سينية ابن الأبار

سينية ابن الأبار

ذكر ابن خلدون عنه أنه

( من مشيخة أهل بلنسية، وكان علامة في الحديث ولسان العرب، وبليغاً في الترسيل والشعر. كتب عن السيد أبي عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن ببلنسية. ثم عن ابنه السيد أبي زيد. ثم دخل معه دار الحرب حين نزع إلى دين النصرانية، ورجع عنه قبل أن يأخذ به. ثم كتب عن ابن مردنيش. ولما دلف الطاغية إلى بلنسية ونازلها بعث زيان بوفد بلنسية وبيعتهم إلى الأمير أبي زكريا، وكان فيهم ابن الأبار هذا الحافظ، فحضر مجلس السلطان وأنشد قصيدته على روي السين يستصرخه.)

وهذه القصيدة التي أوما إليها ابن خلدون من غرر القصائد العربية في النجدة والاستصراخ، ويوجد نصها كاملا في كتاب أزهار الرياض.

السلطان الحفصي أرسل ابن عمه على رأس أسطول لم يتمكن من فك الحصار عن بلنسية.

وسقطت بلنسية في يوم الجمعة 27 صفر 663 هـ، الموافق 9 أكتوبر 1238م في يد خايمه الأول من أراگون.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القصيدة

