حمدة بنت المؤدب

حمدة بنت زياد المؤدب () شاعرة أندلسية في القرن الثاني عشر من وادي آش. من شاعرات غرناطة في عصر ملوك الطوائف. وهي شقيقة زينب بنت زياد المؤدب. ويصفها الدبلوماسي المغربي محمد بن عبد الوهاب الغساني، في القرن 17، بانها "إحدى شاعرات الأندلس، وأشهر شعراء تلك المنطقة." وكان لها نصيب كبير من العلوم، وكانت أشهر عالمات عصرها، لقبت بخنساء المغرب لأنها قالت شعرا في الرثاء وكانت من مجيدة فيه . وتلقب بشاعره الاندلس.توفيت سنة 1204 ميلادي الموافق ل 600 هجري.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نسبها

هي حمدة ويقال حمدونة بنت زياد بن تقي، من قرية بادي من وادي آش من نواحي غرناطة في الأندلس، كان أبوها مؤدباً، ولذا لقبت بالمؤدب نسبة إلى ابيها.


نشأتها

نشأت حمدونة في واد جميل غير بعيد عن غرناطة، وغرناطة وما حولها إلى مسافة تقارب الأربعين ميلاً تغطيها الخضرة والأشجار وتتخللها السواقي والجداول والأن‍هار. لقد عاشت حمدونة في وادي آش وهي مدينة جميلة ساحرة تعرف أيضاً بوادي الأشات في بيت فيه علم وآداب، فقد كان أبوها زياد الوادي آشي يعرف بزياد المؤدب، وقد نشَّأ ابنتيه حمدونة وأختها زينب على الأدب والعلم.

صفاتها

كانت أديبة نبيلة شاعرة ذات جمال ومال، مع العفاف والصون، وهي شاعرة مجيدة بلغت شهرتها الافاق.لقبت بخنساء المغرب و شاعرة الأندلس.

شعرها

يقول عنهما لسان الدين ابن الخطيب: شاعرتان أديبتان، من أهل الجمال والمال والمعارف والصون، إلاّ أنّ حبّ الأدب كان يحملهما على مخالطة أهله مع صيانة مشهورة ونزاهة موثوق بِها. فكانتا شاعرتين من شهيرات شاعرات الأندلس، إلاّ أنّ حظ زينب في التاريخ لم يكن كحظ أختها حمدونة، ففي الوقت الذي حفلت فيه كتب الأدب بنماذج من شعر حمدونة وإشادة باسمها حتى لقبت بخساء المغرب وشاعرة الأندلس، كان نصيب زينب من الشهرة لا يزيد عن ذكر اسمها مرتبطاً باسم أختها فيقال: حمدونة بنت زياد وأختها زينب الشاعرتان، وفي بعض الأحيان كان يقال زينب بنت الوادي آشي وأختها حمدة، وليس من شك أنّ أدبنا الأندلسي قد خسر كثيراً بضياع شعر زينب كله خسارته بضياع شعر حمدونة الذي لم يصل إلينا منه إلاّ تلك النماذج القليلة التي ذكرها لنا صاحب نفح الطيب. إنّ حمدونة شاعرة الطبيعة بين نساء الأندلس، ولو أُحسن اقتباس صفة مشرقية لها لقيل إنّها: «صنوبرية» الأندلس نسبة إلى رأس شعر الطبيعة في المشرق أبي بكر الصنوبري. هذا ولم يعرف عن حمدونة أي لون من ألوان الانحراف أو الميل عن الجادة بل كانت عفة رغم غزلها، متصوفة رغم إسهامها في قول التشبيب.

كانت حمدة أشهر شاعرات زمان‍ها، وكان لها نصيب كبير من العلوم، وكانت أشهر عالمات عصرها. روت عن العلماء، ورووا عنها، ومنهم أبو القاسم بن البراق.

