تعاون

التعاون Cooperation، هو ارتباط مجموعة من الأفراد على أساس من الحقوق والالتزامات المتساوية لمواجهة وللتغلب على ما قد يعترضهم من المشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو القانونية ذات الارتباط الوثيق المباشر بمستوى معيشتهم الاقتصادية والاجتماعية سواء كانوا منتجين أو مستهلكين. والتعاون هو تجميع للقوى الاقتصادية الفردية وهو كذلك سلوك إنساني شوهد في مختلف العصور البشرية، لجأ إليه الإنسان في عمله وتصرفاته الخاصة والعامة.

وقد كان في الماضي والحاضر وسيلة للدفاع عن الحقوق لمكافحة الظروف الاقتصادية السيئة نتيجة النظم الاقتصادية المختلفة منذ بدء ظهور الثورة الصناعية والتطور التجاري في العالم مما ساعد على ظهور طبقات الإقطاعيين واللبيراليين والاشتراكيين.


اقترن مفهوم التعاون منذ القدم بتبادل العون والمساعدة بين الفرد وغيره من الأفراد والجماعات، ويمكن أن يعبر عنه بأنه: اتحاد قدرات وموارد كل فرد مع قدرات وموارد الآخرين لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها المجموع.

أما التعاون، بوصفه نظاماً اقتصادياً واجتماعياً حديثاً، فهو نمط من أنماط التنظيم الإنساني الذي تتحد فيه مجموعة من الأشخاص تربطهم مصالح مشتركة، يقوم على تجميع القدرات والإمكانات الشخصية والمادية، على أساس من الطوعية والمساواة في الحقوق والواجبات، ويعتمد أسلوب الإدارة الديمقراطية، ويسهم في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بهدف رفع مستوى حياة الأعضاء اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

مما لا شك فيه أن التعاون قديم قدم الإنسان، فحيثما وجد الإنسان الأول على وجه الأرض وجد نفسه مضطراً إلى التعايش مع قوى الطبيعة وموجوداتها الخيرة والشريرة مستفيداً من القوى الخيرة ومستعيناً بها، للحفاظ على بقائه ووجوده ضد القوى الشريرة والمخاطر التي تحيط به من كل جانب، فكان أول نمط من أنماط التعاون في التاريخ هو استعانة المخلوق البشري بموجودات الطبيعة وأدواتها ومخلوقاتها النافعة، لسد حاجاته وحماية نفسه من الأخطار والقوى الشريرة التي تهدد بقاءه، بدافع الحاجة وحب البقاء. لذلك يمكن القول: إن التعاون وليد الحاجة والحاجة أم التعاون. كما يمكن أن يعد التعاون صفة من صفات الإنسان الخلقية الفطرية.[1]

ولما كان التعاون صفة ملازمة لحياة الإنسان جاءت الشرائع السماوية لتحض كلها عليه بصفته أحد المبادئ السامية التي تضمن للإنسان وللمجتمع حياة أفضل، فهذا هو المسيح ابن مريم عليه السلام يخاطب أتباعه قائلاً: «احملوا بعضكم أثقال بعض».

ثم جاءت الشريعة الإسلامية بأفضل مبادئ التعاون إذ نص القرآن الكريم في الآية /3/ من سورة المائدة قائلاً: )وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب(. ثم وردت الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على التعاون، منها قول الرسولe: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة» رواه مسلم.

وظهرت الأفكار التعاونية في كتابات الفلاسفة القدماء وآرائهم، إذ رأى أفلاطون «أنَّ الجماعات ظهرت قبل كل شيء نتيجة للحاجات البشرية التي لا يمكن إشباعها إلا حين يكمل الناس بعضهم بعضاً». وأن التنظيم الأمثل للمجتمع هو عندما يتسع نطاق التعاون الاجتماعي إلى أوسع حدوده.

وعندما انتقل المجتمع من مرحلة الإقطاع إلى مرحلة الرأسمالية، وما رافق ذلك من أزمات واضطراب وسوء حالة الطبقة العاملة، ظهر كثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والاقتصاد والباحثين الذين أخذوا يفكرون بالحلول الناجعة لهذا الواقع الأليم المضطرب. وبرزت من بين العديد من الأفكار الجديدة فكرة التعاون الاقتصادي بعيداً عن كل أنواع الصراع الفكري أو الطبقي، وبموجبها تأسّست الجمعيات التعاونية الحديثة في القرن التاسع عشر في أوربة، ثم انتشرت في أنحاء العالم الأخرى.

وعندما جاءت الرسالة المحمدية اهتمت اهتماماً بالغاً بالتضامن والتكافل بين الأفراد في المجتمع، فكان دستور النبي الكريمe الذي وضعه عند قدومه إلى مدينة يثرب أول دستور في العالم يقوم على التضامن والتكافل الاجتماعي سابقاً بذلك كل القوانين في العالم، إذ تضمنت مواده من (3-13) النص على مساعدة المحتاجين والمدينين ومحاربة الربا وتقديم الهبات للفقراء والمعوزين من الوقف ومن أموال الزكاة ومن خمس الغنائم. وتعد مؤسسة الزكاة أهم نوع من أنواع التعاون بين الأغنياء والفقراء بمصارفها التي حددها القرآن الكريم في الآية /60/ من سورة التوبة التي جاء فيها: )إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل(، ولم يقتصر دور مؤسسة الزكاة في الإسلام على توفير حد الكفاية للفرد، بل تعدى ذلك إلى كفالة الأطفال واللقطاء، بتخصيص مئة درهم لكل مولود، ويزداد هذا المبلغ كلما كبر الطفل، ودفع البطالة بتحقيق فرص العمل للعاطلين عن العمل، وأعطت الفقراء من صندوق الزكاة للقيام بنشاط يضمن لهم العيش، ودفع غائلة الشيخوخة والمرض، وغرم الغارمين، وتيسير الزواج لكل فرد يخشى عليه من الفتنة، ومساعدة ابن السبيل. ثم إن موارد صندوق الزكاة لم تقتصر على أنصبة الزكاة على الأموال، بل أعطت الشريعة الإسلامية لولي الأمر سلطة فرض حقوق أخرى للفقراء في أموال الأغنياء بما يكفي لإزالة الحاجة كما تكفّل الأنصار المهاجرين، إضافة إلى الموارد الأخرى التي تأتي من الكفارات (كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة القتل الخطأ، وكفارة الإفطار في رمضان)، وكذلك الموارد التي تأتي من أعمال البر والإحسان والصدقات. هذه الصور وغيرها من صور التعاون والتضامن والتكافل الاجتماعي في الإسلام هي أرقى وأفضل أنواع التعاون الاجتماعي على الإطلاق.

غير أن صور التعاون الحديث التي نشأت في أوربة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر انتقلت من أوربة إلى القارات الأخرى بما فيها البلاد العربية وأصبح لها كيانها ودورها الاقتصادي والاجتماعي الواضح في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد العربية، كما في غيرها من سائر بلاد العالم.


أنظمة التعاون

سجين ديلما

التعاون بين البشر

التعاون بين الحيوانات

انظر أيضا

هوامش

  1. ^ محمد البرتاوي. "التعاون والتعاونية". الموسوعة العربية. Retrieved 14 ديسمبر 2011.

المصادر

وصلات خارجية

  • Rheingold.com, The Cooperation Project: Objectives, Accomplishments, and Proposals. Howard Rheingold's project with Institute for the Future.
  • Etra.cc, Cooperation platform for transport research (scientific)
  • Imprology.com, The Far Games, a list of games using theatrical improvisation to encourage collaboration and distributed leadership