سراب
السراب mirage مصطلح يُستخدم للتعبير عن مظاهر محددة ناتجة من انكسار الضوء في الجو. وتشتمل هذه المظاهر على توهّم رؤية السطوح المائية في الصحارى أو فوق السطوح الإسفلتية أو الإسمنتية الجافة تماماً بعد تسخُّنها الشديد. كما تتضمن رؤية مزدوجة لأجسام محددة متباعدة خلف الأفق أو خارج مدى الرؤية بالعين المجردة. ويُميز منه ثلاثة أنواع رئيسة هي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السراب السفلي
في المناطق الرملية أو الصحراوية الجافة والساخنة، يصبح الهواء القريب جداً من سطح الأرض أقل كثافة منه على الارتفاعات الأعلى نسبياً، مما يؤدي إلى زيادة كثافة الهواء بالارتفاع. ومن ثم، فإن الأشعة الضوئية القادمة من السماء إلى الأسفل، باتجاه سطح الأرض، تتعرض لانحناء وتقوّس، بفضل تناقص كثافة الهواء في الطبقة القريبة من سطح الأرض وباتجاه هذا السطح. ويمكن لهذا الانحناء أن يصعد ثانية نحو الأعلى وصولاً إلى عين المراقب، حيث تبدو هذه الأشعة الضوئية كأنها قادمة من سطح مائي لامع. وتبدو الأجسام الواقعة في منطقة السراب على هيئة انعكاس مقلوب، كما لو كانت هذه الأجسام واقعة على شاطئ بحيرة، إلا أن هذا الانعكاس الوهمي يكون مشوهاً.
أما الجبال والهضاب القريبة من منطقة حدوث السراب، فيبدو خيالها الوهمي على هيئة كتل منفصلة طافية فوق السطح المائي المتوهّم. وكثيراً ما يُسجَّل مثل هذا النوع من السراب فوق الطرق الإسفلتية الناعمة السطح، في الأيام الحارة، ذات الرياح الساكنة التي توفر شرط زيادة كثافة الهواء بالارتفاع في الطبقة الملامسة مباشرة لسطح الأرض.
سراب الطريق السريع
Superior mirage
تحدث هذه الظاهرة فوق السطوح الباردة التي يتوضع فوقها هواء حار، وعليه، فإن كثافة الهوا، في هذه الحال، تتناقص بالارتفاع على عكس حالة السراب السفلي. في هذه الحال تتعرض الأشعة الضوئية القادمة من الجسم باتجاه عين المراقب لانحناء معاكس لما يحدث في حالة السراب السفلي، ومن ثم، فإن امتداد الشعاع الضوئي القادم إلى عين المراقب يُظهر الجسم على ارتفاع أعلى من مكانه الحقيقي.
ومن هذه الظاهرة الضوئية المعروفة باسم السراب العلوي، يمكن رؤية الأجسام الواقعة تحت خط الأفق الرياضي، كالبواخر فوق السطوح المائية الباردة، وكذلك الشواطئ المقابلة في الممرات المائية للبحار الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات، مثل مشاهدة الشواطئ الغربية لجزيرة غريئنلند من الشواطئ الشرقية لكندا، حيث تبلغ المسافة بين الشاطئين نحو 70 كيلومتراً، مع العلم بأن مدى الرؤية الأفقي، في لحظة رؤية ذلك الشاطئ، لا تتجاوز 20 كم. ويبدو في هذه الحال كأن الأفق قد تقعر نحو الأعلى، وارتفعت الأجسام البعيدة، وفق خط منحنٍ متقاربة من عين المراقب، فتصبح هذه الخيالات قريبة، وتمكِّن المراقب من مشاهدتها بتفاصيل دقيقة من دون استخدام المقاريب (التلسكوبات). وبسبب تداخل حزم الأشعة الضوئية القادمة من أعلى وأسفل هذه الأجسام إلى عين المراقب يبدو أحد الخيالات التي تظهر عادةً في مثل هذا النوع من السراب مقلوباً. وغالباً تُراقب مثل هذه الظاهرة في المناطق الباردة في خطوط العرض العليا. وتكون عادةً صور الأجسام التي تراقب في حالة السراب العالي واضحة المعالم ومحددة على نحو ملحوظ، ولكنها أضخم من الأجسام الحقيقية، بخلاف صور الأجسام التي تظهر في حالة السراب السفلي المشوَّهة المعالِم. وإذا كان السراب السفلي يحدث في حالة التسخين الشديد لسطح الأرض الخالي من الرطوبة والذي يحدث عدم استقرار حراري شديد بالقرب من سطح الأرض، فإن حالات السراب العلوي تحدث في حالات الاستقرار الجوي الشديد إلى درجة تسجيل انقلاب حراري في الطبقة السطحية للجو، حيث تزداد درجة الحرارة بالارتفاع، وتتناقص كثافة الهواء تناقصاً كبيراً أيضاً.
تجدر الإشارة هنا إلى ظاهرة شروق الشمس في مناطق الدائرة القطبية قبل انتهاء الليل القطبي بعدة أيام، حيث تشرق الشمس عدة ساعات، ثم لا تلبث أن تتوارى ثانية وراء الأفق بانتظار الموعد الحقيقي الفلكي لشروقها وبدء النهار القطبي. وتعدّ ظاهرة السراب العلوي السبب في ظهور الشمس بهذا الشكل، وهي ظاهرة تحدث في حالات سيطرة الانقلابات الحرارية فوق السطوح المتجمدة الباردة. ولهذا السبب يزيد الطول المتوسط للنهار القطبي بمعدل 14 يوماً عن طول الليل القطبي.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الأجرام السـماوية تُرى عند الأفق أعلى من ارتفاعها الحقيقي، عند سيطرة الانقلابات الحرارية، بفضل ظاهرة السراب العلوي التي تسمى في هذه الحالات بالانكسار الفلكي astronomical refraction، الناتج من الانكسار المتتالي للضوء في طبقات الجو المتباينة في قرينة انكسارها للضوء. ويختلف ارتفاع الخيالات الصحيحة والمعكوسة وحجمها، بفعل السراب العلوي في الجو، باختلاف درجة استقرار الجو وشدة الانقلابات الحرارية.
السراب الجانبي lateral mirage
يحدث هذا النوع من السراب حين تتوافر الشروط التي تجعل سطوح تساوي الضغط الجوي مائلة أو عمودية، لا أفقية، كما في حالتي السراب السفلي والعلوي. ويحدث السراب الجانبي عادةً في المناطق التي توجد فيها بحيرات، ويتاخم هذه البحيرات مباشرة جبال ذات انحدارات شديدة. وتُراقب مثل هذه الظاهرة صيفاً في ساعات الصباح الأولى بعد شروق الشمس قرب بحيرة جنيف في سويسرا.
ولا بد من التفريق بين حال هذا النوع الجانبي من السراب والنوع الآخر الذي يُسجل قرب السطوح العمودية التي تتعرض لتسخين شديد، الأمر الذي يعطي النوع نفسه من السراب السفلي، حين يكون هذا السطح العمودي أو المائل مواجهاً ومكشوفاً جيداً للسماء.
حالات خاصة من السراب special cases of mirages
سُجلت حالات معقّدة من السراب رصدت في أثنائها صور لسفن على الشواطئ المائية، كانت تُرى طافية في الهواء أو من الجوانب في الوقت نفسه. وأحياناً شُوهدت أطياف لأجسام غير مرئية بالأفق.
سُجلت مثل هذه المشاهدات بين شواطئ جزيرة صقلية والأراضي الإيطالية، وسمِّيت فاتا مورغانا Fata morgana. وفي حالات أخرى شوهدت، بوجود الضباب أو الشابورة المائية، صور متعددة لأجسام محدّدة، وكانت بعض الصور تُشاهد ضمن دائرة تشتمل على جميع ألوان قوس قزح في منطقة جبل بروكن Brocken في ألمانيا، ولذا فقد عُرفت فيما بعد بظاهرة طيف بروكن أو شبح بروكن Brocken specter.
وقد سجل التاريخ عدة أساطير، كالأسطورة التي عُرفت باسم «الهولندي الطائر»، إذ شاهد أحدهم صورة رجل يطير في الجو، وصورة مشوّهة الحدود لسفينة كبيرة، مع العلم بأنه لم يكن هناك أثر للرجل أو للسفينة في مجال الرؤية المباشرة. وظاهرة السراب العلوي هي التفسير العلمي الصحيح لمثل هذه الأساطير....[1]
Fata Morgana
سراب الأجسام الفلكية
انظر أيضاً
- Atmospheric refraction
- Looming and similar refraction phenomena
- Mirage of astronomical objects
- Novaya Zemlya effect
- Refraction
المصادر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .