عائشة الحرة

الأميرة عائشة، تظهر في وسط الصورة، رسم مانوِل گوميز-مورينو، 1880.

عائشة الحرة، ويُكتب اسمها بالإسپانية Aixa (توفيت 1493)، كانت زوجة محمد الحادي عشر وأبو الحسن، ووالدة محمد الثاني عشر. كذلك اشتهرت عائشة لدى المسلمين بفاطمة الحرة (تكريماً لها)، يرجع هذا إلى أنها واحدة من الأحفاد الأحياء للنبي محمد Mohamed peace be upon him.svg. كان لعائشة نشاط سياسي وكان لها تأثير على سياسة الدولة في السنوات الأخيرة من إمارة غرناطة. كانت عائشة واحدة من أشهر النساء في تاريخ إمارة غرناطة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياتها

كانت عائشة من أفراد أسرة بنو نصر الحاكمة في غرناطة، وفي الغالب هي ابنة محمد التاسع. ظهرت في آخر أيام بني الأحمر في فترة اشتد فيها الصراع بين ملوك الطوائف، وكانت إيزابيلا وفرديناند يتأهبان لرفع الصليب مكان الهلال، والاستيلاء على الأندلس لتكون إسپانيا المسيحية.

فحذرت عائشة زوجها الأمير أبا الحسن من مغبة اقتتاله مع أخيه الأمير أبي عبد الله محمد بن سعد (الزغل) بينما الروم يتربصون بالمسلمين ودولتهم في الأندلس، ومن عاقبة الانغماس في اللهو والترف، ودعت إلى حماية غرناطة.

وقد استجاب لنصائحها، فخاض معارك كثيرة ضد الصليبيين، وحقق انتصارات عظيمة ابتهج بها المسلمون، وفي مقدمتهم زوجته عائشة الحرة، إلا أن إحدى الأسيرات الصليبيات - وتدعى إيزابلا - تآمرت عليه، وأغرته بجمالها ودلالها، فأوقعته في حبها، فتزوجها بعد أن أعلنت إسلامها – وسمت نفسها بالثريا – واتخذت من ذلك سبيلاً لنصرة قومها الصليبيين، فحزنت عائشة الحرة، ولم يعد يؤنسها سوى ولديها: أبي عبد الله محمد وأبي الحجاج، وكذلك حب الناس، وتأييد الفقهاء والأشراف لها.

فلما أنجبت إيزابيلا أو الثريا ولدين هي الأخرى سعت لتولية ابنها الأكبر الحكم بعد أبيه (أبي الحسن)، فأوقعت بين الملك أبي الحسن وزوجته عائشة الحرة، ليخلو لها الأمر لتولية ابنها الحكم، فغضب عليها وقام باحتجازها وولديها في برج قمارش - أمنع أبراج قصر الحمراء - وعاملهم بمنتهى القسوة.

حينئذ انقسم المجتمع الغرناطي إلى فريقين: فريق يؤيد السلطان وزوجته الرومية (إيزابيلا أو الثريا)، وفريق يؤيد الأميرة الشرعية عائشة الحرة وولديها، ولم تستسلم عائشة لهذه الضغوط، فاتصلت بمؤيديها من بني سراج، الذين استغلوا فرصة خروج أبي الحسن لقتال القشتاليين، فأخرجوها وولديها من البرج سنة 887هـ، فلما عاد الملك أبو الحسن انتقم من بني سراج، ونفى الأميرة عائشة إلى وادي قاش.


سقوط غرناطة

أعلنت الأميرة الحرة الثورة على عرش أبي الحسن، وخرجت في جيش كبير، واستطاعت أن تهزم زوجها الذي فرَّ إلى مالقة عند أخيه أبي عبد الله (الزغل)، واستقبلها الغرناطيون بحماس، ونجحت في تولية ابنها أبي عبد الله محمد حكم غرناطة سنة 887هـ؛ ليحمي ما تبقى من دولة الإسلام في الأندلس.

ورغم صغر سن أبي عبد الله (25 سنة)، أعلن الجهاد ضد الصليبيين – بتشجيع من الحرة – واستطاع أن يحرر مناطق كثيرة حتى حدود غرناطة، فاستبشر المسلمون خيرًا، لكن الثورات والاضطرابات الداخلية بينه وبين أخيه هزت عرش الأمير الجديد، الذي كان يقضي ليله في اللهو والمجون، لذا فقد انهزم في حربه الأخيرة مع الصليبيين، وعاد الجيش إلى غرناطة دون قائده الذي وقع أسيرًا.

حاولت عائشة تجميع الجيش مرة أخرى ورفع معنوياته لمواصلة الجهاد ضد الصليبيين، لكنها فوجئت بفرديناند يحاصر غرناطة بجيش كبير، فلم يعد أمامها سوى التفاوض، لكن فرديناند أصر على خروجها من غرناطة بعد حكم استمر سبعة قرون. وجرى تسليم القصور الملكية والأبراج للصليبيين، ووضع فوقها الصليب الكبير بجانب علم قشتالة وعلم القديس ياقب، وأعلن من فوق البرج أن غرناطة عادت ملكًا للملكين الكاثوليكيين، وخرجت الأميرة الحرة من القصر وهي تمتطي صهوة جوادها، ويشع الحزن من محياها الوقور. وحين بلغ ابنها الباب الذي سيغادر منه المدينة ضج الحراس بالبكاء، وتحرك الركب إلى شعب من الشعاب المطلة على غرناطة، ووقف أبو عبد الله الصغير مودعًا مدينته وملكه، وأجهش بالبكاء، فصاحت به أمه عائشة الحرة:

ابك مثل النساء ملكًا مضاعًا لم تحافظ عليه مثل الرجالِ

وهذه الكلمة حريٌّ بها أن تكون تلخيصًا لمأساة غرناطة، فقد جمعت فيها كل العبر والأمثلة والحكم.

ذكراها

هكذا لعبت عائشة الحرة دورًا مهمًا في إنقاذ عرش غرناطة من مؤامرات الثريا الرومية، وعملت على تثبيت أقدام الغرناطيين أمام المسيحيين، وبعث روح المقاومة لدى ابنها الملك أبي عبد الله الصغير حتى آخر لحظة، وقد احتفظ الإسبان إلى يومنا هذا باحترام هذه المرأة وتقديرها، وألفوا عنها القصص والأساطير، وحافظوا على منزلها في حي البيازين الشهير بغرناطة، وأطلقوا عليه "دار الحرة".[1]

قال عنها مؤرخ الأندلس المعاصر عبد الله عنان في كتابه نهاية الأندلس: «وتحتل شخصية عائشة الحرة في حوادث سقوط غرناطة مكانة بارزة، وليس ثمة في تاريخ تلك الفترة الأخيرة من المأساة الأندلسية شخصية تثير من الإعجاب والاحترام ومن الأسى والشجن قدر ما يثير ذكر هذه الأميرة النبيلة الساحرة، التي تذكرنا خلالها صفاتها البديعة ومواقفها الباهرة وشجاعتها المثلى إبان الخطوب المدلهمة بما نقرؤه في أساطير البطولة القديمة من روائع السير والمواقف».

المصادر

  1. ^ "الأميرة عائشة الحرة: شاهدة على سقوط غرناطة والدة آخـــر ملوك الأندلس". مجلة الزهور. Retrieved 2014-01-21. {{cite web}}: Unknown parameter |aouthor= ignored (|author= suggested) (help)

المراجع

هذه المقالة تتضمن معلومات من المقالة المناظرة في ويكيپيديا بالفرنسية.
هذه المقالة تتضمن معلومات من المقالة المناظرة في ويكيپيديا اسبانية.