دايت آوگزبورگ

قراءة اعتراف آوگزبورگ من قِبل الامبراطور شارل الخامس في دايت آوگزبورگ، 1530


دايت آوگزبورگ (1555) قد وصل بالصراع الديني إلى الديني إلى هدنة جغرافية حول مبدأ "الناس على دين ملوكهم" "إقليمه دينه"-أعني أن دين الحاكم في كل دور يفرض ديناً على رعاياه، وعلى المخالفين أن يرحلوا. وكان الاتفاق يمثل قدراً ضئيلاً من التقدم، لأنه أحل الهجرة محل الإعدام، ولكنه اقتصر على اللوثرية والكاثوليكية، وكان من آثار اقتلاع عائلات كثيرة من جذورها اقتلاعاً أليماً زادت الفوضى والمرارة في ألمانيا. وكان ينتظر من السكان أن يغيروا مذهبهم إذ خلف حاكم يدين بأحد المذهبين حاكماً يدين بالمذهب الآخر. وبات الدين مطية وضحية للسياسة والحرب.

أما وقد انقسمت ألمانيا في اللاهوتية على هذا النحو، فإنها لا تقدم قبل حرب الثلاثين خريطة دينية بسيطة: ويمكن القول عموماً بأن الشمال كان بروتستنتياً، والجنوب وأرض الراين كاثوليكيين، ولكن بما أن مبدأ أوجزبورج لم يمكن فرضه فرضاً دقيقاً ولا سريعاً، فقد بقي الكثير من البروتستنت في مناطق كاثوليكية، والكثير من الكاثوليك في بلاد بروتستنتية. وقد أتيح للكاثوليك ميزتان هما التقاليد والوحدة، أما البروتستنت فقد تمتعوا بقسط أوفر من حرية العقيدة، وانقسموا إلى لوثريين وكلفنيين وقائلين بتجديد العماد وموحدين، وحتى في صفوف اللوثريين نشبت حرب عقائدية بين أتباع ملانكتون المتحرر وخصومه. وفي 1577 صاغ اللوثريين عقيدتهم في "كتاب الوفاق" وبعد هذا التاريخ طرد الكلفنيون من الدويلات الألمانية اللوثرية. ولكن البالاتينات الناخب، فردريك الثالث، رعى الكلفنية وجعل جامعة هايدلبرج معهداً لاهوتياً للشباب الكلفني. وهناك، في 1563 وضع اللاهوتيون الكلفنيون كتب "التعليم المسيحي" في مفهوم هايدلبرج، وقد صدم الكاثوليك واللوثريين جميعاً برفضه عقدة الحلول الحقيقي للمسيح في خمر العشاء الرباني وخبزه. وسمح للكاثوليك بالعيش في البالاتينات شريطة أن يقصروا عبادتهم على بيوتهم، أما الموحدون فقد طمعوا بشدة. وفي 1570 نازع رجلان في ربوبية المسيح، أو ضيق حدودها، فأعدما أثر إصرار الأستاذة الكلفنيين في جامعة هايدلبرج على إعدامهما. على أن الأمير الناخب لويس ابن فردريك، آثر المذهب اللوثري وفرضه، ولكن إخاء يوحنا كازيمير، أثناء وصايته (1583-1592)، فضل الكلفنية وفرضها، ثم وطد الأمير الناخب فردريك الرابع (1592-1610) تلك السياسة. وتزوج ابنه فردريك الخامس (1610-1623) اليزابيت ستيوارت (ابنة جيمس الأول ملك إنجلترا). وطالب بعرش بوهيميا، وعجل بنشوب حرب الثلاثين.

