رسائل في الإنگليز

Letters on the English  
Lettres anglaises voltaire.jpg
صفحة العنوان من طبعة 1734 من رسائل في الإنگليز
المؤلفڤولتير
العنوان الأصليLettres philosophiques
البلدفرنسا
اللغةالفرنسية
الموضوعفلسفة
النوعمجموعة مقالات
الناشرباسيل
تاريخ النشر1734
نُشرت
بالإنگليزية
1778

رسائل في الإنگليز Letters on the English هي سلسلة من المقالات كتبها ڤولتير بناء على تجاربه في المعيشة في إنگلترة (بالرغم من أن البلد في 1707 كان جزءا من بريطانيا العظمى) بين 1722 و 1734. وقد نشرت بكل من الفرنسية والإنگليزية في 1734. إلا أن معظم النسخ الإنگليزية الحديثة مبنية على ترجمة من النص الفرنسي بدلاً من النص الإنگليزي الذي كتبه ڤولتير.

نوعاً ما، يمكن مقارنة الكتاب بكتاب الديمقراطية في أمريكا بقلم ألكسيس ده توكڤيل، في كيفية شرحهما لأمة بطريقة مجاملة لتلك الأمة نفسها من وجهة نظر أجنبي، فتصويرات ڤولتير لأوجه الثقافة والمجتمع والحكومة الإنگليز كثيراً ما تلقى معاملة تفضيلية بالمقارنة لمعاملته لنظيراتهم الفرنسية.

في عامي 1733 و1734 نشر فولتير بعد عناء شديد أول إسهامه في عصر الاستنارة، وكان عبارة عن 24 رسالة موجهة من إنجلترا إلى تييريو وترجمت إلى الإنجليزية وصدرت في لندن (1733) رسائل متعلقة بالأمة الإنجليزية. ولكن كان في طبع الأصول في فرنسا مغامرة بحرية المؤلف وصاحب المطبعة كليهما. وخفف فولتير من بعض الأجزاء، وحاول أن يحصل على أذن من الحكومة بطبع البقية، فرفضوا منحه الترخيص، وهنا لجأ ثانية إلى نشرها سراً في روان. وحذر الناشر جور من تسرب أية نسخة للتداول لبعض الوقت على الأقل، ولكن في أوائل 1734، وصلت عدة نسخ إلى باريس تحت عنوان "رسائل فلسفية". وحصل أحد القراصنة الناشرين على نسخة، وأصدر منها طبعة كبيرة العدد دون على فولتير. وفي نفس الوقت كان فولتير ومدام دي شاتيليه قد قصدا إلى قصر مونتحي بالقرب من أوتون على مسافة 190 ميلاً من باريس ليحضرا حفل زفاف ريشيليو.

وبدأ الكتاب بأربع رسائل عن جماعة الكويكرز الإنجليزية، وأوضح فولتير أن هؤلاء الكويكرز ليس لهم تنظيم كنسي ولا قساوسة ولا أسرار ولا قرابين مقدسة، مع ذلك مارسوا الشعائر المسيحية في إخلاص وإيمان أكثر من أي مسيحيين عرفهم. ووصف أو تخيل زيارة قام بها لواحد منهم وقال: "سألت واحداً منهم: سيدي العزيز، هل عمدوك؟ فأجاب "لا لم أعمد لا أنا ولا أخوتي". وصحت في وجهه: عجباً كيف يكون هذا إذن أنتم لستم مسيحيين! فأجاب في صوت هادئ خفيض يا بني، لا تقسم، نحن مسيحيون" "ونحن نحاول أن نكون مسيحيين صالحين، ولكننا لا نرى أن المسيحية مجرد ماء بارد مع قليل من الملح على الرأس وعارضته. (يا إلهي! لا تتحدث بهذا الضلال! هل نسيت أن يوحنا عمد المسيح؟) فرد قائلاً: يا صاحبي، لا تقسم بعد ذلك، إن يوحنا عمد المسيح ولكن المسيح لم يعمد أحداً... ونحن أتباع المسيح لا أتباع يوحنا فقلت له: (وا حسرتاه أيها المسكين جزاؤك الحريق في بلاد محاكم التفتيش وسألني (هل أجروا لك عملية ختان؟). فأجبته (لم يكن لي شرف الختان).