نماذج من شعرها

أباح الدمعُ أسراري بوادي له للحسنٍ آثار بَوادي
فمن نهرٍ يطوف بكل روضٍ ومن روض يرف بكل وادي
ومن بين الظباء مهاةُ انس سبت عقلي وقد ملكت فؤادي
لها لحظ ترقدهُ لأمـرٍ وذاك الامر يمنعني رقادي
إذا سدلت ذوائبها عليها رأيت البدرَ في افق السواد
كأن الصبح مـات له شقيق فمن حزنٍ تسربل بالحداد

ومن نماذج إبداعاتها الشعرية كذلك ما ذكره ابن الزبير أن الملاحي أنشد عن أبي الكرم جودي عن البراق لحمدة ترثي صبيا صغيراً:

يعــــــز عليـــنا، نــــوسدك الثـــرى بمجــــهلة لا دار فيـــــها ولا أهـــل

وقد كنت أرجو أن يطول لك المـدى وأنك إن تـــأت الــــردى تأته مــهلا

على انه ما لــــذة الــعيش للفـتى وغايته شــــــرخا كــــغايته كــــهلا

عليك الســــلام كلنا أنــت فا قتعد ضريحك لا حزنا تبالي ولا سهلا[6]

كما نقل لسان الدين ابن الخطيب عن أبي القاسم بن البراق قال ومن غرائبها:

ولمـــــا أبـــــــى الواشـــون إلا قــــتالنا وما لهم عــــــندي وعـــــندك مــــن ثار

وشـــنوا على آدانـــــنا كـــــل غــــــارة وقلـــــت حــــماتي عند ذاك وأنـــصاري

رميتـــــــهم من مقلــــتيك وأدمـــــعي ومن نفسي بالسيف والسيــل والنار[7]

كما قالت في حقها زينب بنت يوسف فواز العاملية: هي خنساء المغرب وشعرة الأندلس أديبة زمانها وغريبة آوانها كان الأدب نقطة من روضها لها المنطق الذي يقوم شاهدا بفضل لسان العرب ويفتح على البلغاء أبواب العجز ويسد عليهم صدور الخطب فإن أوجزت أعجزت بالمقال وإن طالت كثرت كالغيث الهطال مع مطارحة تذهب في الاستفادة مذهب الحكم وأخلاق تحدث لطف الزهر غب الديم مرمى الترنم بذكرها المتعطر بنشر حمدها وشكرها. روت عن العلماء الأفاضل ورووا عنها ومنهم العالم العلامة أبو القاسم بن البراق وفي مغربه يقول ابن سعيد المغربي قال والدي هي شاعرة الأندلس وكان عمي يقول هي خنساء المغرب[8].

ومن جانبه نقل المقرئ عن ابن سعيد قولا في امتداح نساء غرناطة ووصفهن بالفصاحة فقال: يقال للنساء المشهورات بالحسب والجلالة العربيات لمحافظتهن على المعاني العربية ومن أشهرهن حمدة بنت زياد الوادي ىش وأختها زينب[9].

المصادر

1.المغرب في حلى المغرب. لابن سعيد المغربي(2/145)، تحقيق الدكتور شوقي ضيف دار المعرفة.

2. التكملة لكتاب الصلة، (4/261).

3. بغية الملتمس، للضبي (545). وآشية هذه هي مدينة بالأندلس قريبة من غرناطة ينحط نهرها من جبل شلير بينها وبين مدينة غرناطة 40 ميلا أنظر صلة الصلة (5/310).

4. نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب للمقري تحقيق ذ يوسف الشيخ محمد الباقعي ط:1 1406ه 1986 (1/145/146).

5. التكملة لكتاب الصلة (4/261) للحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله أبي بكر القضاعي البلنسي ابن الأيار تحقيق الدكتور عبد السلام الهراس دار المعرفة.

6. صلة الصلة، (5/31). لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي تحقيق الدكتور عبد السلام الهراس سعيد أعراب 1416هـ 1995م.

7.الإحاطة في أخبار غرناطة (1/489/490).

8. المغرب في حلى المغرب (2/145).

9. نفح الطيب (6/69).

10. جلال الدين السيوطي (تأليف) , صلاح الدين المنجد (تحقيق),نزهة الجلساء في أشعار النساء, دار المعارف للطباعة والنشر, تونس.