جامع حسن عناني

منظر خارجي للمسجد من جهة القبلة

جامع حسن عناني هو أحد الجوامع الكبيرة بمدينة جدة السعودية ومن المعالم المميزة الواقعة على شاطئها. ويقع بكورنيش جدة الأوسط عند تقاطع شارع الحمراء مع طريق الكورنيش. أنشأه الشيخ حسن عناني من الأشراف العنانيين ، وكان ابتداء إنشائه من عام 1402هـ إلى عام 1405هـ الموافق من 1982 إلى 1985م ، وذلك نقلا عن اللوحة التذكارية عند مدخله الأكبر، وهو مميز كمبنى ومعنى، إذ صممه معماري مصري محترم هو د.محمد رؤوف حلمي ، وإمامه وخطيبه حاليا هو المقرئ الشهير الشيخ هانئ الرفاعي.

تخطيط موقع الجامع -من رسم المعماري محمد رؤوف حلمي
صورة داخلية للمسجد ويظهر فيها تجويف قبته التي تغطيه بالكامل والتي يبدو شكلها مستوحى من الهيكل الداخلي لقبة القبلة بمسجد قرطبة الجامع بالأندلس. انظر إلى الصورة التالية للمقارنة
القبة التي تعلو محراب جامع قرطبة

وربما كانت وجهة نظري أن موقع الجامع ومقياسه غير موفقان، نظرا لقلة السكان من حوله، حيث إن المنطقة المحيطة به وهي كورنيش البحر الأحمر منطقة ترفيهية في المقام الأول، وتقل فيها المساكن. لقرب موقع المسجد من أسوار القصر الملكي بجدة المطل على البحر والذي يمكن مشاهدة مبانيه بسهولة من الشاطئ.

وهو ما يفسر ظاهرتين تتعلقان بهذا المسجد: أن معظم رواده يأتونه بالسيارات، وأنه لا يزدحم إلا يومي الخميس والجمعة، وهما يوما الإجازة للمدارس، إذ تأتي العائلات لتتمتع بمنظر البحر ولتكون لأطفالهم فرصة للهو بألعابهم (خاصة الدراجات) في محيط المسجد. كما تشهد خطبة الجمعة ازدحاما كبيرا، إذ يتمتع خطيبه وإمامه الشيخ هانئ الرفاعي بشعبية واسعة ، وهو ما يفسر أيضا ازدحام الجامع في صلاة التراويح في رمضان. والواقع أن هذا ينطبق على جميع مساجد كورنيش جدة التي تتسم بقلة الارتباط بينها وبين حاجة المجتمع إليها ، بعكس المساجد القديمة التي كانت تشغل موقع القلب من المجتمع الإسلامي.

لكن بغض النظر عما سبق فإن الجامع يمتاز بالابتكارية، والمزج بين القديم والحديث، فإذا نظرت إلى المسجد من الجو، فشكله مستوحى من النجمة الثمانية الإسلامية المعروفة باسم (نجمة بغداد) الناتجة من تقاطع مربعين متحدي المركز وبينهما زاوية 45 درجة، وطول ضلع المربع الواحد قرابة 30 مترا.والسقف قبة واحدة تغطي مساحة مربعة واسعة للصلاة بدون أي عمود داخلي، وقد استطاع المصمم الحصول على هذا الفراغ الضخم باستعمال نظام إنشاء يعتمد على 4إطارات حديدية Steel frames تقع في مواضع 4أقطار متقاطعة للقبة ، مع حشو الفراغ بين الإطارات ببلاطات خرسانية مفرغة سابقة الصب Hollow core slabs. واستغل المصمم هذه الإطارات في تشكيل سطح القبة داخليا وخارجيا فنراها على هيئة أعصاب Ribs بيضاء اللون تشكل تقسم سطح القبة إلى ثماني أقسام مثلثة. ونرى أن هذا الشكل مستوحى من الهيكل الداخلي للقبة التي تعلو محراب مسجد قرطبة الجامع بالأندلس. وكسيت القبة من الخارج ببلاطات من السيراميك الذهبي اللون، وتحيط بها مئذنتان رشيقتان ارتفاعهما 35مترا، والمئذنة مثمنة القطاع، ولها شرفة واحدة محمولة على ثلاثة صفوف من مقرنصات معالجة بشكل حديث، وتنتهي المئذنة بقبة صغيرة على نفس نمط قبة المسجد ،وهي محمولة على ثمانية أعمدة (وهذه التركيبة المكونة من قبة محمولة على أعمدة تعرف بالجوسق-وهي ظاهرة معروفة في مآذن النمط المملوكي - الذي انتشر في مصر والشام والحجاز من القرن 13م إلى القرن 16م)ويعلو القبة هلال.

يسع المسجد 1200 مصل في بيت الصلاة ، كما يتميز باحتوائه على مصلى نساء كبير يقع في شرفة تحتل الواجهة الغربية للمسجد بالكامل.

ويتميز بيت الصلاة من الداخل بغلبة اللونين الأبيض والأزرق عليه، وإن كان يعيبه كثرة الزخارف الملونة المصنوعة من الفسيفساء المغربية (الزليج) التي تغطي الجدران حتى ارتفاع مترين، وتغطي جدار القبلة حتى ارتفاع 5 أمتار، كما تغطي أعصاب القبة من الداخل حتى نهايتها، وهذا مكروه شرعيا.كما أن المنبر فيه لا يتخذ صورة المنبر النبوي المكون من سلم ذي ثلاث درجات ، لكن على شكل شرفة يصعد إليها من الخلف، وهذا مشابه لتصميم منصات الخطابة في المسارح ومنابر الكنائس. وهو أمر مكروه أيضا.

لكن الجامع يتميز بمعالجة جيدة لفتحات تكييف الهواء و وحدات الإضاءة، فهي مندمجة في جدران الجامع ومستوحاة من تصميم القبة (نجمة بغداد أيضا).

اعتمدت في هذا المقال على المقابلة الشخصية مع شيخ المسجد هاني الرفاعي والوصف الشخصي كواحد من رواد المسجد لمدة 10 سنوات، إلا أني استفدت من بعض المعلومات والصور من موقع www.archnet.org، لذا نرجو الإشارة إلى الكاتب والموقع عند النقل.