صلاح الدين العمامي
صلاح الدين العمامي | |
---|---|
وُلِدَ | 20 يناير 1936 |
توفي | 16 نوفمبر 1986 |
الجنسية | تونس |
المدرسة الأم | المعهد الوطني للفلاحة بباريس، لمعهد الوطني للبحوث الزراعية التونسي |
المهنة | مهندس زراعي |
العصر | الحبيب بورقيبة |
العنوان | مدير مركز بحوث الهندسة الريفية |
الفترة | 1974 - 1986 |
صلاح الدين العمامي (1936 - 1986) مهندس زراعي تونسي، ورائد من رواد الري بالمياه المالحة على المستوى المحلي والدولي، وتطوير الحياة الزراعية التونسية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السنوات المبكرة والتعليم
ولد صلاح الدين العمامي في 20 يناير 1936 بمدينة صفاقس. لعائلة من منطقة المكناسي.
حصل شهادة الثانوية بصفاقس حيث تحصل بمعهد الذكور سنة 1957 على شهادة الباكالوريا في الرياضيات، ونال سنة 1956 دبلوم الدراسات العربية للمعهد الصادقي. ثم سافر سنتي 1958 و1959 بوردو في دورة تحضيرية بمعهد "مونتاني" لدخول المدارس الفلاحية العليا، وهو ما مكّنه سنة 1959 من الالتحاق بالمعهد الوطني للفلاحة بباريس وقد قضى هناك السنوات 1959 - 1962 وأحرز في ختامها دبلوم "مهندس زراعي " مع تخصص في مجال "المناخ الحيوي".
وقد التحق العمامي بعد عودته من فرنسا سنة 1962 بالمعهد الوطني للبحوث الزراعية التونسي بمرتبة مهندس أوّل واشتغل هناك لمدّة سنتين (1962 - 1964) إلى أنّ عيّن سنة 1964 مديرا لمختبر "المناخ الحيوي". وقد شغل في الوقت نفسه خطة الممثل التونسي في مشروع المنظمة الأمميّة للتغذية والزراعة المسمى "التخطيط المتكامل لتونس الوسطى".
وفي سنة 1971 رقُيّ صلاح الدين العمامي إلى رتبة مهندس رئيس. ثم كانت تسميته سنة 1974 مديرًا لمركز بحوث الهندسة الريفية. وقد شغل في الوقت نفسه وظيفة مدير مشروع "تحسين كفاية الري والتصريف" الذي كان مشروعا إقليميّا رائدا أنجز بالتعاون بين مركز بحوث الهندسة الريفية واليونسكو ومنظمة التغذية والزراعة. ومازالت نتائج أبحاث هذا المشروع تعتبر مرجعا على المستوى الغالني والمحلي في مجال استعمال المياه المالحة في الرّي.
وقد رُقي صلاح الدين العمامي إلى رتبة مهندس عام سنة 1979.
نشاطه العلمي في مجال البحوث الزراعية بالمعهد الوطني للبحوث الزراعية
صب العمامي اهتمامه على المشكلات الفلاحية للمناطق الجافة وشبه الجافة، وخاصة مجالات الاقتصاد في استعمال المياه وتحسين الكفاية لتقنيات الرّي واستعمال المياه المالحة في الزراعة. بجانت خبرته العلمية، اجرى بحوثًا وتجارب بمحطّات ميدانية متخصّصة في تقنيات الرّي ونوعية المياه والطاقة المستعملة للضخّ والتحكم في مياه الأمطار وتحسين مشاتل الكثير من أنواع الغراسات. وقد كانت البحوث التي قام بها صلاح الدين العمامي في بداية حياته العلمية تجري في نطاق المعهد الوطني للبحوث الزراعية بتونس ثم تواصلت بعد ذلك داهل مركز بحوث الهندسة الريفية الذي عمل على إحياءه وتطويره. وقد شملت هذه البحوث مختلف القطاعات الفلاحية وخاصة ما كان منها مرتبطًا بالنطاق المتوسطي والمناطق الجافة. تناولت البحوث تأثير المناخ وتحسين كفاية المغروسات والتحكم في مؤثراتها البيئية. وأبرزها على وجه الخصوص الاهتمامات التالية:
- التبخّر والنتح
- الاقتصاد في استعمال الماء
- الزراعات المروية
- المناطق الجافة وتهيئة الواحات
- إدخال زراعة القطن إلى البلاد التونسية
- تحسين إنتاجية الحمضيات
- استعمال المياه المالحة في الري
- الاقتصاد في استعمال مياه الري
- التحكم في مياه السيلان السطحي
إسهامات
شارك صلاح الدين العمامي في الكثير من اللجان والمشروعات المرتبطة بالزراعة والتنمية الفلاحية، في مرحلة كانت فيها البلاد أحوج ما يكون إلى الخبرة التونسية لتعويض الكفايات الأجنبية التي رحلت عند استقلال البلاد، كما كانت له أيضا مشاركات بنّاءة في مختلف اللجان الاستشارية وخاصة تلك المتعلقة بوضع مخططات التنمية. ومن أبرز مشاركاته في هذا المجال ما يلي:
- إسهام في مشروع إنقاذ حمضيات الوطن القبلي
- إسهام في مشروع التهيئة الزراعية لتونس الوسطى
- إسهام في مشروع إنقاذ الواحات بالجنوب التونسي.
