سليم الزركلي

سليم بن كامل بن عبد الله الزركلي الدمشقي (1323 ـ 1410هـ/1905-1989م)، أحد الشعراء السوريين الكبار في العصر الحديث.

ولد في دمشق لأسرة كردية الأصل، ونشأ فيها، ثم انتقلت أسرته مدة من الزمن إلى لبنان، فالتحق بالمدرسة الرشدية ببعلبك وتلقى علومه الأولية فيها، وعادت أسرته إلى دمشق فالتحق بمكتب عنبر أعرق مدارس دمشق الشام، وشارك في مظاهرة جرت للاحتجاج على زيارة قام بها اللورد بلفور إلى دمشق فاعتقل مع عدد من الوطنيين، وانتسب إلى دار المعلمين بدمشق، وتخرج فيها، وعمل بالتعليم في مدارس دمشق فترة طويلة تخرج فيها على يديه عدد كبير من الطلبة الذين أصاب بعضهم فيما بعد شهرة واسعة في بلاد العرب عامة وفي سورية خاصة. شارك في الثورة السورية على المستعمرين الفرنسيين، فلاحقته سلطات الاحتلال، فاختفى لبعض الوقت ثم عاد إلى الظهور بعدما صدر العفو العام على الملاحقين. وقد عرفته مجالس الأدب ومنابر الشعر شاعراً مجيداً يملك ناصية القوافي، فنال شعره إعجاب الناس بجميع طبقاتهم، وكانت له زمن الانتداب الفرنسي على سورية مواقف مشرفة أقض مضاجعهم بلهيب قوافيه، مما عرضه لانتقام سلطات الانتداب الفرنسي مرات كثيرة.

وكان طويلاً مديد القامة، أسمر البشرة قوي الشكيمة حاضر الجواب أنيق اللباس، لا يعرف التزلف أو التملق، يتحدث من قلبه ويميل إلى مداعبة محدِّثيه، وكانت له أحاديث إذاعية كثيرة خصَّ بها إذاعة دمشق. وكان خبيراً بخفايا التاريخ الحديث لسورية يعرف عنه ما لا يعرفه إلا قلة من الناس بسبب عمله أميناً عاماً لمجلس الوزراء في الخمسينيات ومطلع الستينيات. وكان رئيساً لمجلس إدارة جمعية رعاية المكفوفين بدمشق سنوات عدة. وكان في عداد الشعراء المحدثين القلائل الذين تغنوا بالشام فأجادوا الغناء وأطربوا بنظمهم عشاق الشعر ومحبي الشام في دنيا العرب، ومن ذلك قوله:

دُنيا على الشَّام ما تَبلى معانيها

                 تربَّعت في ذُوي النُّعمى مغانيها

تَجري الهَنَاءةُ والأمجادُ في كنفٍ

                 من دهرها وحُشودٍ من معاليها

معاهدٌ شَفَّ فيها الحُسنُ تكلؤُها

                 عنايةُ الله جلَّ اللهُ باريها

وكما تغنّى بالشام تغني بمحبته للرسول العربي الكريم محمدr في قصائد كثيرة منها في عيد المولد النبوي الشريف:

تيهي بعيد محمدٍ

         دُنيا العروبة واسعدي

الله خصَّك بالبُطو

         لةِ والضِّياء السَّرْمَدي

وقد كثر الشعر الوطني على لسانه.

جمع عدداً كبيراً من قصائده ونشرها في ديوانه «دنيا على الشام» في بيروت أواخر الستينات. وله قصائد كثيرة خارج الديوان لا تقل أهمية عما ورد في ديوانه من القصائد إن لم تفقها ولاسيما قصيدته «فجر الرجاء» التي نظمها احتفالاً منه ببداية القرن الخامس عشر الهجري. ولم يقتصر إنتاجه الأدبي على الشعر بل كانت له مشاركات نثرية عالية منها مقالاته التي جمعها في كتابه بعنوان «نفثات قلم».

وربطته صداقات كثيرة بعلماء الشام وأدبائها وشعرائها، كمحمد كرد علي، وشفيق جبري، وأنور العطار، وعلي الطنطاوي، وسعيد الأفغاني، وخالد قوطرش، وكان وفياً لأصدقائه محباً لهم يحرص عليهم وينصح لهم، توفي في دمشق، وأقام النادي العربي حفلاً لتأبينه.

محمود الأرناؤوط

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

للاستزادة

  • أدهم الجندي، أعلام الأدب والفن (مطبعة صوت سورية، دمشق 1954).
  • محمود الأرناؤوط، عناقيد ثقافية (دار المأمون للتراث، دمشق 1985).
  • سليم الزركلي، دنيا على الشام (شعر) (دار العلم للملايين، بيروت).