جورج كادودال

جورج كادول
Georges Cadoudal
Georges Cadoudal Coutan.jpg
جورج كادوال، بريشة پول أمابل كوتان، 1827.
الكنيةGénéral Georges
Gédéon
ولد1 يناير 1771
Français, Breton
توفي25 يونيو 1804
باريس
الولاءPavillon LouisXIV.svg شوان
الرتبةماريشال فرنسا
المعارك/الحروبحرب ڤندي
شوانري
الأوسمةGrand-Croix de Saint-Louis
Anoblissement posthume

جورج كادودال Georges Cadoudal (عاش 1 يناير 1771، برش25 يونيو 1804)، وأحياناً يسمى ببساطة جورج، كان سياسياً فرنسياً/بريتونياً، وزعيم شوانري أثناء الثورة الفرنسية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المؤامرة الكُبرى

في ليلة 21 أغسطس سنة 1803 أحضرت فرقاطة بريطانية يقودها القبطان ريت Wright عَبْر القنال الإنجليزي من إنجلترا ثمانية فرنسيين على رأسهم جورج كادودال George Cadoudal الثائر العنيد الذي يقود الثوار الملكيين الذين لم تُفلح الثورة الفرنسية في ترويضهم. لقد أنزلتهم الفرقاطة على منحدر صخري بالقرب من بيفيل Biville في نورماندي Normandy حيث سحبتهم عُصبة من الرجال كانوا على اتفاق سابق معهم - بالحبال. وفي العاشر من ديسمبر أحضر القبطان ريت Wright من إنجلترا إلى بيفيل مجموعة ثانية من المتآمرين بمن فيهم النبيل الذي هاجر من فرنسا عقب أحداث الثورة أرمان دي بوليناك Armand de Polignac، وفي العبور الثالث في 16 يناير سنة 1804 أحضر القبطان جول ده پولنياك Jules de Polignac والجنرالين الفرنسيين المهاجرين پيشگرو Pichegru ولاگوليه Lagolais، وكان بيشجرو قد تآمر - بعد أن أحرز انتصارات مع جيوش الثورة - مع البوربون لإعادتهم للعرش فلما افتُضح أمره ولَّى مُدبراً إلى إنجلترا. وكان هذا في سنة 1801. واتخذت المجموعات الثلاث طريقها إلى باريس حيث اختبأوا في بيوت أنصار الملكية (بفتح الميم) واعترف كادودال Cadoudal في وقت لاحق أنَّه كان يخطط لاختطاف نابليون فإن قاوم قتله(97). وربما جاز لنا تصديق أن الحكومة البريطانية قد زوّدت كادودال بمبلغ مليون فرنك لتمكينه من تنظيم عصيان مسلح في العاصمة باريس(08) لكن ليس هناك دليل على أَنَّ الحكومة البريطانية قد وافقت على الاغتبال.

جورج كادودال

وأخَّر المتآمرون تنفيذ الخطة متوقِّعين أن ينضم إليهم في باريس الكونت درتوا Conte d'Artois أخو لويس السادس عشر الأصغر(18) لأنه كان مستعداً لتولي أمر فرنسا بعد نابليون، لكنه لم يأتِ. وفي هذه الأثناء (28 يناير سنة 1804) زار بيشجرو الجنرال مورو Moreau وطلب منه التعاون مع المتآمرين. لكن مورو رفض أن يشترك في أية محاولة لإعادة البوربون وإنما عرض نفسه كحاكم لفرنسا إذا تمت إزاحة نابليون(28). وفي حوالي هذا التاريخ قدَّم برنادوت Bernadotte لجولييت ريسامييه Juliette RéCamier أسماء عشرين جنرالاً قال انهم مخلصون له ومستعدون بتوق شديد لإعادة الجمهورية الحقيقية ture Republic(38) وقد استدعى نابليون إلى ذاكرته عندما كان في سانت هيلانه هذه الأيام فقال: لا أبالغ إن قلت انني خلال الشهور من سبتمبر سنة 1803 إلى يناير سنة 1804 كنت جالساً فوق بركان(48).

وفي 26 يناير أَدلى ثائر ملكي اسمه كوريل Querell - كان قد قُبض عليه منذ ثلاثة أشهر وحُكم عليه بالاعدام - بتفاصيل عن المؤامرة مقابل تخفيف الحكم عليه. واسترشاداً باعترافه تمكَّنت شرطة كلود ريجنييه Clude Regnier بطيئة الحركة من العثور على مورو Moreau وألقت القبض عليه في 51 فبراير كما قبضت على بيشجرو في السادس والعشرين من الشهر نفسه، وعلى الأخوين پولنياك Polignac في 27 فبراير، وعلى كادودال في 29 مارس. وقد اعترف كادودال بفخر أنَّه كان يُخطط لإزاحة نابليون من السلطة وأنه كان يتوقع أن يقابله أمير فرنسي في باريس، لكنه رفض أن يدلي باسم أيٍّ ممن شركائه في المؤامرة(58).

وفي هذه الأثناء كان مفوَّض بريطاني يدير مجموعة أخرى من المتآمرين في ميونخ وبالقرب منها وقد وضع خطة لبث دعاية ضد نابليون في المناطق الفرنسية الجديدة على الشاطئ الغربي للراين. وإذا كان لنا أن نُصدِّق مينيفال Meneval فقد صدر أمر مجلس الملك البريطاني بأن يُفرض على المنفيِّين الفرنسيين التعامل مالياً مع بنوك الراين ومن لم يمتثل صودر معاشه (راتبه)، ووُضِعت الإجراءات لتحديد المبالغ المخصصة لكل ضابط وكل جندي(68) وعندما علم نابليون عن طريق جواسيسه بهذه التطورات استنتج أن أمير أسرة البوربون الذي كان متآمرو لندن ينتظرونه إنما كان من بين هؤلاء المهاجرين. ولم يكن ممكناً أن يكون الكونت درثوا d'Artois بينهم وإنما كان في مدينة إتنهيم Ettenheim الصغيرة التي تقع على بعد حوالي ستة أميال شرق الراين في مقاطعة بادن Baden، واكتشف رجال نابليون أنه كان يعيش حياة هادئة إلاّ أنه كان يزور في المناسبات - لكن بطريقة تدعو للشك - لويس أنطوان هنري دي بوربون - كوندي Louis - Antoine - Henri de Bourbon Conde ودوق دنجهين (وتكتب دنجيان) d'Enghein ابن دوق دي بوربون وحفيد الأمير دي كوندي de Conde وجميعهم في ستراسبورج(78).

وعندما وصل هذا التقرير إلى نابليون خَلُص بأن هذا الدوق البالغ من العمر اثنين وثلاثين عاما هو قائد مؤامرة إقصائه عن الحكم. فاعترافات كوريل Querelle وعمليات القبض التي جرت مؤخراً في باريس أوقعت الجنرال المتسم دوماً بالجسارة في حالة من الذهول حتى أنَّه - ربما نتيجة الخوف والحنق - تعجّل في قراراته التي دافع عنها دوماً(88) وربما كان يأسف لها بينه وبين نفسه. لقد أصدر تعليماته للجنرال أوردنية Ordener بأن يتجه على رأس قوة مسلحة إلى إتنهايم Ettenheim ويقبض على الدوق ويحضره إلى باريس، وبالفعل تم القبض على الدوق في ليلة 41 مارس سنة 1804 وفي 18 مارس أودع سجن حصن فيسين Vincennes إلى الشرق من باريس بخمسة أميال.

وفي 20 مارس أمر نابليون محكمة عسكرية من خمسة كولونيلات وماجور major بالتوجه إلى فينسين لمحاكمة الدوق بتهمة تقاضي أموال من إنجلترا للتآمر عسكرياً على وطنه. وفي الوقت نفسه تقريباً أرسل الجنرال سافاري Sarvary - رئيس شرطته الخاصة - لمراقبة السجن وإجراءات محاكمته. لقد اعترف إنجهين (دنجيان Enghien) بأن كان قد تلقى أموالاً من السلطات الإنجليزية وأنه كان يأمل في قيادة قوة عسكرية في الالزاس(98)، وأعلنت المحكمة أنها وجدته مذنباً بتهمة الخيانة وحكمت عليه بالإعدام. فطلب الإذن برؤية نابليون فرفضت المحكمة طلبه لكنها اقترحت أن يرسل له رسالة يطلب فيها الرأفة، وتخطى سافاري Savary هذا الاقتراح وأمر بتنفيذ حكم الإعدام(09).