فقال: (حسناً، أنت مسيحي دون ختان، وأنا مسيحي دون تعميد)

وقال الكويكرز إن التعميد مثل الختان من العادات السابقة على المسيحية وقد أبطلها إنجيل السيد المسيح الجديد. ثم استطرد فولتير يتحدث عن الحرب )لن نذهب أبداً إلى الحرب، لا لأننا نخشى الموت، بل لأننا لسنا ذئاباً ولا نموراً، ولا كلاباً نحن رجال مسيحيون. أن إلهنا الذي أمرنا نحب أعداءنا يقينا لا يريد منا أن نعبر البحر لنقتل أخوة لنا، لمجرد أن السفاحين الذين يرتدون ثياباً في لون الدم وقبعات عالية ترتفع إلى قدمين يجندون المواطنين بينما يحدثون جلبة باثنتين من العصي ممدتين على جسم حمار. وبعد النصر تتألق لندن كلها في الأضواء وتلتهب سماؤها بالألعاب النارية وطلقات المدافع، على حين نرثي في صمت للمذبحة التي أدت إلى مثل هذا الابتهاج العام(13).

لقد أوذيت فرنسا أيما إيذاء، وكادت أن تدمر نفسها لمحاولتها فرض عقيدة واحدة على جميع الفرنسيين. وأسهب فولتير في وصف التسامح بالنسبة للخلافات الدينية في إنجلترا. "هذه بلد الطوائف. والرجل الإنجليزي، باعتباره حراً يسلك إلى السماء الطريق الذي يختاره.(14) ووازن فولتير بين أخلاق رجال الدين الإنجليز وأقرانهم الفرنسيين. وهنأ الإنجليز بأنهم ليس لديهم رهبان. إن الإنجليز ليحمدون الله ويشكرونه على أنهم بروتستانت حين يعلمون أن الشبان الفرنسيين المعروفين بفسقهم وفجورهم يرقون إلى مناصب الأساقفة والمطارنة بفعل الدسائس، ويؤلفون الأغاني الرقيقة ويقيمون ولائم العشاء الباذخة كل يوم تقريباً، ويطلقون على أنفسهم أنهم خلفاء الرسل.(15) وفي الرسالة الثامنة أدار فولتير الخنجر إلى صدر الحكومة في فرنسا: "إن الأمة الإنجليزية وحدها هي التي عرفت كيف تحدد سلطة الملوك بوقوفها في وجههم... وأخيراً أقامت هذه الحكومة الرشيدة، وفيها يتمتع الملك بكل القوة والسلطة في أن يفعل الخير، على حين تغل يداه عن الإتيان بأي شر أو سوء. (وهنا يردد فولتير عبارة مشهورة مأثورة عن رواية فنليون "تليماك". إن إقرار الحرية في إنجلترا تطلب ثمناً غالياً ولا ريب، فقد أغرق صنم الحكم الاستبدادي المطلق في بحر من الدماء، ولكن الإنجليز لا يرون أنهم اشتروا القوانين العادلة الصالحة بثمن باهظ، فهناك أمم أخرى مرت بمحن وأوقات عصيبة لا تقل عما عاناه الإنجليز، ولكن الدماء التي أريقت دفاعاً عن قضية الحرية لم تكن إلا تثبيتاً لعبوديتها(21).