أدرك بخيلك خيلِ اللــهِ أندلسا       إن السبيل إلى منجـاتـهـا درسـا
وهبْ لها من عزيز النصر ما التمستْ فلم يزل منك عزُّ النصر مُلتمَسا
وَحــــاش مِــمَّــا تُـعـانِـيـهِ حُـشَـاشَـتهَا فَـطَـالَما ذَاقَــتِ الـبَـلوَى صَـبَـاحَ مَـسَـا
ياللجزيرة أضحى أهلها جُرُزاً للحادثات، وأمسى جدُّها تعِسا
فــــي كُــــلِّ شــارِقَـةٍ إِلْــمَـامُ بَـائِـقَـةٍ يَــعُـود مَـأتَـمُـها عِــنـدَ الـعِـدَى عُـرُسـا
وكُــــــلِّ غَـــارِبَـــةٍ إِجْـــحَـــافُ نــائِــبَـةٍ تَـثْـنِي الأَمَـانَ حِـذاراً والـسرُور أَسَـى
تَـقَـاسَـمَ الـــرومُ لا نَـالَـتْ مَـقَـاسِمُهُم إِلا عَــقَـائِـلَـهـا الـمَـحْـجـوبَـةَ الأُنُـــسَــا
ففي بلنسية منها وقرطبةً ما ينسف النفسَ او ما ينزف النفَسا
مدائنٌ حلها الإشراك مبتسما جذلان وارتحل الإيمانُ مبتئسا
وصيَّرتها العوادي العابثات بها يستوحش الطرفُ منها ضعف ما أنِسا
فَــمِـنْ دَسَـاكِـرَ كـانَـتْ دُونَـهَـا حَـرَسـاً وَمِـــنْ كَـنَـائِـسَ كَــانَـتْ قَـبْـلَها كُـنُـسا
ياللمساجد عادت للعدا بِيَعاً وللنداء غدا أثناءها جرسا
لهفي عليها إلى استرجاع فائتها مدارساً للمثاني اصبحت دُرًسا
وَأَربــعـا نـمْـنـمَتْ يُـمْـنَـى الـرَّبـيعِ لَـهـا مـا شِـئت مِـنْ خِـلَعٍ مَـوْشِيَّةٍ وكُـسى
كــانَــتْ حــدَائِــقَ لــلأَحْــدَاقِ مـؤنِـقَـةً فَـصَـوَّحَ الـنَّـضْرُ مِــن أَدْواحِـهـا وَعَـسـا
وَحَــالَ مــا حَـوْلَـهَا مِــنْ مـنْـظَرٍ عَـجَبٍ يَسْتَجْلِسُ الرَّكْب أَوْ يَسْتَرْكِبُ الجُلُسا
سُـرْعَانَ مـا عـاثَ جَـيْشُ الكُفْرِ واحَرَبا عَـيْثُ الـدَّبَى فـي مَغَانِيهَا التِي كَبَسا
وَابْــــتَـــز بِـــزَّتَــهَــا مِــــمَّـــا تَــحـيَّـفَـهـا تـحَـيفَ الأَسَــدِ الـضَّـارِى لِـمـا افـتَرَسا
فــأَيْــنَ عَــيْـشٌ جَـنَـيْـنَاهُ بِــهـا خَــضِـراً وَأيْـــنَ غُــصـنٌ جَـنَـيْـناهُ بِــهـا سَـلِـسـا
مَــحَــا مَـحَـاسِـنَـها طــــاغٍ أُتِــيـحَ لَــهـا مَــا نــامَ عَـن هَـضْمِهَا حِـيناً وَلا نَـعَسا
وَرَجَّ أَرْجَـــاءَهَـــا لـــمَّــا أحـــــاطَ بِـــهــا فَــغـادَر الــشُـمَّ مِــنْ أَعْـلامِـها خُـنُـسا
خــلالَـهُ الــجـوُّ فَـامْـتَـدَّتْ يَـــداهُ إلَـــى إِدْراك مـــا لَـــمْ تَـطَـأْ رِجْــلاهُ مُـخْـتَلِسا
وأكْــثَــرَ الــزَّعْــمَ بـالـتَّـثْـلِيثِ مُــنْـفَـرِداً وَلَـــوْ رَأَى رأيَـــةَ الـتَّـوحِـيدِ مَـــا نَـبَـسا
صِـلْ حَـبْلَها أَيُّـها الـمَوْلَى الـرَّحيمُ فَما أَبـقَـى الـمِـراسُ لَـهـا حَـبْـلاً وَلا مَـرَسا
وَأَحْــي مَـا طَـمَستْ مِـنْهُ الـعُداةُ كَـمَا أَحـيَيْتَ مِـن دَعـوَةِ الـمَهْدِيِّ ما طُمِسا
أَيَّـــامَ سِـــرْتَ لِـنَـصْرِ الـحَـقِّ مُـسْـتَبِقاً وَبــتَّ مِــن نُــورِ ذاكَ الـهّـدْي مُـقْتَبِسا
وَقُــمــتَ فـيـهـا بِــأَمْـرِ الــلَّـهِ مُـنـتَـصِراً كَـالـصَّارِمِ اهـتَـزَّ أَو كـالعارِضِ انـبَجَسا
تَـمحُو الـذِي كَـتَبَ الـتَّجْسيمُ مِن ظُلَمٍ وَالــصُّـبْـحُ مَــاحِـيـةٌ أَنْــــوارُهُ الـغَـلَـسا
وَتَـقْـتَـضِـي الــمَـلِـكَ الـجـبَّـارَ مُـهـجَـتَهُ يَــومَ الـوَغَى جَـهْرَةً لا تَـرقُبُ الـخُلَسا
هَـــذِي وَسـائِـلُها تَـدْعـوكَ مِــنْ كَـثَـبٍ وَأَنْـــتَ أفْــضَـلُ مَــرجُـوٍّ لِــمَـنْ يَـئِـسـا
وَافَـــتْــكَ جـــارِيَــةً بــالـنُّـجْـحِ رَاجِــيَــةً مِـنـكَ الأمِـيرَ الـرِّضَى والـسَّيِّد الـنَّدِسا
خَــاضَـت خُــضَـارَةَ يُـعْـلِـيهَا ويُـخْـفِضُها عُــبَـابُـهُ فَـتُـعـانِي الـلِّـيـنَ والـشَّـرَسـا
ورُبَّـــمــا سَــبَــحـتْ والــرِّيــحُ عَــاتِـيَـةٌ كَـمَـا طَـلَـبْتَ بِـأَقْـصَى شَــدِّه الـفَرَسا
تَـؤُمّ يَـحْيَى بْـنَ عَـبْدِ الـوَاحِد بْـنِ أَبِـي حَــفْـصٍ مُـقَـبِّـلةً مِـــن تُـربِـهِ الـقُـدُسا
