالث لإسكات غضب الشارع الليبي الذي يطالب برحيل جميع وجوه الطبقة السياسية.

فاتفاق الدبيبة وحفتر، على تعيين مدير جديد لمؤسسة النفط مقابل فتح حنفية الإنتاج والتصدير، يعني أن باشاغا، وحكومته لم يعد لهما دور مهم في المرحلة المقبلة، وهو اعتراف ضمني بحكومة الوحدة، التي فرضت تنفيذ قرارها بتغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط، رغم معارضة "صنع الله"، ومجلسي النواب والدولة، وحتى السفير الأمريكي للقرار.

فبالنسبة لحفتر، لم يتمكن باشاغا، من دخول طرابلس، كما وعد بذلك أكثر من مرة، وتمسكه بالسلمية وعدم استخدام القوة لإزاحة حكومة الدبيبة، لا يخدم أهداف قائد قوات الشرق لإضعاف قوات المنطقة الغربية وتقسيم كتائب مدينة مصراتة، القوة الرئيسية التي أفشلت محاولته اقتحام طرابلس ما بين 2019 و2020.

كما أن مطالبات شعبية برحيل كل من الدبيبة وباشاغا، تعني أن الأخير، أصبح مرفوضاً شعبياً، ناهيك عن عدم قدرة حكومته على ممارسة مهامها من العاصمة منذ مارس 2022، واستقرارها في مدينة سرت (شمال/وسط)، وعدم حصولها على أي ميزانية من المصرف المركزي لتنفيذ برنامجها.

وفي حالة تأكد توافق الدبيبة وحفتر، برعاية إماراتية، لمواجهة "الخطر الشعبي" المشترك، فإنه لن يكون أمام باشاغا، إلا خيارين، إما الاستسلام للأمر الواقع، وإعلان استقالته وإنهاء حكومته، أو محاولة تغيير هذا الواقع، من خلال السيطرة على طرابلس بالقوة المسلحة، وإعادة التفاوض مع حفتر، وهذا خيار انتحاري ستكون له تداعيات خطيرة على أمن البلاد.

باشاغا، يدرك جيداً أنه لن يحكم ليبيا إلا من طرابلس، ودخول العاصمة قد يكلفه إزهاق الكثير من الدماء، لذلك يحاول الرهان على إقناع قادة الكتائب في طرابلس على تغيير ولائهم، لتجنب السيناريو الدموي والكارثي حتى وإن انتصر فيه. فبعد عدم نجاح 3 محاولات لدخول أو استقرار حكومته في طرابلس، آخرها تسببت في مقتل أحد رجاله، قرر باشاغا اتخاذ سرت عاصمة مؤقتة لحكومته، لكنه عاد، في 9 يوليو، للإعلان أنه سيباشر مهامه من طرابلس، "خلال الأيام المقبلة".

وبرر باشاغا، تغيير موقفه من عدم دخول طرابلس، إلى أن "القوى التي كانت معارضة تغيّرت مواقفها، وتريدنا أن ندخل إلى العاصمة، وسوف ندخل". وبالنسبة لاحتمال وقوع مواجهات مسلحة مع الكتائب الداعمة لحكومة الوحدة، قال باشاغا، "ليست هناك معارضة شديدة، هناك معارضة من بعض القوى التي دفعت لها الحكومة السابقة أموالاً".وهذا التصريح يعكس بداية نفاد صبر باشاغا، وأنه يستعد لمواجهة الكتائب الداعمة لحكومة الدبيبة.

لذلك سارع عدد من قادة الكتائب الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية للتحذير من أنهم عازمون على "التصدي لكل من يحاول إحداث الفوضى داخل طرابلس" في إشارة إلى تهديدات باشاغا. كما أصدر ناشطون في الحراك المدني، بيانا عبروا فيه عن رفضهم اقتحام العاصمة، والدخول في مراحل انتقالية، في إشارة إلى حكومة باشاغا. وأمام هذا الرفض الأمني والعسكري والشعبي، بغض النظر عن حجمه، فلن تكون مهمة باشاغا هينة، خصوصا، أن سكان طرابلس، ما زالوا لم ينسوا بعد المآسي والجراح الذي تسبب فيها هجوم قوات حفتر على مدينتهم.

حتى الآن، لم يتجاوز توافق الدبيبة وحفتر، مسألة النفط، ولم يتم التوافق بعد بشأن اعتراف الأخير بحكومة الوحدة، وسحب البساط من تحت حكومة باشاغا. فالدبيبة وحفتر، ليسا لوحدهما في تقرير مصير البلاد، هناك فاعلون آخرون بإمكانهم قلب الطاولة على الجميع، على غرار مجلسي النواب والدولة، اللذان قد يتفقان على حكومة جديدة، لا يكون على رأسها لا الدبيبة ولا باشاغا. دون تجاهل دور المجلس الرئاسي، الذي قد يلجأ إلى فرض حالة الطوارئ، وإسقاط البرلمان بغرفتيه، فضلا عن الحكومتين المتصارعتين، وإعادة تشكيل المشهد السياسي من جديد.

روسيا، التي لن يسعدها عودة النفط الليبي إلى السوق الدولية، قد تحرك شركة ڤاگنر، ذراعها الأمنية في البلاد، للضغط على الأطراف الليبية لتحقيق مصالح معينة. وفي هذا الصدد، نقلت قناة بانوراما (محلية) عن مصدر أمني، قيام "مرتزقة ڤاگنر الروس بتمرين تعبوي بالذخيرة الحية في محيط قاعدة الجفرة الجوية (وسط) باتجاه سرت، بمشاركة مكثفة لطائرات ميگ 29، ودون مشاركة مليشيات حفتر".

فالجميع في هذا المرحلة يترقب أي خطوة يقوم بها الآخر، خاصة مع تعدد اللاعبين السياسيين والعسكريين في ليبيا، والفاعلين الدوليين أيضاً، مع عدم استبعاد تغير التحالفات، وسقوط أوراق، وصعود أسهم أشخاص لم يكونوا في الحسبان.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "فرحات بن قدارة يتولى رسميا رئاسة مؤسسة النفط الليبية". ميدل إيست أون لاين. 2022-07-14. Retrieved 2022-07-17.
  2. ^ "صنع الله يتحدى قرار إقالته من مؤسسة النفط الليبية". جريدة الشرق الأوسط. 2022-07-18. Retrieved 2022-07-18.
  3. ^ ""توافق" الدبيبة وحفتر حول النفط.. هل يُسقط حكومة باشاغا؟ (تحليل)". وكالة أنباء الأناضول. 2022-07-18. Retrieved 2022-07-18.