توماس ونت‌وورث رسل

توماس رَسِل
"راسل پاشا"
Thomas Russell
توماس راسل.jpg
وُلِد(1879-11-22)22 نوفمبر 1879
ولاتون ركتوري، إنگلترة
توفي10 أبريل 1954(1954-04-10) (aged 74)
لندن
أسماء أخرىراسل پاشا
سنوات النشاطح. 1902–1946
الجنسيةإنگليزي

سير توماس ونت‌وورث رَسِل Sir Thomas Wentworth Russell (و. 1879 - ت. 1854)، وشهرته راسل پاشا، هو ضابط شرطة إنگليزي خدم فى الشرطة المصرية بدءًا من سنة 1902، ثم عمل مفتشاً للداخلية فى عدة محافظات قبل أن يتولى منصب نائب حكمدار الإسكندرية ثم حكمدار القاهرة في الفترة من 1918 حتى 1946. درس فى كامبريدج بعض العلوم الإنسانية وبرع فى الرياضة فاستعان به ابن عمه ليعمل ضابط شرطة فى شرطة مصر أثناء الاحتلال.[1]

بصفته مديراً للمكتب المركزي لمخابرات المخدرات، أصبح راسل پاشا من أنصار مكافحة المخدرات عندما أدرك أن الأفيون والهيروين والكوكايين والحشيش يتم تهريبها إلى مصر بكميات كبيرة ومتزايدة.[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

درس توماس في مدرسة تشيام، كلية هيلي‌بري، وكلية الثالوث، كمبردج ما بين 1899 حتى حصوله على البكالوريوس عام 1902. بعد تخرجه، دعاه أحد أبناء عمومته لزيارة مصر، والذي كان مستشاراً لوزير الداخلية المصري. عاد إلى وطنه للتخرج، ثم التحق بخدمة الشرطة المصري في أكتوبر 1902.[3] وفرت له فترة التدريب التي امتدت لعشر سنوات فهماً جيداً للمجتمع المصري وكذلك الظروف والعادات التي تشكل حياة الفلاحين المصريين.[4]


الشرطة المصرية

راسل پاشا.

بعد فترة تدريب مع خفر السواحل بالإسكندرية، عُين راسل مفتشاً محلياً بوزارة الداخلية في يناير 1902. عمل لاحقاً مفتشاً في عدة محافظات مصرية، واكتسب معرفة كبيرة بالمسئولين المحليين، بينما كان يدير أنشطة الشرطة المتنوعة. عام 1911 عُين نائباً لحكمدار للإسكندرية، ثم نائباً لحكمدارا للقاهرة عام 1913.[3]

في 1911 تزوج من إيڤلين دوروثيا تمپل (توفيت 1968)، وأنجبا ابناً واحداً، جون (الذي أصبح سفيراً لبريطانيا لدى إسپانيا عام 1969) وابنة واحدة، كاميلا جورجيانا، التي تزوجت من الكاتب كريستوفر سكايز.[3]

حكمدار الإسكندرية والقاهرة

الثاني من اليمين السردار لي ستاك، يليه حكمدار البوليس المصري توماس ونتروث رسل (رسل باشا)، في العشرينيات.

عام 1917 عُين راسل حكمداراً لمدينة القاهرة برتبة فريق أول ومُنح لقب پاشا.[3] بعد عام 1922 كان قد خدم تحت قيادة 21 وزيراً مختلفة للداخلية في مصر.[3] ومع ذلك، تركزت مواهبه تدريجياً على مكافحة انتشار وإدمان المخدرات في مصر. في عام 1929 تأسس مكتب المخابرات المركزي المصري للمخدرات، وعُين راسل مديراً له.[3] ظل في منصبه هذا حتى عام 1946. في تلك الفترة كان راسل قد اكتسب فهماً أعمق للمجتمع المصري الذي كان يمكن أن يوفره عمل الشرطة الروتيني.[5] فيما يتعلق بتأسيس مكتب المخابرات المركزي المصري للمخدرات، كتب رسل پاشا في مذكراته:[6]

عند بداية عام 1929 أصبح محمد محمود باشا، رئيس الوزراء في ذلك الوقت، منزعجاً مثلي بسبب التأثير المدمر لإدمان الهيروين، ليس فقد على المدن، لكن أيضاً على جميع القرى المصرية. كانت القرى السعيدة والهادئة التي أفتش عليها مليئة بالمخدرات ولم تتخذ اجراءات رادعة لمنع ذلك. إذا كان الضرر محصورًا في الطبقات العليا والمتعلمة في المدن، فلا أعتقد أن ذلك كان سيشكل دافعاً قوياً لتحركي، لكن عندما جمعت أرقاماً موثوقة تمكنت من الحصول عليها ومقارنتها بإجمالي عدد السكان الذي كان يبلغ 14.500 مليون نسمة، أدركت أن هؤلاء قد أصبحوا الآن عبيداً لإدمان المخدرات، وهم العمود الفقري للأرض، وأدركت أنه هناك عملاً يجدر القيام به، وكان ذلك بدعم من رئيس الوزراء.[7]

بينما كان تركيزه الرئيسي على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، إلا أنه تعامل مع مجموعة كبيرة من الجرائم الأخرى خلال فترة عمله في الشرطة التي امتدت إلى 44 عاماً. شملت: العديد من جرائم القتل الشائعة (التي تحدث في المتوسط ثماني مرات يومياً في مصر، والتي يرتكبها غالباً الفلاحون لأسباب متعلقة بأعمالهم أو لخلافات شخصية)، بالإضافة إلى بعض الاغتيالات السياسية الكبرى في القاهرة.[8]

الحرب على المخدرات

في مذكراته وصف رسل پاشا الحشيش والأفيون "كمخدرات سوداء، ووصف الكوكاكيين، المورفين، والهيرويون "كمخدرات بيضاء". وقال رسل على المخدرات البيضاء أنها المواد الكيميائية "الأكثر خطراً على البلاد"[6] وقال أنه "إذا تجاهلنا حركة المخدرات السوداء لبعض الوقت، فسوف نصل إلى المخدرات البيضاء"..[6]

إن وجهة نظر رسل پاشا بشأن المخدرات والأفكار المتعلقة بكيفية التعامل مع مشكلة المخدرات مستوحاة بلا شك من سياسة الحشيش البريطانية في الهند. تم احتكار زراعة القنب في الهند وفرض الضرائب على زراعته وبيعه وترخيصه. نظر المسؤولون البريطانيون في مصر باستمرار في إمكانية تنفيذ هذه السياسة نفسها في الهند. طالب ثلاثة دبلوماسيون بريطانيون بارزون في مصر، في السنوات التي سبقت تأسيس مكتب المخابرات المركزي المصري للمخدرات، بتطبيق سياسات مماثلة لتلك التي طُبقت في الهند لتطبيقها في مصر. وكان هؤلاء الدبلوماسيين : ألفرد كيلار پاشا، مدير عام الجمارك البريطاني في مصر. وإڤلين بارنگ (اللورد كرومر) واللورد كيتشنر، كان كلاهما القنصل العام البريطاني. لقد رأوا أنه، كما هو الحال في الهند، يتم استخدام الحشيش على نطاق واسع لدرجة أنه سيكون من الصعب القضاء على استخدامه بالكامل وبدلاً من ذلك يجب تنظيمه. تمت صياغة قانون قائم على قانون الهند لتنظيم وتسجيل وترخيص تصنيع وبيع واستيراد الحشيش، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ أبداً.[9]

مكتب المخابرات المركزي المصري للمخدرات

كتب رسل پاشا في مذكراته أنه قد تم الموافقة على طلبه بتأسيس مكتب المخابرات المركزي المصري للمخدرات بعدما قدم دليلاً لرئيس الوزراء بأن هناك ما يقارب من منصف مليون مصري، من بين إجمالي عدد السكان الذي يبلغ 14.500 مليون، مدمنين للمخدرات.[6]

كانت الاختصاصات موسعة. كنت سأتقلد منصب المدير، ولدي الحق في اختيار أفراد الشرطة المتخصصين، مع إمكانية الوصول المباشر إلى جميع إدارات الحكومة المصرية وسلطات الأمن العام الأجنبية، وأن يكون تحت تصرفي ميزانية قدرها 10.000 جنيه إسترليني سنوياً.[10]

كما أوضح عن شعوره بالامتنان حيال "فريق الضباط ورجال الشرطة المصريين الأكفاء بطريقة استثنائية"[6] الذي تمكن من اختيارهم. وأورد رسل مهام المكتب في مذكراتها كالتالي:

  1. تتبع مصدر المخدرات التي تدمر مصر حالياً، في أوروپا أو في أي مكان آخر.
  2. تقديم الحقائق لعصبة الأمم.
  3. ملاحقة ومحاكمة تجار المخدرات في مصر.
  4. وضع، بأي وسيلة ممكنة، الصعوبات في طريق ترويج المخدرات مما سيرفع سعر التجزئة في مصر فيجعل من الصعب شرائها من قبل الفلاحين.[10]

الحشيش

أثناء الحملة الفرنسية على مصر 1798-1901، حظر ناپليون تحضير وإستخدام الحشيش سبب انتشار استخدامه بين صفوف الجيش الفرنسي، ولم يحقق نجاحاً كبيراً في هذا الإطار. كانت حكومة مصر في عهد محمد علي (بدءاً من عام 1803) تركز على تحديث البلاد، وخاصة فيما يتعلق بالصحة. كان من الممكن أن تؤثر فكرة تحديث الطب على المواقف العدائية تجاه الحشيش لكنها لم تتضمن تدابيراً تنظم استخدام المخدرات.[11] كان الحشيش محظوراً في مصر ما بين عام 1868 و1884. محمد علي بك، طبيب بارز (الذي أصبح فيما بعد رئيساً لمدرسة الطب ورئيس تحرير أول جريدة طبية مصرية يعسوب الطب)، نشر تقريراً مفصلاً عام 1868 أدى إلى منع زراعة واستخدام واستيراد الحشيش. عام 1874 كان الحشيش يستورد بعد دفع الرسوم المقررة، ولكن في نوفمبر 1877 صدر امراً من السلطان العثماني في إسطنبول ينص على التخلص من كل الحشيش الذي أُدخل مصر. في مارس 1879، حظرت الحكومة المصرية زراعة وتوزيع واستيراد المخدرات في مصر.[9]

يمكن اعتبار هذا الحظر على الحشيش في مصر كرد على صورة بدأت في الشيوع بين الرحالة الأوروپيين والمثقفين المصريين الغربيين المحليين: من الطبقات الدنيا المصرية على أنهم مدمنون كسالى، خاملون، غير منطقيون وغير منتجين، وأن الشوارع المصرية تحمل رائحة حلوة وموهنة لدخان الحشيش. كان حظر الحشيش خطوة في الاتجاه نحو أن يصبح المجتمع المصري متحضراً وطريقة لرد الطبقات الدنيا إلى العقلانية.[9] تاريخياً، لجأ المصريون إلى المخدرات كبديل للنبيذ. كان النبيذ، على الرغم من أنه مُحرم في الإسلام، معروفاً بأنه شراء الأغنياء لأنه كان أغلى ثمناً، بينما كان الحشيش الأقل تكلفة معروفاً بأنه مخدر الفقراء.[9]

في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بدأ تهريب الحشيش إلى مصر من اليونان.[9] رداً على الضغوط البريطانية، زادت اليونان من جهود الحظر، وتولى الموردون السوريون واللبنانيون تهريب الحشيش، ونقلوه إلى مصر عبر فلسطين.[12]

رأي رسل پاشا في الحشيش

اعتبر راسل پاشا استهلاك الحشيش عادة غير ضارة نسبياً، مقارنة "بوباء" تعاطي الهيروين والكوكايين، الذي أصبح شائعاً بعد الحرب العالمية الأولى. وبالمثل، أعلن بارون هاري دي إرلانگر، مساعد راسل، أن الحشيش لم يكن أكثر من "فشل الحانقين في العديد من أفراد الطبقات الأكثر فقراً"..[9][13] حسب دي إرلانگر، يعتبر رسل تشريع المخدرات، سيحوله إلى سلعة تدر عائداً، ومن ثم الحفاظ على التمويلات الوطنية، التي سيتم إنفاقها على المنتجات المزروعة محلياً بدلاً من استيرادها من الخارج.[9] يدعم هذا الآراء الخاصة بكيلار، كرومر وكتشنر، بناءً على السياسة التي اتبعتها بريطانيا في الهند. كتب نحاس أن المسؤولين البريطانيين، ولا سيما رسل، لم يهتموا بما يكفي بالمخدرات لأنهم رأوا أن استهدام الحشيش هو "تعبير موحد عن مزاج ضعيف شرقي وحالم".[9][14] على الرغم من أن العديد من المسؤولين البريطانيين دعموا تقنين المخدرات، إلا أنهم استمروا في فرض الحظر وحراسة الحدود والموانئ والشواطئ المصرية للسيطرة على الكميات الصغيرة من الحشيش التي وجدت طريقها في نهاية المطاف إلى المستهلكين المصريين.[9]

الهيروين، "المخدر الذي كاد أن يقتل مصر"[6]

كتب رسل پاشا في مذكراته:

في عام 1916 بدأ الكوكايين في الظهور لأول مرة في القاهرة، ثم تبعه الهيرويون الأكثر قوة وفاعلية، ولكن لم هناك الكثير مما يمكننا فعله في ذلك الوقت عندما كان الاتجار أو الحيازة مجرد انتهاك بعقوبة قصوى تصل إلى غرامة 1 جنيه إسترليني أو السجن لمدة أسبوع.[15]

وعن تلك الأيام الخوالي كتب:

كانت الأسعار في تلك الأيام منخفضة نسبياً، ولم تكلف الطلقة سوى بضعة شلنات، وأبقت التجارة الحكيمة في جيلها السعر منخفضاً حتى انتشرت الرذيلة وسيطرت على أعداد كبيرة من السكان. حتى أن لدينا حالات يدفع فيها أرباب الأعمال الرواتب لعمالهم هيروين.[15]

لكن بعد ذلك بدأ الوضع يصبح مقلقاً:

حوالي عام 1928 بدأت أدرك أن شيئاً ما كان يحدث وهو إنتاج حي فقير جديد في القاهرة لم نشهده من قبل. لأول مرة سمعنا عن طريقة الحقن الوريدي للهيروين وسرعان ما صادفنا ضحاياها. في غضون وقت قصير وجدنا عنصراً جديداً في أحياء بولاق [القاهرة]. في الماضي كان سكان هذا الحي المزدحم من القاهرة يتألفون إلى حد كبير من نوع العمال القادمين من صعيد مصر الذين استقروا في القاهرة بعد هجرتهم السنوية من قراهم الجنوبية الجنوبية (حيث لم يكن هناك عمل أثناء فيضان النيل) إلى الإسكندرية والدلتا للعمل الموسمي. لقد كانوا يشكلون طبقة تعيش في ظروف قاسية لكنهم أصحاء وأقوياء. الآن بدأنا نجد حطاماً بشرياً ممدداً في حارة بولاق، من الواضح أن الجثث ذات الوجه الشاحب ليست من نوعية سكان بولاق، حيث كانوا يستخدمون اللغة العربية الفصحى أو حتى الإنگليزية واعترفوا بأن إدمان الهيروين هو الذي أوصلهم إلى هناك. كان الهيروين في السوق لا يزال نقياً وبالتالي كان تأثيره قوياً، وسرعان ما امتلأت حفرة بولاق بالحطام البشري من جميع فئات المجتمع المصري.[16]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

علاج المدمنين

كما ذكر رسل پاشا في مذكراته، فإن إحدى سمات إدمان المخدرات في مصر كانت الرغبة الشديدة للعديد من المدمنين في الشفاء:

في الأيام الأولى من حملتنا كان لدي آمالاً بإقناع الحكومة بإنشاء مراكز علاج خارج القاهرة على غرار مزرعة لكسينگتن في أمريكا، لكنني لم أنجح في ذلك، ويمكن للمرء أن يفهم التردد في محاولة إصلاح آلاف الأشخاص الذين يعانون من مرض لا يمكن علاجه إلا من خلال خدمات طبيب متخصص في كل حالة على حدة. كل ما يمكن أن يفعله المرء هو اعتبار الإدمان والحيازة جريمة جنائية وإدانة الضحايا بأحكام بالسجن لفترة طويلة بما يكفي لثنيهم عن هذه العادة تماماً قبل أن يعودوا مرة أخرى إلى حياتهم القديمة وما يتعرضون له من مغريات. غالباً ما تعرضنا لانتقادات من قبل السلطات الطبية في إنگلترة وجنيڤ بسبب هذا العلاج الوحشي على ما يبدو لما هو يعتبر فعلياً حالة عقلية وليست حالة جنائية، لكنني أشعر أنه في ظل هذه الظروف، كان هذا العلاج أمراً حتمياً وحتى مبرراً بالنتائج التي تمخض عنها.[17]

التقدم بحلول عام 1931

أصبح الاتجار الدولي بالحشيش (القنب الهندي) غير قانونياً للدول التي جرمته في اتفاقية الأفيون لعام 1925، بعد اقتراح قدمته مصر. أقرت عصبة الأمم هذا "الجهد الإنساني" معتقدة أنه بالتعاون الدولي يمكن أن تساعد في شفاء الأمراض الجسدية والاجتماعية في العالم.[18] تم تمرير تقارير راسل باشا عن المخدرات والحشيش إلى وزارة الداخلية في لندن حول اللجنة الاستشارية لعصبة الأمم في عام 1929. إدراكاً لأهمية فحص الحقائق في تلك التقارير، شارك رسل پاشا في اللجنة في جنيپ كمندوب مصري.[19]

في يناير 1931، في اتصال باجتماع اللجنة الخاصة لعصبة الأمم في جنيڤ، حيث كان رسل پاشا يمثل "المملكة المصرية"،[20] كتب:

في تقريري العام الماضي، رسمت بألوان قوية لكنها حقيقية، الحالة المروعة لآلاف السكان المصريين نتيجة لإدخال رذيلة المخدرات البلاد. لقد مر عام منذ ذلك الحين. صحيح، إنه وقت صغير جدً في التاريخ أو في حياة أي بلد، ولكنها اثني عشر شهراً من القيمة الحيوية عندما نتعامل مع تسميم المخدرات للأمة. أنا في وضع سعيد لأتمكن من الإبلاغ عن التقدم. من السهل أن تنأو بنفسك بالتفاؤل ورؤية الأشياء كما يريد المرء رؤيتها، ولكن مع ذلك، في ظل قتامة الواقع الصارم، أنا مقتنع بأن إدمان المخدرات بين الفلاحين في مصر قد انخفض بنسبة 50 في المائة. إذا كان الرقم الذي رصدته في العام الماضي وهو نصف مليون مدمن من أصل أربعة عشر مليون نسمة صحيحاً، فلا تزال هناك حقيقة مروعة بأن هناك 250.000 شخص من العبيد وضحايا إدمان المخدرات.[20]

وبحسب ملاحظاته فإن غالبية تجارب المخدرات في مصر في ذلك الوقت كانوا من "اليونانيين والأتراك واليهود الفلسطينيين".[20] ويقول رسل:

لحسن حظنا،، فإن العديد من هؤلاء اليونانيين هم من الرعايا المحليين فيما يتعلق بالولاية الجنائية، وكذلك الأتراك والفلسطينيين، ويمكن مثولهم أمام المحاكم الجنائية المصرية.[20]

كان رسل پاشا محظوظاً لأنه لو كان هؤلاء التجار رعايا أجانب، لكان سيتم تسليمهم ليحاكموا أمام المحاكم القنصلية التابعين لها، ويستثنوا من أحكام القضاء المصري.[9]

فيما يتعلق بسجن تجار المخدرات، كتب في مذكراته أنه حتى لو نص قانون السجون المصري على أنه يمكن الإفراج عن السجين المحكوم عليه في جريمة بموجب حسن السير والسلوك بعد قضاء ثلاثة أرباع مدة عقوبته، فإن هذه الميزة لا تسري على هؤلاء.[6]

حياته الشخصية

ورد في النعي كُتب بعد وفاة رسل پاشا عام 1954:

بالنسبة لجميع الأشخاص المرتبطين بمكافحة المخدرات، لم يكن رسل پاشا شخصية أسطورية فحسب، بل كان رجلاً معروفاً منذ أيام اللجنة الاستشارية لعصبة الأمم حيث، منذ ظهوره لأول مرة في يناير 1930، أثار إعجاب جميع أولئك الذين كان له الشرف والامتنان للعمل معه بذكائه الكبير، ومعرفته العميقة بكل ما يتعلق بالمخدرات وحسه الفكاهي الذي أظهر فهماً عميقاً للطبيعة البشرية.[21]

مذكرات راسل پاشا

مذكرات توماس راسل، كتبها راسل عام 1949، ونُشرت ترجمتها العربية في 2020.
  • الخدمة المصرية: 1902–1946 (1949)، أو مذكرات توماس راسل. كتبها عام 1949 عن فترة وجوده فى مصر منذ عام 1902 وحتى عام 1946. قام بترجمتها مصطفي عبيد.

تكشف مذكراته تطور الجرائم المختلفة فى المجتمع، من خلال إطلالة تفصيلية فى نحو 300 صفحة على عادات الثأر، جرائم تهريب المخدرات، مجتمع الدعارة، السطو، السحرة والدجل، مجتمع الغجر، فضلا عن قراءة مستفيضة فى عادات المصريين فى ذلك الوقت، وإطلاله ساحرة على الصحارى المصرية.ويمثل الكتاب دليل حقيقى لرجل الشرطة المصرى فى الوقت الحاضر، إذ يقدم تفاصيل غريبة حول كيفية تتبع المجرمين والإيقاع بهم من خلال قص الأثر حتى على الأسطح الصلبة وهى مهارة خاصة تميز بها بدو مصر وبرعوا فيها حتى إنهم كانوا يحددون عمر ووزن ونوع صاحب الأثر على البلاط ليتم حصر المشتبه فيهم.

كذلك يحكى كيفية الاستعانة بالكلاب البوليسية وتدريبها فى تتبع المجرمين ويقدم قصص أسطورية لكلب بوليسى يدعى هول ساهم فى كشف 170 قضية.

ويحكى باستفاضة عن رحلة المخدرات فى مصر وكيفية التطور التشريعى والأمنى للوصول إلى تأسيس مكتب مخابرات المخدرات سنة 1929 وهو الذى تحول بعد ذلك لمكتب مكافحة المخدرات. لقد كان من الغريب أن نصف المصريين بالضبط يتعاطون مخدر الهيروين أو الكوكايين والذى بدأ فى مصر على يد كيميائى يونانى سنة 1916 ولم يكن مجرما. ويقدم توماس راسل بيانا غريبا، إذ يؤكد أن إحصائيات الوزارة سنة 1927 أكدت أن نحو 6 ملايين من أصل 14 مليونا هم عدد السكان يتعاطون هذا المخدر القاتل.

ويكشف أن انتشار الهيروين فى مصر فى بدايات العشرينيات كان بسبب الأرباح الهائلة التى يحققها لأصحابها موضحا أن سعر كيلو الهيروين فى القاهرة 120 جنيها، وأن سعر إنتاجه فى أوروبا يبلغ 10 جنيهات، ويتم بيعه للمهرب عند باب المصنع بـ17 جنيها. وبنهاية سنة 1925 قفز السعر فى القاهرة إلى نحو 300 جنيه وانتشر التعاطى فى مختلف البلد، لذا فقد تم تعديل القانون مرة أخرى لتصبح العقوبة السجن خمس سنوات، والغرامة ألف جنيه.

ويتعرض حكمدار القاهرة فى فصل واحد لثورة 1919 حاكيا جوانب مروعة من غضب المصريين وقتل كثير من الجنود والموظفين الإنجليز، ولا يتعرض لضحايا المصريين خلال مظاهراتهم، غير أنه يؤكد أن المظاهرات لم تكن سلمية، وأنها كانت تخرج عن نطاق السيطرة وتتحول إلى فوضى. لكنه يرى أن السلطات البريطانية أخطأت فى منع سفر سعد إلى مؤتمر الصلح، كما أنها سامت جموع الشعب ويلات عديدة خلال فترة الحرب العالمية الأولى خاصة الفلاحين الذين كانت تأخذ مواشيهم لتستخدمها فى الحرب.

وفى المجمل، فإن صاحب المذكرات يتجنب الخوض فى السياسة ويؤكد أن عمله كان أمنيا واستهدف الحد من الجرائم بما يعود بالنفع على المصريين ويعتقد طبقا لأرقام الجريمة أنه نجح فى مسعاه.[22]

يذكر توماس رسل في كتابه أيضًا كيفية انتشار مرض البلهارسيا في الدلتا بسبب الري الدائم، وأنه بعد ذلك انتشر في الصعيد بسبب استخدام نفس طريقة الري بعد بناء سد أسوان.[23]


وتابع بنفسه نتيجة تفشي المرض ده خصوصا في الصعيد والآثار المترتبة على العامل أو الفلاح و أهالي الصعيد. كان من أهم أعراض البلهارسيا الوهن و الضعف نتيجة فقر الدم واللى أثر بشكل مباشر علي انتاجية العامل أو الفلاح نتيجة ضعف المجهود المبذول بالمقارنة بالسنوات السابقة وعرف راسل ذلك من خلال الاحصائيات بالاحصائيات.

أدى ذلك لاستخدام الفلاحين الهيروين وأنواع مختلفة من المخدرات لتعويض الشعور بالضعف، ولكن أدى ارتفاع أسعار المخدرات وتضييق الحكومة بالفلاحين إلى البحث عن وسائل مختلفة كاشاي الأسود وخلط التبغ بالأعشاب البرية.

التقاعد والسنوات اللاحقة

تقاعد رسل پاشا عام 1946 وكرس بقية حياته لصيد سمك السلمون.[24] توفي في لندن يوم 10 أبريل 1954.[21]

المصادر

  1. ^ "لأول مرة.. ترجمة "مذكرات توماس راسل حكمدار القاهرة" إلى العربية".
  2. ^ HE CRUSADED AGAINST DRUGS, The Straits Times, 23 May 1954, Page 24
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة oxford
  4. ^ SYMES, STEWART. "Russell Pasha " 12 May 1949 " The Spectator Archive." The Spectator Archive. N.p., n.d. Web. 3 October 2015.
  5. ^ MALONE, /JOSEPH J. " "The Muslim World" " 57 no 4 October 1967, p 338
  6. ^ أ ب ت ث ج ح خ Russell, Thomas W., Egyptian Service, 1902–1946. London: Murray, 1949.
  7. ^ Russell, Egyptian Service, 1902–1946, p. 225.
  8. ^ "Russell Pasha—Enemy Of World's Dope Ring." The Sunday Herald 24 July 1949: 9 Supplement: Sunday Herald Features. Web. 6 October 2015 <http://nla.gov.au/nla.news-article28668178>
  9. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Kozma, Liat (2001) 'Cannabis Prohibition in Egypt, 1880–1939: From Local Ban to League of Nations Diplomacy', Middle Eastern Studies, 47:3 443–460.
  10. ^ أ ب Russell, Egyptian Service, 1902–1946, p. 226.
  11. ^ Mills, James H. "Colonial Africa and the International Politics of Cannabis: Egypt, South Africa and the Origins of Global Control." Drugs and Empires: Essays in Modern Imperialism and Intoxication, C.1500–c.1930. Ed. James H. Mills and Patricia Barton. Basingstoke: Palgrave Macmillan, 2007.
  12. ^ Ram, Haggai. "Traveling Substances and Their Human Carriers: Hashish-Trafficking in Mandatory Palestine." A Global Middle East: Mobility, Materiality and Culture in the Modern Age, 1880–1940. Ed. Liat Kozma, Cyrus Schayegh, and Avner Wishnitzer. p. 204
  13. ^ B.H. D'Erlanger, The Last Plague of Egypt (London: L. Dickson & Thompson, 1936), p.12; quoted in Kozma, Liat (2001) 'Cannabis Prohibition in Egypt, 1880–1939: From Local Ban to League of Nations Diplomacy', Middle Eastern Studies, 47:3 443–460
  14. ^ Nahas, 'Hashish in Egypt'; quoted in Kozma, Liat (2001) 'Cannabis Prohibition in Egypt, 1880–1939: From Local Ban to League of Nations Diplomacy', Middle Eastern Studies, 47:3 443–460
  15. ^ أ ب Russell, Egyptian Service, 1902–1946, p. 223.
  16. ^ Russell, Egyptian Service, 1902–1946, p. 223–224.
  17. ^ Russell, Egyptian Service, 1902–1946, p. 234.
  18. ^ Kozma, Liat. "The League of Nations and the Debate over Cannabis Prohibition." History Compass 9.1 (2011): 61–70.
  19. ^ Mills, James H. "Cannabis Nation: Control and Consumption in Britain, 1928–2008", OUP Oxford, 29 November 2012, p. 39
  20. ^ أ ب ت ث PASHA, T. W. R. (1931), "Drug addiction in Egypt", British Journal of Inebriety. Substance of a Communication to the League of Nations Special Committee Meeting in Geneva, January 1931, the author representing the Kingdom of Egypt.
  21. ^ أ ب "Sir Thomas Wentworth Russell", UNODC – Bulletin on Narcotics, 1954 Issue 3 – 007, Page 76
  22. ^ "«مذكرات توماس راسل».. شهادة حية من قلب المجتمع المصرى فى بدايات القرن العشرين".
  23. ^ https://twitter.com/MoNaGi_8/status/1592198881055739904. {{cite web}}: Missing or empty |title= (help)
  24. ^ "Russell Pasha will chase salmon—not drug gangs", The Singapore Free Press, 24 April 1953, Page 6