إن حق التحقيق في قانونية حبس التهم في إنجلترا يحرم السجن دون قضية محددة، ويتطلب محاكمة علنية، بواسطة المحلفين، أما في فرنسا فهناك "الأوامر السرية المختومة". وقبل مونتسكيو بأربعة عشر عاماً، رأى فولتير "فصل السلطات في الحكومة الإنجليزية وامتدحه وبالغ فيه، كما رأى تنسيق العمل بين الملك ومجلس اللوردات ومجلس العموم. وأشار فولتير إلى أنه لا يمكن فرض ضرائب إلا بموافقة البرلمان" "وأنه لا يعفي أحد من ضرائب معينة... لأنه نبيل أو كاهن."(17)وفي إنجلترا يشتغل صغار أبناء النبلاء بالتجارة وبمختلف المهن، أما في فرنسا فإن التاجر غالباً ما يسمعهم يتحدثون عن مهنته في ازدراء واحتقار، حتى يبلغ به الحمق إلى حد الشعور بالخزي والعار من الاشتغال بالتجارة. ولست أدري أيهما أنفع للدولة-نبيل نتأنق يعرف بالضبط متى يصحو الملك من نومه أو يأوى إلى فراشه، ويستشعر العظمة حين يقوم بدور العبد الرقيق... أو رجل أعمال (مثل فوكنر مضيف فولتير في لندن، يثري وطنه ويصدر الأوامر من مكتبه إلى سورات والقاهرة، ويسهم في إسعاد العالم بأسره(18) وأخيراً في قطعة تضمنت برنامجاً لفرنسا ذهب فولتير إلى: أن الدستور الإنجليزي بلغ قمة التفوق وكان من نتيجة ذلك أن كل الناس استعادوا حقوقهم الطبيعية، على حين أنهم محرمون منها في سائر الملكيات تقريباً. وهذه الحقوق هي الحرية الكاملة في أشخاصهم وفي ممتلكاتهم: حرية الصحافة حق المحاكمة بناء على نص صريح في القانون، وحق كل إنسان في اعتناق العقيدة التي يرتضيها دون إزعاج.(19)

ولا بد أن فولتير عرف أن فريقاً من الناس فقط هم الذين تمتعوا بهذه الحقوق الطبيعية "وأن الحرية الشخصية لم تتحر من خطر الرقابة الصحفية، وأنه كانت هناك حدود وقيود على حرية الكلام في الدين وفي السياسة، وأن المنشقين والكاثوليك كانوا مستبعدين من الوظائف العامة. وأنه كان من الميسورة في إنجلترا رشوة القضاة ليتجاهلوا القانون. إن فولتير لم يدون وصفاً نزيهاً لواقع إنجلترا, أنه كان يستخدم إنجلترا سوطاً يحرك به الثورة في فرنسا ضد ظلم الدولة أو الكنيسة. أن كون كل هذه الحقوق تقريباً أصبحت الآن قضية مسلماً بها في البلدان المتحضرة يضفي على ما أنجزه القرن الثامن عشر روعة وجلالاً.

ولا يقل عن هذا أهمية في أثره على الفكر الحديث امتداح فولتير لبيكون ولوك ونيوتن. إنه قال عن بيكون الذي اتهموه وجرحوه ما حكم به بولنجيزوك على مالبرو "إنه رجل بلغ من العظمة حداً لا أستطيع معه أن أتذكر هل كان له أخطاء أم لا"(20)ثم أردف يقول" إن هذا الرجل العظيم بيكون هو أبو الفلسفة التجريبية لا من أجل التجارب التي قام بها، بل بما وجه من نداءات قوية للنهوض بالبحث العلمي. وتلك هي الفكرة التي حدت بديدرو ودالمبرت إلى القول بأن بيكون هو أول من أوحى إليهم بدائر المعارف التي وضعوها.

وخصص فولتير لجون لوك كل الفصل الثالث عشر تقريباً. إنه لم يجد فيه مجرد علم العقل بدلاً من أسطورة النفس، بل وجد فلسفة كامنة كاملة حتى أنه بإرجاعه كل المعرفة إلى الشعور، حول الفكر الأوربي عن الإلهام الإلهي إلى الخبرة الإنسانية، باعتبارها المصدر الوحيد للحقيقة وأساسها. ورحب برأي لوك في أنه يمكن تصور إن المادة يمكن تمكينها من التفكير وغصت بهذه العبارة بالذات حلوق رجال الرقابة الفرنسية، وكان لها أثراً كبير في الحكم على الكتاب وإدانته. ويبدو أنهم تنبئوا فيها بمادية لامتري وديدرو. ورفض فولتير أن يسلم نفسه إلى المادية، ولكنه عدل عبارة ديكارت "أنا أفكر إذن أنا موجود" إلى "أنا جسم وأنا أفكر ولا شيء غير هذا".

وأشارت الرسالة الرابعة عشرة على الفرنسيين أن يتخلصوا من ديكارت وينصرفوا إلى دراسة نيوتن. إن حكم الرأي العام في إنجلترا على هذين المفكرين هو إن أولهما كان حالماً والثاني حكيماً. وقدر فولتير أعظم تقدير إضافات ديكارت إلى الهندسة، ولكنه لم يستسغ الدوامات الكونية عند ديكارت. إنه أقر بأن ثمة شيئاً وهمياً غامضاً، أو على الأقل مخدراً في مقالات نيوتن عن الكرونولوجيا القديمة (تقسيم الزمن إلى فترات وتعيين تاريخ الأحداث) وسفر الرؤيا، وأوحى فولتير بشكل لطيف بأن نيوتن كتب هذه المقالات ليعزي البشرية عن تفوقه البالغ عليها(21) إنه وجد أن نيوتن ما زال عويصاً يصعب فهمه، ولكن اجتماع الرجال البارزين في الحكومة وفي ميدان العلوم لتشييع جنازته ترك في نفسه أثراً عقد معه العزم على دراسة قوانين نيوتن، وعلى أن يكون رسول نيوتن إلى فرنسا، وهنا أيضاً غرس فولتير بذور دائرة المعارف وعصر التنوير.

وأخيراً صدم فولتير الفكر الديني في فرنسا بنقد لاذع وجهه إلى آراء بسكال. إنه لم يقصد تضمين هذا في رسائله، فليس لهذا علاقة بإنجلترا، ولكنه كان قد أرسله من إنجلترا إلى تيير 1728، فألحقه الناشر اللص بالرسائل باسم رقم 25، وكانت النتيجة أن الجانسنيين-الذين قدسوا بسكال إلى حد العبادة، وسيطروا على برلمان باريس-، فاقوا الآن اليسوعيين (الذين لم يحبوا بسكال قط) في استنكار فولتير وشجبه وكان فولتير غير قابل أساساً للاتفاق مع بسكال حيث كان في هذه المرحلة (اللهم إلا في رواياته) عقلانياً متشدداً لم يكن قد وجد بعد مجالاً للوجدان في فلسفته. وكان لا يزال شاباً ممتلئاً حيوية ونشاطاً ينعم بالحياة وسط محنه البطولية، ومن ثم عارض التشاؤم الجزع الكئيب عند بسكال "ولسوف أتجاسر فأقوم بدور الجنس البشري ضد هذا المبغض للشر المهيب"(22)ورفض "رهان" بسكال (أي أنه من الأحكم أن نراهن على وجود الله لا العكس) باعتباره عملاً صبيانياً يجافي الحشمة والوقار... إن اهتمامي بالاعتقاد بشيء ليس برهاناً على أن هذا الشيء موجود"(23)ولم يعرض بسكال الرهان (على أنه برهان) وسلم بأنه ليس في مقدورنا أن نفسر الكون أو نعرف قدر الإنسان، ولكنه أرتاب في أننا نستطيع من هذا الجهل أن نستنتج صدق قانون الإيمان المسيحي الذي جاء به الرسل. كما أنه لم يحس في هذا العصر المرح المفعم بالحيوية بأي تعاطف مع تطلع بسكال إلى الراحة والدعة، حيث نادى بأن الإنسان "خلق ليعمل... فعدم العمل وعدم الوجود سيان بالنسبة للإنسان(24)".

