جوزپه أونگارتي

جوزپه أونگارتي
Giuseppe Ungaretti
جوزپه أونگارتي في الزي العسكري الإيطالي أثناء الحرب العالمية الأولى
جوزپه أونگارتي في الزي العسكري الإيطالي أثناء الحرب العالمية الأولى
وُلِد10 فبراير 1888
الإسكندرية، مصر
توفي2 يونيو 1970
ميلانو، إيطاليا
الوظيفةشاعر، صحفي، كاتب مقالات، أكاديمي، موظف مدني
العرقإيطالي
الفترة1912–1970
الصنف الأدبيالشعر الغنائي، الشعر الحرب
الموضوعالنقد الأدبي
الحركة الأدبيةالرمزية
المستقبلية
دادا
لا روندا
الهرمسية

جوزپه أونگارتي Giuseppe Ungaretti (عاش 10 فبراير 18882 يوليو 1970)، شاعر معاصر، صحفي، كاتب مقالات، ناقد، أكاديمي إيطالي حائز على جائزة نوي‌شتات الدولية للآداب عام 1970. كان أونگارتي من رواد الاتجاه التجريبي التي اشتهر باسم الهرمسية، وكان أحد المساهمين البارزين في الأدب الإيطالي في القرن 20. وكان صحفياً وناثراً، كما كان رجل ثقافة وأدب وتأمل، إلى جانب كونه رجل مقاهٍ وحوارات وأسفار. وكان مواطناً عالمياً؛ فهو مصري المولد، فرنسي الثقافة والفكر، إيطالي الأصل، جذوره ضاربة في أرض أجداده ومرتبطة بعاداتها وتقاليدها ارتباطاً لاتُفصم عُراه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

حياته المبكرة

وُلد أونگارتي في الإسكندرية، مصر لعائلة من مدينة توسكانية مهاجرة.[1] بدأ بتعلم الفرنسية في المدرسة السويسرية بالإسكندرية.[1] عام 1912، في سن الرابعة والعشرين، سافر إلى فرنسا واستقر في باريس. وفي طريقه إلى هناك، توقف في روما، فلورنسا وميلانو، حيث قابل وجهاً لوجه پرِزوليني.[1]

وتابع في الكوليج ده فرانس محاضرات الناقد الأدبي الفرنسي گوستاڤ لانسون، ومحاضرات جوزيف بدييه أستاذ أدب العصر الوسيط، كما واظب في جامعة باريس على حضور محاضرات الفيلسوف الفرنسي هنري برگسن. وقد تردد أونگارتي مدة إقامته في باريس على أكثر الأوساط الثقافية والفكرية والفنية الطليعية نشاطاً آنذاك. كما اطلع على أعمال ثُلَّةٍ من الشعراء الفرنسيين الذين أثّروا تأثيراً بالغاً في مسيرته الشعرية، أمثال شارل بودلير، وستيفان مالارميه، وأرتور رامبو، وجول لافورگ وكثير غيرهم كانوا مايزالون مجهولين في إيطاليا. كما التقى أونگارتي في باريس شاعراً إيطالياً مولوداً في الاسكندرية وهو فيليپو توماسو مارينتي الذي برزت في شعره النزعة المستقبلية ومؤداها: الثورة على الماضي بكل أساليبه الفنية، ومحاولة ابتكار موضوعات وأساليب فنية وأدبية تتمشى مع عصر الآلة. وبعد أن ترك أونگارتي باريس واستقر نهائياً في روما، احتفظ بصداقة وثيقة العرى مع كل من الأديبيَن الفرنسيَين جان پولهان، وبنيامين كريميو.[2]

كما قابل الكاتب الشاب وصادق الأديب الفرنسي الشهير گيوم أپولينير، مروج التكعيبية وسابق السريالية.[3] وكان لأعمال أپولينير أثر ملحوظ على أونگارتي.[1] كما كان على اتصال بالمغتربين الإيطاليين، بما فيهم ممثلين بارزين للحركة المستقبلية مثل كارلو كارا، اومبرتو بوتشيوني، ألدو پالاتسسكي، جوڤاني پاپيني وأردنگو سوفيتشي,[4] وكذلك الفنان البصري المستقل أمديو موديلياني.[5]

