تصنيف:معرفيون

كلمة وكلمة: بقلم د. رمزي حجازي

ما رأيت أنهش للحم الإنسان، ولا أجرح لمشاعره، ولا أنفذ في قلبه من الكلمة السقيمة التي قصد بها صاحبها إهانة أو لوما أو سوءا، فالكلمة المريضة مُمرضة، والكلمة السعيدة مُسعدة، فكم من كلمة قتلت، وكم من كلمة جرحت، وكم من كلمة أحيت أرضا جرزا، وذلك أن الإنسان مجموعة من المشاعر والأحاسيس، وليس آلة تُدار، فهو بين انقباض وانبساط، وخوف وأمن، وحزن وفرح، وتذكر ونسيان، وعالمه الذي يعيش فيه هو ذاته التي يجمعها في كل يوم، فتارة يلقاها، وتارة يبحث عنها فلا يجدها. إن النفس في منحنياتها صعودا وهبوطا، هي في الحقيقة منحنيات من الأمل والألم، من التفاؤل والتشاؤم، تتأرجح بين الابتسام والانكسار، حين تختمر بها بلادة الحس في عالم مهين، فتُضرس كالحَبّ في الرحى، أو يمتزج بها نقاء الأرواح، فتشرق كالشمس في فلكها. إحسان المرء في انتقاء كلمته، واصطباره على حبس سقيمها، وكظمها مراعاة للأخوة الإنسانية، مرتبة عليا لا تواتي إلا كل حكيم عفِّ اللسان، ثابت الجَنان، قوي الإرادة، وقليل من الناس من هو كذلك، فأما مسلوب الإرادة، مضطرب الجنان، فلا ترى له همهمة إلا حين تكون الكلمة ساقطة، وحين يكون السقوط والسفل هواية.

أتعرف ما معنى الكلمة.. مفتاح الجنة فى كلمة ودخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو الكلمة.

الكلمة لو تعرف حرمة.. زاد مزخور الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور.
"النفس تحيا بتغاريد الطيور حولها، فغرد كطائر في دوحته، حتى يسمعك الوجود، وغنِّ كهزار حتى يغني معك الكون، ولا تكن كلماتك مُدية تمتد لتقتل مَن حولَك وأنت لا تبالي، وتذكر أن أنفاسنا معدودة، وأن الكلمة باقية مهما طال الأمد، فاجعل كلماتِك شاهدة لك لا عليك".

د. رمزي حجازي أستاذ مساعد في جامعة الجوف

التصنيفات الفرعية

هذا التصنيف يحوي 158 تصنيفات فرعية، من إجمالي 158.

م

المقالات في التصنيف "معرفيون"

الصفحات 63 التالية مصنّفة بهذا التصنيف، من إجمالي 63.