تنشيط نيوتروني

تنشيط نيوتروني neutron activation هو جعل عنصر (أو عناصر) موجود في مادة ما نشيطاً إشعاعياً radioactive بتشعيعه irradiation بالنترونات، أي بتعريض هذه المادة لتيار نتروني يتدفق من خلالها. يُسمى النشاط الإشعاعي للعنصر (أو العناصر) الناشئ بهذه العملية نشاطاً إشعاعياً مُحرَّضاً (مسْتحثا) induced. ويقال أيضاً إن العنصر الذي خضع للتنشيط قد نُشِّط. إن منحني التنشيط هو منحني نشاط عنصر تحويه العينة، بتابعية (بدلالة) الزمن الذي جرى التشعيع أثناءه. ولهذا المنحني نهاية عظمى تقابل الإشباع. أما الكاشف بالتنشيط فهو كاشف للإشعاع يسمح بقياس كثافة تدفق النترونات انطلاقاً من النشاط المحرَّض بهذه النترونات في مادة ما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التحليل بالتنشيط activation analysis

يتلخص مبدأ هذا التحليل في جعل العينة المراد تحليلها نشيطة إشعاعياً ثم في تَعَرُّفِ (تعيين هُوية) العناصر المشعة المتكونة من المركبات أو الشوائب الموجودة في العينة. وقد بدأ الاستعمال الواسع للتحليل بالتنشيط منذ النصف الثاني من عام 1943 لكشف مقادير صغيرة جداً من الشوائب في المركبات الكيميائية والمعادن والخلائط المعدنية.


منابع النترونات

لجعل العينة مُشعة (نشيطة إشعاعياً) توضع غالباً في مُفاعل نَووي، فتتعرض لتدفق نتروني. وتسمح المفاعلات العاملة حالياً بالحصول بسهولة على تدفق يقع بين 1010و1410 نترون في كل سنتيمتر مربع وفي كل ثانية. ويمكن أيضاً استعمال المنبع المكوَّن من عنصري البريليوم والرادون (الذي يطلق الجسيمات ألفا) وهي نوى ذرات الهليوم، وينتج من التفاعل، إضافة إلى النترونات، الكربون:

1735-2.jpg

نتيجة التفاعلات النووية

إذا كانت العناصر المشعة، الناشئة نتيجة تفاعل النترونات مع عناصر العينة، تُصدر الإشعاع بيتا (β) وهي إلكترونات، فإنه يُكشف بعدّاد گايْگر ـ مولر ذي الجدران الرقيقة من البلق (الميكا). ويجري تَعَرُّف العنصر المشع:

ـ بدوره (عُمره النصفي half-life).

ـ بطاقة إشعاعه.

ـ بامتصاص إشعاعه في مرشحات من الألمنيوم. أما إذا كانت العناصر المشعة المتكونة تُصدر الإشعاع گاما (γ)، وهي فوتونات كهرمغنطيسية فإنه يكشف بعدّاد وميضي scintillation counter. كما تستعمل المطاييف گاما، المتعددة القنوات أو سواها، التي تعطي عدد الفوتونات غاما الصادرة بتابعية طاقتها. وتشير مواضع الذرات إلى طبيعة العناصر المشعة المتكونة، أما ارتفاعاتها فتبين تراكيز العناصر. وإذا كانت شوائب العينة كبيرة العدد، كان عدد الذرا مرتفعاً جداً، وتتشابك الطيوف غاما ويتوضع بعضها فوق بعض، ويكون عندئذ ضرورياً إجراء فصل كيميائي لكل عنصر باستعمال طريقة العناصر الجارفة: (عنصر يضاف بكمية كبيرة إلى مزيج بُغية جرف أحد المكونات الموجود بحالة آثار). هذا وتجري القياسات الكمية بمقابلة النشاطات في العينة الجاري تحليلها بعيارٍ مرجعي يُشعَّع في وقت واحد مع العينة وفي الظروف نفسها.

المزايا والدقة

إن مزايا التحليل بالتنشيط هي التالية:

1735-1.jpg

ـ الحساسية الشديدة في حالة العناصر التي مقطعها الفعال كبير.

ـ الدقة والانتقائية على الرغم من كبر عدد العناصر.

ـ إمكان إجراء التحليل من غير تخريب، وهذه نقطة مهمة في حالة القطع الصغيرة. ويمكن كشف 10-6غ في حالة الحديد، و 10-9غ في حالتي النيكل والزنك، و 10-12غ في حالتي الأوربيوم والدسبروزيوم. ويُستعمل التحليل بالتنشيط عادة لدراسة المواد النووية: فبهذه الطريقة يعاير الهافنيوم في الزركونيوم، والأتربة النادرة في الگرافيت، واليورانيوم 235 في أكسيد اليورانيوم المغنى enriched. والتحليل بالتنشيط، باستعمال المسرعات، يمكن أن يسمح بمعايرة الأكسجين في المعادن، والشوائب في أشباه النواقل (الموصلات) والمعادن والمركبات العضوية (ولاسيما توزع البور في أعضاء الكائن الحي)، وبالتحليل الأحيائي (البيولوجي) وبقياس الوفرة النظيرية، وبالبحوث التعدينية والعِدانية mineralogical والجيولوجية، وبتحليل الأحجار النيزكية. ويستفاد كذلك من التحليل بالتنشيط في البحوث الجنائية.

ففي أيار 1958 اكتشفت في [[برونستيك الجديدة]ي N.Brunswick جثة فتاة مخنوقة وقد أمسكت بيدها بضع شعرات مصدرها، على الأرجح، رأس القاتل. وانطلاقاً من هذه الشعرات أمكن تعرف المجرم وإفحامه. وكانت هذه أول مناسبة استعمل فيها التحليل بالتنشيط بوصفه طريقة بدت فعالة بقدر طرائق التعرف ببصمات الأصابع. وفي الواقع يحوي الشعر، بحالة آثار نزرة، بعض العناصر المعدنية كالصوديوم والذهب والنحاس. إلا أن كميات هذه العناصر المختلفة الموجودة في كل شعرة ثابتةٌ نسبياً في شخص معين، وهي تختلف كثيراً من شخص لآخر، ويقدّر الخبراء أن احتمال تطابق تحليلين لشخصين مختلفين هو واحد من مليون، أي كما هو الأمر في حالة بصمات الأصابع. ويُبدي طيف الشعرة المنشطة بتدفق نتروني مجموعة من الذرا تقابل المعادن المنشطة الموجودة طبيعياً بكمية طفيفة في الشعرة المحللة (الشكل-1). وتكوِّن هذه المجموعة شيئاً مميزاً شخصياً لصاحب الشعرة.[1]

المصادر

  1. ^ مكي الحسني. "التنشيط بالنترونات". الموسوعة العربية.

وصلات خارجية