الشعر

تأثّر أونگارتي تحديداً بالشاعر الفرنسي مااّرميه، فنظم شعراً على منواله فاشتهر أمره، واندرج اسمه في الرباعي الإيطالي الكبير إلى جانب الشعراء أومبرتو سابا ومونتاله وكوازيمودو. وقد بشر هذا الرباعي، الذي ظهر في مرحلة مابين الحربين العالميتين، بنهضة شعرية في إيطالية. نفخ أونگارتي في بواكير إنتاجه روحاً جديدة في الشعر الإيطالي، وانطلق صوته غريباً عن قضايا الشعر الإيطالي السائد آنذاك، وتجاوز جميع محاولات ردود الفعل ضد المدرسة الدانونزية المسيطرة التي أسسها وتزعمها الإيطالي گابرييله دانونزيو. كما خالف نهج الشاعر جوڤاني پاسكولي، وبلور أسلوباً شعرياً جديداً في مبناه وفي معناه يمكن تلمس صداه فيما بعد عند الشاعر الفرنسي رنيه شار.

أعماله

الشعر

نظم أونگارتي ستة دوواين شعرية جمعها في خمسة مجلدات وهي على التوالي:

1- "غبطة الغرقى"، نظمه بين عامي 1914 و1916 ويحتوي بين دفتيه على ديوان صغير بعنوان "المرفأ الغائر". وصف أونگارتي في ديوانه هذا أهوال الحرب ومآسيها، وعبّر فيه عن فرحة البقاء بعد انتهائها. ويُلمس في هذا الديوان شفافية التشاؤم البطولي الذي يطبع بطابعه مجموعة قصائد الديوان.

2- "الشعور بالزمن": نظم قصائده في الأعوام 1919-1937. عبّر فيه عن ضيقه بالعيش وتبرّمه به، واستحواذ فكرة الموت وهاجسه على نفسه، فبحث عن وطن حقيقي ضائع ومختبئ في ليل الزمان السحيق. كما بحث عن "البراءة الأولى". وتُظهر هذه الأحاسيس كلّها أن جرح النفي والاغتراب الذي كان يشعر به على الدوام لم يندمل بعد عنده. وقد زاد من حدة اغترابه عن وطنه آنذاك معارضته للفاشية وأفكارها، فشدّ الرحال من جديد وسافر إلى البرازيل ليدرّس فيها الأدب الإيطالي الحديث من عام 1937 حتى عام 1942. وقد بحث أونگارتي في ديوانه هذا عن أسلوب أكثر إتقاناً، وعن شكل شعري أكثر اتباعية.

3- "الألم": نظم قصائده في الأعوام 1937-1946.

في المدة التي درّس فيها أونگارتي في ساو پاولو وقعت أحداث جسام تركت بصماتها المأساوية على قصائد هذا الديوان. فقد توفي ولده في عام 1937 وكان له من العمر تسع سنوات، وأدمى قلبه احتلال النازيين روما فصبّ أحزانه في قصائد فيها نُواحٌ يمزق القلوب.

4- "الأرض الموعودة": نظم قصائده في الأعوام 1947-1950.

شعر أونگارتي طوال حياته بأنه منفي؛ منفيٌّ في الأرض، هائم على وجهه، دائم التنقل والترحال، يحث السير أبداً نحو آفاقٍ جديدة. فقد وُلد في مصر التي تعجّ بشتى الأساطير، وبالسحر الذي يفتن الغرب. وقد بقي طوال حياته داعياً لهذه الازدواجية التي تجري في عروقه بين أصله الإيطالي ومولده المصري، ممزقاً بينهما؛ فبين بَهْرِه وهَلَعِه من الصحراء وتعلُّقه بسحر السراب وبحثه الدائم عن الواحات وترصده إياها، يتنازعه حنينه الذي ورَّثته إياه أمّه إلى أرض توسكانا. وقد اندمج هذان العالمان المتناقضان في ذهنه وروحه، فأبدع من وحيه ديوانه «الأرض الموعودة». وقد عبّر عن نفيه واغترابه في قصيدته القصيرة التي أهداها إلى صديقه العربي محمد شهاب، قرينه في الاغتراب وتوأم روحه.

بحث أونگارتي بدأب وإصرار عن تلك الأرض السراب التي كلّما ظن أنه وجدها تلاشت من تحت قدميه واختفت. وقد عبّر عن ذروة اغترابه في قصيدته «الأنهار» التي يتحدث فيها عن نهر سيركيو الإيطالي، والنيل المصري، والسين الفرنسي. ثلاثة أنهار تحمل في جريانها ثلاثة منابع ثقافية، كان قلب أونگارتي يخفق بها ويرتوي منها.

لقد وصل أونگارتي في ديوانَيه «الألم» و«الأرض الموعودة» إلى حدّ الإبهام والغموض وإلى مرحلة «الشعر الصرف».

5- «صراخٌ ومناظر» وهو آخر دواوينه، نظم أشعاره في الأعوام 1950- 1954.

تضم هذه الدواوين الخمسة قصائد عروضها أحد عشر مقطعاً.

النثر

لأونگارتي كتابات نثرية. فقد كتب مجلدات كثيرة عن ذكرياته، وكتب مقالات ودراسات شرح فيها تجربته في الهرب من «قلق العصر» عن طريق الصفاء التقني في النظم الشعري، واللوذ بالأحلام، والتلاشي في الأحاسيس. وهذه كلّها منابع للخلاص الإنساني يمكن أن يبلغ الشعر فيها شأواً بعيداً لايخلو من غموض وانسجام. كما كتب أونگارتي دراسات في التصوير والمصورين ولاسيما كتاباته عن المصور والرسام والنحات الفرنسي جان فوترييه.

كتب

له كتابان: «الفقير في المدينة» Il povero nella città نشره في عام 1949، و«مفكرة شيخ» Il Taccuino del Vecchio وقد نشره في عام 1960. كما نشر كتاباً في عام 1961 عن ذكرياته بعنوان «انطلاقاً من الصحراء» Il Deserto e dopo.

وله ترجمات مهمة. فقد ترجم سونيتات شكسبير، وقصائد للشاعر الإسباني گونگورا، كما ترجم للشاعر الفرنسي راسين، وللشاعر والمصور الإنكليزي بليك، وبعضاً من قصائد مالاّرميه، وقصائد للشاعر الروسي يِسّينين.


أسلوبه

شعر أونگارتي بأكمله وبعمقه مرآة لسيرته الذاتية والمناسبات التي عاشها. فهو لم يترك مناسبة أو تجربة إلاّ ونظم فيها شعراً. ويُعدّ هذا الشعر اعترافات متلاحقة، لكنه تمالك فيها نفسه وكبح جماحها من شطط الحقيقة وخفاياها اللاذعة أحياناً. وقد أغرب أونگارتي في نظم قصائده وعزف فيها عن كل ماهو ثانوي واحتفظ بالجوهري، فأسقط من شعره كل ماهو تزييني وسهل.

يُعدّ أونگارتي رائداً من رواد المدرسة الهرمسية أو الإبهامية التي اختارت الإبهام والغموض منهجاً لها. وشعره رصينٌ دقيق المعنى والفِكرة، ليس فيه تكلّف، وليس فيه حشو ولا إسفاف، وهو يعيد القارئ في شعره إلى ماضٍ بعيد، ماضي ماقبل الولادة، ماضي الإنسان البدائي، فيصل بذلك في شعره إلى مرحلة الأسطورة.

لقد انزوى أونگارتي في أشعاره في «عزلة ساطعة» يهيمن عليها إحساس حاد بالصمت. وكان يغوص في الأزمنة السحيقة، وفي السكون المطلق، وفي الفراغ الذي ملأ كل شيء ولاشيء يملؤه.

دواوين منشورة

  • Il porto sepolto ("المرفأ الغائر"، 1916 و1923)
  • La guerra ("الحرب"، 1919 و1947)
  • Allegria di naufragi ("غبطة الغرقى"، 1919)
  • L'allegria ("المتعة"، 1931)
  • Sentimento del tempo ("الاحساس بالزمن"، 1933)
  • Traduzioni ("ترجمات"، 1936)
  • Poesie disperse ("قصائد مقدسة"، 1945)
  • Il dolore ("الألم"، 1947)
  • La terra promessa ("الأرض الموعودة"، 1950)
  • Un grido e paesaggi ("النداء والطبيعة"، 1952)
  • Il taccuino del vecchio ("مفكرة رجل عجوز"، 1960)
  • Vita di un uomo ("حياة الإنسان"، 1969)

هوامش

  1. ^ أ ب ت ث Picchione & Smith, p.204
  2. ^ نبيل النو. "أونغاريتي (جوسيبي ـ)". الموسوعة العربية. Retrieved 22 أغسطس 2012.
  3. ^ Payne; Picchione & Smith, p.204
  4. ^ Payne; Picchione & Smith, p.204-205
  5. ^ Picchione & Smith, p.204-205

المصادر