وفي هذه الأثناء كان نابليون والمقربون منه في المقر الذي تقيم فيه جوزفين يناقشون مصير الدوق. لقد استنتجوا أنه سيكون مُدانا - لكن هل يمكن العَفْو عنه كإشارة سلام للملكيِّين؟ أما تاليران - الذي أيّد في سنة 1814 عودة البوربون - فقد كان رأيه التعجيل بإعدامه كوسيلة سريعة لإنهاء آمال الملكيِّين ومؤامراتهم، بعد أن تذكر أدواره (أي أدوار تاليران) في الثورة وخوفاً على ثروته وربما حياته إذا عاد البوربون للسلطة. لقد كتب بارّا Barras إن تاليران كان راغباً في حفر نهر من الدم بين نابليون والبوربون(19) أما كامباسير Cambaceres - أهدأ القناصل الثلاثة وأكثرهم ميلاً للشرعية - فكان يفضل التريّث. أما جوزفين فقد خرَّت عند قدمي نابليون مدافعة عن حياة إنجهين (انجيان)، وتضرّع إلى نابليون أيضاً للعفو عنه ابنة جوزفين (هورتنس Hottense) وأخت نابليون كارولين.

وأرسل نابليون ليلاً هوج مار Hugues Maret إلى باريس برسالة إلى پيير ريال Pierre Real عضو مجلس الدولة يأمره بالتوجه إلى فينسين ليستجوب الدوق شخصيا ويرسل النتيجة إليه، وتلقّى ريل الرسالة ولكنه خرَّ نائماً في غرفته بسبب الإنهاك في العمل طوال النهار ولم يصل إلى فينسين حتى الساعة الخامسة عصراً في 12 مارس، وكان حُكم الإعدام قد نُفِّذ في دنجهين (دنجيان) رمياً بالرصاص في ساحة السجن في الساعة الثالثة عصراً. وظن سافاري أنه قد خدم سيدة (نابليون) خدمة جليلة فاتجه إلى مقر نابليون عند جوزفين ليزف إليه الأخبار فتراجع نابليون إلى غرفته وأغلق على نفسه الباب ورفض توسلات زوجته لدخولها غرفته.

وانتقد المناصرون للملكية وأفراد الأسرة المالكة ما حدث انتقادا مريرا. لقد روَّعتهم فكرة أن يَقْتلَ واحد من العامة فرداً من أفراد أسرة البوربون. وأرسل مجلس الوزراء في كل من روسيا والسويد احتجاجاً إلى ديت Diet الإمبراطورية الرومانية المقدسة في راتيسبون Ratisbon مع اقتراح بأن يكون غزو القوات الفرنسية لبادن Baden موضوعا لتحقيق دولي. ولم يُجب الديت Diet ورفض ناخب Elector بادن إدانة فرنسا. وزوَّد القيصر الإكساندر (اسكندر) الأول سفيره بباريس بتعليمات لطلب تفسير لهذا الإعدام، فأجاب تاليران بحجة مفحمة: لو كانت إنجلترا تدبِّر لاغتيال بول الأول، وعُرِف أن مدبِّري المؤامرة على مرمى حجر من الحدود، ألم يكن العمل يجري على قدم وساق للقبض عليهم بأقصى سـرعة؟(29) أمـا وليام پت، فقـد كـان أكثـر ما يكـون ارتياحـا عندما وصلته أخبار الإعدام إذ قال لقد ألحق بونابرت من الأذى بنفسه أكثر مما ألحقناه به منذ إعلان الحرب الأخيرة(39).

أما رد الفعل في فرنسا نفسها فكان أكثر اعتدالا مما توقع كثيرون، فقد استقال شاتوبريان Chateaubriand من منصب قليل الشأن في وزارة الخارجية، لكن أصبحت الكرة في ملعب تاليران وزير الخارجية رابط الجأش في 42 مارس (بعد إعدام إنجهين دنجيان بثلاثة أيام) حضر إليه عشرون من نبلاء فرنسا القدامى وممثلون من كل بلاطات أوروبا(49). وبعد الحادث بثلاثة أشهر بدا أنه لم يعد محل اهتمام من الرأي العام الفرنسي، إلاّ أن فوشيه Fouche الذي كان يُراقب الأمور بذكاء علّق على الإعدام قائلا: إنه ليس جريمة. إنه أكثر من جريمة. أنه خطأ فادح(59).

وربما شعر نابليون ببعض الندم لكنه لم يعترف بذلك أبداً، لقد قال: هؤلاء الناس أرادوا أن يوقعوا الفوضى في فرنسا وأن يدمّروا الثورة بتدميري. لقد كان من واجبي أن أدافع عن الثورة وأن أثأر لها... لقد كان انجهين (دنجيان Enghien) متآمراً كأي متآمر آخر وكان لابد من معاملته على هذا الأساس.. لقد كان علينا أن نختار بين اضطهاده اضطهادا دائما وتوجيه ضربة قاضية. ولم يكن قراري موضع شك لقد أسكتُّ إلى الأبد أنصار الملكية واليعاقبة(69). لقد أظهر لهم ألاّ أحد بقادر على بث الرعب في قلبه(79) وأن دمه ليس رخيصاً (ليس مجرّد ماء خندق)(89). لقد ظن - وله بعض الحق - أنه بث الرعب بعقوبة الإعدام في قلوب أنصار الملكية المتآمرين الذين رأوا الآن رأى العين انه حتى لو كانت دماء البوربون تسري في عروقهم فإن ذلك لن يعصمهم من الإعدام. ومن الناحية الفعلية فقد كفَّت المؤامرات الملكية الهادفة لقتل نابليون.

وفيما يتعلق بالمتآمرين الذين سبق أن قُبض عليهم في باريس فقد التزم مزيداً من الحذر. فقد جرت المحاكمات علناً وسمح للصحف بالكتابة عنها بتفصيل. ورغم أن بورين Bourrienne كان معارضاً لإعدام إنجهين (دنجيان Enghien) إلاّ أن نابليون طلب منه حضور المحاكمات ليقدم له تقريراً عن سيْر الأمور فيها. ولم ينتظر بيشجرو Pichegru حتى يتم تقديمه للمحاكمة ففي الرابع من شهر أبريل عُثر عليه ميتاً في زنزانته خنقاً برباط عنقه (كرافتته) وفي حالات أخرى اعترف المذنب أو قدم البراهين الدالة على براءته أما بالنسبة لمورو Moreau فلم يكن هناك أدنى شك أنه معاد لنابليون بشكل واضح وأنه أخفى عن السلطات الفرنسية معلوماته التي مؤدّاها أن پيشگرو Pichegru وآخرين كانوا يُدبِّرون للإطاحة به (بنابليون) بالقوّة. وفي العاشر من يونيو سنة 1804 أعلنت المحكمة الأحكام: تسعة عشر متآمراً حُكم عليهم بالموت، وحُكم على مورو بالسجن لمدة عامين. ولم يندم كادودال Cadoudal على تآمره وأُعدم في 28 يونيو. ومن بين المتآمرين الباقين البالغ عددهم ثمانية عشر متآمراً عفا نابليون عن اثنى عشر منهم بمن فيهم الأخوين بوليناك Polignnces. والتمس مورو Moreau نفيه بدلاً من سجنه ووافق نابليون على ذلك رغم أنه تنبأ بأن مورو سيواصل التآمر عليه(99). واستقل مورو سفينة إلى أميركا ومكث بها حتى سنة 1812 ثم عاد للخدمة في الجيش الروسي وحارب ضد نابليون في درسدن Dresden (92 أغسطس 1813) ومات متأثراً بجروجه في الثاني من سبتمبر ودُفن في روسيا.


الهامش

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.