- إسهام في إعداد مخططي التنمية (1972 - 1975) في مجال الفلاحة بصفة مقرر "للجنة البحث العلمي الفلاحي" والسادس (1982 - 1986) بصفة رئيس لجنة "المناطق السقوية".
- إسهام في "لجنة الاتصال لزراعة الحمضيات في المنطقة المتوسطيّة" وفي "لجنة الحمضيات للمنطقة الفرنكوفونيّة" وفي "اللجنة المغاربية للحمضيات والباكورات".
إنجازات العلميّة
اهتم اهتمامًا شديدًا بالتهيئة المائية وذلك من محورين أساسين:
- متابعته لتطوّر البنية المائية في المغرب العربي واختلافها في المراحل التاريخية المختلفة وتبيّن مدى استجابتها للحاجات الاقتصادية المرتبطة بها مع انسجامها مع المعطيات المناخية والطبيعية للمنطقة.
- إيمانه بضرورة تحقيق الأمن الغذائي لتونس اعتمادا على زراعة متلائمة مع الموارد الطبيعية الأساسية من مياه وتربة وفي نطاق خطة تنموية متكاملة.
التهيئة المائية
اعتمد صلاح الدين العمامي في مجال التهيئة المائية على مراجعة شاملة لتاريخ هذه التهيئة بالبلاد التونسية وظروف إدخال المفاهيم الحديثة للتحكم في الموارد المائية، على أساس أنّ إنشاء السدود التخزينية الكبرى الحديثة لم يرتبط بنمط تنموي يراعي تكامل التهيئة وضمان التنمية الزراعية. وفي هذا الصدد ركّز العمامي اهتماه على المنشآت المائية التقليدية باعتبارها موروثا حضاريا يتماشى مع المعطيات الطبيعية للبلاد وظروفها المناخية. وهو يرى "أنّ من أهمّ المكاسب التي اشتهرت بها البلدان المغاربية طرق استغلال مياه السيلان في الشتاء لتكثيف الفلاحة بوساطة منشآت محلّية كالمساقي والجسور وغيرها، وكان هذا الجهاز مسخّرا خصيصا للانتاج الغذائي. لذا اشتهر المغرب بوفرة إنتاجه وخصوبة تربته وكان دائما مطمعا للغزاة حتى إنّه عرف بمطمور روما. ومن أهمّ المكاسب التكنولوجيّة تنويع المنشآت المائية المرتكزة على استغلال مياه السيلان والمياه الجوفية فنتج عن ذلك تكاثر نقط الاحياء والعمران وتعدد الابار. وبلغ التحكم في مياه العيون أوجه في الجنوب الصحراوي وسنّت نظم ومقاييس لتسيير هذه المنشآت المائية المهمّة واشتهر مهندسون كابن الشبّاط في براعة تسيير مياه الرّي وتوزيعها. وكانت هذه التهيئة تخضع لتوازن هيدرولوجي، فالظروف الطبيعية والتاريخية كيّفت البيئة الريفية حسب تنظيم فضائي متكامل العناصر. وهذه التهيئة ترتكز على الاستغلال المتكامل للمياه السطحيّة والجوفيّة.