مَـــلْــكٌ تَــقَــلَّـدتِ الأَمْـــــلاكُ طَــاعَـتَـه دِيـنـاً ودُنْـيـا فَـغَـشَّاها الـرِّضَـى لِـبَـسا
مِــنْ كُــلِّ غَــادٍ عَـلَـى يُـمنَاه مُـستَلِماً وَكُـــلّ صَـــادٍ إلَـــى نُـعْـمَـاهُ مُـلْـتَـمسا
مُـــؤَيَّــدٌ لَـــــو رَمَــــى نَــجْـمـاً لأَثْــبَـتَـهُ وَلَـــوْ دَعَـــا أفُـقـاً لَـبَّـى وَمــا احـتَـبَسا
تـالـلَّهِ إِنَّ الــذِي تُـرجَـى الـسـعودُ لَــهُ مَــا جَــالَ فِــي خـلَـدٍ يَـوماً وَلا هَـجَسا
إِمـــــارَةٌ يَــحْــمِـلُ الــمِــقْـدَارُ رايَــتَــهـا ودَوْلَـــةٌ عِــزُّهـا يَـسْـتَـصْحِبُ الـقَـعَسا
يُـبْـدِي الـنَّـهَارُ بِـهـا مِــنْ ضَـوْئِـهِ شَـنَـباً ويُـطْـلِـعُ الـلـيـلُ مِـــنْ ظَـلْـمَائِهِ لَـعَـسا
مـاضِـي الـعَـزيمَةِ والأَيَّــامُ قَــدْ نَـكَـلَتْ طَـلْقُ الـمُحَيَّا ووَجْـهُ الـدَّهْرِ قَـدْ عَبَسا
كَـــأَنَّـــهُ الـــبَـــدْرُ والــعَــلـيَـاءُ هــالَــتُـهُ تَـحُـفُّ مِـن حَـولِهِ شُـهْبُ الـقَنَا حَـرَسا
تَـدْبِـيـرُهُ وَسِـــعَ الـدُّنـيـا وَمــا وَسِـعَـتْ وعُـرْفُ مَـعْرُوفِهِ وَاسَـى الـوَرَى وَأَسا
قَـامَتْ عَـلَى الـعَدلِ وَالإحسانِ دَعْوَتُهُ وأَنْـشَرَتْ مِـنْ وُجُـودِ الـجُودِ مـا رُمِـسا
مُـــبَـــارَكٌ هَـــدْيُـــهُ بــــــادٍ سَـكـيـنَـتُـهُ مَــا قــامَ إِلا إلَــى حُـسْـنَى وَلا جَـلَسا
قَــــد نَــــوَّرَ الــلَّـهُ بِـالـتَّـقوَى بَـصِـيـرَتَهُ فَـمَـا يُـبـالي طُــروقَ الـخَطْبِ مُـلتَبِسا
بَــرَى الـعُـصاةَ وَرَاشَ الـطـائِعِينَ فَـقُلْ فـي الـلَّيْثِ مُـفْتَرِساً والغَيثِ مُرْتَجِسا
ولَـــم يُــغَـادِر عــلَـى سَـهْـلٍ وَلا جَـبَـلٍ حَـــيَّـــا لــقــاحـاً إِذا وَفَّــيْــتَـهُ بَــخَــسـا
فَــــرُبَّ أَصْــيَــدَ لا تُـلـفِـي بِـــهِ صَــيَـداً وَرُبَّ أشْـــوَسَ لا تَـلْـقَى لَــهُ شَـوسـا
إلَــى الـمَـلائِكِ يُـنْـمَى والـمُـلوكِ مَـعـاً فِــي نَـبْـعةٍ أَثْـمَـرَتْ لِـلمَجْدِ مـا غَـرَسا
مِــنْ سَـاطِعِ الـنُّورِ صَـاغَ الـلَّهُ جَـوهَرَهُ وَصَـــانَ صِـيـغَـتَهُ أنْ تَــقْـرُبَ الـدَّنَـسـا
لَــــهُ الــثَّــرَى والــثُّـريَّـا خُـطَّـتـانِ فَـــلا أَعَـــزّ مِـــنْ خُـطَّـتَيْهِ مــا سَـمـا وَرَســا
حَـسْبُ الـذِي بَـاعَ في الأَخْطَارِ يَرْكَبُها إلَــيْــهِ مَـحْـيَـاهُ أنَّ الـبَـيْـعَ مَـــا وُكِــسـا
إِنَّ الـسَّـعـيدَ امْـــرُؤٌ أَلــقَـى بِـحَـضرَتِهِ عَــصَــاهُ مُـحْـتَـزِماً بـالـعَـدْلِ مُـحْـتَـرِسا
فَــظَـلَّ يُــوطِـنُ مِـــنْ أَرْجَـائِـهـا حــرَمـاً وبَـــاتَ يُــوقِـدُ مِـــنْ أضْـوائِـهَـا قَـبَـسـا
بُـشْـرَى لِـعَبدٍ إلَـى الـبَابِ الـكَريمِ حَـدَا آمــالـهُ ومِـــنَ الـعَـذْبِ الـمَـعينِ حَـسـا
كــأَنَّـمَـا يَـمْـتَـطِـي والــيُـمْـنِ يَـصـحَـبُه مِــــنَ الــبِـحـارِ طَـرِيـقـاً نَــحْـوَهُ يَـبَـسـا
فـاسْـتَـقْبَل الـسـعـدَ وضَّـاحـا أسـرَّتُـه مـن صَـفْحَةٍ غَاضَ مِنها النورُ فانعَكَسا
وَقَـــبــل الـــجُــودَ طــفَّــاحـاً غَــوارِبُــهُ مِـن رَاحَـةٍ غـاصَ فـيها البَحرُ فانغَمَسا
يا أيها الملك المنصور أنت لها علياء تُوسع أعداء الهدى تعسا
وقد تواترت الأنباءُ أنك مَن يُحيي بقتل ملوك الصفر ِ أندلسا
طهر بلادك منهم إنهم نجسٌ ولا طهارة مالم تُغسل النجسا
وَأَوْطِــــئ الـفَـيْـلَـقَ الــجَـرَّارَ أرضَــهُـمُ حـتَّـى يُـطَـأطِئَ رَأْسـاً كُـلُّ مَـنْ رَأْسـا
وانْـصُر عَـبِيداً بـأَقْصَى شَرْقِها شَرِقَتْ عُـيُـونُـهم أدْمُـعـاً تـهْـمِي زَكــاً وخَـسـا
هُـمْ شِيعَةُ الأَمْرِ وَهْيَ الدَّارُ قَد نُهِكَتْ دَاءً وَمَــا لَــمْ تُـبَـاشِرْ حَـسْـمَهُ انْـتَكَسا
فاملأ هنيئاً لك التأييد ساحتها جرداً سلاهبَ أو خطيَّئةً دُعُسا
واضرب لهم موعداً بالفتح ترقبُه لعلَّ يومَ الأعادي قد أتى، وعسى

الكلمات الدالة: