ثقافة أفريقيا

امرأة إثيوپية تحضر القهوة الإثيوپية ضمن طقوس تقليدية. تقوم المرأة بتحميص، طحن وتغلي القهوة في الإبريق.

ثقافة أفريقيا متنوعة وغزيرة. وهي نتاج لتنوع السكان الذين يقطنون القارة الأفريقية والشتات الأفريقي. تأثرت الثقافة الأفريقية بعوامل خارجية وداخلية.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نظرة تاريخية

عينة من كتاب الموتى المصري، ح. 1300 ق.م..

خلفت بعض القبائل الإفريقية المتفرقة في أنحاء القارة آثاراً فنية تتبدى في عدد كبير من المنحوتات والتماثيل والرسوم المصورة على الجدران أو الصخور المستوية، ويعود أقدم ما عثر عليه منها في إفريقية المدارية إلى القرن الثالث للميلاد، حيث عثر في بعض مكامن القصدير الحالية في نيجيرية على بعض الأدوات الفنية، وعلى أجزاء متنوعة من التيجان والتماثيل والمقاعد الحجرية التي تعود إلى حضارة نوك Nok، كما عثر في الجنوب الغربي من نيجيريا على بعض المقاعد المصنوعة من الكوارتزيت، والتماثيل الحجرية، وبعض الأدوات البرونزية التي تعود إلى ما بين القرنين الثامن والعاشر للميلاد، واكتشفت على الضفة اليسرى من نهر النيجر وفي شمالي إفريقية آثار ومخلفات حضارية كثيرة كالتماثيل المصنوعة من الطين المشوي التي تشبه التماثيل المكتشفة في مناطق غربي إفريقيا، وعثر في المنطقة الممتدة بين بحيرة تشاد ونيجيريا والكاميرون على مواقع أثرية فيها قطع من الطين المشوي والبرونز تعود إلى المدة الواقعة بين القرنين العاشر والسادس عشر للميلاد.

وأكثر الآثار والمخلفات القديمة المعروفة حتى اليوم في إفريقيا هي التماثيل والآثار المحفورة على الخشب، أو المنحوتة في الحجر، أو الفخاريات المعروفة في غربي القارة خاصة، وكان الفنانون يختارون أشجاراً بعينها، وينتزعون لحاءها قبل الحفر عليها، ويستعملون لذلك أدوات متنوعة الأحجام والقياسات والأشكال، واستعمل الفنانون الذين قاموا بصنع التماثيل الطينية الجلود الجافة، وأنواعاً خاصة من أوراق الأشجار لزيادة نعومة جسم التمثال بإمرار هذا الجلد أو الورق على التمثال قبل أن يشوى أو يجف، واستعملوا العاج في هذه الصناعة أيضاً.

وأما صناعة الخزف والفخار فقد اختصت بها النساء، وظهرت بعض التماثيل الفخارية المطلية بطبقة رقيقة من الشمع، وكانت معدودة في الصناعات الراقية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء.


الفنون والتحف الأفريقية

نحت يومبه، (اللوڤر، پاريس).

لم تُكْشف الأبنية الحجرية القديمة في إفريقيا إلا في جنوبي القارة (زمبابوي). أما بقية أنحاء القارة فكانت منازلها تبنى من الأخشاب وبعض المواد الفخارية أو الطينية أو الجلدية. ويعدّ الفخار مادة أساسية في بناء بيوت المناطق المدارية، والخيزران في المناطق الاستوائية. وتمتاز هذه المنازل ببساطتها، مع شيء من التنوع في أشكالها الخارجية ومظاهرها، وقد صنفها بول ميرتيب في أربع مجموعات رئيسية: فهناك نموذج تكون فيه الجدران والسقوف مؤلفة من قطعة وحيدة، وقد تتخذ المنازل شكلاً مستطيلاً أو مربعاً، وقد تكون مشيدة فوق أربعة أعمدة مرفوعة، في المناطق الرطبة أو الزراعية، وتبنى هذه المنازل عادة على نحو دائري، وبسقوف مخروطية الشكل، أو على هيئة مكعبات، وبسقوف مستوية، كما في المناطق السودانية الجافة أو مناطق شعب دوغون بمالي، وقد تتعدد طبقات هذه المنازل في المدن التجارية التي نشأت في القرون الوسطى مثل مدن جينه وكانو وتمبكتو، كما ظهرت أنواع أخرى من المنازل أو الأبنية العسكرية المحمية من الهجمات المعادية، وذلك بإحاطتها بأسوار دفاعية وخنادق عميقة وعريضة ومتاريس حجرية وترابية، فضلاً عن وجود كثير من القرى والمدن المحاطة بأسوار للحراسة والدفاع ولمنع الغرباء من الدخول إليها، وقد انتشر هذا الطراز في مناطق الغابون خاصة.

أما القصور الملكية فقد امتازت باتساعها وزخرفتها ورسومها الجدارية الملونة، وأهمها قصور زعماء الباميكلة في الكاميرون، كما اتصفت الأبنية الدينية بتواضعها وبساطتها عند الجماعات غير الإسلامية، وكثيراً ما كانت الاجتماعات الدينية تعقد في العراء. أما العواصم فكانت في أغلب الأحيان قرى كبيرة، تختفي وتتهدم مع انقراض السلالة المالكة التي أنشأتها، من دون أن تخلف آثاراً محددة، مما يجعل من العسير تحديد مواقعها بعد اندثارها، كما وجدت بعض المدن المهمة التي نشأت مبكرة، واستمرت في تطورها حتى اليوم، كما في بعض المدن النيجيرية التي أقامتها قبائل اليوروبا التي سكن زعماؤها القلاع والحصون والقصور وتحيط بها مدينة صغيرة لا يُتبع في بنائها وتأسيسها مخطط واضح ومميز.

وكانت الرسوم في إفريقية في عصور ما قبل التاريخ تصوّر على الصخور أو الواجهات الحجرية الملساء كما في جبال تيبستي وهضاب جنوبي الصحراء الكبرى، واستمر هذا الأسلوب في الرسم حتى أواخر القرن التاسع عشر، إذ استخدمته قبائل البوشمن في جنوبي القارة، في حين استخدم الدانش والفيري في ساحل العاج والبيديوگو في غينيا والإيبو في نيجيرية الجدران لرسم اللوحات المتنوعة، كما استخدمت قبائل الماغبيتوس جلود الحيوانات لرسم هذه اللوحات، وقلما تستخدم سقوف المنازل لهذا الغرض.

الفلكلور والدين

مسجد في وسط نواكشوط، موريتانيا.
صبية وفتيات كينيون يؤدون رقصة تقليدية.
كنيسة Notre Dame des Sept Douleurs في أكونو، الكاميرون.

الزي

امرأة تونسية ترتدي الحجاب.


المطبخ

فوفو (يمين) هو وجبة رئسية في غرب أفريقيا وأفريقيا الوسطى. يقدم هنا مع حساء الفول السوداني.


كسكس مغربي طازج مع الخضروات والحمص.
Potjiekos is a traditional Afrikaner stew made with meat and vegetables and cooked over coals in cast-iron pots.

الموسيقى الأفريقية

قارعو طبول يوروبيون في احتفال باوجومو اورو، ولاية كوارا، نيجريا.

للموسيقى الإفريقية خصائص متميزة، وأدوات خاصة، وتقاليد عريقة. وقد درج الباحثون على إطلاق اسم الموسيقى الإفريقية على الموسيقى التي يؤلفها الأفارقة الأصليون جنوب الصحراء الكبرى ويؤدونها، ويستثنى من هذا التعريف الموسيقى المتأثرة بأصول أجنبية واضحة والمقتبسة عن موسيقى الأمريكتين وأوربا والموسيقى الشرقية السائدة في بعض مناطق إفريقية. ويمكن القول إن الموسيقى الإفريقية هي الموسيقى التقليدية الموروثة التي تختص بها القارة الإفريقية، تنتقل سماعاً بلا انقطاع، وتتطور باستمرار كلما أضاف العازفون إليها عناصر جديدة أو أسقطوا منها عناصر سابقة من دون أن يخرجوا بها عن الأطر المحددة لها والمقبولة محلياً. والتراث الإفريقي غني بالعناصر الموسيقية فلا يوجد مجتمع واحد في إفريقية كلها ليس له موسيقى خاصة به، وهي موسيقى معقدة إلى درجة ما متعددة الإيقاع ومتعددة الأصوات والأنغام. وهي كذلك موسيقى شعبية ويستعصي على الموسيقيين الأفارقة إدراك المبادئ المجردة لموسيقاهم هذه، إلا أن إسهام كل أعضاء المجتمع الإفريقي من غير تردد في أي نشاط موسيقي يدل على وجود مبادئ مشتركة غير مكتوبة أو منظومة تسهم في إغناء تراثهم الموسيقي. وقد تكون للرجال موسيقاهم وللنساء موسيقاهن، وثمة ألوان أخرى دينية أو طقسية أو خاصة، وهناك أنواع من الرقص والغناء تقتصر على المناسبات والاحتفالات. وللموسيقى في غربي القارة مكانة متميزة، تتعدد فيها الآلات وخاصة الآلات الإيقاعية. وأهم آلات الموسيقى الإفريقية الطبل بأنواعه وأشكاله المختلفة، وقد مهر الأفارقة في استخدامه إلى أبعد الحدود.[2]


اللغات

ليس ثمة وثائق توضح بدقة تامة عدد اللغات المستعملة في إفريقيا. ففي حين يرى بعض الباحثين أنها تسعمئة يرى آخرون أنها تجاوز الألف، ومهما يكن العدد الحقيقي فإن الدارسين يتفقون على أن إفريقيا تتميز، على تعدد لغاتها ولهجاتها، بانتشار اللغة العربية على نطاق واسع في المناطق الشمالية منها مثل مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والصومال وجيبوتي وتنزانيا وموريتانيا. وتتصف كذلك بشيوع مايسمى «اللغة المشتركة» في الداخل: فهناك لغات إفريقيا كثيرة ممزوجة باللغة العربية مثل «السواحلية» التي تعدّ اللغة الرسمية في تنزانية وكينية والتي تستخدم أيضاً لغة مشتركة في شرقي إفريقيا، ولغة «اللينگالا» التي هي نمط هجين للغة «الزولو» ممزوجة بالإنكليزية و«الإفريكانية»، وهناك أيضاً اللغات الإنكليزية والفرنسية والبرتغالية والإيطالية التي تستخدم لغات مشتركة تنتشر في مناطق متفرقة في إفريقيا. فالإنكليزية الهجينة تستعمل في الكاميرون وغربي إفريقيا، ولغة «كريو»، وهي نمط من الإنكليزية الهجينة، تستعمل في فريتاون في سيراليون. وهناك أنماط مختلفة للبرتغالية الهجينة تنتشر في جزر الرأس الأخضر وغينيا البرتغالية، كما تستعمل اللغة «الإفريكانية»، وهي لهجة هولندية مبسطة، في جنوب إفريقيا.

يرد الباحثون ظاهرة التهجين هذه إلى حاجة السكان الأفارقة إلى توليد لغة مشتركة تستخدم وسيلة للتفاهم فيما بينهم بسبب الاختلاف الواضح بين لغاتهم، وقد أسهم هذا الاختلاف، إلى حد كبير، في تعثر محاولات كثيرة لوضع تصنيفات سلالية للغات الإفريقية.

ومن بين هذه المحاولات مافعله المبشر سيگزموند كوله Sigismund Koelle في سيراليون حين قام بجمع قوائم كلمات تنتمي إلى مئة وخمسين لغة مختلفة تستعمل في غربي إفريقيا، وضمنها كلمات من لغات تنتمي إلى أسرة لغات البانتو، وقد حقق كول نجاحاً نسبياً في إرساء القواعد الأساسية لأسرة لغات الماندي. أما عالم اللغة النمسوي فردريش مولر Friedrich Muller فقد انفرد في وضع تصنيفات سلالية لعدد كبير من اللغات على أساس مفهومات لغوية وعرقية. وقسم مولر اللغات الإفريقية إلى ست مجموعات: لغات سان (بوشمن) والهوتنتوت، ولغات البانتو، واللغات الزنجية، واللغات الحامية، واللغات السامية، واللغات النوبية، وأما لبسيوس Lepsius فقد قسم اللغات الإفريقية إلى لغات سامية ولغات حامية تضم بينها لغة الحوصة (الهوسا) والأمازيغية والهوتنتية ولغات زنجية تشتمل على فرعين رئيسين هما لغات البانتو ولغات زنجية مختلفة.

ثم جاء بعد ذلك عالم اللغة الألماني كارل ماينهوف Carl Meinhof ليدخل بعض التعديلات على التصنيف السلالي الذي وضعه لبسيوس، فاقترح إضافة عدد من اللغات، مثل الفولانية والمساي والباري، إلى المجموعة الحامية، في حين صنف زميله ديتريش ويسترمان Dietrich Westermann جميع اللغات التي لا تنتمي إلى البانتو والحامية والسامية تحت اسم الأسرة السودانية.

والدارس لهذه التصنيفات السلالية يجدها تفتقر إلى الدقة والشمول، ولعل أفضلها التصنيف السلالي الذي وضعه عالم اللغة الأمريكي جوزيف گرينبرگ Joseph Greenberg أساساً للبحث، ذلك أن التصنيف المذكور ليس أكثر شيوعاً وشمولاً من غيره وحسب، بل إنه يتسم كذلك بالدقة العلمية في تحديد السمات اللغوية المشتركة المعتمدة أساساً للتصنيف السلالي. فقد أكد غرينبرغ ناحية التشابه في الصوت والمعنى بين لغتين أو أكثر وعدَّ هذا التشابه دلالة واضحة على وجود علاقات نَسَب تفرض على الباحث تصنيف اللغات المتشابهة في مجموعة واحدة.

قسم گرينبرگ اللغات الإفريقية إلى أربع أسر رئيسية مستقلة هي: الأسرة النيجيرية الكردفانية، وأسرة النيل الصحراوية، والأسرة الخوسانية (الخوصَّة)، والأسرة الحامية (السامية). ويمكن تقسيم الأسرة الرئيسة الواحدة إلى أكثر من أسرة ثانوية، والأسرة الثانوية الواحدة إلى مجموعات، والمجموعة إلى فروع، والفرع الواحد إلى لغات مفردة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللغة المدگسكرية المعروفة باسم «الملكاش» والمستعملة في جزيرة مدگسكر، لاتدخل ضمن التصنيف السلالي للغات الإفريقية لأنها تنتمي إلى أسرة اللغات الأسترونيزية أو الملاوية البولينيزية.

والحقيقة أن التقسيم الجديد الذي وضعه گرينبرگ عام 1963 يعدّ أكثر دقة ومطابقة لتطور اللغات الإفريقية وللعوامل المختلفة التي أثرت فيها.[3]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Shahadah
  2. ^ "الآثار والفنون". محمد وليد الجلاد. 2012-01-14. Retrieved 2013-02-24.
  3. ^ "المظاهر الحضارية في إفريقية، اللغات الإفريقية". محمد سليم منلا. 2012-01-14. Retrieved 2013-02-24.

وصلات خارجية