حلف الفضول

حلف الفضول هو أحد أحلاف الجاهلية الأربعة التي شهدتها قريش، وقد عقد الحلف في دار عبد الله بن جدعان التيمي القرشي أحد سادات قريش وذلك بين عدد من عشائر قبيلة قريش في مكة، وذلك شهر ذي القعدة سنة 590 م بعد شهر من انتهاء حرب الفجار بين كنانة و قيس عيلان. وقد شهد النبي محمد هذا الحلف قبل بعثته وله من العمر 20 سنة، [1] وقال عنه لاحقا: «لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت»[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سبب عقد حلف الفضول

أتى رجل من زبيد خرج بتجارة فاشتراها منه العاص بن وائل وكان ذا قدر بمكة وشرف فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف لعقة الدم وهم: عبد الدار ومخزوم وجمح وسهم وعدي ، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل وانتهروه. فصعد الأسدي جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة ونادى بأعلى صوته: [3]

يا للرجال لمظلوم بضاعته ببطن مكّة نائي الدار والنفر
ومحرم أشعث لم يقض عمرته يا للرجال وبين الحجر والحجر
إنّ الحرام لمن تمت كرامته ولا حرام لثوب الفاجر الغدر


نص الحلف وأشعاره

قام في الدعوة للحلف الزبير بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، وقال: " ما لهذا منزل" فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان التيمي القرشي وكان سيد قريش، فصنع لهم طعاما ، وتحالفوا في ذي القعدة، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفة وما رسا حراء وثبير مكانهما ، وعلى التأسي في المعاش فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول وقالوا : "لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر"، [4] ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه وقال الزبير بن عبد المطلب:

حلفت لنقعدن حلفا عليهم وإن كنا جميعا أهل دار
نسميه الفضول إذا عقدنا يعز به الغريب لدى الجوار
يعز به الغريب لدى الجوار أباة الضيم نمنع كل عار

وقال أيضا :

إن الفضول تحالفوا ، وتعاقدوا ألا يقيم ببطن مكة ظالم
أمر عليه تعاهدوا ، وتواثقوا فالجار والمعتر فيهم سالم

قبائل حلف الفضول

عقدت حلف الفضول 5 أفخاذ من قريش هي:

  1. بنو هاشم بن عبد مناف
  2. بنو المطلب بن عبد مناف
  3. بنو أسد بن عبد العزى
  4. بنو زهرة بن كلاب
  5. بنو تيم بن مرة

حلف الفضول بعد الإسلام

كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة. والوليد يومئذ والي المدينة من قبل الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان. فكأن الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه فقال له الحسين: " أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ، ثم لأقومن في مسجد رسول الله ثم لأدعون بحلف الفضول". [5] فقال عبد الله بن الزبير الأسدي القرشي: " وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا ". فبلغ الأمور المسور بن مخرمة الزهري القرشي، فقال مثل ذلك وبلغت عبد الرحمن بن عثمان التيمي القرشي فقال مثل ذلك . فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي. [6]

رافد للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

اتّخذ الإسلام موقفاً إيجابياً من “حلف الفضول” الجاهلي. وحين ألغى النبي محمد كل أحلاف الجاهلية استثنى منها “حلف الفضول”، ويوم سُئِلَ عنه، أجاب “شهدت مع أعمامي في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو أنني دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت”. الحلف الذي نعتبره أول رابطة لحقوق الإنسان هو تعاهدٌ على: رفض الظلم والعمل على إلغائه. المساواة بين أهل مكة ومن دخلها من سائر الناس. إحقاق الحق ونصرة المظلوم وردّ الحقوق إليه. الوقوف ضد الظالم. الحفاظ على حياة الناس وكرامتهم. اللجوء إلى هيئة (الفضلاء) لردّ الظلم. وذلك لعمري يمثل جوهر فكرة حقوق الإنسان المعاصر برفض الظلم والتمييز مهما كان نوعه مدنياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو ثقافياً. وقد اغتنت فكرة الحلف وتعمّقت بالقيم والمبادئ التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة.[7]

جديرٌ بالذكر أن المفكر جورج جبور ظلّ يخاطب الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية الحقوقية حتى تم الاعتراف بالحلف في العام 2007، حيث وردت الإشارة إليه في بيان أصدرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان باعتباره أحد مصادر الفكرة الكونية لحقوق الإنسان. ومثل هذه الإشارة لها دلالاتها المهمة، فهي تعني أن العرب قاربوا فكرة حقوق الإنسان منذ ما يزيد على 1400 سنة، ولهم رافدهم الثقافي إسوة ببقية الأمم والشعوب التي تبحث في تاريخها وتراثها ما يدعم الفكرة المعاصرة بدلاً من التنكّر لها أو تجاهلها. كما أنها تردّ على الذين يتهمون العرب بأن دينهم يحضّ على الكراهية والعنف والإرهاب، بدليل سجّل بعض البلدان العربية بخصوص حقوق الإنسان، وهو غير مشجع بالطبع، بما يعطي مثل هذا “المبرر” المهين، وسواء كان الأمر بحسن نيّة أو بقصدية واستهداف، وهذا هو الغالب الشائع، فإن النتيجة واحدة وهي الفكرة السائدة لدى قوى وجهات دولية ومفادها أن الثقافة العربية- الإسلامية أساسها التعصّب ووليده التطرّف وأن حياة العرب والمسلمين منغلقة ومتخلّفة.

انظر أيضا

المراجع

  1. ^ البداية والنهاية - ج 2 ص 355
  2. ^ رواه عبدالرحمن بن عوف - فقه السيرة - 72
  3. ^ الروض الأنف ص 241
  4. ^ الجليس الصالح والأنيس الناصح ص 326
  5. ^ الكامل في التاريخ - ج 2 ص 42
  6. ^ السيرة النبوية ابن هشام - ج 1 ص 87
  7. ^ عبد الحسين شعبان (2022-01-26). ""حلف الفضول" جاهلي المنبت.. رؤيوي النظرة!". 180 پوست.
اقرأ نصاً ذا علاقة في

حلف الفضول