وليست "ملاحظات على أفكار پاسكال" أفضل ما كان يمكن أن تجود به قريحة فولتير. أنه لم يكن قد أعدها للنشر، ولم يكن لديه الفرصة لمراجعتها وتنقيحها. وقضت الأحداث اللاحقة-مثل زلازل لشبونة-على نضارة تفاؤله الفتي. وعلى الرغم من هذا الملحق غير المدروس وغير الجدير بالاعتبار، فإن "الرسائل الفلسفية" كانت أحد المعالم البارزة في الأدب الفرنسي والفكر الفرنسي. فهنا لأول مرة ظهرت الجمل الموجزة الدقيقة والوضوح المبين والذكاء المرح والتهكم اللاذع، وأصبح كل هذا منذ الآن طابعاً أدبياً مميزاً يتجاوز ويتجاهل الحرص على إنكار اسم المؤلف. إن هذا الكتاب، وكتاب الرسائل الفارسية حددا أسلوب النثر الفرنسي من عهد الوصاية إلى عصر الثورة. وفوق هذا فإنها أحكمت حلقة من أقوى الحلقات في الربط بين المفكرين الفرنسيين والإنجليز، وهي كما قدر بكل "أهم حقيقة إلى حد بعيد في تاريخ القرن الثامن عشر"(25)إنها كانت بمثابة إعلان حرب ومخطط شن حملة. وقال روسو عن هذه الرسائل إنها قامت بدور كبير في إيقاظ عقله. ولا بد أن آلافاً من شباب فرنسا دانوا لها بمثل هذا الفضل. وقال عنها لافاييت أنها صيرته جمهورياً وهو في التاسعة من عمره. ورأى هين "إنه لم يكن لزاماً على رقيب المطبوعات أن يصادر هذا الكتاب حيث كان لا بد من قراءته بغير هذا الإجراء"(26).

وأحست الكنيسة والدولة والملك والبرلمان أنهم لم يعودوا يطيقون صبراً على مثل هذه الجراح الكثيرة في صمت، فأرسل صاحب المطبعة إلى سجن الباستيل، وصدر أمر سري مختوم بالقبض على فولتير أينما وجد. وفي 11 مايو ظهر أحد رجال الشرطة يحمل أمراً بالقبض عليه. ولكن من المحتمل أن موبرتوي ودار جنتال كانا قد حذرا فولتير فغادر فرنسا قبل ذلك بخمس ة أيام. وبناء على أمر البرلمان في 10 يونيه أحرق كل ما وجد من نسخ الكتاب بيد مأمور التنفيذ العام في فناء قصر العدل باعتباره عملاً شائناً ينافي الدين والخلاق القومية ويتعارض مع احترام الواجب للسلطات العامة. وقبل معرفة المركيزة دي شاتيليه بوصول فولتير سالماً إلى اللورين كتبت إلى صديق لها: "أنا لا أطيق صبراً على مجرد علمي بأنه في السجن وهو في مثل هذه الصحة والعافية وقوة الخيال. وأنا لا أحبذ ذلك مطلقاً". وأجمعت هذه السيدة والدوقة دي بشيليو وغيرهما من السيدات ذوات المكانة الرفيعة أمرهن على العمل معاً للحصول على عفو عنه. ووافق حامل الأختام على إلغاء أمر القبض إذا أنكر فولتير تأليفه للكتاب. لكن تلك كانت خدعة لأنه كان على علم اليقين أن فولتير هو المؤلف. وكان حامل الأختام هذا أحد موظفي الحكومة الذين لطفوا من حدة الرقابة من آخر بالأعضاء عما في الكتاب من مآخذ. ووافق فولتير فوراً على إنكار أنه المؤلف. وهذه كذبة بيضاء من الممكن الصفح عنها بسهولة. فضلاً عن أن الكتاب الذي برئ من تأليفه وزع دون موافقته. وكتب فولتير إلى الدوقة دي ايجوبون:

يقولون إنه يجب أن أتراجع... بكل سرور.. سأعلن أن بسكال على حق دائماً وأن القساوسة مهذبون وديعون منزهون عن الغرض "وإن الرهبان ليسوا متغطرسين ولا منصرفون إلى تدبير الدسائس، ولا حقراء وأن محاكم التفتيش المقدسة هي انتصار الإنسانية والتسامح(27).

والغي أمر القبض على شرط أن يبقى فولتير بعيداً عن باريس. فتنقل من قصر إلى قصر قرب حدود المدينة ورحب النبلاء الذين لم يتمسكوا كثيراً بأهداف الدين، كما لم يميلوا مطلقاً إلى الحكومة الملكية المركزية المستبدة وتلقى الدعوة بالإقامة في بلاط هولشتاين مع معاش قدرة عشرة آلاف فرنك سنوياً ولكنه رفض. وفي يوليه أوى إلى قصر مدام دي شاتيليه في سيري في شمبانيا. وهناك وهو الضيف الذي يتحمل نفقات عشيقته وزوجها بدأ أسعد سني حياته.