وكان الصراع بين اللوثريين والكلفنيين لا يقل مرارة عنه بين البروتستنت والكاثوليك، وفد أضر بتعاون البروتستنت خلال الحرب لأن تعاقب النصر والهزيمة على الغريقين كليهما، تارة هذا وتارة ذاك، ومن ثم اضطهاد المنتصر المنهزم كان يخلف ميراثاً من الكراهية، مثال ذلك أنه في 1585 طرد الكونت فولفجانج حاكم أيزنبورج رونيبورج جميع الموظفين اللوثريين في إقليمه وأحل الكلفنيين محلهم، ولكن أخاه وخليفته الكونت هنري أنذر الوعاظ الكلفنيين في 1598 بأن عليهم أن يرحلوا خلال أسابيع برغم البرد القارس، وفي 1601 ولي الكونت فولفجانج أرنست، فطرد الوعاظ اللوثريين وأعاد المذهب الكلفيني. وحدث مثل هذا الإحلال للكلفنيين محل اللوثريين في انهالت (1595)، وهاناو (1956، وليي 1600). وفي بزوسيا الشرقية أعدم يوهان فونك المتهم بميوله الكلفنية في سوق كونيجزيزج وسط تهليل الجماهير (1566)(39). كذلك أعدم المستشار نيقولا كربل في درسدن (1601) لتوجهه الطقوس اللوثرية وجهه كلفنية، ولتأييده للهيحونوت للفرنسيين(40). وفي 604 أعتنق الشريف موريس حاكم هيس-كاسل المذهب الكلفني، ثم فرضه في 1605 في هذا الإقليم وفي هيس العليا، وهزم جنوده حشداً من اللوثريين المقاومين وحطموا الصور في الكنائس، أما الوعاظ الذين أبوا التحول من المذهب اللوثري إلى الكلفني فقد نفوا(41). وفي أمارة براند نبورج الناخبة قام نزاع عنيف اللوثريين والكلفنيين حول خبز القربان المقدس، وهل يتحول حقيقة بعد تقديسه إلى جسد المسيح وأخيراً قضت الحكومة بأن الكلفنية هي المذهب الحق (1613 وما بعدها)(42).

ووسط تذبذبات الحقيقة هذه احتدم ذلك "السعار اللاهوتي" كما سبق أن سماه ملانكتون-احتداماً لم يعرفه التاريخ من قبل ولا من بعد، إلا فيما ندر. من ذلك أن راعياً لوثرياً يدعى نيفاندر (1583) عدد أربعين خصيصة من خصائص الذئاب، وزعم أنها بالضبط السمات المميزة للكلفنيين ثم وصف الميتات الرهيبة التي لقيها أعداء اللوثريين، وقال بأن زونجلي حين خر صريعاً في المعركة، "قطع جسده سيورا، واستعمل الجنود شحمه ليشحموا به أحذيتهم، لأنه كان رجلاً بدينا(43)". وجاء في نشرة لوثرية في 1590 "إن أراد أحد أن يقال له في بضع كلمات أية مادة من مواد الإيمان نقاتل عليها جنس الأفاعي الكلفنية الشيطاني، كان الجواب، كلها بلا استثناء...ذلك لأنهم ليسوا مسيحيين، بل يهود ومسلمون معمدون(44)". وفي سوق فرانكفورت كتب ستانسلاوس رسكيوس (1592) "لقد لاحظنا من سنين أن الكتب التي يؤلفها البروتستنت ضد البروتستنت ثلاثة أمثال تلك التي يؤلفها البروتستنت ضد الكاثوليك(45). وقال كاتب بروتستنتي في 1610 في معرض الرثاء لهذه الحال". أن هؤلاء اللاهوتيين المسعورين قد جعلوا الحرب المدمرة الناشئة بين المسيحيين المنشقين على البابوية من الهول والاتساع بحيث لا تبدو بارقة أمل في أن يكف كل هذا الصراخ والقذف والشتم واللعن والحرم قبل مجيء اليوم الآخر(46).

ولكي نفهم هذا "السعار اللاهوتي" علينا أن نتذكر أن جميع أطراف النزاع أجمعوا على أن الكتاب المقدس كلمة الله المعصومة، وإن الحياة بعد الموت ينبغي أن تكون أهم شغل للناس في هذه الدنيا. كذلك لا بد أن تفسح الصورة مكاناً للتقوى الصادقة التي أورثت الكثيرين من اللوثريين والكلفنيين والكاثوليك الأتضاع والتسامي فوق حمى المذاهب وهذيانها. فقد هرب "أهل التقوى" هؤلاء من المنابر اللاهوتية والتمسوا في خلوتهم شيئاً من الحضرة الإلهية المطمئنة. وما زال مؤلف يوهان آرنت "حديقة الفردوس الصغيرة" يقرأ في ألمانيا البروتستنتية باعتباره كتيباً للتأمل الورع. وانتهى يعقوب بومي بهذه النزعة إلى فكرة الوحدة الصوفية لروح الفرد مع إله تصوره ينبوعاً كونياً، وأساساً لكل الأشياء، ينتظم كل "شر" وكل "خير" وزعم بومي أنه رأى "كائن الكائنات كلها، ورأى جهنم، كما رأى مولد الثالوث الأقدس(47)" ولا يجد العقل غير العواطف مع الصوفية في كتاب "بومي" في شارة كل الأشياء، 1621 إلا دوامة من السخافات، ومن بواعث العزاء أن نعرف أن صوفيا آخر، وهو يوحنا وميسلي، وصفه بأنه "هراء رفيع(48)". وأفضل من التراتيل البسيطة الحسية التي ألقها التقي اليسوعي فردريك فون سبي.

واليسوعيون هم الذين قادوا الحملة الصليبية الكاثوليكية لاسترداد الأرض المفقودة في ألمانيا كما فعلوا في كل مكان في أوربا، وقد بدأوا بمحاولة إصلاح الأكليروس الكاثوليكي. كتب اليسوعي بطرس فابر من فورمز في 1540 يقول: "اسمح اللهم بأن يون في هذه المدينة ولو كاهنان أو ثلاثة ليس لهم علاقات غرامية حرام، أولاً يعيشون في خطايا معروفة أخرى(49)، على أن أهم خططهم كانت اصطياد الشباب ومن ثم فتح اليسوعيون الكليات في كولونيا، وتريير، وكوبلنز، وماينز، وشبيير، ومونستر، وفورتسبورج، واينجولستات، وبادربون، وفرايبورج، وقد طاف بطرس كانيسيوس، الرأس المفكر والروح والحركة لهذه الحملة اليسوعية، بكل أرجاء ألمانيا تقريباً على قدميه، منشآت الكليات، موجهاً المجادلات اليسوعية العنيفة، وشارحاً للحكام الألمان مزايا المذهب القديم. وقد حث الدوق ألبرت الخامس على أن يستأصل بالقوة شأفة البروتستنتية بأسرها من بافاريا(50). ويفضل اليسوعيين، والكبوشيين، وإصلاح الأكليروس، وغيرة الأساقفة، ودبلوماسية الباباوات وسفرائهم، استعيد إلى حظيرة الكنيسة في النصف الثاني من القرن السادس عشر نصف الأرض التي كسبتها البروتستنتية الألمانية في النصف الأول منه. وقد استعملت بعض ألوان الإكراه هنا وهناك، غير أن الحركة كانت في جملتها سيكلوجية سياسية، ذلك أن جماهير الشعب ملت طول الشك والجدل والجبرية، والجبرية، ورأى حكامهم في الكاثوليكية التقليدية سنداً للحكومة والنظام الاجتماعي أقوى من سند بروتستنتية غارقة في فوضى الانقسام، محفوفة بالمخاطر التي تكتنف كل مذهب جديد.

فلما أدرك البروتستنت آخر المطاف أن انقساماتهم الداخلية أشبه بعملية انتحارية. وجهوا منابرهم وأقلامهم ضد عدوهم الروماني. ومهدت حرب الكلام والمداد لحرب المدافع والدم، وتفاقم التقاذف بالمطاعن حتى قارب نشوة القتل. ودخلت قاموس اللاهوت ألفاظ كالروث، والنفاية، والحمار، والخنزير، والبغي، والقاتل. ففي عام 1565 اتهم الكاتب الكاثوليك يوهان ناس اللوثريين بممارسة القتل، والسرقة، والكذب، والغش، والشره، والسكر، ومضاجعة المحارم، والجريمة، دون ما خشية، لأن الإيمان في زعمهم يبرر كل الأشياء، ورجح أن تكون كل امرأة لوثرية مومساء(51). وقد اعتبر الكاثوليك هلاك البروتستنت الأبدي إحدى بديهيات اللاهوت، ولكن الوعاظ اللوثري أندرياس لانج كتب (1576) بثقة مماثلة "أن البابويين كغيرهم من الترك واليهود والوثنيين هم خارج نطاق النعمة الإلهية، ومغفرة الخطايا، والخلاص". فلقد كتب عليهم العويل والبكاء وصرير الأسنان إلى الأبد في نار الجحيم المشتعلة وكبريتها(52). وراح الكتاب من الجانبين يتبادلون الافتراءات على نحو ما يفعل الآن حرب العقائد السياسية. وراحت أسطورة "البابة" (امرأة) يوانا في الأدب البروتستنتي. وتب أحد رجال الدين البروتستنت في 1589 يقول: "ما أشد نفاق هؤلاء اليسوعيين الأوغاد السفلة إذ يلجون في إنكار هذه الحقيقة، وهي أن البغي الإنجليزية آجينس كانت "بابة" في روما وأنها ولدت غلاماً خلال أحد المواكب العامة(53)". وجاء في إحدى المواعظ أن الباباوات كانوا وما زالوا بلا استثناء واحد، لوطيين ومستحضري أرواح وسحرة، وأن يبصقوا النار من أفواههم.."كثيراً ما ظهر الشيطان بصورته المرئية للباباوات...واشترك معهم في لعن صليب المسيح ووطئه بالأقدام، ثم الرقص رقصات عارية فوقه، وهي التي سموها خدمة مقدسة(54)". وكانت جماهير العابدين ترتشف هذه المسكرات بشغف. قال قسيس بروتستنتي في 1584، "لقد تعلم الأطفال في الشوارع أن يلعنوا عدو المسيح الروماني وأتباعه الملاعين(55)".