خلال الفترة الاستعمارية في تاريخ المنطقة، كان التحكم مركزيا في الموارد الطبيعية وخاصة المياه والأراضي وأصبح تسيير المنشآت المائية يخضع لرقابة إدارية وتراجع التسيير الذاتي الذي كانت تقوم به المجموعات المعنية باستغلال هذه المنشآت. وقد ورثت حكومات ما بعد الاستقلال هذه الطريقة في التسيير وزادت الكثافة السكانية وكذلك زاد الطلب على الموارد المائية. وهو ما استوجب تنمية استغلالها بإنشاء المشروعات الكبرى وتركيز الاهتمام عليها. وقد ثبت أنّ هذه السياسة المائية باهظة التكاليف كما أنّها تضمن الاكتفاء الذاتي من الغذاء، خاصة إذا كانت منتوجاتها الفلاحية موجهة بالأساس إلى السوق الخارجية.
أكد العمامي على "ضرورة إقرار التوازن الهيدرولوجي" ويرى ذلك في صورة تهيئة متكاملة للبيئة الطبيعية تقوم على منشآت مائية في المرتفعات والمنحدرات الجبلية (مدارج وجسور وطوابي ومساقي) قصد استغلال مياه السيلان لانتاج مزروعات وغراسات جبلية وكذلك لتمكين هذه المياه من التسرب إلى باطن الأرض لتغذية المائدة الجوفية المستغلة في المنطقة السفلى حيث الابار وأشغال فرش المياه في المزارع والحقول. ويستنتج صلاح الدين العمامي من هذه التهيئة المتكاملة أنّه "إذا تدهورت هذه المنشآت العليا وأهملت وهاجر السكان المرتفعات والمنحدرات وقلّت المناشط الفلاحية فيها، فإنّها تفقد إمكانات تغذية المائدة الجوفية فيتفاقم الانجراف ويحصل عدم توازن واستغلال مشطّ للمياه الجوفية في المناطق السفلى. وبانعدام التوازن بين هذين المصدرين من الموارد المائية تتدهور البيئة (العمامي، 1986).
الاستصلاح الزراعي
ارتبط الاستصلاح الزراعي بالبلاد التونسية عند العمامي بضرورة توفير الأمن الغذائي، واعتقد أن ّ هذا الاستصلاح يستوجب وضع خطة متكاملة تراعي الجوانب التالية:
- إقرار التوازن الهيدرولوجي ومراجعة السياسة المائية الحالية لاحكام استغلال المياه حسب سياسة جهوية تراعي خصوصيات المنطقة.
- تنظيم قطاع الانتاج الغذائي (الحبوب، الزيتون، التمور، الخضر، تربية الماشية) بضمان استثمار أفضل للموارد الطبيعية (الماء، والتربة والغابات والمراعي) وإنتاجية قصوى لمختلف القطاعات.
- دعم البحث العلمي الفلاحي والتخلص من التبعية التكنولوجية وتوفير البذور والمشاتل الوطنية.
ويرى أنّ السياسة الفلاحية التي وضعت عند استقلال البلاد قد اهتمت أساسا بتوفير حاجات التجمعات السكنية والسياحية الكبرى من الماء الصالح للشراب وتكثيف الفلاحة ذات المنتوجات التصديرية. فكانت نتيجة هذه السياسة الفلاحية قطاعية (الحوامض، الباكورات، التمور) لا تعكس الحاجات الغذائية الأساسية الداخلية وبذلك "أخذت السياسة المائية اتجاها تجاريا قطاعيا يخضع لتقلبات الأسواق الخارجية ولا يضمن لا الأمن الغذائي للبلاد ولا مورد رزق قار للفلاحين..." (العمامي، 1986). أمّا مجال البحث العلمي الفلاحي فقد اتّسم بفقدان سياسة طويلة المدى وقلّة عدد الباحثين وغياب قانون تنظيمي للقطاع زيادة على اعتماد التكوين في مرحلة التخصص على المعاهد والكليات الأجنبية. هذا إضافة إلى أنّ الموروث الفلاحي من تقاليد مائية وبذور متعددة الأصناف ومتلائمة مع البيئة التونسية قد تراجع أمام استجلاب تقنيات ومشاتل مستوردة وضعت حسب تصور فوقي لا يراعي مستلزمات البيئة الفلاحية التونسية.
وفاته
توفى صلاح الدين العمامي في 16 نوفمبر 1986 إثر مرض ألم به في سنواته الأخيرة.