وكان اليسوعيون أهدافاً محببة. فرموا في مئات الرسوم الهزلية، والنشرات، والكتب، والقصائد، باللواط، والزنى، والبهيمية وفي أحد الكلشيهات الخشبية الألمانية، وتاريخه 1569 (وما زال محفوظاً في مجموعة جوته بفايمار) صور البابا على شكل خنزيرة تلد رهباناً يسوعيين في هيئة خنازير صغار. وفي 1593 نشر اللاهوتي اللوثري پوليكارپ الايزر تاريخاً للرهبنة اليسوعية باللاتينية. وصف اليسوعيين بأنهم يفارقون أقبح الرذائل مطمئنين إلى رضى البابا وعقوه الكاملين(56). وأخبرت "صحيفة جديدة صادقة" 1614 قراءها بأن الكردينال اليسوعي باللارمين أرتكب الفاحشة 2.236 مرة مع 1642 امرأة، ثم استطردت لتصف عذاب الكردينال على فراش موته، مع أنه لم يمت إلا بعد سبع سنوات(57).

وقد رد اليسوعيون أول الأمر في ضبط للأعصاب. ونضح كانيسيوس باستعمال لغة بريئة من العنف، وكذلك فعل الراعي البروتستنتي يوهان ماتيسيوس، ولكن الجمهور كان يؤثر الطعن على الاعتدال. واتهم المجادلون البروتستنت المتطرفون خصومهم اليسوعيين بقبولهم عقيدة اليسوعي ماريانا التي تدافع عن قتل الطغاة من الحكام، ورد أحد اليسوعيين الألمان بأن هذه هي بالضبط العقيدة التي يجب تطبيقها على الأمراء الذين فرضوا البروتستنتية على رعاياهم. ولكن يسوعيين آخرين أكدوا للحكام البروتستنت أنهم يعتبرون أمراء شرعيين، وأن شعره واحد من رءوسهم لن تمس. ونشر اليسوعي كونرادفيتر (1594-99) عشر كتيبات استعمل فيها أقبح ألفاظ الشتم، معتذراً بأنه أينما يحذو في ذلك حذو اللاهوتيين اللوثريين، وكان الجمهور يتهافت على شراء هذه الكتيبات بمجرد طبعها. وأعلن يسوعيو كولونيا أن "الهراطقة العنيديين" الذين يبثون الانشقاق في كل مكان "في الأقاليم الكاثوليكية".

"يجب أن يعاقبوا كما يعاقب اللصوص والسارقون والقتلة، لا بل بأشد مما يعاقب به هؤلاء المجرمون، فهؤلاء لا يؤذون سوى الجسد، أما أولئك فيزجون بالنفوس في الهلاك الأبدي..ولو أن لوثر أعدم أو أحرق قبل أربعين عاماً، أو لو أن نفراً من الناس نخفف العالم من وجودهم، لما نكبنا يمثل هذه الإنشقاقات اللعينة، ولا يمثل هذه الملل والنحل التي تكدر صفاء العالم كله(59).

ويمثل هذه الروح ناشد الكلفن داود بارينز، أستاذ اللاهوت بهايدلبرج (1518)، جميع الأمراء البروتستنت أن يشنوا حرباً صليبية على البابوية، وفي حملة كهذه يجب "ألا يتحرجوا من أي ضرب من ضروب القسوة أو العقاب(60)". وبلغ هذا السيل الدافق من الكتيبات ذروته بطبع 1.800 نشرة في سنة واحدة (1618)، وهي أول سني الحرب.

فلما قوى بأس الكاثوليك واشتد غضبهم، ألف عدد من الأمراء البروتستنت "اتحاد الأقاليم الإنجيلية" (1608) أو اتحاداً بروتستنتياً ليتبادلوا الحماية. ووقف ناخب سكسونيا بمعزل عن الاتحاد، ولكن هنري الرابع ملك فرنسا بدأ على استعداد لمديد المعونة لأية مغامرة ضد الإمبراطور الهابسبورجي. وفي 1609 ألف عدد من الحكام الكاثوليك يتزعمهم مكسمليان الأول دوق بافاريا، اتحاداً كاثوليكياً، عرف بالحلف الكاثوليكي، وما وافى أغسطس من عام 1610 حتى كانت كل دويلات الإمبراطورية تقريباً قد انضمت إليه، ثم عرضت أسبانيا أن تقدم له المعونة الحربية. ووافق الاتحاد البروتستنتي (فبراير) على أن يساعد هنري الرابع على الاستيلاء على دوقية بوليس-كليفز، ولكن مصرع الملك الفرنسي (14 ماير) حرم البروتستنت من أقوى حليف لهم. وسرى الخوف في ألمانيا البروتستنتية، ولكن الحلف لم يكن على استعداد للعمل. وفي يناير 1615 أنذر موريس حاكم هيس-كاسل الاتحاد البروتستنتي بأن "الحلف الكاثوليكي، الذي يحميه البابا، وملك أسبانيا، وبلاط بروكسل، والإمبراطور...أرسل في طلب السلاح والذخيرة...رغبة...في استئصال شافه-المذهب الإنجيلي(61)". وزاد الطين بلة أن كاسبارسكيوبيوس حذر الكاثوليك اللوثريين من أن الكلفنيين يعتزمون تدمير الديانة والسلام العام والإطاحة بالإمبراطورية الرومانية المقدسة بأسرها، ومحو مبدأ أوجزبرج والمذهب الكاثوليكي من الإمبراطورية(62) سواء بسواء، وربما كان هذا محاولة لإشاعة مزيد من الفرقة بين الشيع البروتستانتية. وأضعف النزعات الإقليمية بين النمسا وبافاريا العصبة الكاثوليكية في 1616...وراود الناس من جديد حلم السلام!

ولكن في پراگ ناشد الكونت هنريك فون ثورن زعماء البروتستانت منع الكاثوليكي المتحمس الأرشيدوق فرديناند من اعتلاء عرش بوهيميا. وكان الإمبراطور ماتياس قد عين خمسة نواب ليتولوا حكم البلاد في أثناء غيابه. واستبد هؤلاء الحكام بالبروتستانت في النزاع حول بناء كنيسة في كلوسترا جراب، وأرسلوا المعترضين إلى السجن وفي 23 مايو 1618 قاد ثورن حشداً بروتستانتياً غاضباً إلى قلعة أوسكين، وصعدوا إلى الحجرات التي كان يجلس بها اثنان من هؤلاء الحكام، وألقوا بهما من النافذة مع سكرتير كان يتحمس لهم، وسقط ثلاثتهم نحو خمسين قدماً، ولكنهم وقعوا على كومة من الأقذار، فتلوثوا أكثر مما أوذوا، فكان هذا "الإلقاء من النافذة" تحدياً مثيراً للإمبراطور والأرشيدوق وللعصبة المقدسة. وطرد ثورن رئيس الأساقفة والجزويت. وشكل حكومة مديرين ثورية. وربما شق عليه أن يدرك أنه بذلك أطلق كلاب الحرب من عقالها أو أنه أشعل نارها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش


المراجع

  • Luther and the German Reformation 1517-55, (second edition) by Keith Randell (2000), p. 97.


قالب:Euro-hist-stub

الكلمات الدالة: